الأب الروحي للاستيطان

لم تفاجئنا أبدا، المعلومات التي نشرت في وسائل الإعلام الاسرائيلية أمس، والقائلة بأن الحكومة الاسرائيلية أصدرت أوامر لمصادرة مئات الدونمات في محيط القدس الشرقية المحتلة لإقامة الجدار العازل حول مستوطنة معاليه أدوميم، وللتمهيد لخلق تواصل جغرافي مصطنع بين هذه المستوطنة وبين القدس المحتلة، لقطع سبل إقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة الحقيقية.
فنحن، لم نكن أبدا من المتوهمين بأن رئيس الحكومة أريئيل شارون، وحكومته اليمينية سوف تنفذ بالفعل الاستحقاقات الاسرائيلية المتوجبة عليها، لعقد سلام دائم عادل وشامل مع الشعب الفلسطيني، يستند إلى اقامة الدولة الفلسطينية، المستقلة قولا وفعلا، صاحبة السيادة قولا وفعلا، الخالية من المستوطنات، وعاصمتها القدس.
وقد قلناها مرار، ونعود ونؤكد ما قلناه، أن الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة المحتل، جاء ليخلق وهما بأن إسرائيل حققت تنازلات "حقيقية" في الطريق نحو السلام، وأنها لم تعد تستطيع تقديم تنازلات أكثر، وأن على الشعب الفلسطيني وقيادته القبول بهذه "التنازلات"، والقبول بالاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية، على أنه حقيقة لا جدال حولها.
ونؤكد أيضا، أن الانسحاب من غزة هو وسيلة، يحاول شارون وحكومته أن يخلقا بواسطتها، واقعا، يعززان من خلاله الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، العاصمة الحتمية لدولة فلسطين، مهما طال ليل الاحتلال.
وعلينا قولها بوضوح، أن المسرحية المفتعلة التي سبقت عملية إخلاء قطاع غزة من سوائب الاستيطان، وكأن هذه العملية مؤلمة، وسوف تكون نتائجها مأساوية على إسرائيل، قد حققت أرباحها، عندما وقف العالم بأسره ليهنئ شارون على شجاعته، أمس في جلسة مجلس الأمن الدولي.
الحذر ثم الحذر، من الانسياق خلف هذه المسرحية الهزلية. وعلى القيادة الفلسطينية قول كلمتها في هذا الموضوع، عبر كل منبر في العالم، أن السلام لم يتحقق بعد، وأنه لن يتحقق طالما بقيت مستوطنة واحدة مبنية على التراب الفلسطيني. وعلى هذه القيادة، أن تصرخ في وجه دول العالم أجمع أن "كفى انسياقا خلف الادعاءات الاسرائيلية"، بل يجب وضع الحصان أمام العربة، وتحميل الحكومة الاسرائيلية مسؤوليتها الحقيقية، المتمثلة بالتفاوض مع القيادة الفلسطينية، من أجل تحقيق حل سلمي عادل وشامل، يتمثل في الانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإخلاء كل المستوطنات.
هذه هي الوصفة الحقيقية للحل، ويجب قولها بوضوح، وعدم الاستسلام للوهم، وكأن الانسحاب من غزة حقق البرنامج الوطني للشعب الفلسطيني.

(الاتحاد)

الخميس 25/8/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع