أخضر بعلم أحمر

بصمت وهدوء حوّلت مؤخرا الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة نفسها، الى قائمة بيئية واكثر من غيرها، لتدخل بها الى الكنيست القادمة، وتقريبا لا توجد حاجة لعرض الرقم القياسي في النشاط البيئي للمرشح الثالث في قائمة الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة، المحامي د. دوف حنين، من تل ابيب، ويعمل حنين منذ عدة سنوات، رئيس ادارة الحياة والبيئة، وهي الهيئة العليا لمنظمات البيئة في اسرائيل وهو رئيس العيادة للعدل البيئي في الكلية للقضاء، وهو عميد ابحاث في مدرسة فورطر لتعاليم البيئة في جامعة تل ابيب، وهو محاضر مطلوب حول ارتفاع حرارة الكرة ارضية، وجرت معه مقابلات اذاعية كثيرة اثبت نفسه فيها حول العلاقة بين البيئة والمجتمع، وهو عضو في هيئات مهنية وشعبية قديمة تعمل في تلك الانواع.
كذلك فإن مَن مِن اعماله في هذه المجالات ما لم تحظ حتى اليوم بالكشف اللازم والاهتمام المطلوب، هو المرشح الثاني في قائمة الجبهة د. حنا سويد، وهو رئيس مجلس محلي عيلبون سابقا وحاليا هو المدير العام لمركز التخطيط البديل، وكتب في نهاية الثمانينيات دكتوراة في الهندسة المدنية في التخنيون عن آماد اقليمية في تخطيط المدن، ضمت موديلا للتقليد الاقليمي البلدي وعمل في تأثير الرياح على نشر وتفريق تلويث الهواء في المناطق السكنية، واعد في عام 1994 الرأي العلمي حول تلويث الهواء المتوقع في المحطة الجديدة للباصات في تل ابيب، وهي وثيقة كانت بمثابة مدماك اساسي ومركزي في دعوى سكان المنطقة للحصول على تعويضات بسبب بناء المحطة، وعمل في الفترة الواقعة بين 1995 و2003، في المجلس القطري للتنظيم والبناء وشارك بشكل فعال في نضالات بيئية مركزية، بما فيها النضالات ضد المارينا في حيفا وفي المعركة ضد العقارات في ميناء يافا، وقد كان المركز للتخطيط البديل بادارته في رأس المعركة من اجل حقوق التخطيط للعرب في اسرائيل ويعمل بشكل يومي في مجال العدل البيئي، وهو يدعى بشكل دائم للحديث والقاء المحاضرات في ندوات وايام فكرية ومؤتمرات تعمل في مجال البيئة في الجامعات وفي مركز "هشل" للفكر والقيادة البيئية وفي هيئات مماثلة.
ان سويد وحنين هما جزء من تطوير لافت للانتباه وهام في الحركة البيئية في اسرائيل خاصة في السنوات الاخيرة والبارز في هذا التطور هو انقاذ الموضوع البيئي والنقاش البيئي من الاطار الضيق الذي فرضته واملته عقلية التطوير الصهيونية، وتوسيعه الى خارج نوعيات حماية الطبيعة او العمل الشكلي المحض في اخطار صحية، وبدلا من هذا ينمو اليوم في اسرائيل بحث بيئي متقدم ومتطور يرى المس بالبيئة مركبا في عدم المساواة البيئية ويكشف كيف ان جماعات معينة تصاب من اخطار بيئية اكثر من غيرها، ويبرز كيف في حالات معينة ان الضرر البيئي يقلص احتمالات البقاء لها.
ان الربط السياسي بين البيئة والمجتمع يكون اكثر آنيا بالنسبة لكثير من الاسرائيليين، وهناك من يرى في ذلك اهمية ويهتم به  وهم من الداعمين التقليديين للحركة البيئية، ويفعل خيرا ابناء الجيل الوسط الذين لم يحصلوا على مناسبة وفرصة لترجمة معارفهم عن البيئة وقلقهم على الاجيال القادمة في التصويت في الانتخابات، والى جانبهم تذهب وتتسع مجموعة اخرى وهي شباب يهتمون في التربية البديلة وبمبان وقوى سياسية جديدة والذين اختاروا حتى اليوم الامتناع عن التصويت. وجزء منهم يميل الى "الورقة الخضراء" والتي بدون نشاط في العمل وبغياب شخصيات بيئية بارزة تختفي كذلك هذه المرة، ولن تصل الى نسبة الحسم. وكذلك فإن الفشل الذريع لحزب الخضر، والذي بعد ثماني سنوات من العمل في بلدية تل ابيب وبلديات اخرى، فان حصتهم في اعمال التنفيذ كانت اقل بكثير من "الورقة الخضراء"، هذا يؤكد الفضاء الفارغ القائم في قلب السياسة البيئية في اسرائيل، وهذا وازاء الموافقة الواسعة بين غالبية الاحزاب حول الحاجة لتسوية اقليمية مع الفلسطينيين، والامكانية للتصويت المركز لموضوع آخر، كالتصويت البيئي، فهي اكثر واقعية ومنطقية وعقلانية اكثر من السابق.
ليس من المعروف كم هي مؤسسات الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة، والتي انتابهها بالاساس موجه الى الوسط العربي، تعرف القوة الكامنة المفاجئة التي ستكون لقائمتها الخضراء في الوسط اليهودي، وسيتضح ذلك عندما تبدأ وتنكشف الدعاية الانتخابية باللغة العبرية قريبا جدا، ولكن هناك علامة تلوح في الطريق الذي سارت فيه الجبهة مؤخرا بالنسبة لكل ما هو مرتبط بتوحيد القوى مع احمد الطيبي والتجمع، ان الاسباب لفشل المفاوضات والاتصالات كانت منوعة وجاءت من تعنت الاجسام الثلاثة على خطوط حمراء ولذلك لم يتوحدوا، ومن ناحية الجبهة فان الاصرار على ابقاء د. سويد وبالذات، د. دوف حنين اليهودي الوحيد في مكان مضمون في قائمة الجبهة دلّت على الهوية التي يطالب الحزب ببلورتها ان كان في مجال العمل المشترك للعرب واليهود، وكذلك في المجال البيئي وستقول الايام ان هذا الاصرار الجبهوي يدل على استعداد لتوسيع برنامج عمل الجبهة واتجاه استبدال العلم الاحمر بدمج مهم ومثير وهو علم احمر- اخضر.

(ألمقال نشر في جريدة هآرتس بتاريخ 12/2/2006).

داني ربينوفيتس*
الثلاثاء 14/2/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع