سـوبـرمـاركـت !
"كـاديــمـــا" الـى الـــــوراء

تجري في هذه الايام عملية خلط الاوراق بشكل ديماغوغي بلجوء بعض الاوساط محليا وعربيا وعالميا الى تسويق جنرال المجازر والاستيطان، ارئيل شارون، وان خروجه من الليكود واقامة حزب جديد اشبه  "بالسوبرماركت" اطلق عليه اسم "كاديما" - الى الامام - يعتبر دالة خير ستدفع عجلة التسوية السياسية مع الفلسطينيين الى امام!!
ويستند هؤلاء المضللون الى عدة ظواهر وتبريرات تضليلية مثل ان شارون بعد ان طلّق الليكود والقوى اليمينية المغالية في تطرفها يتجه بحزبه الجديد "كاديما" نحو المركز على "يسار" اليمين!! وان انضمام قادة من حزب العمل تحت راية حزب شارون امثال حاييم رامون ودالية ايتسيك واحتمال انضمام شمعون بيرس يعني ان شارون اصبح "معتدلا" ولم يعد شارون الجزار عدو التسوية السياسية!! كما ان تسريب تصريحات على لسان مسؤولين ومقربين من شارون مدلولها ان شارون وكأنه يتجه يسارا!!
ما نود تأكيده ان ارئيل شارون لم يتغير من حيث مواقفه السياسية المنتهجة، ولن يجر عربة التسوية السياسية "كاديما" الى الامام، بل الى الوراء در. فشارون لم يتراجع عن برنامجه الاستراتيجي المنسق مع الادارة الامريكية والذي بدأه بخطة اعادة الانتشار في غزة وشمال الضفة الغربية. هذا البرنامج الذي يستهدف في نهاية المطاف ضم اكثر من نصف مساحة الضفة الغربية الفلسطينية الى اسرائيل ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات مقومات طبيعية قابلة للحياة. وهذا ما اكده شارون بنفسه في المؤتمر الصحفي عندما اعلن عن انسحابه من الليكود واقامة تنظيم جديد. فقد اعلن انه سيتخذ اجراءات وخطوات اخرى في اطار خارطة الطريق! لم يعلن ابدا تراجعه عن موقف تهويد القدس الشرقية وان القدس الموحدة بغربها وشرقها العاصمة الابدية لاسرائيل. لم يعلن التراجع عن موقف مواصلة بناء جدار الضم والفصل العنصري الذي يقطّع اوصال التواصل الاقليمي بين مناطق الضفة الغربية ويحوّل الضفة الغربية الى كانتونات منفصلة عن بعضها البعض بحواجز كتل الاستيطان التي يهدف ضمها الى اسرائيل، هذا اضافة الى تنكره المطلق لحق العودة للاجئين الفلسطينيين المسنود بقرارات الشرعية الدولية.
ان تصريح شارون عن التزامه بمرجعية خارطة الطريق مشروط باربعة عشر تحفظا يفرغ هذه الخطة من مضمونها ومدلولها. فبرنامج شارون للتسوية يندرج في اطار الاستراتيجية الامريكية للهيمنة في المنطقة وذلك عبر املاء سلام امريكي – اسرائيلي على الفلسطينيين ينتقص من ثوابت حقوقهم الوطنية الشرعية. وشمعون بيرس الذي خدم سياسة شارون وروّج لها عالميا عندما أشغل منصب نائب شارون في حكومة الكوارث التي قُصف اجلها قبل الموعد المحدد لن يستطيع تجميل صورة "كاديما" البشعة بانضمامه تحت راية حزب شارون. وما يثير الغضب ويطرح العديد من التساؤلات هو تجند الرئيس المصري حسني مبارك لنصرة ارئيل شارون، والا ماذا يعني تصريح مبارك ان ارئيل شارون هو الوحيد القادر على دفع عجلة السلام مع الفلسطينيين!! فهل فعلا شارون اصبح "رجل السلام" كما لقبه حليفه الاستراتيجي جورج دبليو بوش؟ اسألوا الضحايا من اطفال ونساء ورجال وشيوخ وشباب فلسطين التي لا تزال جراحهم تنزف دما؟ فهل يمكن للذئب ان يكون حملا!!

الخميس 1/12/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع