نِتن يا هو

بدأ امس الاول "مؤتمر هرتسليا" الذي ينظمه المعهد للسياسة والاستراتيجية، اعماله بمشاركة مسؤولين سياسيين وعسكريين ومختصين في مختلف مجالات السياسة والاستراتيجية من رجالات الاكاديميا. وبما ان هذا المؤتمر يعقد في خضم المعركة الانتخابية البرلمانية للكنيست فانها مناسبة بالنسبة لقادة الاحزاب الصهيونية لاستغلال هذا المنبر لعرض بضاعتهم السياسية الاستراتيجية امام المؤتمرين والرأي العام الاسرائيلي على امل ان يساعدهم هذا في اصطياد مزيد من الاصوات لصالح  احزابهم.
امس الاول، مساء الاحد اعتلى منبر هذا المؤتمر رئيس حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، ليدلي بدلوه ويعرض بضاعة سياسة حزبه الاستراتيجية. من اول خطابه استهدف نتنياهو ازاحة التهمة عن ما تبقى من حزب الليكود بانه ليس حزبا يمينيا متطرفا بل هو حزب يمين المركز. وبديماغوغيته المعهودة اراد اثبات ان الليكود حزب يمين المركز من خلال برنامجه للتسوية السياسية المبني على "تنازلات اقليمية" في اطار تسوية الحل الدائم مع الفلسطينيين!! يقول نتنياهو في خطابه "ان التوصل الى اتفاقية سلام يلزم القيام بتنازلات من الطرفين، بما في ذلك تنازل عن مناطق من جانبنا"!! انه موقف معدّل لموقف ارض اسرائيل الكبرى، الذي مدلوله السياسي ليس الانسحاب من جميع المناطق المحتلة في السبعة والستين، بل من بعض اجزاء منها يعتبرها تنازلا من جانب المحتل الغاشم. ويواصل في خطابه طروحاته الديماغوغية اذ يقول "نكون مستعدين للقيام بتنازلات حقيقية. لا نعود للسيطرة على التجمعات الفلسطينية، ولا توجد لدينا نيّة لضم مناطق"!! وسريعا ما يطرد نتنياهو اوهام من يعتقد ان هذا الصقر اليميني تغيرت مواقفه من داعية لترسيخ اقدام الاحتلال والاستيطان الى داعية للسلام العادل الذي في مركزه انهاء الاحتلال الاسرائيلي والاقرار بحق الشعب الفلسطيني بالدولة والقدس والعودة. وسريعا ما يطرح نتنياهو في خطابه المذكور ترسيما لحدود التسوية الدائمة مع الفلسطينيين اذ يقول انه يعارض بشدة الانسحاب الى حدود السبعة والستين "فحدود اسرائيل يجب ان تشمل غور الاردن، صحراء يهودا، القدس وضواحيها، كتل الاستيطان، هضبة الجولان، والمستوطنات والاراضي  في غوش دان ومنطقة الساحل"!! هذا اضافة الى تحريك جدار الضم والعزل العنصري شرقا لضمان ضم اكبر عدد من المستوطنات الى  اسرائيل!! ولم يذكر نتنياهو لا من قريب ولا من بعيد قضية اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ولم نتفاجأ خاصة وان خطته السياسية الاستراتيجية للتسوية الدائمة وللحل الدائم مع الفلسطينيين لا تعدو كونها خطة لترسيخ اقدام الاحتلال الاستيطاني الاسرائيلي بضم غالبية اراضي الضفة الغربية المحتلة الى اسرائيل، خطة لابقاء بؤرة الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني تنزف دما. خطة لا تختلف جذريا عن خطة وسياسة حزب كاديما شارون – اولمرت – بيرس المعادية للتسوية السياسية العادلة والمتنكرة لثوابت الحقوق الوطنية الشرعية الفلسطينية غير القابلة للتصرف.
وما جاء في خطاب نتنياهو يعكس حقيقة ان حزب الليكود مثل حزب كاديما وحزب العمل لا يحمل  اي منهم في جعبة برنامجه الانتخابي اية بشائر بالجنوح نحو السلام العادل. فانت يا نتنياهو بسياستك الممارسة تبقى كما نعهدك نِتِن يا هو.
الثلاثاء 24/1/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع