لــيــست صــرخــتــهــنّ وحــســب !

يصادف اليوم، الخامس والعشرون من تشرين أول/ نوفمبر، اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة.
وبهذه المناسبة، ستجري أمام بلدية شفاعمرو اليوم تظاهرة احتجاجية، رسالتها الأساسية أن العنف ضد النساء، كقضية، ليست قضية النساء وحدهن، وإنما قضية المجتمع كله، برجاله ونسائه.
إن العنف ضد النساء هو واحد من ممارسات النظام الطبقي الأبوي، ضحاياه المباشرون من النساء، ولكن المتضرّر منه هو المجتمع وجميع أفراده؛ لأن العنف ضد النساء، كغيره من ممارسات هذا النظام الرجعي، يعيق مسيرة التطوّر الحضاري ويحول دون نموّ المجتمع – كل المجتمع – وتقدّمه.
يخطئ من يعتقد أن تعنيف المرأة معناه الاعتداء عليها جسديا أو جنسيا فقط: فالعنف ضد المرأة يشمل العنف الكلامي والنفسي أيضا، وهذا النوع قد يؤدي في بعض الأحيان إلى معاناة مضاعفة. وإذا كان علاج الكدمات الجسدية يتطلب أسابيع وشهورا، فإن الكدمات النفسية قد تكون بمثابة عاهة مستديمة، وحلقة بؤس مفرغة يكتب على النساء المعنـّفات العيش فيها سنين طويلة.
ويخطئ، أيضا، من يعتقد أن مثل هذه الممارسات مقصورة على فئة دون غيرها: فالعنف ضد المرأة عابر للقوميات والحدود، وللطبقة الاجتماعية والمستوى التعليمي؛ وإن انتشر أكثر في أوساط الطبقات المستضعفة والمجموعات المهمّشة سياسيا، كما في حالة الجماهير العربية الفلسطينية في إسرائيل.
إن ما تكابده جماهيرنا من جراء الممارسات السلطوية، سواء أعَنينا المجالات الحياتية اليومية أو تلك القومية بعيدة المدى، إنما يؤدي، بشكل مباشر وغير مباشر، إلى زيادة هذا الطين بلةً؛ فقد شُوّهت مفاهيمنا الاجتماعية المتعلقة بالمرأة ومكانتها وبتنا نتصرّف كما يراد لنا: برجعية وتخلـّف. كما أسهمت سياسة نهب الأراضي والتهميش السياسي والاجتماعي ـ الاقتصادي في إعادة مجتمعنا عشرات الخطوات إلى الوراء؛ وأتممنا معادلة البؤس باستبدال مواجهة الاضطهاد بممارسته ضد أنفسنا وضد الفئات المستضعفة داخلنا، وضد النساء في الأساس.
تلك هي الحقيقة، لكنها لا تجعلنا في حلٍّ من النقد الذاتي، ولا من النظر إلى أنفسنا في المرآة، ولا من الاعتراف بأن الجزء الأكبر من مجتمعنا ما زال رهين المواقف الوسطية، وما زال يؤثر المداهنة على المكاشفة ومواجهة الأعور بعورته، متذرعا بكل ما يعقل ولا يعقل التذرّع به لتبرير تعايشنا مع واقع تعيس، يراوح فيه الموقف من تعنيف المرأة بين التفهّم العلني وأنصاف الإدانات البروتوكولية.
إننا نضم صوتنا، صرخةً مجلجلةً، إلى صرخة المتظاهرات والمتظاهرين اليوم في شفاعمرو، وإلى كل صرخة ترفض تعنيف النساء وقمعهنّ، مباركين كل ساعد يُشمَّر عنه في هذه المعركة: معركة كل المجتمع، من أجل كل المجتمع، على وجه هذا المجتمع.


"الإتـــــحــــــاد"

الجمعة 25/11/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع