كلمة الاتحاد
الأرض لـمــن يـفـلــحــهـــا

طابع الموقف من ملكية الارض يعكس الى حد كبير طابع هوية المجتمع والنظام القائم سياسيا واجتماعيا. فالارض كانت ولا تزال احد المكونات الاساسية للهوية القومية الوطنية، ولكن في العديد من التشكيلات الاجتماعية الطبقية، في العبودية والإقطاع وحتى في الرأسمالية تحكم الغربة بين الارض ومن يفلحها من جراء طابع النظام الاستغلالي القائم الذي تحكم الغربة بين منهجه ونهجه السياسي- الاجتماعي الممارس وبين العدالة الاجتماعية في مجتمعه. وكان لا بد تاريخيا، ومن خلال المسيرة الكفاحية للشعوب ضد الظلم، النضال لازالة الحواجز القسرية المفروضة تعسفا بين الارض ومن يفلحها، والتاريخ يشهد على ثورات الفلاحين التي انفجرت لإزالة الغبن اللاحق بهم عبيد الخدمة في اقطاعيات الاقطاعيين وعمال السخرة في مزارع الرأسماليين. وثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى في روسيا كانت اول من جسد مقولة الارض لمن يفلحها، بعد ان حولت الفلاحين الى اسياد الارض، لا عبيد ينهب الاقطاعيون والرأسماليون مردود جهدهم وعرقهم. والثورة الصينية بقيادة الحزب الشيوعي الصيني ورئيسه ماوتسي تونغ، كان احد شعاراتها المركزية الارض لمن يفلحها، حيث وزعت بعد انتصار الثورة الارض على الفلاحين، والثورات التي انتصرت في بلدان حركات التحرر القومي بعد انهيار الإمبراطوريات الاستعمارية في آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، كان معيارًا ومقياسًا لمدى تقدمية هذا النظام او ذاك، هو موقفه من شكل ملكية الارض، وهل يجسد مقولة الارض لمن يفلحها، ويخلص الفلاحين من الغبن التاريخي لأنظمة الاستغلال الطبقي، فعلى سبيل المثال، فإن احد مقاييس تقدمية نظام الرئيس خالد الذكر جمال عبد الناصر ان عمليات الاصلاح الزراعي التي انتهجها جسدت مقولة الارض لمن يفلحها ووزّع الاراضي على الفلاحين.
بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والانظمة الاشتراكية في أوروبا الشرقية، انطلق غربان الامبريالية من منظرّين وساسة "يبشرون " بانتهاء عهد الصراع الطبقي وان الرأسمالية بأنياب العولمة المفترسة هي الخيار الوحيد للبشرية، ولكن قوانين التطور اقوى من اباطيل الدجالين، فالثورات العاصفة المنتصرة وبطابعها المعادي لطاغوت العولمة الرأسمالية المفترسة، في فنزويلا وبوليفيا والبرازيل وغيرها، تؤكد ان الشعوب لن تتنازل عن حقها بالعيش في ظل العدالة الاجتماعية. وما يفرح القلب ويبعث على التفاؤل ان مقولة الارض لمن يفلحها عادت الى الصدارة في امريكا اللاتينية، ففي بوليفيا بنظامها اليساري التقدمي المنتصر يجري تجسيد هذه المقولة على الارض البوليفية، فالرئيس البوليفي ايفي موراليس اعلن عن توزيع الارض على الفلاحين، خاصة على الفقراء من الهنود الحمر اهل البلاد الاصليين الذين عانوا قرونًا وقرونًا من استغلال الاقطاعيين الذين حرموهم من ملكية ارضهم واستغلوا جهد عملهم.
وشتان بين نظام يعيد الارض الى اصحابها الشرعيين، كما في بوليفيا، ونظام يمارس التمييز القومي والعنصري وينهب الارض ويصادرها من اصحابها الشرعيين بهدف تهويدها كما في بلادنا. ولهذا، فاننا نؤكد ان النضال من اجل الارض جزء لا يتجزأ من النضال دفاعا عن الحق في الوطن وجزء لا يتجزأ من النضال من اجل الدمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة بين بني البشر.

الأربعاء 7/6/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع