ماذا ستقولون لشعبنا يا هؤلاء؟

في السنوات الاخيرة، تحول لقاء هرتسليا الى منصة اساسية للاعلان عن السياسة الرسمية لقادة الدولة، الحكومة، الاحزاب، الشرطة، الجيش، المخابرات، ورجال الاقتصاد ورأس المال، وبنك اسرائيل، وقادة النقابات، وقادة سابقين، رؤساء حكومات، وزراء، قادة جيش الخ.
عقد هذا اللقاء في ظروف خاصة، رئيس الحكومة شارون يصارع الموت، ولن يعود للحياة السياسية على ما يبدو، فقد كان متوقعا ان يستغل رئيس الحكومة شارون، لقاء هرتسليا للاعلان عن برنامجه الانتخابي، حيث يطرح امام العالم، والمنطقة، واسرائيل برنامجه لمعالجة القضايا الاساسية الملحة، العلاقة مع الفلسطينيين والعالم العربي، الموقف من ايران والاندماج في السياسة الكونية للولايات المتحدة برئاسة سيده بوش الابن.
لقد استغل قادة الاحزاب السياسية الصهيونية الاساسية هذه المنصة للاعلان عن برامج احزابهم من القضايا الاساسية، السلام، الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني، الوضع الاجتماعي في ظل تعمق الازمة الاقتصادية، وتعمق الاستقطاب الطبقي، الذي تجلى بشكل صارخ، في التقرير الذي قدمته مؤسسة التأمين الوطني، والذي بَيّنَ بشكل مخيف، مشيرا الى زيادة عدد الفقراء، وبالذات الاولاد.
من الصعب ملاحظة فوارق جوهرية بين الليكود، العمل، كديما، في القضايا الاساسية فجميعهم متفقون على عدم الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني، وحقه بإقامة دولته المستقلة بحدود الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس العربية، جميعهم يرون بالقدس "الموحدة" العاصمة الأبدية لاسرائيل.
يتنافسون على الاسراع باتمام بناء جدار العزل العنصري الاسرائيلي الذي دانه العالم وطالب بهدمه.
يتنافسون فيما بينهم من سيضم لاسرائيل اكبر مساحة من الارض الفلسطينية المحتلة لاسرائيل، بالنسبة لهم جميعا، الكتل الاستيطانية، غور الاردن، مناطق امنية يجب ان تكون جزءًا من اسرائيل، في كل اتفاق مع الفلسطينيين، ناهيك عن اتفاق الجميع على ضرورة استمرار القتل والبطش والاعتقالات، بين ابناء الشعب الفلسطيني.
اما فيما يتعلق بنا نحن الجزء الحي من الشعب العربي الفلسطيني الذين بقينا منغرسين في تراب وطننا الذي لا وطن لنا سواه، يرون فينا مشكلة ديموغرافية، وجميعهم مع المشروع العنصري "تطوير النقب والجليل"- الذي يعني في الواقع سلب اهلنا في النقب ما تبقى لهم من ارض، والتمييز ضدنا في الجليل وزيادة المستوطنات اليهودية خوفا من الخطر الديمغرافي.
بالنسبة للقضايا الاجتماعية، الاختلافات بينهم بسيطة جدا- كلهم مع الخصخصة وزيادة الحوافز للرأسماليين، وبالاساس للمستثمرين الاجانب.
كلهم ضد اعطاء مخصصات مالية، للأطفال وللفئات الفقيرة.
في هذه الايام تحاول هذه الاحزاب الصهيونية الرئيسية وغيرها، التغلغل بين الجماهير العربية لسرقة اصواتها، مستغلين الاوضاع الصعبة التي تعيشها جماهيرنا، طارحين انفسهم بأنهم البديل لهذه السياسة، وان بامكانهم حل مشاكلنا.
نسوا او تناسوا، جميعهم انهم كانوا اعضاء في حكومة شارون، الليكود، العمل، والمفدال.
نحن لم ولن ننسى، عدوان الجدار الواقي، الذي اجتاح مخيم جنين الصمود، كان بقيادة وزير العدوان "الأمن" زعيم حزب العمل في حينه، واحد زعمائه الآن، فؤاد بن اليعزر.
حزب العمل الذي اعلن انه لا يوجد مع من بالامكان التفاوض معه في الجانب الفلسطيني، وهكذا عزلوا القائد الفلسطيني ياسر عرفات في مقاطعته حتى الموت.
عجيب امر المرشحين العرب للكنيست في الاحزاب الصهيونية، العمل، كديما، ولله الحمد الليكود لفظ "قرا" بسبب تطرفه اليميني، فهو كاثوليكي أكثر من البابا- متطرف اكثر من نتنياهو وسيلفان شالوم.
ألم يقرأوا برامج احزابهم الانتخابية؟!! ألم يسمعوا زعمائهم الذين ادلو ببرامجهم في لقاء هرتسليا؟!!
ماذا سيقول مثلا، عضو الكنيست مجادلة، لأهالي بلده باقة الغربية الأبية ولأهلنا... فيما يتعلق بموقف حزبه، القدس موحدة، عاصمة ابدية لاسرائيل!!!
ماذا ستقول عضوة الكنيست، والمرشحة بقائمة حزب العمل نادية حلو، العاملة الاجتماعية، لأهلنا، للفقراء، عن اسباب الفاقة والفقر!! هل ستقول لهم ان حزبها صوت مع هذه الضربات الاجتماعية الاقتصادية!!!
ما هذا الاستهتار بنا، بأهلنا، يا هؤلاء، يا مقاولي الاصوات للاحزاب السلطوية، للاحزاب الصهيونية!!!
شعبنا يا هؤلاء، شعب حي وواع، قارع الطرد والتهجير وانتصر، قاوم الحكم العسكري، وانتصر، تصدى لسلب الارض ولوثيقة كينغ وافشلها وانتصر، سطر بدماء شهدائه اروع آيات البطولة في يوم الارض المجيد، الذي اصبح يوم عيد نضالي للشعب الفلسطيني كله وانتصر، قاوم سياسة التجهيل والعدمية القومية وافشلها وانتصر.
شعبنا سوف يلقن الاحزاب الصهيونية، وعملاءها العرب، درسا في 28 آذار عشية الذكرى الثلاثين ليوم الارض المجيد، ولن يسمح لهم بتزييف ارادته، وسوف يعطي ثقته لمن يستحق هذه الثقة، لاولئك، الذين قاوموا الطرد والحكم العسكري، ووثيقة كينغ، لأولئك الذين دافعوا عن شرف شعبهم وطبقتهم العاملة في أيار 1958، وفي الايام النضالية الأخرى.

(ام الفحم)

مريد فريد*
الجمعة 27/1/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع