أمر الساعة!

يؤكد الواقع القائم والملموس في الدولة وفي المجالات كافة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، انه نتيجة مباشرة وحتمية لنهج مجموعة من الاشخاص، تصر على تنفيذه، رغم ما تولد عنه من كوارث ومصائب، والكارثة الاولى في اعتقادي، التي تتولد عنها باقي الكوارث، هي انعدام السلام الحقيقي والإصرار على مواصلة الاحتلال مع كل ما يتطلبه ذلك، غير آبهين، في كل الاحزاب السلطوية، لما ينجم عن ذلك، من مصائب وكوارث، في المجالات كافة. ولقد حاولت وعملت اسرائيل على مدى عشرات السنين، وتحاول وتعمل مستندة على ترسانتها العسكرية التقليدية والنووية، ومتكئة على سيدها وراء المحيط، تحطيم ارادة ورغبة الشعب الفلسطيني ليكون حرا وله دولته المستقلة الى جانب اسرائيل، وعاصمتها القدس الشرقية، رافضة استيعاب وتذويت الحقيقة، انه مهما تمادى الاحتلال وفظائعه ليس بإمكانه منع مما ليس منه بد،  وهو تحرر الشعب الفلسطيني من الاحتلال وبالتالي تحرر الشعب الاسرائيلي نفسه، من كوارث وجرائم الاحتلال، ويرفضون تذويت الحقيقة ان ممارسات الاحتلال الوحشية، هي بمثابة بوميرانغ يضر بإسرائيل نفسها وفي المجالات كافة، فإلى متى سيتواصل ذلك؟
هناك لعبة رفع الاثقال والغوص في مياه البحر، ومعروف ان من لا يقدّر حجم نفسه الفعلي وقدرته على التنافس، سيغرق ويعرّض حياته للخطر ولن يحصل على نقاط كثيرة وسيفشل. وإصرار اسرائيل من خلال قادتها، على حمل اثقال الاحتلال ومتطلباته والغوص في اوحال مستنقعاته مع كل ما يترتب عن ذلك، لن يجلب الا الكوارث والمآسي والعداوات والاحقاد، ففي صالح من ذلك؟ ولماذا الاصرار على ذلك؟ ومن الذي باستطاعته منع ذلك ووضع حد نهائي لكل ما ينجم عنه من كوارث؟
يكثر في هذه الايام، وسيكثر في الايام القادمة، الحديث عن السلام والتشدق بحب السلام والرغبة في انجازه وتحقيقه، خاصة ان البلاد تعيش في اجواء الانتخابات وفيها يكثر الخداع والكذب والتضليل خاصة من الاحزاب السلطوية.
ان السلام كلمة تعني اولا وقبل كل شيء، طمأنينة العيش وعدم القلق على الحياة، وحسن الجوار والتعاون الانساني، من اجل زرع وترسيخ وتعميق المحبة بين الناس والتفاهم ورؤية المشترك والاحترام المتبادل، وتنمية وتعميق نزعات الخير والنوايا الطيبة والمفاهيم الجمالية، فهل ذلك ما يسعى اليه حكام اسرائيل فعلا ومن كافة الاحزاب السلطوية؟ وما هو المطلوب لكي يذوت حكام اسرائيل والشعب الاسرائيلي نفسه، الحقيقة المتجسدة في ان التمسك بافكار ومفاهيم واهداف صهيونية اكل عليها الدهر وشرب، لن يجلب السلام الحقيقي ولن يضمن الأمن والاستقرار والهدوء والطمأنينة! وما هو المطلوب لكي يذوتوا الحقيقة المتجسدة في انه طالما ظل الشعب الفلسطيني داخل حصار ويرزح تحت الاحتلال وحريته مقيدة ولم ينل استقلاله الحقيقي، فان السلام هو ايضا مقيد بشدة ومحاصر ورفاهية الشعبين مقيدة ومحاصرة! وما هو المطلوب لكي يستخلصوا العبر من فشل القبضة الحديدية على مدى عشرات السنين في اخضاع الشعب الفلسطيني ومنعه من المقاومة والنضال لكنس الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال والعيش بأمن وأمان وسلام؟ ما هو المطلوب لكي يذوتوا الحقيقة المتجسدة في ان ارهاب وبطش وعربدات وافكار وممارسات الاحتلال لن توقف عقارب ساعة قرب زوال الاحتلال؟
يدعي حكام اسرائيل دائما ان التهديد الاخطر لاسرائيل هو الارهاب، ويعتبرون مقاومة الشعب الفلسطيني لاحتلالهم وممارساته البشعة ارهابا، ولكن هل سألوا انفسهم لماذا هذا "الارهاب" بمفاهيمهم؟ أليست له اسبابه؟ ولو كانوا هم الذين يرزحون تحت الاحتلال ويتعرضون يوميا لأبشع صنوف وممارسات التنكيل والقمع والحصار والملاحقات والاعتقالات وتشديد الخناق عليهم، هل كانوا سيتغنون بالاحتلال ويسبحون بحمده ويجزلون الشكر له ويرشّون جنوده بالورد ويهلّلون لمصادرة واستيطان الارض واقتلاع شجرة السلام؟ أليسوا لو عاشوا بحسن جوار وفي دولتهم مع الجيران، سيقضون كليا على الاخطار واسباب "الارهاب" الفلسطيني؟ وليسألوا انفسهم، هل ما يقومون به من ممارسات يومية ضد الفلسطينيين، هو اعمال خير ومحبة وبركة واحترام؟ يقصفون ويدمرون ويحاصرون ويقيدون حركة شعب بكامله، ويتهمون الفلسطينيين بالارهاب فأي منطق هذا؟ وفي الوقت الذي يطالبون فيه الفلسطينيين بوقف العنف، يصعدون الارهاب والقمع والعربدات، ونقولها بكل مسؤولية، ليتحملوا نتيجة ذلك؟
ان اليقين الراسخ يقول ان النصر في النهاية للعقل والسياسة الواقعية التي تتجاوب مع آمال جميع الناس ومع مصالحها ومستقبلها الآمن، وان الصوت المنطلق من الارض والحياة بالذات في هذه الايام، يدعو الجماهير، العربية واليهودية، بكل مسؤولية، الى احترام وتبني امر الساعة، وهو الالتفاف حول الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة وعمودها الفقري، الحزب الشيوعي الاسرائيلي، ودعمها باكبر عدد من الاصوات في الانتخابات للكنيست، لان برنامجها هو الوحيد الكفيل بتحقيق السلام العادل والراسخ والحقيقي، الذي يخرج ابناء الشعبين من مستنقع الاحتلال والحرب والاحقاد الى جنة المحبة والسلام والكرامة الانسانية.

سهيل قبلان
السبت 17/12/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع