كلمة الاتحاد
حذار من التصعيد، ومن الانجرار خلفه!

حين أطلقت جهات عدة، بينها هذا المنبر، التحذير من عواقب عملية الاغتيال الاحتلالية التي راح ضحية لها 5 شبان فلسطينيين ليل الأربعاء/ الخميس، في طولكرم، لم يكن ذلك ضربًا من المماحكة السياسية. بل القراءة الوحيدة الممكنة للـّحظة السياسية الراهنة – بعد تنفيذ معظم مراحل خطة "فك الارتباط".
فقد أكد كل من لديه بصر وبصيرة سياسيان، أن تلك العملية الاحتلالية الارهابية ستكون لها عواقب وخيمة، وها قد رأينا إحدى تلك العواقب أمس في عملية بئر السبع - وهي التي لاقت تنديدًا لدى المحذّرين أنفسهم. ولكن رفض إعطاء الشرعية للعملية في بئر السبع لا يعني أنها عملية بدون تفسير ومعدومة السياق. بل ان لها تفسيرًا واضحًا يرتبط مباشرة بعملية الارهاب الاحتلالية في طولكرم. فهذه المدينة الاسرائيلية أصيبت بشظية القنبلة التي فجرها الاحتلال في تلك المدينة الفلسطينية.
وهناك مستفيدون من هذا التصعيد. فمن خطط الجريمة في طولكرم وسمح بتنفيذها عرف انه انما يدفع بالاوضاع الى كسر كل حدود لتهدئة او هدنة، بهدف اعادة الامور الى نصابها الدمويّ. وهذا تخطيط تقف من ورائه اهداف سياسية تتجاوز جريمة الاغتيال والمزاعم حول دوافعها "الأمنية".
فاريئيل شارون وشركاؤه ارادوا خطوة من طرف واحد في غزة. وسبق ان اعلنوا ان الهدف منها هو النجاة بجلودهم من أي عملية تفاوض حتى لو كانت في مقاس "خارطة الطريق".
والآن، وبما أن شارون لم يسعَ أصلا لدفع اية عملية تفاوضية من خلال خطته، وبما أنه يسارع علنيًا وفعليًا الى فرض الحقائق الناجزة، استيطانيًا، في القدس وجوارها وعلى طول جدار الضم والتوسّع في الضفة – فإن أية تهدئة اضافية لن تخدم مصالحه واهدافه التوسعية تلك. لأنه في أي تفاوض ممكن، سيصرّ الطرف الفلسطيني بلا شك على طرق كل الملفـّات، وبينها الاستيطان والجدار في الضفة والقدس – وهي نفس الملفات التي خطط شارون ولا يزال لاخراجها من مائدة التفاوض، بأسرع وقت.
إن حكومة وجيش الاحتلال، وفيما تتلبـّد اجواء البلاد بغيوم الانتخابات، تسعى للعودة الى مربعات سفك الدماء، للهرب من أي تقدّم سياسي حقيقي متفق عليه. وهذا الهدف يجد له ترجمة في التصعيد الذي عبرت عنه عملية الاغتيال الارهابي في طولكرم. وما التفجير الانتحاري الذي وقع في بئر السبع، الا النتيجة التي عرف حكومة وجيش الاحتلال بأنها قادمة – وبمعنى ما، فقد ساهما بوقوع هذه العملية داخل اسرائيل.
من هنا، فيجب اتمام التحذير مما اراده جهاز الاحتلال بشقيه، السياسي والعسكري، والقول: حذار من الانجرار خلف ذلك التصعيد الذي لن يخدم في حال تفاقمه سوى سياسة اغتيال منطق التفاوض، وكذبة "انعدام الشريك" التفاوضي الفلسطيني. ويجب الاشارة هنا الى ان كل الفصائل السياسية الفلسطينية لم تعلن مسؤوليتها عن عملية بئر السبع، وذلك في استمرار لاعلانها التمسّك بالتهدئة.
ونحن نؤكـّد: يجب الآن فرض حصار سياسي على حكومة شارون، ودفعها للوقوف أمام المستحقـّات التي تحاول الهرب منها. فكما ان ارهابيي الاستيطان ارادوا افشال فك الارتباط بعمليتيهما في شفاعمرو و"شيلو"، لا تزال الرؤوس الاحتلالية تعمل بمنطق شبيه لافشال ما بعد فك الارتباط!

"الاتحاد"

الأثنين 29/8/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع