وعاد العجوز الى النطق كفرًا

لم نُفاجأ بما جرى أمس في اجتماع مركز حزب العمل، ولم نفاجأ ابدًا من تصريحات الثعلب السياسي العجوز، شمعون بيرس، من خلال خطابه أمس. فمركز هذا الحزب اجتمع لإقرار انسحاب وزراء العمل من الائتلاف الحكومي في فك الشراكة القائمة نع حزب الليكود برئاسة ارئيل شارون. لقد استغل بيرس ذلك ليعود ويؤكد لاعضاء مركز حزب "العمل" وللرئيس الجديد المنتخب عمير بيرتس، الثوابت الاساسية لموقف حزب العمل التي تنتقص من الثوابت الوطنية الشرعية الفلسطينية غير القابلة للتصرف، موقف سلام الاستسلام المنقوص كبديل للتسوية العادلة المسنودة بقرارات الشرعية الدولية. نقل بيرس الى اعضاء المركز نفس الموقف السياسي الذي مارسه في خدمة السياسة الشارونية الكارثية والقيام بدور الوكيل في الترويج لسياسة شارون والعمل على تسويقها في المحافل الدولية. وفي خطابه أمس عاد العجوز الى النطق كفرا، الى تكرير موقف التنكر لحق العودة للاجئين الفلسطينيين الذي تقره الشرعية الدولية، والى تكرير الموقف الذي يستبيح تهويد القدس الشرقية العربية المحتلة عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة.
لقد عملنا وناضلنا منذ اليوم الاول لقيام حكومة الوحدة الكارثية الشارونية – البيرسية لاسقاط هذه الحكومة المأساوية سياسيا واقتصاديا اجتماعيا. ورأينا بعين الايجاب والرضا هزيمة شمعون بيرس ونجاح عمير بيرتس في الانتخابات التمهيدية لرئاسة هذا الحزب ومرشحه للمنافسة على رئاسة الحكومة، ولكن مع تحفظات كبيرة وكثيرة. فتغيير الرأس لوحده لا يكفي ان لم يرافقه نفض كل الجسم، تغيير جذري في السياسة الكارثية التي انتهجها حزب "العمل" كذنب لليكود ومذدنب وراء سياسته. نظرنا بعين الرضا والايجاب الى احتمال ان يكون انتخاب عمير بيرتس فاتحة امل يخلق وضعا وتوازنا سياسيا يقطع الطريق في وجه عودة سياسة الكوارث اليمينية الشارونية – البيرسية ويقود الى بلورة سلطة تنهج سياسة سلام ومساواة وعدالة اجتماعية. ولكن، لنا تحفظاتنا المرفقة بعدد كبير من التساؤلات. فمن يضمن بعد الانتخابات، وفي حالة عجز حزب العمل عن تأليف حكومة، ان لا يزحف حزب العمل،كعادته، للدخول في حكومة وحدة ائتلافية مع اليمين والليكود برئاسة اريئل شارون او غيره من ارباب سياسة العدوان والافقار؟ عمير بيرتس يحاول الربط جدليا بين السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بين السلام والنمو الاقتصادي والانتعاش الاجتماعي، ولكن هذا الربط يبقى مشوها وبائس المردرد اذا لم يكن مبنيا على قواعد سليمة و منطقية، فبدون انجاز السلام العادل القائم على الاعتراف بالحقوق الوطنية الشرعية الفلسطينية لا يمكن انجاز الاستقرار الاقتصادي ومحاربة الفقر والتقدم في طريق العدالة الاجتماعية. فمواصلة التنكر لحق العودة اللاجئين الفلسطينيين وللسيادة السياسية-الاقليمية الفلسطينية على القدس الشرقية لا يمكن ان تقود يا عمير بيرنس الى اخماد انفاس الصراع الاسرائيلي-الفلسطيني وانجاز التسوية العادلة التي تضمن الأمن والاستقرار لجميع الأطراف. وكما ان التمسك بنهج السوق الحرة والخصخصة والنيو ليبرالية الممكيجة لا يمكن ان يقود الى محاربة الفقر والتقاطب الاجتماعي الصارخ بين الاغنياء والفقراء القائم في إسرائيل. فطرح البديل لسياسة حكومة الكوارث الشارونية –البيرسية يستدعي انتهاج سياسة بديلة جذريًا لسياسة اليمين ولنهج حزب العمل الكارثي وسياسته المأساوية.   

("الإتحاد")

الأثنين 21/11/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع