حتى الاولاد لا ينجون من سكين الجزار!

في العشرين من شهر آب الجاري، اي بعد غد الاربعاء، ستقدم حكومة شارون - نتنياهو للاطفال والاولاد في اسرائيل "هدية مميزة" ليست أبدًا شبيهة بالهدايا "التقليدية" التي تدخل البهجة الى قلوب الاطفال وترسم البسمة على شفاه الاولاد. ففي ملحمة الجزار الجميع "وبدون تفرقة" تحت السكين ما داموا داخل اروقة المسلخ. وحكومة العدوان والافقار اليمينية قد باشرت بتنفيذ خطة اقتصادية مدلولها الاجتماعي الاساسي حشر الفئات الاجتماعية والفقيرة ومحدودة الدخل في مسلخ جماعي والشروع تدريجيًا وعلى مراحل، بتشغيل السكين لاقتطاع اللحم من أجساد الضحايا. فقبل حوالي شهرين بدأت حكومة الكوارث اليمينية الشارونية بعملية التقليص من مخصصات تأمين الدخل والدخل المكمل التي افترست أنيابها قطعة دسمة من مدخول ومستوى معيشة العائلات احادية الوالدين والمتقاعدين والعاطلين عن العمل، وباختصار المس بمداخيل ومستوى معيشة الفقراء وأصحاب الدخل المحدود. وستقدم بعد غد، الاربعاء، "الهدية" لابناء، لاولاد واطفال، العائلات الفقيرة، بتقليص مخصصاتهم كتعبير عن "حسن نية" الحكومة بمناسبة افتتاح السنة الدراسية في الاول من ايلول!! ويتراوح حجم التقليص في مخصصات الاولاد، حسب خطة شارون - نتنياهو بين اربعمائة شيكل الى اكثر من الف شيكل للعائلة الواحدة شهريًا. وبموجب هذه الضربة الاجتماعية الجديدة فان اكثر من سبعين الف عائلة في اسرائيل، التي تتكون كل عائلة منها من خمسة اولاد فما فوق ستصبح اكثر فقرًا. فعلى سبيل المثال فان عائلة يعيش في كنفها خمسة اولاد تتلقى من التامين الوطني مخصصات اولاد (1891) شيكلا شهريا، ولكنها منذ عشرين آب الجاري، وبعد التقليص ستنخفض المخصصات الى (1458) شيكلا شهريًا، اي تقليص بمقدار (433) شيكلا، اما عائلة تربي سبعة اولاد، فانها ستخسر من مخصصات اولادها بعد التقليص (838) شيكلا.
وهذه المعطيات تؤكد انه حتى اولاد الفقراء والمحتاجون، اليهود والعرب، وخاصة الاولاد العرب والعائلات العربية، لا ينجون من سكين الجزار السلطوي ومن انياب سياسة افقار الفقراء واغناء الاغنياء التي تمارسها حكومة اليمين بمنهجية سافرة. ونحن نحذر من العواقب الوخيمة لسياسة تعميق الفوارق الاجتماعية وزيادة حدة التقاطب الاجتماعي بتوسيع وتعميق دائرة الفقر.
وقد بدأنا نقرأ المعطيات الصارخة عن حقيقة عجز اكثر من اربعمائة الف تلميذ من ابناء العائلات الفقيرة عن توفير المصدر التمويلي المطلوب لتغطية نفقات "السلة المدرسية" من ملابس وكتب ودفاتر ورسوم مدرسية استعدادًا لبدء السنة الدراسية الجديدة. ونحن نحمل سياسة الحكومة المسؤولية الاولى والاساسية عن تدهور اولاد الفقراء والعاطلين عن العمل الى متاهات عالم الاجرام، الى العنف والسرقات والمخدرات، والى زيادة عدد ونسبة الترك والتسرب من المدارس الابتدائية والاعدادية والثانوية الى شارع الضياع.
ان تردي وتدهور الاوضاع الاجتماعية من جراء سياسة العدوان والافقار السلطوية المنتهجة لم تعد تحتمل السكوت، فهل تنطلق العائلات الفقيرة الى شارع الاحتجاج والتصدي لمواجهة السكين السلطوي المسلّط على رقابها؟

("الاتحـــــــــــاد")
الاثنين 2003-08-18


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع