شُلّت أيدي المجرمين

عندما جرت الجريمة البشعة في الرابع عشر من شهر شباط الماضي باغتيال رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري طرحنا السؤال التالي: من هو المجرم الذي له مصلحة ويتوخى انجاز مكاسب سياسية من وراء اغتياله. في حينه اكدنا اننا لا نستبعد ان تكون وراء هذه الجريمة ايد امريكية – اسرائيلية وذلك بهدف خلق القلاقل والتوتر في لبنان وايجاد الظروف والمناخ الملائمين لخلق وضع جديد في لبنان يسهل جذبه الى الارتماء في حضن المخطط الاستراتيجي الامريكي – الاسرائيلي للهيمنة في المنطقة وتدجين نظامه امريكيا.
والتطورات اللاحقة من قرار 1559 واخراج القوات السورية من لبنان الى عودة عون الى الساحة السياسية وغير ذلك يجعل من المصداقية بمكان مدى صحة تقييمنا بان تحالف الشر الامريكي – الاسرائيلي هو صاحب المصلحة من تصفية الرئيس رفيق الحريري.
وامس الثلاثاء، عاد نفس السؤال يطرح نفسه على ضوء التصفية الجسدية، الجريمة النكراء باغتيال الشخصية الوطنية التقدمية البارزة، الامين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني، جورج حاوي. من له مصلحة في تصفية واغتيال حاوي؟ وما الهدف من وراء ذلك؟ فالحاوي تاريخه حافل بالنضال الوطني التقدمي والثوري عبر عشرات السنين. فايام احتلال اسرائيل للجنوب اللبناني برزت مواقف جورج حاوي والحزب الشيوعي اللبناني بالعمل على رص صفوف المقاومة اللبنانية من شيوعيين وحزب الله وغيره لتطهير الارض اللبنانية من المحتلين والتخلص من دنسهم. كما انه كان من المناصرين للحق الفلسطيني المشروع بالتحرر والاستقلال الوطني ومن اجل رفع الضيم والمعاناة والقيود التعسفية المفروضة على اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات اللجوء والمآسي اللبنانية ومن اجل حقهم الشرعي بالعودة. جورج حاوي كان مناضلا عنيدا ضد مخططات الهيمنة والعدوان الامبريالية الامريكية- الاسرائيلية في المنطقة وعالميا، ضد الحرب الاستراتيجية الانجلوامريكية في العراق واحتلاله وضد الخطة الاستراتيجية الامريكية-الاسرائيلية للهيمنة في لبنان والمنطقة. جورج حاوي كان مناضلا علمانيا دمقراطيا من اجل تخليص لبنان من قيود الطائفية المقيتة ومن المحاصصة الطائفية السياسية، من اجل لبنان دمقراطي علماني، من اجل فصل الدين عن الدولة وبناء لبنان الحضاري الدمقراطي، من اجل التطور الاجتماعي والتخلص من براثن نظام التقاطب الاجتماعي، نظام العصبية الاقطاعية الطائفية. فكل من ناضل جورج حاوي ضدهم فكريا وسياسيا وجماهيريا، داخل وخارج لبنان، لهم مصلحة سياسية في اغتياله وتصفيته.
اننا في "الاتحاد" اذ نستنكر جريمة اغتيال جورج حاوي الشنيعة، نأمل أي يجري الكشف سريعا عن المجرمين ومن يقف وراءهم لمعاقبتهم، كما نأمل للقوى التقدمية والوطنية اللبنانية الصادقة وللشيوعيين اللبنانيين ان يتخطوا وبسرعة هذه المحنة، ان يوحدوا صفوفهم لما فيه المصلحة الحقيقية لشعب لبنان وتطوره الحضاري العلماني الدمقراطي، وشلّت ايدي المجرمين.
الأربعاء 22/6/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع