خطاب شارون لا يبعث على التفاؤل

بمناسبة بدء المرحلة الاولى من خطة فك الارتباك مع قطاع غزة القى رئيس الحكومة، ارئيل شارون خطابا أُعد تسجيله مسبقا، وذلك مساء يوم امس الاول الاثنين. لم ننتظر من شارون، وبصراحة،  ان يركز مثلا على السياسة التي سينتهجها بعد فك الارتباط مع قطاع غزة وشمال الضفة الغربية لدفع عجلة التسوية السياسية للحل الدائم مع الفلسطينيين، او حتى الاشارة الى انه سيباشر بعد فك الارتباط باستئناف العملية التفاوضية مع القيادة الشرعية الفلسطينية بهدف تجسيد خطة خارطة الطريق التي طرحتها مجموعة الاربع (الكوارتيت). لقد اكد شارون من خلال خطابه المذكور انه لم يتغير ولم يغير من برنامجه الاستراتيجي المعادي للتسوية العادلة مع الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية م.ت.ف والسلطة الوطنية الفلسطينية. وقد ركز في خطابه على عدة قضايا تعكس حقيقة طابع هويته الفكرية والسياسية العنصرية العدوانية.
فالقضية الاولى التي ركز عليها انه اراد اقناع قطعان المستوطنين ومختلف قوى اليمين والفاشية العنصرية ان خطته لفك الارتباط جاءت لخدمة المصالح الاسرائيلية وعلى حساب مصادرة العديد من ثوابت الحقوق الوطنية الفلسطينية غير القابلة للتصرف، واراد تبرير ذلك من منطلق عنصري سافر يعتمد على الموازنة الديموغرافية العنصرية السافرة. يقول فُض فوه في خطابه "لا يمكن الامساك بغزة الى الابد، يعيش هناك اكثر من مليون فلسطيني، يضاعفون عددهم كل جيل ويعيشون في اكتظاظ لا مثيل له"!! فهو لا يخرج من قطاع غزة لان وجود الاحتلال الاستيطاني غير شرعي ولا مفر من تحرير القطاع وجميع المناطق المحتلة من ايدي الغزاة المحتلين ومن دنسهم الاستيطاني، بل يلجأ الى التبرير الديموغرافي العنصري للتقليل من عدد العرب وضمان اكثرية يهودية حاسمة نظيفة من خطر التزايد الطبيعي العربي.
والامر الآخر ان شارون يلقي الطابة في الملعب الفلسطيني، فهو يطلب من القيادة الفلسطينية، من السلطة الفلسطينية ومن الرئيس محمود عباس شهادة حسن سلوك، تتضمن عدة املاءات مثل "محاربة منظمات الارهاب"، و "تفكيك البنى التحتية للمنظمات الارهابية الفلسطينية" و"ابراز نية فلسطينية صادقة من اجل السلام"، وذلك حتى يستطيعوا عندها الجلوس معنا حول طاولة المفاوضات!! انه منطق استعماري اعوج يلجأ الى خلط الاوراق، الى ابراز وكأن اساس الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني وجوهره هو الارهاب الفلسطيني وليس الاحتلال الاستيطاني، ارهاب الدولة الاسرائيلية المنظم الجاثم على صدر الشعب الفلسطيني وارضه وحقوقه الوطنية المشروعة، ان شارون بخطابه المذكور وبمدلولاته السياسية الاساسية يؤكد ان وجهته بعد فك الارتباط ليس نحو السلام بل باتجاه تعزيز الاحتلال الاستيطاني في الضفة الغربية الفلسطينية، تصعيد حدة التوتر والصراع، الامر الذي يستدعي التأهب لمواجهة التحديات المرتقبة.

الأربعاء 17/8/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع