''ثقوب'' هائلة تنخر جسد برنامج حزب العمل
النجومية وحدها لا تكفي!

قرار الصحفية المعروفة شيلي يحيموفيتش، الذي أعلنته أمس، بترك العمل الصحفي الإعلامي لصالح الإنخراط في العمل الحزبي - السياسي من خلال الإنضمام إلى حزب "العمل" والتنافس في الإنتخابات التمهيدية لتكون مرشحة في قائمته الإنتخابية للإنتخابات البرلمانية القريبة - هو، بلا شك، قرار جريء ومثير يحمل في طياته غير قليل من المعاني، الدلالات والإنعكاسات على أكثر من صعيد، منها ذلك الشخصي الخاص بالصحفية يحيموفيتش وذلك المتصل بالإعلام، وسائله ونجومه. ومنها أيضا - بل أساسا - صعيد الفعل الحزبي، السياسي، الإنتخابي في المستقبل المنظور والأطروحات التي ستشكل حجر الرحى في المعركة الإنتخابية الوشيكة وما ستفرزه من نتائج واصطفاف قوى. وهذا هو، تحديدا، ما يهمنا في سياق هذه الخطوة.
ليس ثمة شك في مدى الشعبية التي اكتسبتها شيلي يحيموفيتش خلال سنيّ عملها الطويلة في وسائل الإعلام الإسرائيلية، وخاصة بفضل جرأتها في التعبير عن مواقف يسارية تقدمية في القضايا الإقتصادية - الإجتماعية، القضايا النسوية وغيرها.
لكن شعبية يحيموفيتش وجرأتها المشهودتين ينبغي ألاّ تغشيا الأبصار وتحولا دون رؤية "الثقوب" الهائلة التي تنخر جسد البرنامج السياسي - الإقتصادي - الإجتماعي الذي يخوض به حزب "العمل" هذه الإنتخابات، وهو الحزب الذي انضمت إليه يحيموفيتش أمس وستتنافس على مكان مضمون في قائمته الإنتخابية.
فمن بين المبررات والمسوغات التي قدمتها يحيموفيتش لخطوتها هذه، لا بد من التوقف عند اثنين اساسيين فيهما ما يساعد على التمييز ومنع التباس الصورة واختلاط الأوراق:
الأول: إعلان يحيموفيتش أن قرارها هذا جاء إنطلاقا من رغبتها في"النضال من أجل جدول أعمال إشتراكي - دمقراطي" وضد "إنفلات اليمين الإقتصادي" في البلاد.
والثاني: إعتبار يحيموفيتش أن "الخطر الأساسي على الدمقراطية اليوم يكمن في انعدام المساواة الصارخ وغير المسبوق بين الأغنياء جدا جدا وبين الفقراء والطبقة الوسطى"، وأن "الخطر الحقيقي هو كون أصحاب الرساميل الكبار الحكام الحقيقيين للدولة"!
نحن ولا شك ضد "انفلات اليمين الإقتصادي"، كما "اليمين السياسي" أيضا!! لكن المعركة ضد اليمين الإقتصادي - الإجتماعي لا يمكن أن تكون ناجعة وأن يكتب لها النصر إلا إذا كانت جزءا عضويا من حرب شاملة، متعددة المستويات، تنطلق من رؤية شمولية لمصلحة دولة إسرائيل الحقيقية، مصلحتها في العيش بأمن، أمان واستقرار في حيزها الشرق أوسطي، تقيم علاقات تعاون، حقيقية ومتكافئة، مع الدول المجاورة والشعوب المحيطة، من جهة؛ ومصلحتها في أن تكون دولة تضمن المساواة لكل مواطنيها بصرف النظر عن أي انتماء، من جهة أخرى.
رؤية كهذه تتطلب شروطا في صلبها ليس فقط "إعادة ترتيب سلم الأولويات" بل تغيير جوهري في منظومة المفاهيم والقيم المؤسِّسة،  كما تترتب عنها استحقاقات في مقدمتها ليس فقط "الإنفصال عن غزة" وإنما إنهاء كلي وتام للإحتلال (الذي هو هو مصدر الخطر الأساسي والحقيقي على الدمقراطية في إسرائيل!) بما يفتح الطريق أمام حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، كاملة غير منقوصة.
هذه هي الرؤية الشمولية لمصلحة إسرائيل الحقيقية، بما ذكر عن شروطها واستحقاقاتها، التي لا يزال حزب "العمل" عاجزا عن بلوغها واعتمادها، رغم التغيير الشخصي الحاصل في قيادته ورغم "النجوم" التي يستقطبها ويجتذب تأييدها في الأيام الأخيرة.

("الإتحاد")

الأربعاء 30/11/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع