كلمة ((الاتحاد)):
تحية للقيادة الفلسطينية

لا يمكن إلا التعامل بجدية وبعمق مع الموقف السياسي الحكيم الذي خرجت به القيادة الفلسطينية، أمس الأول، في ظل اجتياح احتلالي مجدّد وبشع. فقد اعتبرت القيادة أن أمر الساعة هو منع الانجرار خلف ما يخطط له ساسة وجنرالات الاحتلال الاسرائيلي، من وراء اجتياحهم الراهن. والى جانب تأكيدها على حتمية وبديهية الصمود الفلسطيني التحرري، فقد أكدت أن المهمة الموازية هي تحديد العمل النضالي المقاوم تحت سقف الشرعية الوطنية الفلسطينية، فقط.
من الواضح أن الحلقة الحالية من العدوان الاسرائيلي الدموي لم تأت بهدف "الانتقام" كما تعلن الأبواق الرسمية. فهذا كلام نضعه في خانة الديماغوغية التي تبغي مواصلة خداع ومحاصرة الرأي العام في اسرائيل، من خلال ما يقترب من الرقص الحكومي الرسمي على دماء ضحايا عملية القدس الغربية المرفوضة. ونقول ما نقوله بيقين يستند الى موقفنا المدعّم بالوقائع، بأن هذه المؤسسة الحاكمة استعدّت جيدًا لاقتناص الفرصة المواتية لإعادة التحدث بلغة الدبابة والقنص، وقد أعدّت لذلك بعملية مخططة بالتفصيل، وتحمل إسمًا أيضًا! فالهدوء، ولو بشكله المتوتر، يبعث التوتر في أوصال هذه الحكومة المغلقة المنغلقة المزكومة بالاستعلاء والأصولية القومجية. والى هذا نضيف الشبهات القوية التي تحوم فوق رأس الجنرال اريئيل شارون بالفساد وما يفوقه. وهكذا يأتي الاجتياح ليشكّل المهرب له، سواء من الاستحقاق السياسي أو من الورطة الجنائية كبيرة الاحتمالات.
إن الوضع الجديد الناشئ ينذر بعظيم الخطر. فما فشلت به حكومات الاحتلال، وليس الحالية فحسب، من إخضاع الشعب والقيادة الفلسطينيين للاملاءات الاسرائيلية الفوقية الوقحة، يجري العودة اليه ثانية. وبنفس الاساليب الدموية. ومن هنا ضرورة التأمل بعمق في الواجب عمله، ليس على الصعيد القيادي الفلسطيني فحسب، بل بالنسبة لكل من لا يزال يحتكم للعقل والأخلاق والعدل في تعاطيه مع الصراع المأساوي في هذه البلاد. فمصلحة الشعبين الحقيقية هي مصلحة مشتركة تستدعي أوّلا قطع كل طرق الاحتلال الساعية لاعادتنا جميعًا الى ما شهدناه طيلة السنوات الثلاث الدموية التي خلت.
هذا ليس موقف فحسب، بل إنه واجبنا السياسي والاخلاقي والمبدئي.

(الاتحاد)
الاحد 2003-08-24


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع