المطلوب هو تكثيف النضال على جميع الصعد
ألـــصـــّحـــوة!

شهد الأسبوع الأخير أحداثا هامة ومثيرة، تعبّر عن سيرورة جديدة آخذة في التبلور والتعولم. إذ تشير النتائج الأولية للانتخابات التي جرت في إيطاليا مطلع الأسبوع إلى أن معسكر "غصن الزيتون" اليساري، الذي يضم الأحزاب والقوى الشيوعية والاشتراكية وحزب الخضر وقوى يسار أخرى، قد نجح في التغلب على معسكر اليمين وعلى مرشحه؛ رئيس الحكومة الحاكم منذ ثمانية أعوام، الرأسمالي الفاحش الذي حوّل إيطاليا إلى عزبته الخاصة، وحليف الإدارة الأمريكية الاستراتيجي لا سيما في احتلال العراق؛ سلفيو برلوسكوني.
وفي فرنسا، نجحت قوى اليسار والنقابات العمّالية والطلابية في نضالها لدرء قانون "الوظيفة الأولى" الجائر، وهو نضالٌ هام، لا نراه بمعزل عن موجة الاحتجاج التي فجّرها الفقر والبطالة في أحياء الضائقة بين المهاجرين قبل نصف عام. فمن الواضح أن فرنسا تشهد صراعا طبقيا حادا كما يستدل من النضالات المتعددة التي خاضها العاملون والطلاب والمستضعفون في السنوات الأخيرة حفاظا على حقوقهم ومنجزاتهم.
ويبدو أن الشعب البيروفي سيلحق بركب الشعب الكوبي والبرازيلي والتشيلياني والبوليفي والفنزويلي، وسيوصل إلى سدة الحكم في بيرو مرشحًا يساريا مناهضا لهيمنة الإمبريالية الأمريكية، حصل في الجولة الأولى على أكبر تأييد من بين ثلاثة مرشحين، ومن المتوقع أن تـُحسم الجولة الثانية لصالحه.
وفي الولايات المتحدة نفسها، هبطت شعبية بوش والجمهوريين إلى رقم قياسي جديد، هو الأدنى منذ توليه الحكم قبل ستة أعوام، واتسعت رقعة معارضي احتلال العراق والسياسة الخارجية الأمريكية بشكل كمي ونوعي، ويكاد يكون حتميا أن تشهد الانتخابات الرئاسية القادمة هزيمة للحزب الجمهوري الحاكم ولتيار المحافظين الجدد الأصولي.
ما تؤكده مدلولات هذه المعطيات، مجتمعة وكلا على حدةٍ، هو أنّ الصراع الأساس في مختلف بقاع العالم ليس صراع الحضارات أو الثقافات الذي يروّج له القطب الإمبريالي المهيمن، بل كان ولم يزل صراعا طبقيا في جوهره وإن تباينت انعكساته وتجلياته من حيث الشكل.
واليوم، أكثر من أي وقت مضى، يتضح زيف نبوءة "نهاية التاريخ"، وتتضح أكثر فأكثر صحّة الرؤية المادية والجدلية للتاريخ البشري، وتتأكد أكثر فأكثر صحة المعادلات الماركسية الكلاسيكية، والنتاج الفكري النقدي الحديث المشتق من هذه المعادلات، في شتى المناحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويتضح أكثر فأكثر أن النظام الطبقي، بطبيعته، هو نظام يتجه نحو الهمجية، وأن الشيء الوحيد الذي في مقدوره كبح جماح هذه الهمجية وكسر شوكتها هو النضال، سواء اتـّخذ طابع حركة تحرر وطني أو طابعا اجتماعيا أو ضد العولمة الرأسمالية أو ضد هدم البيئة إلخ.
إن الصّحوة التي تجتاح شعوب الأرض ليست وليدة صدفة هنا وهناك، بل هي النتيجة الحتمية للتناقضات التي يولّدها نظام الاستغلال الطبقي الهدّام؛ بدءًا بادراك المآرب الحقيقية لاحتلال العراق، مرورا بالمد الثوري في دول أمريكا اللاتينية، وانتهاءً بالأزمة المتفاقمة في عقر دار الدول الرأسمالية الكبرى وفشل النيولبرالية في تقديم أجوبة شافية لهذه الأزمة. وليس من قبيل الصدفة، أيضا،أن يكون الشيوعيّون والماركسيّون والاشتراكيّون واليساريّون الحقيقيّون في صلب هذه الصّحوة المباركة في جميع الدول.
من هنا، فان المطلوب اليوم من الشيوعيّين وحلفائهم في مختلف أنحاء العالم، هو تكثيف النضال على جميع الصعد، والكشف عن جذور ومسبّبات التناقضات الاجتماعية؛ وإماطة النقاب، مجددًا، عن جوهرها الطبقيّ.

الأربعاء 12/4/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع