الحكومة تقربن الأطفال الفقراء!

تخطط وزارة المالية لضربة جديدة سيكون ضحاياها من الأطفال. فضمن اقتراحاتها بإسم "النجاعة والتنجيع" للميزانية القادمة، اختارت الوزارة الأسر المتخاصمة أو المنفصلة او التي تقوم باجراءات الطلاق، والتي يتهدد الخطر الاطفال فيها! وهي تسعى لاجبار طرفي تلك الأسر  على دفع تكاليف الاستشارة بشأن مصير الأطفال فيها.
هذه الاستشارة يقدمها حاليًا عاملات وعاملون اجتماعيون تابعون للسلطات المحلية. وهم يعدون تقارير بشأن مصير الاطفال في خطر ممن ينوي ذووهم الانفصال. هذه المخاطر تشمل التنكيل الجسدي والاعتداءات الجنسية ومصائب أخرى. والحديث يدور عن عشرات آلاف الأطفال (هناك حوالي 10 آلاف تقرير كهذا سنويًا!). اولئك العاملون الاجتماعيون يتلقون اجرهم من مشغلهم – السلطات المحلية. لكن وزارة المالية تخطط الآن لخصخصة هذه الخدمة الاجتماعية الهامة، عبر تحويل تقديم التقارير بشأن ما يتعرض له اولئك الاطفال من مخاطر، الى عاملين مستقلين من القطاع الخاص، والزام الزوجين بدفع تكاليف ذلك!
في الآونة الأخيرة يكثر مسؤولو هذه الوزارة المعادية للمستضعفين، من ترديد معطيات واهية مفادها ان "حالة الاقتصاد تنتعش"، وان "اوضاع المواطنين تتحسّن". لا بل ان وزير المالية يعرف كيف يكيل المديح لنفسه ولسياسته ولما يعتقد انه "حكمته" كل صبح ومساء. ومن هنا يجب أن نسأل: ما معنى اختيار هذا القطاع من المواطنين بالذات، هذه العائلات التي تمر في ازمات ومهددة بالانفصال والطلاق، وضربها من خلال اطفالها؟ ماذا يمكن القول في سياسة تقربن وتضحّي بسلامة ومستقبل أطفال في خطر يجب أن يستقوا كامل الرعاية والاهتمام من قبل المؤسسة الرسمية؟
وماذا سيكون مصير الاطفال الذين لا يستطيع ذووهم دفع تكاليف تلك الاستشارة؟ هل سيتم تجاهلهم، وتجاهل صحتهم النفسية والجسدية بل سلامتهم وربما حياتهم أيضًا؟ ونؤكد هذا انطلاقا من أن العديد من العائلات، ان لم يكن معظمها، تعصف بها المشاكل والأزمات لأسباب اقتصادية تتفاقم وتنعكس عبر تهديد سلامة ووحدة الأسرة.
لقد قال العديد من المختصين ومن مؤسسات الدفاع عن حقوق الاطفال ان هذا الاقتراح الذي تقدمه وزارة نتنياهو سيدفع ثمنه قطاع من المستضعفين هم اطفال يعيشون في خطر وفي فقر.
وأكد مختصون ان الاقتراح يجسّد مرحلة جديدة من نسف جهاز الخدمات الاجتماعية. وربما ستكون له اسقاطات سلبية على العاملين الاجتماعيين في السلطات المحلية وظروف تشغيلهم..
هذه الاسباب كلها تستدعي الدعوة الى اسقاط هذا الاقتراح الخطير. فمن المحظور استعمال مصطلحات كاذبة كـ "التنجيع" على حساب سلامة الاطفال.
ان حكومة تفرّط بسلامة مواطنيها عامة، والأطفال الفقراء المهددين في هذه الحالة، هي حكومة فاقدة الشرعية والحق بالحياة سياسيًا. ومن المؤلم رؤية هذه اللامبالاة الرهيبة في هذا المجتمع الذي يرى كيف يتم تقديم مستضعفيه كقرابين على مذبح سياسة اقتصادية عنيفة، لم تعد تتورع عن المس حتى بسلامة الأطفال.
فإلى متى؟!

(الاتحاد)

الخميس 4/8/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع