ستي بيكة، قلبها كبير!
3 خواطر..على هامش الانتخابات

* عن يسارية شارون و"عرب كديما" وستي بيكة* و.. رجاء خاص عشية البرايميرز في الجبهة: أعيدونا جائعين غانمين!*

أريك.. لا حزنا أو حسرة!

مات؟! لا أعلم، فالآن، وأنت تقرأ هذه المقالة بعد ساعات أو أكثر من كتابتها، قد يكون أرئيل شارون حيا أو ميتا. لا فرق. لدي على الأقل. تلك الجلطة تكفيني!
وأنا أتحدث- بالمناسبة- عن الجلطة الأولى. تلك التي لم تؤثر على رئيس الحكومة أكثر مما أثر القاء طن من المتفجرات على الجنرال الاسرائيلي الأول، دان حلوتس.
تلك الجلطة الأولى كانت بالنسبة لي البطاقة الصفراء! هذا ما أراده عزرائيل! أراد أن يقول لنا " انتبهوا! حطيت عيني ع الزلمي، فان أردتم محاكمته فالفترة وجيزة!"
ولكن، بدلا من القلق بأن هذا السفاح قد يغادر عالمنا قريبا، وقبل أن نلتقيه في هاج، كما وعدناه في تظاهراتنا الصاخبة- عشما بالقضاء الدولي العجوز المخصي الأدرد- بدلا من ذلك بدأت البشرية تهلل لرجل السلام هذا.. تهلل لهذا القائد، خفيف الدم!
يا سلام ؟!
أتكفي ممازحته لهذا الاعلامي أو ذاك، لهذا الدبلوماسي أو ذاك، لنتناسى عشرات ضحايا صبرا وشاتيلا ممن يحاولون مقاضاته عن جريمة قتل الألوف في هذين المخيمين. ماذا ستقول البشرية؟ بأنه لم يكفها ربع قرن لمقاضاته.
ثم، أينسينا عراكه مع مسخه الاستيطاني مسؤوليته هو عن خلق هذا المسخ ورعايته وتدليله!؟
شارون رجل سلام، لا ومش بس هيك، ويساري أيضا!
مسكينة تلك الثورة الفرنسية التي أفرزت هذا المصطلح لو تدرك كم هو مهان وهلامي في هذه البلاد. فهنا لا فلسفة متكاملة لليسار، لا موقف من "الاقتصاد الحر" ولا من القضايا الاجتماعية والسياسية الحارقة. يكفي أن يبتسم شارون لبقرة يحلبها عامل فلسطيني منتهكة كافة حقوقه في المزرعة اياها، ليصبح يساريا، حتى وان كانت بسمة مشغله هذه تؤازر البقرة "اخس، عربي قذر.. قلبي معكِ، بقرتي العزيزة!"
شارون رجل سلام، وخادم الحرمين الشريفين (شو اسمو؟!) يبعث برسالة عاجلة الى الأمم المتحدة يطالب فيها اسرائيل دولة وشعبا بالتفسير، لماذا نقل شارون الى مستشفى هداسا بدلا من سوروكا؟ ولماذا بالسيارة وليس بالطائرة؟ سيرغي ويزبد ذو الجلالة ويقول بأنه تقصير ومؤامرة من المتمردين ضد رئيس الحكومة الشقيقة، بهدف اغتياله واغتيال العملية السلمية معه ومعهما مبادرة الدول العربية!
ولكن الله سيشحّر حياة هذا الخادم. سيتصل به مبارك أكثر غضبا، "كيف تجرؤ على بعث هذه الرسالة قبلي؟!" وسيطالب مبارك بأن يمثل كتساف شخصيا أمام ديتليف ميليس للادلاء بافادته والاجابة "لماذا سمحتم له بمغادرة القدس الى المزرعة؟!"
وعلى ماذا كل هذه الهيصة؟ وما الذي يعفي للرجل عن ماضيه كله؟! أهي خطة الانفصال تلك عن قطاع غزة المحتل.
(بالمناسبة، ألا تذكركم هذه الخطة باعلان تجاري لأحد الأوقية المطاطية، جاء فيه بالعبرية وقد عجزت عن ترجمته لبلاغته"لَليخِتْ عِمْ، لِهَرجِيش بْلِي؟")
كنت أقول بأن تلك الخطة نابتة من قلب اليسار الاسرائيلي، و"هيك يسار بدو هيك خطة". ألم ترفع حركة "سلام الآن" اليسارية الفذة الشعار عميق الدلالات "عندما يكون الوضع خراء، يجب التفريغ ؟!" (البذاءة من المصدر والترجمة حرفية!) ، ألم يكن الجدار بطل الكامبين الاعلامي للحمامة الملتحية، عمرام متسناع؟!
وما الذي صنعه شارون أكثر من التفريغ ؟!.. فرّغ أرض اسرائيل الكاملة من قطاع غزة وملايين "العربوشيم" مستبدلا أيديولوجية "أرض اسرائيل الكاملة بـ"أرض اسرائيل اليهودية" مركوبا بهوس الديمغرافيا!
هذا ما صنعه شارون وهذا ما يصنعه عبر الجدار بتجاهل صلف للجانب الفلسطيني شعبا وقيادة، بتجاهل مجنون لمستقبل هذه المنطقة ومستقبل شعبيها، فان كان كل هذا "يسارية" فلتقم "سلام الآن" ولترشحه للحصول على جائزة نوبل للسلام، ربما على "جرأته الخرائية"!
عجبي!

**
عهربي أنا.. صوتي لي!

ستي بيكة، قلبها كبير! أكبر من قلب راب صفد، الذي أحرن عن التعبد من أجل سلامة شارون..
ستي بيكة، قرأت صحف نهاية هذا الأسبوع. فهي، رغم جيلها المتقدم، مثقفة.. مثقفة وبتعجبك. كيف لا، وما هي الا بطلة احدى مسرحيات الكاتب محمد علي طه، ومن عاشر القوم، انعدى!..
وقد توقفت ستي طويلا عند خبرين لا أعجب ولا أغرب، قرأتهما ولم تصدقهما ففركت عينيها وضربت رأسها لكن دون فائدة. العمى! اللي استحوا ماتوا !
فها هو نائب وزيرة المعارف "الدرزي القح"، مجلي وهبي وبعد تنكر طويل لقوميته والتصاقه الزائف بطائفته الكريمة، يعلن على الملأ "عربي أنا!!"
 فشو عدا ما بدا؟!
أي نعم، انها الحرب على الكرسي، فقد طالب "عرب كديما" بممثل لهم، مدعين أن وهبي"الدرزي" لا يمثل "العرب"، فامتلأ هذا غيرة على قوميته وبعث أخاه زائرأ بنبرة عكاظية عنترية "مجلي يمثل الوسط العربي شاء من شاء وأبى من أبى" وتسأل ستي بيكة، وما هي الخطوة القادمة، أيزور هذا "العربي القح" القائد "الدرزي القح" وليد جنبلاط ليؤكدا على شاشة "المستقبل" عروبة الدروز و..عربي أنا اخشيني؟!
ولكن هذا ليس كل شيء فرئيس بلد الشهداء أصبح معلّما للوطنية ويوجه الانتقادات اللاذعة للجنة المتابعة آخذا عليها ميوعتها بطرح الموقف بجرأة ووضوح، ولما قرأت ستي هذا الخبر، جن جنونها، باقى براسها توالي عقل وطرن، وراحت تبحث عن رقم هاتفه ودارت بينهما هذه المكالمة:
- هالوووا، كيفك يا ستي كيف بلد الشهدا..
- بدنا سلامتك يا ستي..
- عشت، يما.. يا حبيبي يما.. شوف يا روحي أنا اتصلت أهنيك ع دمك الحامي وحسك الوطني.
- العفو يا ستي..
- والله يما بعد ما قريت تصريحاتك اتأكدت انو بعد بالدنيا خير.. الله يوفقك يما..
- شكرا يما (قال وقد انتفخ رأسه)
- يالله يما.. خليتك بالعافية..
- سلامات يا حجة..
- أي..اي..آلو..ع فطنة يا ستي.. قبل ما أنسى.. شو صار بمشاوراتك، قررت والا بعد؟
- بخصوص شو؟
- عزا.. مش بقولو انك بتفكر تواصل نضالك بحزب شارون يا ستي..
صمت الرئيس، فواصلت ستي بيكة دعاءها المشهور:
"وان صوتت للعمل، تقضي حياتك بلا أمل..
وان صوتت لليكود يفك رقبتك الرب المعبود..
وان صوتت للمفدال ريتو يصيبك الفتال..
وان صوتت لشاس تقضي حياتك بلا لباس.."
**

أرجوكم: اعيدونا جائعين غانمين!

قال بعض الرفاق: نذهب. رد بعض آخر: لكن لا عمل لنا ولا حق بالتصويت.
أخذ وعطاء تكلل بذهاب فرع الشبيبة لحضور الانتخابات التمهيدية لقائمة الجبهة. كان ذلك عشية الانتخابات، عام 1999.
تغيبنا عن المدرسة وذهبنا.. كانت القاعة مكتظة. بعضنا لم يجد مقاعدا للجلوس وكنت من هذا البعض دون أدرك هول الكارثة الا ساعة الغداء. اكتشفت أن لا وجبة لي!
وبعد تفكير عميق بمخرج من هذه الورطة وبشيء تعض عليه عصافير بطني فتغلق مناقيرها، همست بأذن أحد الرفاق، بجدية وحزم: سآكل وجبة محمد نفاع!.
وشرحت مسهبا "أبو هشام صار منافس ع أربع مقاعد ومزبطتش معو.. أكيد نفسه مسدوده وقماره معمية" وبدأت بالسير نحو طاولة أبي هشام وخلفي الرفيق، فاذا بأبي هشام يلتهم وجبته بشهية منقطعة النظير..
التهم الوجبة اذن ومعها أملي لتستشرس عصافير بطني فعدت في المساء حانقا على هذا الرجل "الأكّيل"! ولم أحتمل حشرها، فسألت أحد الرفاق الكبار من أين استورد أبو هشام كل تلك الشهية، فأجابني بكلمتين اثنتين عن هذا الرجل قائلا بأنه:
- شيوعي عنيد! 
وفهمت بأنه أكبر من أن تهزه المناصب فكبر في عيني!
وليعتبر الرفاق المنافسون، وليقبلوا رجائي: أعيدونا جائعين غانمين!
رجاء!

أمجد شبيطة
الأثنين 9/1/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع