ميزانية الافقار ومواصلة العدوان

صدّقت حكومة كديما- العمل الائتلافية في جلستها الاولى امس الاحد، على مشروع الميزانية وقانون التسويات للعام الفين وستة. وتبلغ قيمة الميزانية "الجديدة" حوالي مئتين وخمسة وثمانين مليار شاقل. ونرى من الاهمية بمكان التأكيد اولا ان ما جرى اقراره في الحكومة امس ليس جديدا، فهذه الميزانية نفسها، بحجمها وقيمتها، اقرتها حكومة شارون اليمينية، وحتى جرى التصديق عليها في القراءة الاولى في الكنيست باصوات الائتلاف الحكومي قبل ان يقصف اجل الحكومة السابقة قبل موعدها ويجري تقديم موعد الانتخابات البرلمانية.
إنه لم يجر بعد ذلك طرح الميزانية على الكنيست للتصديق عليها في القراءتين الثانية والثالثة لان الحكومة الشارونية- البيرسية فقدت الاكثرية البرلمانية لضمان تمرير الميزانية. ولهذا فإن الميزانية التي صدقت عليها واقرتها الحكومة امس لا تختلف من حيث طابعها وجوهرها ومدلولها السياسي والاجتماعي عن ميزانية وسياسة حكومة الكوارث الشارونية، كميزانية لدعم سياسة الاحتلال والاستيطان والعدوان ولمواصلة الهجمة المنهجية على مستوى معيشة الشرائح الاجتماعية المسحوقة وفروع الخدمات الشعبية من تعليم وصحة ومواصلات عامة وميزانيات سلطات محلية.
وما نود تأكيده ثانيا انه في اطار ما اقر امس في جلسة الحكومة لم يجر طرح واقرار من اية مصادر، من اية ميزانيات وزارية، سيجري التقليص لتغطية تكلفة الصفقات الائتلافية التي ابرمتها حكومة اولمرت كديما مع شاس والعمل وغيرهما والتي تبلغ حوالي مليارا ونصف المليار شاقل في العام الفين وستة.
وبالطبع فان سهام السياسة النيولبرالية المنتهجة في المجال الاقتصادي- الاجتماعي ستوجه الى ميزانيات فروع الخدمات الشعبية والرفاه الاجتماعي بالاساس. واذا كانت اول "هدية" قدمتها حكومة اولمرت- بيرتس بعد يوم واحد فقط من اقامتها رفع اسعار الخبز بنسبة سبعة في المئة وتوجيه ضربة الى معيشة العائلات الفقيرة من ذوي المداخيل القليلة والمحدودة، فان ما هو مرتقب في المنظور القريب مزيد من الضربات الاقتصادية الموجعة التي سيعاني منها بالاساس الفقراء والمحتاجون. ففي الافق المنظور والقريب يجري الحديث عن رفع اسعار السلع الضرورية والمواصلات العامة بنسب تتراوح بين خمسة في المئة الى عشرة في المئة.
فالحديث يدور عن رفع اسعار البيض والسكر والحليب والاجبان والخبز ايضا، اضافة الى رفع سعر تعريفة المواصلات العامة. أي رفع اسعار سلة الاستهلاك الغذائية الاساسية للعائلات الفقيرة محدودة الدخل الهزيل. حكومة لا تضع الشدة في ميزانيتها وسياستها الاقتصادية- الاجتماعية على فرض ضرائب تخفض من ارباح الاغنياء وتقلص فجوات التقاطب الاجتماعي بين الاغنياء والفقراء، بل تواصل توسيع وتعميق هذه الفجوات.
وما نود تأكيده ثالثا ان الميزانية لا تشير لا من قريب ولا من بعيد عن أي تغيّر في السياسة العدوانية الشارونية التي تحتضنها الحكومة الجديدة، سياسة مواصلة تصعيد ارتكاب الجرائم ضد الشعب الفلسطيني ومواصلة الاستيطان وبناء جدار الضم والفصل العنصري، هذه السياسة التي تبلغ تكلفتها اكثر من نصف ميزانية النفقات في الميزانية العامة. والتصعيد الاخير للعدوان الذي حصد ارواح عدد كبير من الضحايا الفلسطينيين بين قتلى وجرحى يعكس حقيقة ان رئيس حزب العمل عمير بيرتس ليس اكثر من وزير امن السياسة الشارونية والمقاول الثانوي في تجسيد المرحلة الثانية من برنامج شارون لمصادرة الحقوق الوطنية الفلسطينية وضم اكثر من نصف مساحة الضفة الغربية الى اسرائيل. ميزانية وجهتها الحرب وليس السلام.
الأثنين 8/5/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع