"شروط" بيرتس للزحف داخل السلطة

عندما نؤكد مرارا ان حزب العمل برئاسة عمير بيرتس، لم يتغير بمواقفه الجوهرية السياسية الاقتصادية- الاجتماعية، فاننا لا نبالغ ابدا. فتصريحات عمير بيرتس الاخيرة تؤكد صدق تقييمنا هذا. ويُستدل من تصريحاته الاخيرة انه سلّم بواقع ان حزب العمل لن يؤلف الحكومة الجديدة، بعد الانتخابات، وانه لن يكون رئيس الحكومة القادمة، فتصريحاته وغيره من قادة حزب العمل تنطوي على تكتيك انتخابي جديد له مدلول جديد، تكتيك مبني على بثّ رسالة مدلولها استعداد حزب العمل للدخول في أي ائتلاف يقيمه غيره من الاحزاب، وهو يقصد حزب كديما اولمرت الشاروني. وان همه الاساسي يتمحور في الاسبوعين الباقيين حتى يوم الانتخابات هو الحصول على اكبر عدد ممكن من الاصوات لادخال اكبر عدد ممكن من الاعضاء الى الكنيست، وذلك بهدف ان تكون حصته دسمة في السلطة تُترجم باكبر عدد ممكن من الكراسي الوزارية. ولدخول أي ائتلاف حكومي يطرح حزب العمل "شروطه". ففي المؤتمر الصحفي الذي عقده عمير بيرتس امس الاول الاحد، بعد اجتماع انتخابي في تل ابيب،  طرح شروط حزب العمل الاشتراطية لدخول أي ائتلاف حكومي، وقد حدد بيرتس هذه الشروط بثلاثة اساسية وهي: سن قانون رفع الحد الادنى من الاجور الى الف دولار، تجسيد قانون شركات قوى العمل وسن قانون التقاعد لكل مواطن. شروط حسنة نوافق على جميعها، وهي هامة وضرورية ولكنها لا تعالج سوى بعض القضايا الاجتماعية وبشكل انتقائي، وتبتعد عن التطرق لمعالجة مصدر الآلام والمآسي الاجتماعية بشكل جذري، تبتعد عن معالجة السياسة الرأسمالية الخنزيرية للنيوليبرالية، لاقتصاد السوق والخصخصة، التي لا تنتج سوى توسيع فجوات التقاطب الاجتماعي بين الاغنياء والفقراء.
ولا غرابة ان عمير بيرتس لم يطرح أي شرط لدخول أي ائتلاف حكومي مقبل يتعلق بالموقف من القضيتين الأساسيتين الأخريين المطروحتين بحدّة على اجندة المجتمع الاسرائيلي، الموقف من قضية الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني- العربي، والموقف من القضايا القومية والمطلبية للمواطنين العرب وحقهم بالمساواة القومية واليومية، ومواجهتهم لسياسة التمييز القومي العنصرية السلطوية. وعدم اشتراط بيرتس لاي شرط حول هاتين القضيتين ناتج عن حقيقتين، الاولى، انه لا توجد فوارق جوهرية في الموقف بين العمل وكديما والليكود من الحقوق الوطنية الشرعية الفلسطينية، فهذه الاحزاب السلطوية الصهيونية الثلاثة تجمع على الانتقاص من الثوابت الوطنية الفلسطينية، ثلاثتها تجمع على ضمّ كتل الاستيطان الى اسرائيل وعلى بناء جدار الضمّ والعزل العنصري، وعلى تهويد القدس الشرقية والتنكر لحق العودة للاجئين الفلسطينيين وفقا لقرارات الشرعية الدولية. والحقيقة الثانية ان الانسجام في الموقف بين العمل وكديما مثلا حول القضية السياسية الامنية يسهل عليهما بعد الانتخابات اقامة حكومة وحدة قومية كارثية جديدة بمشاركة احزاب اخرى ايضا يمينية واصولية دينية يهودية امثال شاس وغيرها، حكومة معادية للسلام العادل وللمساواة التامة للجماهير العربية وللفئات الاجتماعية المسحوقة وللكادحين. ولحزب عمل يزحف قادته لدخول حكومة ائتلافية كارثية فان كل صوت عربي او أي صوت من انصار السلام والمساواة يُمنح لهذا الحزب او لكديما او الليكود هو بمثابة خنجر سام في قلب النضال العادل من اجل السلام العادل والمساواة والعدالة الاجتماعية. إحجبوا اصواتكم عنهم.

الثلاثاء 14/3/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع