هل دخلت فرنسا حظيرة التدجين؟

يقوم رئيس الحكومة الاسرائيلية، ارئيل شارون، منذ امس الاول، بزيارة رسمية الى فرنسا بناء على دعوة من رئاستها. وتندرج هذه الزيارة في اطار التحسن الذي طرأ على العلاقات بين قيادة البلدين. ومبعث هذا التحسن يعود الى عدة عوامل، اهمها تراجع الرئاسة الفرنسية في موقفها من استراتيجية الهيمنة الامريكية – الاسرائيلية في المنطقة ومحاولة الانسجام الفرنسي في اطار هذه الاستراتيجية، وان تقوم بدور فاعل في كنفها. فللامبريالية الفرنسية مصالحها الطبقية والاستراتيجية، الاقتصادية والتجارية والسياسية في المنطقة العربية والشرق اوسطية. ويرى قادة فرنسا في الظروف الدولية الجديدة التي يتحكم مؤقتا في ادارة شؤونها القطب الامريكي باستراتيجية عولمة البلطجة العدوانية التي يمارسها بهدف الهيمنة ان الطريق للحفاظ على المصالح الامبريالية الفرنسية يمر من خلال التفاهم والتنسيق مع الادارة الامريكية ومع مخفرها الاستراتيجي العدواني في المنطقة – اسرائيل العدوان. وقد برز هذا التراجع الفرنسي باتجاه حظيرة التدجين الامريكية في الموقف الموحد الامريكي – الاسرائيلي الذي بلور قرار 1559 الذي اقره مجلس الامن الدولي والذي ادى الى اخراج الجيش السوري من لبنان والذي يطالب بتجريد حزب الله والمقاومة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية في لبنان من السلاح.
هذه المطالب السافرة التي تطالب بها اسرائيل الرسمية العدوانية، فما يرضي السيد فانه يرضي عبده ايضا. ولهذا لم يكن من وليد الصدفة ان يستقبل الرئيس الفرنسي، شيراك وغيره من المسؤولين الفرنسيين ارئيل شارون بالاحضان وبالترحاب. كما انه ليس من وليد الصدفة ان شارون اسرائيل الرسمية التي كانت ترفض أي دور فاعل لفرنسا والاتحاد الاوروبي على ساحة العملية السياسية في المنطقة فان شارون اليوم مستعد، واعلن ذلك، للموافقة على دور فاعل لفرنسا على ساحة المفاوضات في المنطقة.
لقد اشاد شيراك في استقباله لشارون بـ "القرار التاريخي" لفك الارتباط الاسرائيلي في غزة، واكد مجددا موقف فرنسا "من اقامة دولة فلسطينية، مستقلة قابلة للاستمرار" ولكن الرئيس الفرنسي لم ينبس ببنت شفة ضد مواصلة الممارسات الاسرائيلية الاجرامية، وخاصة مواصلة عمليات الاستيطان والتهويد في القدس العربية الشرقية المحتلة، ومواصلة بناء جدار الضم والعزل العنصري على اراضي الضفة الغربية، هذه الممارسات التي هدفها ومدلولها السياسي عرقلة ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للاستمرار يا سيادة الرئيس الفرنسي. ففك الارتباط مع قطاع غزة كان يمكن ان يكون قرارا تاريخيا لو تم تنسيقه مع القيادة الشرعية الفلسطينية وفي اطار اعتباره جزءا عضويا من خارطة الطريق وخطوة يتبعها استئناف العملية السياسية والمفاوضات الاسرائيلية – الفلسطينية لانهاء الاحتلال الاستيطاني وانجاز الحق الفلسطيني المشروع بالدولة والقدس والعودة. وتجاهل هذه الامور يا سيادة الرئيس الفرنسي لن يقدم لفرنسا مكانتها ودورها المحترمين في بناء مستقبل المنطقة.
الجمعة 29/7/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع