أمريكا رأس الحية
مـجـلـس الـعـجـز الـدولـــي

كان من المفروض ان يُعقد مجلس الامن الدولي امس الاول، الاربعاء ، لاصدار قرار وقف الحرب التدميرية العدوانية الاسرائيلية على لبنان. فمجلس الامن الدولي هو الهيئة الشرعية الدولية في الامم المتحدة الذي يتمتع بصلاحية اخذ القرارات الحاسمة، في قضايا الامن والسلام واللجوء الى اجراءات متعددة سياسية – دبلوماسية واقتصادية وحتى عسكرية، لتجسيد هذه القرارات على ارض الواقع. فمهمة مجلس الامن الدولي الاساسية تتمحور حول ضمان امن وسلامة مختلف البلدان والشعوب، حمايتها من أي تدخل خارجي يمس سيادتها الوطنية، باختصار فان مسؤولية مجلس الامن الدولي هي صيانة الامن والسلام العالميين، فهذا ما تتضمنه وثائق ومبادئ الامم المتحدة. ولكن شتان بين ما هو مكتوب على الورق من مبادئ ومواثيق وبين ما يُمارس على ارض الواقع. فمنذ اختلال ميزان القوى العالمي بعد انهيار وتفكك الاتحاد السوفييتي تزعزعت مكانة ودور مجلس الامن الدولي على ساحة العلاقات الدولية. فالقطب الامريكي كقوة عظمى اولى عسكريا واقتصاديا استغلت هذا الخلل في ميزان القوى الدولي لفرض ارادتها على مجلس الامن الدولي، والعمل على تطويعه في خدمة مصالحها واستراتيجيتها الكونية وعرقلة اتخاذ أي قرار في مجلس الامن، يتعارض مع مصالحها او مصالح الانظمة التي تدور في فلكها من خلال استغلال حق الفيتو. والقطب الامريكي مسؤول عن انخفاض مكانة ودور مجلس الامن الدولي من جراء استهتاره بهذه الهيئة الدولية، الى درجة انه شن الحرب العدوانية على العراق واحتلاله بالرغم من معارضة مجلس الامن الدولي لذلك. وما يثير القلق على مصير البشرية ان البديل لسيادة القانون الدولي وهيئة الشرعية الدولية هو قانون الغاب وشريعة الغاب، سمك القرش يبتلع الاسماك الصغيرة، ويشرعن منطق القوة والبلطجة العدوانية العربيدة، الامر الذي مدلوله السياسي نسف قواعد الاستقرار العالمي وانتشار الفوضى عالميا وتفجّر بؤر الصراع الدموي في مختلف مناطق وقارات العالم.
فمجلس الامن الدولي تحوّل بفعل الهيمنة الامريكية والبلطجة الامريكية الى مجلس العجز الدولي المخصي، والعاجز عن ضمان امن وسلامة شعوب تُداس كرامة سيادتها الوطنية، وتواجه ما يشبه حرب الابادة التي يمارسها المعتدون على حقها في الحياة والسيادة الوطنية. فمنذ حوالي العام يواجه اكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني في قطاع غزة حصارا اسرائيليًا مُطبقا، يُحشرون في معسكر اعتقال جماعي ويواجهون المجازر وجرائم الحرب والتدمير المنهجي الهمجي للبنية التحتية التي يمارسها الاحتلال الاسرائيلي وجنده، ومجلس الامن الدولي طبل عند اطرش ولا يحرك ساكنا. والعدوان الاسرائيلي على لبنان يشنّ امام انظار العالم كله، حربا همجية تدميرية على البشر والشجر والحجر، مجازر وجرائم حرب ومجلس الامن يقف عاجزا في ردع المجرمين.
فرغم ان الغالبية الساحقة للاسرة الدولية وشعوب العالم تطالب بوقف النار وان يتخذ مجلس الامن الدولي قرارًا بوقف الحرب، الا ان ادارة عولمة ارهاب الدولة المنظم الامريكية تعرقل اتخاذ مثل هذا القرار، وتناور لاطالة امد الحرب لاعطاء الفرصة لحليفها الاسرائيلي العدواني لاحراز نصر عسكري ولو كان محدودا باحتلال منطقة في الجنوب اللبناني يجري استثماره لتجسيد الشروط الاملائية الاسرائيلية – الامريكية على لبنان، خاصة وانه خلال اكثر من ثلاثة اسابيع من الحرب العدوانية يفشل المعتدي الاسرائيلي في كسر ظهر المقاومة اللبنانية وحزب الله او احراز أي مكسب عسكري او سياسي، اللهم سوى قتل المزيد من المدنيين وارتكاب المجازر ضد الاطفال اللبنانين وهدم البنية التحتية اللبنانية.
ان عدم لجم البلطجة العدوانية الامريكية – الاسرائيلية واستعادة مجلس الامن لدوره على الساحة الدولية يعنيان مواصلة التهديد بمخاطر جدية للبشرية .

الجمعة 4/8/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع