"شيوعيون"

في أعقاب الأحداث الاخيرة منذ انعقاد مجلس الجبهة، مرت عليّ ليال عصيبة ترافقها هواجس وافكار منها السلبي ومنها الايجابي، في هذه الايام العصيبة حاولت ان ارجع بذاكرتي لايام خلت وان ارتب افكاري في محاولة مني لوضع اليد على تاريخ انتسابي للحزب الشيوعي وتنظيمي داخل الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة، اردت ان اتذكر كيف ومتى كان ذلك؟!
وفعلا بدأت بتحرير تلك الافكار بشكل مقالة لعل وعسى تجعل بعض الرفاق يراجعون انفسهم بما يسببونه من اذى قاصدين او غير قاصدين لتاريخ الحزب الشيوعي الحافل بالمفاخر التاريخية، ولأسباب شخصية جدا توقفت ولم اكمل الكتابة، حتى قرأت مقالا في جريدة "الاتحاد" للأخ رسلان محاجنة تحت عنوان "يا بني هؤلاء شيوعيون!!" ومن جديد تجددت رغبتي في الكتابة حول هذا الموضوع.
ابي رحمه الله وبحكم كونه قارئا لجريدة "الاتحاد" ومرافقته لوالده رحمه الله في جلسات السمر ولقربه الجغرافي من نادي الحزب الشيوعي وجيرانه من الشيوعيين الاوائل امثال طيب الذكر الرفيق "عثمان ابو راس" ولمجالسته الصباحية والمسائية لرفاق الحزب الشيوعي في مقهى رفيقنا "ابو ابراهيم الحزبون" صُقلت سخصيته الاجتماعية والسياسية على التاريخ الناصع لحزبنا الشيوعي، ولكنه ايضا لم ينتسب رسميا للحزب الشيوعي على الرغم من كونه دائما في الصفوف الاولى من المدافعين عن الحزب وتاريخه والداعين لانتخاب الجبهة، ولم يخطر ببالي ابدا ان اسأله لماذا لم ينتسب رسميا ولكنني رأيته دائما كجبهوي مخلص وشيوعي ملتزم.
حين قلت ان الاجواء التي تربى ابي فيها صقلت شخصيته الاجتماعية والسياسية، كان واضحا ما القصد سياسيا ولكن الصقل الاجتماعي لشخصيته ليس اقل اهمية بالنسبة لي انا بكره، كان لايمانه بالمرأة وبحقوقها وبقدراتها دور اكبر في صقل شخصيتي، والتأثير الايجابي عليها، فقد زرع فينا الثقة بالنفس، الاعتزاز بالانتماء لشعبنا، حق الجميع بحياة عادلة، المنطق، الاخلاق، ومنحنا الحرية وكيفية التعامل معها، فهي كقوله سيف ذو حدين ويجب الحذر في التعامل معها.
ابي رحمه الله دفع بنا الى الدخول الى نادي الحزب الشيوعي، فقد رأى فيه البيت الاجتماعي لحمايتنا من آفات الزمن، اراد ان نكبر في بيت يحافظ علينا، يعظنا ويساعدنا مستقبلا في التعامل مع كوارث الزمن. وهكذا كان فقد تربيت في صفوف ابناء الكادحين وترعرعت في صفوف الشبيبة الشيوعية وكان ترفيعي لصفوف الحزب الشيوعي بالنسبة لي من اهم المحطات في حياتي، انتسابي للجامعة العبرية في القدس ومشاركتي في اجتماعات الخلية الحزبية كان لها الدور الكبير لاستمراري في هذا الطريق، وهكذا وعلى الرغم من عدم ولادتي في بيت شيوعي كبرت وكأني من بيت شيوعي ولم ولن اعرف طريقا آخر.
فيا اخ رسلان محاجنة، انا مسرورة جدا لكونك اخيرا ادركت ان الطريق الصحيح هو انتسابك للحزب الشيوعي، تحية من الاعماق لكل الرفاق المخلصين وتحية خاصة لهؤلاء الذين انتسبوا لصفوف حزبنا الأبي بطرق مماثلة لطريقة انتسابي.
الحزب الشيوعي ليس حكرا لأحد وليس ملكا لشخص او فئة وكلنا هناك بإرادتنا الخاصة وقناعتنا الشخصية والقرارات تؤخذ بالأكثرية والأقلية تخضع وتنفذ هذه القرارات بعزم وثقة وتصميم على النجاح.
هكذا ربيتموني في الحزب والجبهة، وهكذا سنربي الاجيال القادمة، دمتم ايها الشيوعيون

(الطيبة)

إيناس جبالي*
الجمعة 27/1/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع