ألتنظيم الحزبي من أهم عناصر نجاحنا في الانتخابات

لا أصبو ولا أطمح الى أي منصب حزبي او تمثيلي، فقد القى عليّ الحزب من هذه المسؤوليات الكثير، وقد يكون هذا الوضع عاملا مساعدا لي للتحرر من أي رأي مسبق، ويبقى طموحي ان اظل رفيقا قادرا على العطاء، رأيت حاجة للبدء بهذه الكلمات لاطرح قناعاتي.
لا نستهين بصعوبة هذه المعركة بالذات لاسباب تكرر ذكرها في تحليلنا للوضع من مواجهة احزاب الحكم التي هي العدو الطبقي والفكري والسياسي، وكيفية التعامل مع المنافس، وضرورة رفع نسبة التصويت لدى الجماهير العربية، واهمية تركيب المعادلة الصحيحة لرؤيتنا القطرية دون تناقض مع مسؤولية حزبنا وجبهتنا تجاه الجماهير العربية، وهذا يتطلب آلية واستعدادا واعدادا في منتهى المسؤولية، واتخاذ موقف واضح من كافة الاشكالات التي تواجهنا في الحزب والجبهة، وفي طليعتها اهمية واحترام التنظيم الحزبي. فالتنظيم الحزبي ليس دخيلا علينا، بل ان الابتعاد عنه هو الدخيل، ولنسأل السؤال: هل التزامنا نحن الشيوعيين بأسس التنظيم ومبادئه حتى الاولية منها هو مناقض ومناهض لجبهتنا؟؟ العكس هو الصحيح، وكم سمعنا من كل الجبهويين غير الحزبيين عن تقديرهم واحترامهم واعتزازهم بقوة التنظيم الحزبي في الماضي الذي عاد بالفائدة على كل مسيرتنا النضالية واود ان احصر نقاشي مع انفسنا نحن اعضاء الحزب من رفيقات ورفاق، فلماذا علينا ان نهمش ونضعف هذا الاساس التنظيمي وكأن ذلك لمصلحة الجبهة!! عندما يطرح موضوع للنقاش في اوسع اطار حزبي، في المكتب السياسي واللجنة المركزية ومجلس الحزب العام وحتى المؤتمر ويقر القرار احيانا بالاجماع واحيانا بغالبية ساحقة او غير ساحقة وطبعا بعد ان يعطى للرفيق كل ما هو مطلوب من وقت وامكانية لطرح رأيه ويؤخذ القرار فأي سبب يبقى لعدم التقيّد به؟ وما هو البديل التنظيمي والى اين يصل بنا المطاف؟ وهذا ايضا مع الرفض التام لاتخاذ موقف مسبق من أي رفيق مهما كان رأيه في اطار هيئته، والرفض الكلي المطلق للاعتماد على الاشاعات السابحة هنا وهناك، وعدم تأبط الحزب وكأنه ملكية خاصة لهذا الرفيق او ذاك وعدم اشعار الرفيق بالغربة في بيته الحزبي وعدم طرح أي موضوع يتعلق به الا في حضوره وفي مواجهته الرفاقية بمنتهى المسؤولية والموضوعية. ويبدو انني سأظل عند سوء ظن البعض بسبب موقفي في هذه القضية او تلك، لكن ما يهمني ان اظل عند حسن ظن فكر وتنظيم الحزب الذي اتشرف بالانتماء اليه، واملي وطيد باننا جميعا وبدون أي استثناء نكون كذلك.
أي شرف حزبي لنا عندما يجري الفصل بين امين عام الحزب من جهة وبين الحزب وقرار الحزب من جهة اخرى؟ هذه اهانة فظيعة لكل اعضاء الحزب وكأننا مجارير ومجرورات لهذا الرفيق المسؤول او ذاك!! من يخدم هذا الامر!! أليست هذه ضربة واستهتارًا بكل تنظيمنا!! من حق الرفيق ان يلاحظ للرفيق بل من واجبه، على خطأ او تعبير غير موفق برأيه، لكن لماذا في الصحف؟ لماذا خارج الاطار؟
ولماذا بدون مساءلة الرفيق وحتى انتقاده؟
ولماذا هذا التربص بدل المساعدة ولفت الانتباه!!
وكيف يجري الشيء ونقيضه وكله تحت يافطة وفي خانة الدفاع عن الحزب!! لمن يوجد الحق ولمن توجد المصداقية للطلب من عضو الحزب الا يلتزم بالتنظيم والقرار!!
احيانا نطرح الامر بهذا الشكل: في ظروف طبيعية وعادية كان يجب ان نتصرف كما كنا في السابق، ونذرف الدموع على ذاك السابق والماضي، ولكننا نحن بأيدينا ومسلكنا جعلنا من العادي غير عادي ومن الطبيعي غير طبيعي ونحن مستمرون في ذلك، فكيف نبكي على التنظيم وننهش فيه، وكيف نتباكى على الماضي ونتنكر له!! يلاحظ لي احيانا عدد من الرفاق انني "توفيقي" وكأن التقاطب هنا بين الاشتراكية والرأسمالية، بين حلف وارسو والاطلسي ناسين اننا في متراس واحد وحزب واحد وجبهة واحدة وعلى قدم المساواة. هذا مع العلم اني ارى التأتأة في الفكر والتنظيم من اخطر الاخطار خاصة في التنظيم لان فهمه اسهل بكثير والاجتهاد فيه يجب ان يكون قليلا وحتى معدوما. تنظيمنا واضح جدا، والمركزية الدمقراطية واضحة واساسية، وواجب الاكثرية والاقلية مفهوم والطاعة الصادرة عن وعي قمة التنظيم والانتقاد والانتقاد الذاتي قيمة تنظيمية واخلاقية واجتماعية سامية، هنا لا يوجد مجال للتلاعب. لكن هل القطيعة التامة مع الرفيق الذي لك نقاش معه هي قمة من قمم الثورية!! هل عقد حلقات ودواوين اللوم والتحريض والتربص ونصب الشباك وحفر المطبات هي اخلاق ثورية واجتماعية!! اليست الاستقامة والجرأة والشجاعة من اسس تنظيمنا ومن اخلاقيات وقيم المجتمع ككل؟ من حق كل رفيقة ورفيق في الحزب والجبهة وبحسب الدستور ان يترشح في المكان الاول حتى المئة والعشرين، لكن لماذا هذا الدفع الانتقائي!! وتقسيم الامكنة المقرف الممجوج الذي يتعارض مع امميتنا وانتمائنا؟ ويضرب سويداء خصوصيتنا الاممية والطبقية والفكرية خاصة ونحن نطرح انفسنا وبحق بديلا لكل نظام العفن الرأسمالي؟ انا امقت الدعاية الانتخابية داخلنا، ولا احب التعاطي معها لكن يبدو انني والكثيرين غيري لا نزال بدائيين وموادّ خاما في هذا المضمار. والامل ان نعود لنكون كتلة واحدة وقوة واحدة وحزبا واحدا وجبهة واحدة تماما كما انشأنا وربانا هذا الحزب الاصيل والذي حافظ على وجوده ويحافظ فقط بالاعتماد على هذه الاسس دون ان يصبح الدخيل هو النمط والمثل السائر والسائد. وبرأيي المتواضع ان هذا هو عنصر نجاحنا، هنا تكمن المسؤولية، هنا تكمن "النحن" وهذا هو اساس الثقة التي اعطانا اياها الجمهور الواسع والتي يجب ان تتسع من العرب واليهود.
نتوجه الى الانتخابات بثقة مسؤولة، وممهورة بالنشاط، نتوجه بهدف رفع وتعزيز مكانة ودور وتنظيم الحزب ونصرة الجبهة وزيادة تمثيلها، هذه هي القضية الجوهرية التي هي منطلقنا النضالي من اجل قيم السلام العادل والدمقراطية والمساواة وبما يخدم هدفنا كحزب شيوعي من اجل الاشتراكية، قد يكون هذا هو رأي الجميع بيننا، وعلى الاقل هذا يجب ان يكون موقفنا جميعا.
 ونعتز ان لرفاقنا في الكنيست في قيادة الحزب والجبهة  الدور المرموق والنشاط المثابر الذي يجب استثماره وبمصداقية جدية لزيادة قوتنا وتمثيلنا، قواعد وفروع الحزب والجبهة هي اعلى هيئة، منها تنبثق كل المؤتمرات والهيئات المركزية، وعلينا جميعا ان نخلق لها الجو والظروف والامكانيات لتقوم بدورها الهائل والحاسم، كما عودتنا دائما.
في الفترة الاخيرة جرى عندنا توسيع الاطار الحزبي الذي يبحث في امر تشكيل قائمتنا لانتخابات الكنيست، في السابق كان الامر محصورا الى حد ما في المكتب السياسي ثم في اللجنة المركزية، والآن في مجلس الحزب العام الذي يبلغ عدد اعضائه اضعاف اضعاف عدد اعضاء اللجنة المركزية، الا يكفي هذا لان يعبر هذا الاطار الواسع عن رأي وموقف كل رفاق الحزب؟ خاصة وان اعضاءه ينتخبون انتخابا في فروع الحزب؟ والهدف هو اشراك عدد اكبر واشمل في اتخاذ القرار، ويبدو لي ان لا معنى الآن وفي هذه الحالة على الاقل للقول ان اقلية هي التي تتخذ القرار، واقول صراحة انني احاول ذهنيا تفهم التعددية والرأي والرأي الآخر وحق الاقلية فلا استطيع قبولها لانها جزء من الانفتاح التنظيمي الذي هو آفة التنظيم الحزبي ويتناقض معه.
ان معركة الانتخابات وخطابنا فيها وبرنامجنا وشكل ذهابنا يجب ان تساهم في تعزيز قوة الحزب الشيوعي وليس العكس، وهذا لا يمكن ان يتناقض ابدا مع دور وصلاحية ومكانة واحترام رفاقنا في الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة، ولا مع دور الجبهة كاطار. لا احد يطالب بالحدّ من صلاحية مجلس الجبهة في موضوع الانتخابات، ولكن لماذا هذه المطالبة بالحدّ من سريان مفعول وتنفيذ دستور الحزب على كافة رفاقه وهو الامر الطبيعي والدارج والمألوف والمجرب على الاقل منذ وضع لينين الاسس التنظيمية لحزب من نوع جديد في كتابه الهام "ما العمل" والذي يعني ما العمل من اجل الوصول الى النظام الاشتراكي وتحقيق النصر للثورة؟ ولماذا عندنا بالذات والآن بالذات وفي فترة العودة الى التنظيم الحزبي لدى عشرات الاحزاب الشيوعية نواجه رأيا يطالب بتخطي هذا التنظيم؟ فماذا يكون مصير اممية حزبنا، وماذا يبقى من ثوريته خاصة اذا عرفنا ان الفكر الثوري لا يلائمه الا التنظيم الثوري!! صحيح اننا لا نطرح قضية الاشتراكية في برنامج الانتخابات،  ولكن هل من متطلبات المعركة الانتخابية الانتقال من قوة التنظيم الىهلهلة هذا التنظيم واضعافه وتهميشه حتى اضمحلاله!! هذه المعركة اذا ستكون خاسرة جدا في المدى البعيد وحتى القريب نسبيا.
التنظيم الحزبي ليس عدوا للرفيق بل هو سلاح له، ليس مناقضا لصلاحيات الاطر الجبهوية، بل هو جزء منها، وجزء هام ونشيط او هكذا يجب ان يكون. ان الامر يبدو وكأن القضية الجوهرية تنحصر فقط في آلية تشكيل قوائم الانتخابات مع العلم ان القضية الجوهرية هي الدور النضالي للجبهة في مختلف المجالات. نقاط الالتقاء بين الحزب والجبهة في مختلف القضايا والتقديرات السياسية وليس فقط السياسية تكاد تكون تامة وكاملة هذا هو الامر الاساس، فلماذا وصلنا الى وضع ان تشكيل قائمة الجبهة هو القضية الجوهرية التي تواجهنا!! طبعا دون الاستهانة ابدا بهذا الجانب!! ان الحوار والنقاش ليس من غير الحزبيين بالاساس، بل ان النقاش حول التنظيم الحزبي هو بطبيعة الحال مع رفاق الحزب فهذا شأن حزبي داخلي، مع الامل الوطيد طبعا بان الشركاء في الجبهة يتمنون كل خير للحزب كحزب شيوعي اممي عريق وحاجة كفاحية موضوعية، فهكذا كان الامر على الدوام وهكذا سيكون، ولا يوجد أي سبب واي مبرر جماعي لغير ذلك، لا يمكن ان يكون التنظيم الحزبي عائقا امام طموح وحق أي رفيق، ولا يمكن ان يكون طموح أي رفيق يقوم على اساس ادخال وعكة في التنظيم، فهذا ليس لمصلحة الرفيق اولا وقبل كل شيء. فالمصلحة الاساسية للرفيق هي مصلحة الحزب بشكل عام لهذا دخل ونشط في صفوف الحزب بقناعة وعطاء مشرف.
ان مسؤوليتنا الشخصية والجماعية في الحزب والجبهة قادرة وكفيلة بتذليل كافة الصعوبات التي تواجهنا والانطلاق للنشاط بهمة ووعي هذا هو المطلوب، هذا هو الامتحان، وعلينا ان ننجح وبامتياز في هذا الامتحان.

محمد نفاع *
الجمعة 6/1/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع