كلمة الاتحاد:
يهربون من جهنم الفقر وعدم الاستقرار

عشية سفر وزير الخارجية، سلفان شالوم، الى الولايات المتحدة الامريكية، أعد القسم القنصلي في وزارة الخارجية الاسرائيلية واعتمادًا على معطيات زودتها تسع قنصليات اسرائيلية في مدن الولايات المتحدة، تقريرًا عن عدد اليهود الذين تنازلوا عن جنة عدن التي وعدت بها الصهيونية في اسرائيل ويقيمون في امريكا وغيرها من البلدان بصورة دائمة. فأي مبعوث رسمي اسرائيلي الى الخارج يتزود بمهمتين أساسيتين، سياسة تهدف الى تسويق سياسة الحكومة والترويج لها، وصهيونية تهدف الى تجنيد الدعم السياسي والمادي والمعنوي والاعلامي من اللوبي الصهيوني اليهودي في الولايات المتحدة الامريكية وغيرها لمواقف حكومة اسرائيل والعمل على تشجيع الهجرة اليهودية اليها.
وفقًا للتقرير المذكور الذي تتحدث معطياته عن الهجرة اليهودية المعاكسة لهذه الاقامة في الخارج في العام (2002) انه في الولايات المتحدة الامريكية لوحدها فضل حوالي نصف مليون يهودي الهرب من جحيم الاوضاع في اسرائيل والاقامة الدائمة في نيويورك ولوس انجلوس وميامي وسان فرانسيسكو وغيرها. وان اكثر من (650) الف يهودي هاجر ويقيم في الخارج. وبالطبع عدد الهاربين من الجحيم في اسرائيل أكثر من ضعف العدد المذكور، لأن المعطيات شملت فقط من تتراوح أعمارهم 18 سنة فما فوق، واعتبر مهاجر دائم الاقامة في الخارج من انقطع ولم يعد الى اسرائيل خلال أربع الى خمس سنوات. ولو توفرت الحالة المادية للفقراء والعاطلين بشكل مزمن عن العمل لترك الجحيم أضعاف المعطيات المذكورة.
إنّ الدافع الأساسي لهذه الهجرة المعاكسة هو غياب الأمن والاستقرار سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا ومعيشيًا وفقدان الأمل بمستقبل زاهر وواعد في ظل السياسة الرسمية المنتهجة. فالقيادة الصهيونية العالمية ادعت ووعدت بان قيام دولة اسرائيل سيوفر الامن والاستقرار للجماهير اليهودية، ولكن معطيات الواقع ان اكثر مكان غير آمن وغير مستقر بالنسبة للجماهير اليهودية هي اسرائيل، وذلك بسبب سياسة الاحتلال والعدوان والافقار التي تنتهجها حكومات اسرائيل المتعاقبة.
وتقر بهذه الحقيقة ياعيل غافيرتس، المحررة في "يديعوت احرونوت". ففي تعليق، امس الأحد، عن أسباب الهجرة المعاكسة تربط بين اليأس من الأوضاع القائمة في اسرائيل في ظل عدم الاستقرار وبين الهرب والهجرة. وتكتب "لا يوجد مثل اليأس للدفع نحو الهرب، وطالما لا يضمن المستقبل للشباب سيزداد عدد المهاجرين للخارج للتفتيش عن خيار معقول للحياة". وتؤكد حقيقة انه في أعقاب توقيع اتفاقات اوسلو بين حكومة اسرائيل ومنظمة التحريرالفلسطينية حدث ازدهار اقتصادي في اسرائيل وانخفض عدد الهجرة المعاكسة. ومن هويتها ومنطلقها الصهيونيين، تؤكد غافريش أن الضمانة الوحيدة لعودة المهاجين الى اسرائيل هو توفير الظروف الطبيعية للحياة في اسرائيل. ولا يمكن توفير الظروف الطبيعية للحياة التي تضمن الامن والاستقرار السياسي والمعيشي بدون اجراء تغيير جذري في السياسية الرسمية المنتهجة. فبدون انهاء الاحتلال والاستيطان لأراضي الغير والتوصل الى السلام العادل، الشامل والثابت، الاقرار بالحق الشرعي للشعب الفلسطيني بالحرية والدولة والقدس والعودة والانسحاب من الاراضي السورية واللبنانية المحتلة لا يمكن توفير الامن والاستقرار للجماهير في اسرائيل ولا يمكن توفير مصادر التمويل الضرورية والمطلوبة لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية وضمان الاستقرار النسبي للمواطنين في هذه المجالات الحياتية.

("الاتحــــــــــــــاد")
الاثنين 2003-07-21


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع