لي رقبة الموقف الامريكي من ايران

كلنا يتذكر الحملة الهستيرية المحمومة التي شنتها الدوائر الامريكية والاسرائيلية ضد ايران وبرنامجها النووي ومخاطره التي تهدد الامن الاقليمي المنطقي والعالمي. حملة تصعيدية منذ بداية العام الماضي وحتى الشهر الاخير. كلنا يتذكر، ولم تخنه الذاكرة لينسى، تصعيد الادارة الامريكية ومعهاحليفتها الاستراتيجية في المجال العدواني، اسرائيل الرسمية، لحدة التوتر مع ايران وتسريب المعلومات من اروقة "البيت الابيض" والبنتاغون الامريكي ومن اجهزة السلطة الاسرائيلية حول خطة عسكرية ومخطط عسكري عدواني امريكي – اسرائيلي لضرب المفاعل النووي الايراني والاطاحة ان امكن بالنظام الايراني القائم. كلنا يتذكرالضغوطات الامريكية المكثفة والشرسة لعقد جلسة لمجلس الامن الدولي بهدف اتخاذ قرارات تشرعن فرض العقوبات على ايران، اقتصادية وسياسية وحتى شرعنة عدوان عسكري في حالة لم يتوقف النظام الايراني عن عملية تخصيب اليورانيوم وتطوير برنامجه النووي!
ما يثير السؤال والتساؤل ما الذي ادى الى لَيْ رقبة الموقف الامريكي من المشروع النووي الايراني وتغيير موقف ادارة بوش الامريكية منه؟ فأمس الاول اعلنت صحيفة الواشنطن بوست على لسان مسؤولين كبار في "البيت الابيض"ان ادارة بوش تعيد النظر في موقفها من المشروع النووي الايراني اذا جمدت ايران برنامجها الحالي مؤقتا وسمحت للمراقبين الدوليين مراقبة اماكن مفاعلها النووية. واكثر من ذلك فالادارة الامريكية مستعدة للمساعدة في بناء اجهزة لايران لتطوير طاقتها النووية للاغراض السلمية وجهاز متطور  لصيانة وتخزين محروقات نووية بكميات كبيرة تكفي لخمس سنوات، الموافقة على تخصيب اليورانيوم في ايران او خارج اراضيها، وحتى ان تلتزم الولايات المتحدة الامريكية بضمانات لضمان الوحدة الاقليمية لايران، أي عدم مهاجمتها عسكريا او اعطاء الضوء الاخضر لعدوان اسرائيلي عسكري على ايران!!
برأينا هنالك عدة عوامل ادت الى لي رقبة الموقف الامريكي من ايران وتغييره باتجاه المصالحة والتعاون مع النظام الايراني. ومن هذه العوامل اولا صمود النظام الايراني على موقفه وحقه في تطوير الطاقة النووية للاغراض السلمية ولم يطعج ويخنع امام الضغوطات الامريكية. وثانيا فشل الادارة الامريكية في تجنيد موقف موحد معاد لايران ولبرنامجها النووي ومستعد لاتخاذ عقوبات اقتصادية او عسكرية ضد النظام الايراني. فالموقف الامريكي جُوبِهَ بموقف روسي – صيني موحد ضد فرض اية عقوبة على ايران. فروسيا والصين، وخاصة روسيا، لهما وتربطهما مصالح اقتصادية وتجارية وحتى استراتيجية مع النظام الايراني، ونقصد بالمصالح الاستراتيجية موقف روسيا والصين ضد استراتيجية الهيمنة الامريكية في منطقة الخليج والشرق الاوسط وكونيا. وثالثا ولعل هذا اهم عامل لتغيير الموقف التكتيكي الامريكي من ايران، هو تورط المحتل الامريكي في اوحال المستنقع العراقي وازمته الخانقة وفشله في توفير الامن والاستقرار لترسيخ اقدام وجوده في العراق. والمحتل الامريكي يعلق آمالا على تعاون متفاهم عليه بين النظام الايراني والادارة الامريكية يخدم مصالح الطرفين في العراق، خاصة وان للنظام الايراني مطامعه في جنوب العراق ومنطقة الخليج العربي – الفارسي. وستكشف الايام المقبلة مدى نجاح الخطة الامريكية الجديدة في تدجين النظام الايراني في حظيرة خدمة استراتيجية العدوان الامريكية في المنطقة.

الجمعة 9/6/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع