ليتصاعد النضال ضد الجدار

تتواصل اليوم، في محيط قرية بلعين الفلسطينية المظاهرات الاحتجاجية ضد مواصلة بناء جدار الضم الاستيطاني. وهي مظاهرات شعبية فلسطينية بدعم من حركات تقدمية اسرائيلية وناشطين اجانب.
لقد اوضحت ممارسات الحكومة مرارا ان أهداف بناء "جدار العزل" هذا لم تكن امنية بالمرة، بل انها سياسية توسعية فحسب. وتشكل جزءا من مشروع الاستيطان الكبير.
فتحت غطاء "الأمن" جرى نهب مساحات واسعة من الضفة الغربية المحتلة، مما أدى الى فصل مواطنين فلسطينيين في عشرات القرى عن مراكزهم المدينية والخدماتية، وقطع الطريق على المزارعين ومنعهم من وصول وفلاحة أرضهم الزراعية. وبالاضافة – على المدى البعيد – حدّد هذا الجدار معالم الخارطة التي تسعى المؤسسة الاسرائيلية الى فرضها، تحت عنوان "تسوية سياسية"، لا ندري أي شريك وجدوا لهم فيها!
وباستنادنا إلى العديد من التصريحات والتحليلات، يمكننا القول ان مسار هذا الجدار جاء ليطبّق أفكارا يُصرّح بها بشكل شبه يومي على ألسنة مسؤولين سياسيين وعسكريين، ميدانيين واستراتيجيين، بشأن المستوطنات التي "تحتاج" اسرائيل الى ضمها حتى في مرحلة التسوية النهائية.
فمنذ أن طرحت حكومة إيهود براك الإبقاء على "كتل الاستيطان" في محيط "القدس الكبرى" خاصة، وعلى طول الحدود من شمالها حتى جنوبها، وهو الأمر الذي يُجمع عليه اريئيل شارون أيضًا وتبنته لاحقًا الادارة الامريكية الحالية - حتى جاء هذا الجدار ليجسّد الترجمة الدقيقة لتلك الأفكار التوسّعية.
لقد اختلفت تسميات هذا المشروع لدى منتقديه ورافضيه، فهو جدار الفصل العنصري، جدار الأبرتهايد، وجدار ضم المستوطنات. هذه التسميات صائبة. لكن التعريف الذي يتبدّى يوميًا أنه الأدقّ هو أن هذا المشروع هو الانعكاس التطبيقي لسياسة فرض الحقائق الناجزة، واملاء خارطة تسوية منقوصة توسّعية بعيدًا عن موائد التفاوض، تحت غبار "نجاح فك الارتباط"..
فمن يلاحظ تعرّجات الجدار يعرف مسبقًا أنه ما جاء كي يخدم "جوهرًا أمنيًا" أو كي يترجم "نظرية وقائية"، بل انه دخل وبقر أجزاء من الضفة الغربية حتى يتم إحاطة هذه المستوطنة أو تلك، مقتطعًا معها أراضي قرى بأكملها، وخانقًا بداخله مدنًا ومناطق برمتها، كما هو الوضع في قلقيلية التي تم الاغلاق عليها من كل جهاتها وباتت مدينة تتنفس من عنق زجاجة.
مع ذلك، فإن المعركة لم تنته. ولا نقصد المواجهات القضائية في أروقة المحكمة العليا. بل النضالات الشعبية الفلسطينية على الأرض بالاشتراك مع مناهضي هذه السياسة الاحتلالية، من اسرائيليين وأجانب.
فالجدار سيتحوّل الى حقيقة ناجزة اذا ما خمدت الأصوات التي تحتجّ عليه والايادي التي تدقّه.. ولكن طالما ظلت شعلة الاحتجاج ملتهبة فسيظل كما هو: جدار استيطاني جاء لخدمة مصالح استيطانية توسعية، ولن تتحقق أية تسوية سوى بتسويته بالأرض!

"الاتحاد"

الجمعة 9/9/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع