ألفساد ضارب أطنابه

ألعلاقة بين الرأسمال والسلطة من الدلائل البارزة للفساد الضارب أطنابه في هذه البلاد. فهذه العلاقة الجدلية بين الرأسمال والسلطة مبنية على قواعد خدمة المصالح المشتركة لكلا الطرفين بطرق فاسدة وغير شرعية، فالرأسمالي يقدم الرشوة والدعم المادي لهذا الرجل السلطوي، او ذاك، لهذا المتنافس على منصب سياسي او ذاك، ليس حسنة لوجه الله تعالى، بل من اجل توفير المقابل، خلق الظروف الجيدة لدفع عجلة مصالحه الاقتصادية وجني الارباح الطائلة التي تفوق مرات ومرات قيمة الرشوة التي قدمها لهذا السياسي او ذاك.
"السمكة تتعفن من رأسها" كما يقول المثل، ورموز السلطة في بلادنا، من رئيس الحكومة ارئيل شارون الى العديد من وزراء الحكومة الى نواب كنيست من الليكود وغيره، متورطون بعفونة الفساد والرشوة، فأمس الاول اعلنت الشرطة من خلال وثيقة رسمية قدمتها الى المحكمة ان لديها بيّنات ومعطيات تشير باصبع الادانة الى عائلة رئيس الحكومة شارون، وبأن الملياردير مارتين شلاف قدم لعائلة شارون مبلغ ثلاثة ملايين دولار في العام التسعة والتسعين لتمويل معركة شارون على رئاسة حزب الليكود ومرشحه لرئاسة الحكومة في الانتخابات التمهيدية (البرايمرز) في الليكود، وان الملياردير شلاف واخوته ارادوا مقابل تقديم هذا "الدعم" لشارون فتح مصالح اقتصادية لهم.
وعادت تبرز معالم الفساد داخل ما تبقّى من حزب الليكود، عادت تبرز الرشى وشراء الذمم في معركة الانتخابات التمهيدية لانتخاب مرشحي الحزب لانتخابات الكنيست. فأمس نشرت وسائل الاعلام المكتوبة بعضا من معطيات الفساد وتقديم الرشوة من قبل اصحاب "الجيوب المنفوخة نقدًا" لضمان نجاحهم في الانتخابات التمهيدية، فاصحاب الملايين من الفئات الغنية هم اصحاب الحظ الاوفر بالنجاح في القوائم المنطقية لحزب الليكود. فعلى سبيل المثال، لا الحصر، صاحب المطاعم المعروف روني شتيرن يدفع لاعضاء مركز الليكود حتى يضمن تأييدهم. وحسب ما نشرته صحيفة "يديعوت احرونوت" امس الاربعاء، فناشطة مركزية في حزب الليكود تصرح "انا اجند لروني شتيرن اعضاء من مركز الليكود، هو دفع عني فاتورة الكهرباء، انا اساعد هذا الانسان الذي ساعدني وقت الشدة". عضو كنيست من الليكود يصرح "شخصيات تشتري جمهورا بأكمله، انا لا اعرف مرشحا جند لدعمه عشرين ناشطا باجر شهري يبلغ تسعة آلاف شاقل لكل واحد، يدفع لهم نقدا مقابل تجنيد ناخبين"!! والامثلة كثيرة تفضح الطابع والمدلول الحقيقي للدمقراطية الممارسة من خلال البرايمرز في الليكود وغيره من الاحزاب الصهيونية. فيكفي ان تكون غنيا وقادرا على شراء الذمم حتى تصل الى الكنيست ولا حاجة للمواصفات الاخرى مثل الكفاءات ما دام الرأسمال هو سيد الاحكام!! ولهذا، ليس من وليد الصدفة انتشار مظاهر الفساد في مؤسسات السلطة المتعفنة، التنفيذية والتشريعية، فجدلية العلاقة بين السلطة والرأسمال لا تخدم في نهاية المطاف المصالح الحقيقية للجماهير الواسعة بل تخدم مصالح فئوية طبقية محددة لأرباب الرأسمال.
الخميس 5/1/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع