ألمعمّص فَتّح

إستغليت عطلة يوم الجمعة وتوجهت الى بيت رفيقي وصديقي ابو حاتم الكوكاني لاشق عليه بعد خروجه سالما من عملية صعبة في المستشفى، كان بيته عامرا بالمعارف الذين جاؤوا لتهنئته بالسلامة. وخُرّاف الناس هذه الايام يدور بالاساس حول الانتخابات والهزات والعواصف والنطنطة الحاصلة على ساحة الاحزاب. "ابو سلمان" قال: انتخبتم في الجبهة قائمة رائعة ترفع الرأس، خسارة ان النائب عصام مخول لم ينجح فقد كان نائبا ناجحا، "وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم" الآن سيكون عنده وقت اكثر لتقوية حزبكم الذي نعتز به وبمواقفه. ابو عادل الخوري علق، وحدة الحزب والجبهة الضمانة لنصر مبين في الانتخابات. ابو احمد صالح القطشة ابن ريمة حلاوة القعدات بتعليقاته المدججة بصواريخ "من تحت الزنار" قال، لا خوف على الجبهة من الهزات، بعيوني الدّكش شايف نصرها القريب، شعبنا فتّح بطّل معمص العينين، اسمعوا شو صار مع "آمنة السعيد" ام فارس، مسخت "ابو حلاوة" بهدلة اخت شلّيته، عملت منه ممسحة. فابو حلاوة صديق المرحوم زوجها ابو فارس الذي فارق هذه الدنيا الفانية قبل حوالي العام تاركا لام فارس اعالة زغاليلها الستة ولم يترك لها اية ورثة تستر الحال، كان عاملا بسيطا، معاشه كان يا دوب يكفي توفير الخبز للعائلة، لولا مخصصات التأمين الوطني لاولاده لمد يده طالبا من عباد الرحمن "حسنة لوجه الله تعالى". بعد وفاته ولإعالة "جيش ابو تنورة" من ابنائها وبناتها الصغار نزلت ام فارس الى سوق العمل والشرف، تنظف بعض المكاتب والبنوك في القرية وفي قرى مجاورة. جاءها ابو حلاوة وهي منهمكة في معالاة طنجرة المجدرة على الغاز. سلم عليها وافترشت قافيته كرسيا كان بجانبها. وبعد الاسئلة التقليدية عن صحة العيال، قال ابو حلاوة، حرمتي عيانة وتهديك السلام، انا عارف ان وضعك صعب، قلت احصّل شيئا لاختي ام فارس يعينها على ستر اولادها، بشارة عندك، عيّنوني مسؤولا من حزب كاديما شارون الله يشفيه، عن بلدنا والقرى المجاورة، أجنّد لهم اصواتا وشيك المصاري مفتوح، المصاري معاهم حبطرش، بس أطلب وخذ، حصلت لك منهم دفعة اولى على الحساب الف شاقل، ولا نريد منك سوى وضع ورقتهم انت "وسناء" ابنتك في الصندوق يوم الانتخابات!! ويا قحبة مع مين علقت، تخنصرت ام فارس وصرخت في وجهه "يا ابن ذيبة، صحيح اننا فقراء ولكننا اغنى الناس بكرامتنا وشرفنا، المعمص فتّح وصار يعرف الحقيقة، بدك نعطي صوت ضميرنا لمن ذبح خالي في تل الزعتر. عشنا دائما ومن ايام ابو فارس بكد ذراعنا، قرشنا نظيف وحلال، بدك توسخنا يا من تدعي صداقتنا، من اليوم وطالع دوّر على غيرنا، باب الصداقة بيننا انغلق للابد"!
قلت ، "المعمّص فتح" ذكرني برواية رواها احد مشايخ بلدنا المهجرة من المسنين، فحسب ما رواه ان الثوار العرب من منطقة الجليل ضايقوا في بداية ثورة الستة والثلاثين قوات المستعمرين الانجليز والصهاينة وكبّدوهم خسائر فادحة، ولمواجهة الثورة لجأ المستعمرون الى ممارسة حيل ثعلبية لدق اسافين الفرقة بين شعب الثورة لطمس ابصاره عن رؤية عدوه الاساسي. ففي احد الايام افاق اهل البروة على دبّة صوت ناطور البلد ينادي "يا اهالي البلد، مجرمون اعتدوا على بلدنا وحرقوا مارس دار رضوان السكس اخوتنا من المسيحيين وقطعوا عشرين شجرة زيتون من كرم دار الكيال"! ردد هذا النداء في جميع حارات البلد، وعلى الحارك اجتمع مخاتير جميع العائلات وإمام البلد وخوريها للتداول في بيت احد الوجهاء. قال الامام الذي كان معروفا بتحزبه للثورة، يا جماعة كل حياة اهالي البروة يأكلون على طبق واحد في الافراح والاتراح، محراك الشر الذي ارتكب الجريمة لا يمكن ان يكون من بلدنا، ايدٍ غريبة تخطط لنشر البلبلة بيننا، زرع بذور الفتنة الطائفية والعائلية الغريبة عن تقاليد بلدنا، علينا كشف المجرمين ومعاقبتهم"، خوري البلد زبّط القلوسة على رأسه، وقال "المعمص مفتح في بلدنا يا مستعمرين ويا صهاينة، ما في سوق لسياستكم فرق تسد في بلدنا. ايدي الشر التي ارتكبت الجريمة كانت بتخطيط من المستعمرين، ثوار بلدنا والقرى المجاورة يقضّون مضاجعهم، اقترح اختيار اربعين شابا من قبضايات البلد، من كل العائلات، لحراسة ارض وحارات القرية، فالمجرمون، سيعاودون الكرّة بغزو البلد". وبدون طول سيرة، بعد خمسة ايام من الجريمة الاولى، تسلل الى البلد عشرة ملثمين، توزعوا الى فرقتين، ارادوا نسف الجامع والكنيسة، حراس الديار من قبضايات البروة امسكوا بهم، اشبعوهم ضربا، صادروا اسلحتهم من بواريد وقنابل، واتضح ان الانجليز والصهاينة جندوا مقابل المال هؤلاء الخونة لخدمة اهداف اعداء شعبهم. وفضحتهم البروة بين اهالي قراهم. واليوم نقول لخدام وسماسرة الاحزاب الصهيونية من بين عربنا، المعمص فتح من جماهيرنا، اخجلوا على دمكم وارتدعوا، وشتان ما بين صباح الوطنيين المنور وبين صباح المتواطئين خدام الصهيونية الاسود من شحار الزفت.

د. أحمد سعد
الأحد 22/1/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع