أخذلوهم وادفنوا رهانهم الاسود

ان اكثر ما يغيظ المحتلين واعداء الحقوق الوطنية الشرعية الفلسطينية هو التزام جميع فصائل المقاومة الفلسطينية، بما في ذلك "حماس" و"الجهاد الاسلامي"، بقرار التهدئة الفلسطيني الوطني، وترك المحتل الاسرائيلي يُخلي بهدوء الارض الفلسطينية في قطاع غزة وشمال الضفة الغربية من الغزاة المستوطنين الذين زرعهم قهرا وتعسفا. فقد التزمت الفصائل الفلسطينية بعدم اطلاق الصواريخ والقاذفات على المستوطنات والمستوطنين في اثناء عملية الاخلاء. وهذا ان دل على شيء فانه يدل على المسؤولية الوطنية التي يتحلى بها مختلف الوان الطيف الفلسطيني في هذا الظرف المصيري من التطور والصراع.
وحتى قبل ان ينهي المحتل عملية الاخلاء بدأت تنطلق حملات التشكيك والمراهنة، من قبل المحتل ومن مختلف الجهات المعادية للحقوق الوطنية الفلسطينية والمدجنة امريكيا، التي مدلولها السياسي توخي انفجار الصراع بين السلطة الوطنية الفلسطينية وحماس، وخاصة بين حركتي "فتح" و "حماس" حول من سيمسك بمقاليد الحل والربط في قطاع غزة وحول الموقف من تجريد "حماس" "والجهاد الاسلامي " وغيرهما من السلاح! صراع قد يفجّر حربا اهلية في القطاع- كما ينشد المحتل- يصرف كل الانظار، الفلسطينية والعربية والعالمية، عن مواصلة حكومة شارون- بيرس تعزيز الوجود الاحتلالي الاستيطاني الاسرائيلي في الضفة الغربية الفلسطينية، ومواصلة بناء جدار الضم والفصل العنصري.
ان مسلك ونهج السلطة الفلسطينية ومختلف فصائل المقاومة الفلسطينية بعد اخلاء المستوطنات وتقليع المستوطنين من قطاع غزة قيد الامتحان امام انظار الرأي العام العالمي، وامام شعبهم الفلسطيني وقضيته العادلة. فهل يلجأون الى تعزيز الوحدة الوطنية وحل مختلف الاشكالات الحاصلة والمرتقبة عن طريق الحوار الدمقراطي الحضاري، وبهدف خدمة القضية الوطنية، خاصة وانه بعد التخلص من دنس المستوطنين فان قطاع غزة لن يتحرر نهائيا من قيود الاحتلال الذي لا يزال يهيمن على معابر واجواء ومياه القطاع؟ هل يأخذون بالاعتبار ان عليهم تقع مسؤولية وطنية كبرى في استغلال وضعهم الجديد كرافعة جديدة على ساحة النضال الوطني الفلسطيني في المعركة المصيرية لتخليص وتحرير الضفة الغربية من قيود الاحتلال ودرنه السرطاني الاستيطاني واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس العربية الشرقية وضمان حق اللاجئين بالعودة. ام يلجأون الى طريق التهلكة بالحوار بلغة الرصاص واغراق ارض القطاع بدماء حرب اهلية لا يستفيد من ورائها سوى اعداء الحق الفلسطيني بالحرية والدولة والقدس. واملنا كبير، ولنا كل الثقة بدرجة وعي وحكمة ووطنية شعبنا وقياداته لكي يختاروا ويفضلوا المصلحة الوطنية على المصلحة الفئوية وان يخذلوا ويدفنوا عميقا في التراب مختلف رهانات الانتحار الذاتي الفلسطيني الذي ينشدون حدوثه.
الجمعة 19/8/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع