من مفارقات الاحتلال
جرائم "كديما" الانتخابية

هزيمة الجيش الاسرائيلي وقادته من غزة ليست هدية من احد. وليست لطفًا من قادة جيش الاحتلال. ولا هي من ضغط احد قادة العروبة لا سمح الله. فكلهم ساجدون للبيت الابيض ولزعيم تل ابيب. بل الهزيمة عصارة تضحيات جسيمة من هذا الشعب الذي اصبح بصبره وصموده وتضحياته اسطورة العصر. فقد تمرغ اطفال ونساء وشيوخ هذا الشعب في المهانة والمرارة والذل والتقتيل والتصفيات والحصار الجماعي ما يفوق طاقة البشر. فمثلا مخيم النيرب في سوريا يبلغ عدد سكانه ستين الفا ولا يوجد فيه انسان فيه بصحة جيدة بل كلهم مرضى بالازمة الصدرية من رطوبة البيوت. فمنذ النكبة يعيش سكان هذا المخيم في بيوت طينية السقف والحيطان والارضية ولا يعرفون الاسمنت.
يعيشون حياة الأنعام وليس حياة البشر. وهذه الصورة تنسحب تقريبا على كل المخيمات في الشتات. الفضائيات العربية ووسائل الاعلام المسموعة والمقروءة في كافة اقطار الوطن تتغنى بالدمقراطية البوشية والشارونية في السر وبعضها في العلن. وتكثف منتدياتها للتدارس في محاربة الارهاب الاسلامي حسب الاوامر الصادرة من فوق. حتى اصبح العربي في بلاد الغربة اينما وجد هو الوحيد الباكي والمطارد والسجين. روتانات وهاشميات وخليجيات ومستقبلات الوطن ترقص بسيوفها اللماعة دائما وابدا صباح مساء. لا يوجد هناك هم ولا شتات لمن ينتمي الى امة العرب، ينهزم جيش الاحتلال من  غزة رغم كل ذلك. وغزة لا تعدو مساحتها اكبر من أي جزيرة منسية في أي بحر. ينهزم جنرالات الهايتك وتقنياتهم التي يباهون بها العالم اجمع. يئس الجنود وقادتهم ولم يصدقوا ما تراه اعينهم من جبروت وصمود وصبر هذا الانسان البسيط.
ينشده من تمالك الفلسطيني الذي بالكاد يملك قوت ابناءه. هزم هذا الجيش الذي لا يقهر من الغزي الذي لا يكاد يملك البندقية. ومع كل تواضع وبساطة هذا الفلسطيني فقد اجبر رئيس اكبر دولة من ناحية عسكرية في الشرق الاوسط. واكبر رجل مجرم حرب من الشعب اليهودي في العصر الحاضر. اجبره ان يعترف وعلى رؤوس الاشهاد بانه عجز عن بناء دولة اسرائيل الكبرى ببقائه في غزة. وما ان انجز هروبه حتى اخذ يفتش عن مسرحية جديدة يلهي بها نفسه وجنرالاته ولبس الذئب جلد حمل بري، رغم كل ماضيه المخضب بالدماء. ويصدق العالم الاكذوبة ولا سيما بعض انظمة العرب بعضهم بالسر وبعضهم بالعلن. ولكن الرئيس حسني مبارك يربح قصب السبق باعلانه وتأييده لشارون وحزبه الجديد لانه الوحيد القادر على صنع السلام مع الفلسطينيين بعد كل روافد الدماء. فما كان من جنرال المجازر الا ان يعلن عن ولادة حزب جديد بحجة قبح من ذنب. ويجر الثعلب ذيله (بيرس) وراء شارون طمعا في الكراسي. وتنهار بقية الجوقة الليكودية كالمسبحة المقطوعة ويعلن الجنرال عن المولود كديما. ويهندس الجنرال المعاني والخطط مع كديما الجديد. وكديما معناها الى لبنان ثانية لتنظيفه من حزب الله ووضع اليد على مقدراته من جديد. وما تفجير الحريري الا اول الغيث. وما ميليس الا السفير الاول على الطريق. وكديما معناها بشار الاسد والوصول الى ايران والعراق لان الهضبة أكل الدهر عليها وشرب. وما لهاث رايس في دول العالم الا مقدمة لساعة الصفر.
وكديما معناها مشاركة بوش وبلير بما يجري في بلاد الرافدين من مخاز يندى لها جبين الحضارة الانسانية وكديما معناها الى ايران.
هذه مواصفات المولود الجديد الظاهرة يا مبارك الدمقراطي التي امتازت انتخاباتك بالدمقراطية تحت صليات الرصاص.
واما كديما الجديد تجاه غزة ثانية معناها التصفيات في الشوارع بالجملة بمن فيهم الابرياء من كل الاجيال، وكديما معناها غربلة بيوت جميع مدن الضفة وقراها والقبض على اكبر عدد ممكن حتى لا تشترك حماس والجهاد الاسلامي في الانتخابات وكأن موفاز شارون هما المسؤولان عن الشعب الفلسطيني وانتخاباته. وكديما معناها ترديد بوش وزمرته وقراءة افكار شارون كالببغاء وموافقته عليها بعيون مغلقة. وكديما معناها عدم مغادرة طائرات موفاز وحالوتس سماء غزة ولو للحظة بصواريخها الموجهة، وما الجرائم السابقة والحالية والمستقبلية وكديما الجديدة الا دعايات انتخابية للوصول الى الكراسي. اما دماء الشعوب فلا قيمة لها في قوانين كديما.

(شفاعمرو)

عبد الاله سمنية *
الخميس 22/12/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع