صرخة المعاقين، صرختنا!

الموقع المشترك لمختلف منظمات المحدودين حركيًا وعقليًا (المعاقين) ينشر اعلانًا على أولى صفحات موقعه على الانترنت تحت العنوان: "ذُهلنا ولم نصدّق!".
الاعلان يتطرّق الى الضربات التي تخططها وتمارسها الحكومة بحق هذه المجموعة السكانية ذات الاحتياجات الخاصة، والمحقـّة. وقد ورد فيه (الاعلان) أن الضربات الاقتصادية "تعود" لتضرب المعاقين مجددًا وأنها "تقتصر" على الفقراء منهم.
هذه هي المعادلة في اسرائيل المنحدرة الى هاوية وانحطاط التقاطب الاجتماعي البشع، حيث يرتفع عدد كبار الأغنياء قليلا ويزداد جيش الفقراء بحشودهم.
والآن يواجه المعاقون تمييزًا بشعًا يتمثل بمنعهم المـُعلن والوقح من دخول منشأتي الالعاب والملاهي، "لونا بارك" و "سوبرلاند". وذلك بحجة كاذبة هي "القلق على سلامتهم". وهي حجة تاتي لتغطية امتناع أصحاب تلك المنشآت الاجرامي عن توفير وتمويل كل ظروف الأمان، بحيث يحظى الجميع بالحق في ارتياد هذه الأماكن العامة، حتى لو كانت بملكية خاصة.
لقد أطلق قادة تلك التنظيمات حملة احتجاجية شملت تقديم شكوى لدى الشرطة، أمس، ضد أصحاب المنشأتين المذكورتين. وهي حملة يجب أن تتواصل وتتصاعد حتى يتم شطب هكذا سلوكيات تمييزية مرفوضة. ومن واجب الجميع الانسجام في هذا النضال، عبر مقاطعة هذه الأماكن تمامًا حتى تغيّر من هذه السياسة الساقطة أخلاقيًا وقانونيًا.
نحن لا نستغرب أن تظهر هذه الممارسات بحق الشرائح المستضعفة في دولة كهذه. خاصة أن هذه الدولة ومؤسساتها تزداد تبلدًا تجاه كل من لا ينتمي الى "نادي الأقوياء" في اسرائيل. سواء كانت خلفية الإقصاء قومية أو اجتماعية او اقتصادية.
فالدولة التي لا يزال المواطنون العرب فيها ضحايا للتمييز "بكل عادية وطبيعية"؛ ولا تزال النساء فيها (وهنّ أغلبية وليس أقلية) بعيدات عن التعاطي المتساوي مع حقوقهن؛ ولا يزال فيها كل من يعتبر "مختلفًا" عن "لون" المؤسسة ونخبها يعيش خارج محيط دائرة المساواة – هي دولة لا بدّ أن تظهر فيها أشكال "أكثر تحديدًا" من التمييز والتعامل الفوقي المهين المنافي لقاعدة احترام الانسان بكونه انسانًا أولا وآخرًا.
وأيضًا، وربما قبل كل شيء، فالمجتمع الذي يعيش في ظل نظام قائم على احتلال ارض وحياة وحق شعب بأكمله، والذي يزداد فيه التبلـّد تجاه المستضعفين والمعطّلين عن العمل والمحرومين من أدنى ظروف العيش الكريم، هو مجتمع لا بدّ أن تتفشى فيه السلوكيات والتوجهات الساقطة أخلاقيًا، كالتي يتعرّض لها المعاقون.
من هنا، فيجب مواجهة هذا التعامل التمييزي بكل قوة شعبية ونضالية. والى جانبه يجب تحديد وكشف أسباب هذا الاستسهال في اهانة البشر، (لمن لم يعرفها بعد!)، وهي أسباب تشكل جزءًا من القواعد التي يقوم عليها نظام هذه المؤسسة – وهي قواعد يجب تغييرها جذريًا وتنظيفها من كل توجهات الاستعلاء ووهم التفوق العرقي، وكذبة الريادة الحضارية والحصرية الديمقراطية، واستضعاف المسحوقين اجتماعيًا واقتصاديًا!
فالتمييز قد يتخذ أشكالا عدة، لكن أسبابه تظلّ مشتركة. وللتخلص من هذا التمييز العيني يجب سحق الأسباب الواقفة خلف بقية تجلياته، فكرامة الانسان وحقوقه هي وحدة واحدة لا تتجزّأ.

(الاتحاد)

الثلاثاء 21/6/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع