الثمار المرة لبذور الدمار والحرب
صدى الإرهاب الإمبريالي

قـُتل أمس العشرات وجرح المئات من المدنيين (بريطانيين ومن جنسيات أخرى) نتيجة جريمة التفجيرات المدانة التي وقعت في العصمة البريطانية لندن.
وبكثير من الحذر ومثله من المسؤولية نقول: رغم التفاوت في الضجة الإعلامية والعالمية، فقد أزهقت في العراق وأفغانستان هذا الأسبوع وحده حياة العشرات بل قل المئات من المدنيين. ورغم التفاوت في الهوية العينية للمسؤول المباشر عن القتل، فإن المسؤول الجذري والحقيقي والمركزي في الحالتين كلتيهما لا يختلف البتة; إنها سياسة الإمبريالية والرأسمالية المعولمة التي تشكل بريطانيا ضلعا أساسا فيها.
لقد كانت المسألة – كما أقر المسؤولون البريطانيون أنفسهم – مسألة وقت. فحكومة بلير "العمـّالية"(!!) هي التوأم شبه السيامي لإدارة بوش، وحليفتها في الحرب الإرهابية على الدمقراطية وحقوق الإنسان ومقدّرات الشعوب وحريتها، المسماة اعتباطا بـ"الحرب على الإرهاب" التي تحرق الأخضر واليابس في أفغانستان والعراق. وملف بلير في هذا الخصوص لا يقل سوداوية ودموية من ملف ربيبه بوش.
ولكن المسألة لم تكن مسألة وقت فقط، بل مسألة توقيت أيضا، حيث تزامنت تفجيرات الأمس مع انعقاد قمة الدولة الصناعية-الرأسمالية-الغنية الثماني، ومع تطور الصراع  في العراق الأبي بين قوات الاحتلال وعملائها العراقيين والعرب والمسلمين، من جهة، والمقاومة العراقية والعربية والإسلامية الحقيقية، من جهة أخرى، وفي ظل فشل الجيش الأمريكي المستمر في تصفية قادة "القاعدة" وتحديدا (حليف أمريكا في الماضي غير البعيد) أسامة بن لادن.
لقد ربط بلير نفسه بعربة بوش التي تجر مصالح حفنة مستشرسة من الرأسماليين على حساب الغالبية الساحقة من بنات وأبناء البشرية، بمن فيهم الجزء الأكبر من مواطني بلادهما. ولا يستوي المنطق إلا بان تقوده مسالك تلك العربة إلى هذه الطريق المخضبة بالدماء والدموع، التي لا تختلف ألوانها باختلاف أعراق وأديان وملامح الضحايا. فشلال الدم في العراق النازف ليس أرخص من دماء الأبرياء التي أريقت في لندن أو مدريد أو نيويورك.
لقد جعل محور الإستغلال والعدوان الإمبريالي أحد شعوبه أمس يأكل الثمار المرة لبذور الدمار والحرب التي ينثرها بطشا ونهبا وطغيانا، بنفسه أو بواسطة أذرع تخدمه كحكومات إسرائيل المتعاقبة. وكما نؤكد دوما، فإن المطلوب لحقن دماء الجميع، أيا كانوا، هو استئصال مسببات الإرهاب من جذورها، بالنضال ضد هذا المحور الذي تشكل أمريكا وبريطانيا رأس حربته وذراع بطشه.
ورغم الطاقات الهائلة المبذولة لمسخ العقول وتأجيج الغرائز القبلية، نؤكد ان تفجيرات الأمس لم تكن الرد على الإرهاب الإمبريالي، بقدر ما كانت صداه. حيث يدفع المدنيون، من بغداد الى لندن، الثمن المؤلم في الحالتين، بين فعل الارهاب وبين صداه.

(الاتحاد)

الجمعة 8/7/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع