غزة تتنظّف من جيش الاحتلال

من المفترض ان ينتهي اليوم سحب قوات الاحتلال الاسرائيلية من داخل قطاع غزة المحتل. انها لحظة كبيرة وهامة نسجّلها كمحطة جديدة في مسيرة انهاء هذا الاحتلال البغيض؛ ومع ذلك نستدرك محذّرين: انها محطة فحسب، والدرب لا تزال طويلة!
مع ذلك فمن حق الشعب الفلسطيني ومناصري قضيته العادلة ان يفرحوا. خاصة وانه قد رنّت وطنّت كثيرا الدعوة التي خابت بالسماح للجيش بأن ينتصر! ولاحقا استبدلها المستوطنون بمقولات مقتبسة من مرجعيات غير دموية في ظاهرها، تبدو كأنها مرجعيات متنورة لأول وهلة.. فقد صاروا يبكون باسم الديمقراطية. لم يغيّـروا مواقعهم، لم ينزلوا سلاحهم المصوّب، فعلا ومجازًا، الى صدر الفلسطيني، لم يتنازلوا عن استعلائهم القومي الذي يطبّق بالقتل والنهب والسلب، تجاه الفلسطيني، لكنهم مع ذلك اختاروا الديمقراطية شعارًا.
ولكن، من خلال هذه الدموع التماسيحية بالذات تبين ان هذا الجيش مهما بطش وقتل فلن ينتصر، لأن من يقف أمامه ليس "مجموعات من الارهابيين" على حد قول قاموسه الكاذب، بل شعب يملك إرادة بالتحرّر. والجيوش قد تحرق وتخرّب، لكنها ستظل عاجزة عن كسر إرادات الشعوب. والشعب الفلسطيني أثبت ذلك بأقسى الطرق، وأكبر التضحيات، وأنبل أشكال الصّمود.
ما زرعه الاحتلال جناه الاسرائيليون بالدم. ونأمل ان تحل اليقظة!
مع ذلك، فلا تزال الشكوك كبيرة بشأن المستقبل القريب. لا يوجد اي سبب للثقة بنوايا حكومة شارون – بيرس التي يقول ناطقون فيها جهارة ان سعيهم سيكون لضم كبريات مستوطنات الضفة الغربية والقدس الشرقية.
نحن لم نراهن على فك الارتباط، رغم انضمام صوتنا الى الموقف القائل بالترحيب بكل شبر ينقلع منه الاحتلال واستيطانه. فرهاننا كان ولا يزال بالتأكيد على حجر الزاوية.. وهو ان الفلسطيني الضعيف عتادًا سيوصل إسرائيل المدجّجة باحتلالها الى حالة سياسية ملؤها العبث!
هذه التطورات تحمل في عمقها العديد من المغازي. هناك من راهن على أوضاع عربية ودولية لتحمي الحقوق الفلسطينية، وعندما عصفت العواصف بهذه الأوضاع، انتكس هؤلاء المراهنون ودخلوا يأسًا مطبقـًا. أما من راهن على الارادة الفلسطينية، على إيمان هذا الشعب بحقه وقدرته على التحرّر، مهما طال الزمن الاحتلالي ومهما تعقدت المسيرة، فقد ظلّ واثقـًا من أن "عدوان 2000" قد يصل مراحل دموية بشعة، لكنه لن يحسم الأمر. لأن الاحتلال الاسرائيلي يحمل تناقضاته في داخله. ومهما تجبّر سيصل حدود قوته. لأن الأمر منوط بنقيضه الصلب: إرادة الشعب الفلسطيني التي لا تزال تتكسّر عليها كل المخططات الاحتلالية. فهذا الشعب يملك قضية تحررية اممية من الدرجة الأولى وسيظل كل احرار العالم الى جانبه. وما يبدأ اليوم في غزة لن يكون نهاية، بل بداية لكنس الاحتلال من الضفة الغربية ايضًا.

(الاتحاد)

الأثنين 12/9/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع