حتى أنت يا بيلين؟!

في تحديد موقفنا من الاحزاب والتيارات الصهيونية القائمة في بلادنا لم نضيع البوصلة يوما. فانطلاقا من مصلحة القضايا المطروحة على اجندتنا الكفاحية، قضايا معاركنا النضالية من اجل المساواة التامة والسلام العادل والعدالة الاجتماعية نحدد بالعين الفاحصة الفوارق القائمة، حتى لو لم تكن جوهرية، بين الاحزاب الصهيونية، بين مواقفها السياسية والاقتصادية الاجتماعية، ليس بهدف بلورة بحث وتقرير اكاديمي، بل بهدف تجنيد حلفاء كفاح حول قضايا عينية تتعلق بالقضايا المطروحة على جدولنا الكفاحي. نفرق بين مواقف احزاب اليمين المتطرف والفاشية العنصرية من ايتام ارض اسرائيل الكبرى امثال هئيحود هلئومي ويسرائيل بيتينو والمفدال وعصابات "كهانا حاي" وبين حزب العمل رغم ان مصائب جماهيرنا العربية، من مصادرة اراض الى مجازر دموية عديدة، وقعت على رؤوسنا ايام حكومات حزب العمل. نفرق بين حزب الليكود اليميني والمنشق عنه، المجمع التجاري ( السوبرماركت) لحزب كاديما شارون وبين حزب ميرتس- ياحد الذي نلتقي واياه احيانا في كفاحات مشتركة ضد الاستيطان وفي قضايا تتعلق بنضال الجماهير العربية ضد مظالم وجرائم سلطوية. ولكن الى جانب فرز الفوارق، حتى لو كانت هامشية بين مختلف الاحزاب والتيارات الصهيونية، فانه لا تغيب عن وعينا وادراكنا حقيقة وجود قواسم مشتركة ايضا بين مختلف الوان الطيف الصهيوني.
ففي الموقف من القضية القومية الوطنية للشعب العربي الفلسطيني وللاقلية القومية العربية الفلسطينية في اسرائيل يوجد قاسم مشترك بين مختلف الاحزاب الصهيونية المعدودة على اليمين وعلى اليسار الصهيوني. ويتجسد هذا القاسم المشترك بالعمل على الانتقاص من الحقوق القومية الشرعية لشعبنا ولمواطنينا. صحيح انه تتفاوت المواقف بين هذه الاحزاب وتتأرجح بين احزاب صهيونية تعلن عن تنكرها المطلق للحقوق القومية الوطنية لشعبنا ولحق مواطنينا بالمواطنة الكاملة وبالمساواة القومية والمدنية، وبين احزاب تنتقص من ثوابت هذه الحقوق القومية. لا يوجد أي حزب صهيوني مستعد لدفع الثمن المطلوب لانجاز التسوية العادلة للقضية الفلسطينية او الاقرار بالحقوق الجماعية القومية بصفتنا اقلية قومية وليس مجرد طوائف تفتش عن حقوق مدنية فقط. ولوجود هذا القاسم المشترك فإن حزب ميرتس- ياحد المعدود على قوى اليسار الصهيوني وعلى قوى السلام الاسرائيلية مستعد للتعايش وان ينضوي تحت مظلة حكومة ائتلافية برئاسة جنرال المجازر والاستيطان، ارئيل شارون. وهذا ما صرح به رئيس الحزب ومن المبادرين لوثيقة جنيف، الوزير السابق يوسي بيلين.
ففي حديثه للاذاعة الاسرائيلية العامة باللغة العبرية اكد بيلين انه لا يستبعد ان ينضم حزب ميرتس- ياحد الى حكومة برئاسة شارون بعد الانتخابات القادمة، وانه لا يشترط على شارون وحزبه مبادئ ميرتس- ياحد، شرطه الاساسي "اذابة الجمود السياسي ومحاربة الفقر بشكل حقيقي". وسؤالنا لبيلين كيف يمكن اذابة الجمود وفي وقت يطرح فيه شارون وحزب كديما في برنامجهما الانتخابي الممارس على الارض رسم الحدود مع الفلسطينيين بواسطة جدار الضم والعزل العنصري والذي بموجبه يجري ضم القدس الشرقية المحتلة وكتل الاستيطان وحوالي نصف مساحة اراضي الضفة الغربية الى اسرائيل؟
لقد وجد بيلين القاسم المشترك بين موقف حزبه المتجسد في وثيقة جنيف، الذي يهلّل له يوميا وفي عدة مرات بأنه يضمن ضم الكتل الاستيطانية الى اسرائيل والذي يتوافق وبرنامج شارون لضم القدس وكتل الاستيطان الى اسرائيل. وعمليا تأتأة ميرتس- ياحد وتبنيه بعض المواقف المفصلية لقوى اليمين، لحزب شارون كاديما وغيره جعلته يتقزّم كمّا ونوعا على الساحة السياسية ويخفض دوره ومكانه على ساحة الكفاح السياسي- الجماهيري. والاذدناب وراء شارون لا نعلم ماذا سيبقى من ميرتس- ياحد بعد الانتخابات البرلمانية القريبة.
الأربعاء 28/12/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع