كلمة الاتحاد
هل تعصف رياح التغيير على أوروبا؟

عندما انهار وتفكك الاتحاد السوفييتي وباقي الانظمة الاشتراكية في أوروبا الشرقية في مطلع التسعينيات، هلّل منظرو وساسة الرأسمالية والبرجوازية المحافظة والليبرالية ان الرأسمالية هي الخيار الوحيد للبشرية، وان لا مكان بعد لمقولة الصراع الطبقي الماركسية ولا للثورات الاجتماعية من اجل مجتمع العدالة الاجتماعية! ولكن شتان ما بين الأباطيل الديماغوغية الرأسمالية وبين حقائق ومعطيات الواقع الصارخة التي تنسف هذه الأباطيل. ففي ظل الطابع الهمجي المفترس للعولمة الرأسمالية يتعمق ويتصاعد الصراع الطبقي بأشكاله المختلفة بين مصّاصي دماء وعرق الشعوب المغلوبة على امرها من ارباب العولمة الرأسمالية الخنزيرية وبين ضحايا انياب ذئاب العولمة من القوى والشعوب المناضلة من اجل العدالة في التقسيم العالمي الرأسمالي للعمل وضمان ظروف افضل لتطور وتقدم شعوبها وبلدانها اجتماعيا وحضاريا. وكنا خلال السنوات القليلة الماضية شهود عيان لرياح التغيير الجذري التي هبت في العديد من بلدان امريكا الجنوبية وعصفت بمواقع العولمة الشرسة واحتكاراتها، وخاصة العولمة الإمبريالية الأمريكية، في فنزويلا والبرازيل وبوليفيا وغيرها. فالنظام اليساري التقدمي في بوليفيا على سبيل المثال، يطرح خطة للعدالة الاجتماعية محورها محاربة الفقر وتخفيض البطالة بنسبة خمسين في المئة وانفاق بين ستين في المائة الى سبعين في المائة من الموازنة العامة خلال السنوات القادمة لتحسين ظروف معيشة الاوساط الفقيرة والفئات الاجتماعية المسحوقة، خلق تسعين الف وظيفة جديدة وتنفيذ مشاريع للاسكان وجسر الهوة الواسعة بين الاغنياء والفقراء، هذا اضافة الى اعلان الرئيس البوليفي ايفو موراليس عن تأميم الموارد الطبيعية واجبار الاحتكارات الاجنبية على ابرام عقود عمل جديدة تخدم المصالح الحقيقية للشعب البوليفي.
ان حركة رياح التغيير لم تتوقف عند حدود القارة الأمريكية الجنوبية وبلدانها، فالنضال من اجل العدالة الاجتماعية تعصف رياحه في كل مكان، ومظاهر حركة رياح التغيير بدأت تعصف في القارة الأوروبية، ففي ايطاليا انتصر في الانتخابات الأخيرة تحالف قوى اليسار الذي اطاح بنظام بيرلسكوني اليميني المحافظ الموالي والخادم لاستراتيجية العدوان والهيمنة الامريكية والمعادي لمصالح الفئات الاجتماعية الايطالية الفقيرة والمسحوقة. وقد اظهرت نتائج الانتخابات البرلمانية في سلوفاكيا قبل ايام فوز حزب اليسار الدمقراطي برئاسة روبرت فيكو وهزيمة حزب الاتحاد الدمقراطي المسيحي اليميني برئاسة ميكولاس دزوريندا الذي خدم مصالح الاغنياء في سلوفاكيا. ففي مركز برنامج حزب اليسار الدمقراطي الانتخابي جرى التأكيد على انتهاج سياسة اصلاحات لتضييق وجسر الهوة بين المناطق الغنية التي تتدفق عليها الاستثمارات الأجنبية وبين المناطق الفقيرة، بين الاغنياء والفقراء.
لقد اكدنا دائما صحة المقولة الجدلية بأن "بقاء الحال من المحال"، فما دام هنالك وفي أي بلد كان نظام استغلال الانسان لأخيه الانسان، نظام التمييز الاجتماعي والقهر الاجتماعي، فلا مفر من مواجهة الظلم لتغيير الحال، لا مفر من الصراع الطبقي لازالة الظلم الاجتماعي وتحقيق العدالة الاجتماعية.

الثلاثاء 20/6/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع