كلمة الاتحاد
من التحذير الى الفعل!

ما هو واجب القوى السلامية الحقيقية في الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي بعد فك الارتباط؟
لقد بات هذا السؤال شديد الإلحاح في بـُعده العملي الآن، بعد أن انتهت المراحل الصاخبة من تلك الخطة (التي نـُظـّمت حولها حملة علاقات عامة سينمائية!)، وأولها اخلاء كافة مستوطنات قطاع غزة بمستوطنيها.
فهو سؤال يجسّد الحاجة السياسية الماسّة لبلورة برنامج العمل النضالي للمرحلة الراهنة. ومن هنا، فإن كل من وضع خطة اريئيل شارون في نصابها المحدود، وكل من قرأها في عمق ما تسعى اليه، وكل من حذّر من أهدافها الخطيرة، عليه الآن أن يخرج من دائرة التحذير، الى جهة دائرة الفعل ومواجهة ما يحذّر منه، بأدوات العمل السياسي.
وحين نتحدث عن القوى السلامية، فإننا نعني غالبية التيارات السياسية في الشعب الفلسطيني، المعنية والمناضلة والمقاومة من أجل التحرر والاستقلال والسيادة الوطنية ضمن تسوية عادلة، ومعها القوى الاسرائيلية التي لم تفقد صوتها وصوابها، ولم تنجرّ خلف بالونات شارون أو دموع تماسيح الاستيطان. ومن المهم هنا ايراد تصريحات الرئيس الفلسطيني اثناء استقباله لوفد قيادة الحزب الشيوعي الاسرائيلي، امس الأول، بشأن ضرورة العمل على تجنيد المجتمع الاسرائيلي من أجل تحقيق التسوية العادلة بين الشعبين.
ففي هذه المرحلة التي يواصل جهاز الإحتلال فيها فرض مخططاته المختلفة بعملة الاستيطان وجداره على طول الضفة الغربية، وفي محيط القدس تحديدًا، لا يكفي التحذير من مخططات شارون، بل يجب مواجهتها سياسيًا. فما يجري أمامنا هو خلق واقع معقد من الكانتونات وكتل الاستيطان التي تنهب مساحات شاسعة من الاراضي الفلسطينية، وتفتت وحدة اراضي الضفة، وتقوض بالتالي أي تسوية مستقبلية تقوم على الثوابت المدعّمة بالقرارات الدولية.
وحتى لا يتواصل تقويض ركائز التسوية العادلة المتعلقة بالارض –عبر انهاء احتلال 1967- يجب المبادرة فورًا الى شن "هجمة سياسية سلامية" على اكبر ما يمكن من شرائح المجتمع الاسرائيلي، لاقناعها بضرورة الخوض في نفس تلك الملفات التي يحاول شارون تأجيلها وشطبها بممارسات من القضم البطيء.
يجب أن يتم ايجاد السبل السياسية والجماهيرية، بهدف إفشال حرف النقاش عن قضاياه الحقيقية.
يجب أن يكون الشعار: لتنظيف الضفة والقدس من الاستيطان، فورًا!
وهذا ليس بالأمر السهل، بل إنه يستدعي بذل كل الجهود السياسية الممكنة لفتح قنوات الحوار بين الشعبين. يجب وقف عملية مصادرة الرأي العام الاسرائيلي من قبل حكـّام اسرائيل، عبر شق دروب سياسية التفافية تتجاوز الخطاب "الأمني" الاحتلالي اياه.
لقد أكدنا هنا أمس أن حكومة شارون ستسعى الآن الى اعادتنا الى مربعات الدماء، لأن هذا يخدم مخططاتها. ولذلك، فمن واجب كل القوى المعارضة والمناهضة والمناضلة ضد هذه السياسة أن تتحرك بكثير من الحذر والمسؤولية والعمل الدؤوب من اجل "تحرير" أكبر ما يمكن من شرائح المجتمع الاسرائيلي من سيطرة الاحتلال! نعم، من سيطرة عقلية وممارسة ومخططات الاحتلال.
ففي المرحلة الراهنة شديدة التعقيد، يجب التحلي بالحكمة السياسية والمسؤولية، بعيدا عن كافة لهجات التذمـّر واليأس التي لا تخدم سوى مشاريع شارون الخطيرة!

("الاتحاد")

الثلاثاء 30/8/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع