تفهـّم المستوطنين يقوّي إرهــــــابـــــهـــــم !

تواصلت أمس أيضًا تلك التصريحات التضليلية المقيتة بشأن ما يسمى بـ "ألم" المستوطنين، و"المأساة" التي حلت بهم – في اشارة الى اخلائهم من قطاع غزة المحتل. وقد نضحت تلك الاقوال التي تترتب عليها نتائج دموية، عن شتى المتحدثين الاسرائيليين من مختلف الجهات، السياسية والعسكرية والاعلامية.
وهكذا، فما ان حلت ساعات عصر أمس حتى رأينا ما هو انعكاس هذه التصريحات التي تبرر الاستيطان ولا تعتذر عنه بوصفه جريمة حرب؛ فقد خرج مستوطن فاشي ليفرّغ رصاصات البندقية في أجساد عدد من العمال الفلسطينيين قرب نابلس ليقتل ثلاثة منهم ويجرح آخرين.
ولا يمكن توجيه اصبع الاتهام بشأن هذه العملية الارهابية النكراء الى هذا المجرم فقط، ولا الى الدفيئة السامة التي خرج منها فحسب، بل الى كل من أنشأ هذه العصابات الاستيطانية وموّلها وسلـّحها ويقوم اليوم باحتضانها. وهنا تجمع لائحة اتهام واحدة كل قيادات اليمين الاسرائيلي ومعه أيضًا حزب "العمل" الذي لا يمكنه التنصل من وصمة العار، لأنه أوّل من بدأ بالمشروع الاستيطاني الاجرامي. وهي ليست مسؤولية تاريخية فحسب بل مسؤولية سياسية فعلية.
ولا يمكن الا ان نربط تلك التصريحات التي تتفهـّم المستوطنين وتحتضنهم اليوم، بتلك الشرعية لاقتراف جرائم القتل الجماعي لفلسطينيين عزّل. وهي شرعية مستمدّة من الامتناع الرسمي عن الاعتراف بما هو واضح كالشمس: ان استيطان الارض التي جرى احتلالها بالسلاح هو جريمة حرب. وكل من شارك في هذا المشروع بشتى الوسائل يتحمل المسؤولية عن ذلك.
كنا سنقول ان هناك تناقضًا بين الادانات الاسرائيلية الرسمية للعملية الارهابية وبين مواصلة احتضان المستوطنين ونعتهم بشتى النعوت الايجابية. لكن ليس في الامر تناقض، بل ان العقلية الاحتلالية تتسع للتصريحات الكلامية الفارغة، مع الامتناع عن خطوات عملية لوقف الوحش الارهابي وصدّه. وها هو اريئيل شارون يعلن أمس في مؤتمر صحفي أنه بعد اخلاء غزة، لن يتوقف مشروع الاستيطان الاحتلالي، بل انه سيتواصل ويزدهر، على حد قاموسه. وهذا التوجه الذي يصرّ على المشروعية (الساقطة!) للاستيطان، يرتبط بجرائم المستوطنين ويمنحهم الشرعية علانية.
ان اجهزة الدولة المختلفة، الأمنية والقضائية والسياسية، تتحمل مسؤولية أساسية عن هذه العملية الارهابية وسابقاتها. فتفشي الاعتداءات الاستيطانية على حياة وسلامة وارض الفلسطينيين تتواصل دون ان أن تقوم تلك الأجهزة بصدّها. وهو ما يشكل الضوء الاخضر لعصابات القتل والعدوان حتى تواصل موبقاتها – التي وصلت أمس ذروة دموية جديدة، لا تخرج عن سياق الاعتداءات والجرائم التي تؤلف مسلسلا دمويا واحدًا.
وفي تجاوز للضرائب الكلامية وبلاغات الادانة الرسمية، نعود الى التأكيد انه لا يمكن وقف هذه الجرائم المنظمة بالشجب الفارغ. ولا بالتعبير عن الصدمة.. بل باقتلاع الاحتلال ومستوطناته من كل المناطق الفلسطينية والعربية المحتلة عام 1967، فهو المستنقع الذي تتفشى الأوبئة على ضفافه، يجب تجفيفه فورًا.

(الاتحاد)

الخميس 18/8/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع