عودة الى "سوريا ولبنان معا"

في غمار الحرب العدوانية التي تخوضها اسرائيل ضد لبنان والشعب اللبناني، تلعب وسائل الاعلام الاسرائيلية دور البوق السياسي العسكري للمؤسسة الاسرائيلية، بل وحتى تلعب دور الموجّه عندما "يغيب عن عيون القادة الاسرائيليين" أمر ما مهم في سير هذه الحرب.
وبالأمس، وخلال برامج وسائل الاعلام المذكورة آنفا، لتغطية الحرب العدوانية على لبنان، ولتحليل الامكانات المطروحة أمام اسرائيل، قبل وبعد استصدار قرار مجلس الأمن الدولي لـ"وقف اطلاق النار"، المبني على مشروع أمريكي فرنسي مشترك، دار نقاش ساخن، امتد قرابة ساعة ونصف، في كل المحطات التلفزيونية الرسمية، حول "الخطوات التي يجب على اسرائيل القيام بها من أجل ضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن المذكور" الذي أجمع المحللون والسياسيون في جميع هذه المحطات، على أنه انجاز اسرائيلي.
خلال هذه الحوارات، التي دارت بين سياسيين ومحللين أكاديميين وصحافيين، برز أمر، علينا التطرق اليه بمزيد من الأهمية. فقد كان هنالك نوع من الاجماع بين هؤلاء أن مفتاح الحل الآن هو في يد سوريا، وأن على سوريا تقع "المسؤولية الاساسية في اقناع حزب الله والمقاومة اللبنانية، بضرورة القبول بهذا القرار" الذي من المتوقع أن يصدر اليوم.
وأكد جميع هؤلاء على أن الولايات المتحدة لن توافق على هذا الموقف، وعلى أن من واجب اسرائيل أن تقنعها بأن "تتوجه الى سوريا وتقنعها بلعب هذا الدور، وفي المقابل تقدم لها ثمنا يتمثل في انفتاحها نحو الغرب، وفي انفتاح الغرب نحوها، بالاضافة الى تقديم الضمانات لها بأن يستمر التفاوض بينها وبين اسرائيل، الذي انقطع منذ سنوات، من النقطة التي انقطع فيها"، كما قال الوزير ايتان كابل في حديث للقناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي.
هذا التوجه الاسرائيلي الجديد، لا يمكن أن يندرج في اطار قناعة جديدة بأن السلام يجب أن يكون مبنيا على العدل وعلى ارجاع لكل صاحب حق حقه، بل يندرج في اطار ابداء عجز، خاصة وأنه صادر عن وزراء ومحللين رسميين وعسكريين، عن القضاء على المقاومة اللبنانية الباسلة التي تلحق كل يوم الخسائر لجيش العدوان الاسرائيلي، وبالتالي محاولة استجداء اسرائيلية رسمية أو نصف رسمية، طالما أن الاعلام يقع في مركز الاجماع الصهيوني، أن "تعالي يا سوريا وقومي بالدور الذي فشلنا في ادائه عسكريا، ونحن مستعدون للتنازل، ومستعدون لاستئناف التفاوض"، هذا التفاوض الذي كان سبب فشله العنجهية الاسرائيلية المنطلقة من مبدأ أن "سوريا لا تشكل علينا خطرا، فنحن الجيش الذي لا يقهر".
كما علينا أن نؤكد في هذا الاطار، ما كنا دوما نؤكد عليه ولا نزال، وهو أن محاولات اسرائيل المتكررة لفصل المسار التفاوضي الاسرائيلي اللبناني، عن المسار الاسرائيلي السوري، ما هي الا محاولات عكست العجز العربي العام، في حينه، أما وقد اصطدمت هذه المرة بمقاومة شكلت ندا عسكريا، ولو محدودا لقدرات اسرائيل التدميرية، فقد باءت بالفشل، وتحاول اسرائيل هذه المرة التراجع عنها بواسطة بوقها الاعلامي الرسمي.
ما يدور هذه الايام على الساحة الدولية يؤكد ما قلناه دائما، وهو أن العيش بسلام وأمن حق لكل الشعوب، وأن أمن اسرائيل مرتبط بأمن شعوب المنطقة، النابع من اتفاق سلام مبني على العدل وعلى عودة الحقوق المغتصبة الى أصحابها الشرعيين.

الأثنين 7/8/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع