ألتصويت كان تحدّيًا عظيمًا

مع بزوغ فجر أمس الاثنين اعلنت المعطيات النهائية عن نتائج الانتخابات النيابية في مناطق الجنوب اللبناني، في صور وصيدا والنبطية وجزين وغيرها. وقد اتسمت هذه الانتخابات ونتائجها بميزتين اساسيتين بارزتين بشكل صارخ، الاولى، النسبة المرتفعة نسبيا وبالمقارنة مع باقي المناطق التي جرت فيها الانتخابات، لمن مارسوا حقهم الانتخابي. ففي صيدا بلغت نسبة التصويت واحدا وخمسين في المئة، وفي كل مناطق الجنوب بلغ المعدل الوسطي للمشاركين في التصويت حوالي ثلاثة واربعين في المئة وبرز ارتفاع نسبة التصويت في الاماكن ذات الاغلبية الشيعية بينما في بعض الاماكن، مثل جزين على سبيل المثال ذات الغالبية المسيحية والمؤيدة للجنرال عون فلم تتعد النسبة الـ 19%. وكان بالامكان ان تكون نسبة المشاركين اعلى، لولا طريقة الانتخابات المتبعة (المنطقية) التي تفرز حتى قبل يوم الانتخابات الفائزين بالتزكية مما يطفئ من حرارة الانتخابات ويؤدي الى انتشار ظاهرة اللامبالاة والى انسحاب وعدم مشاركة ومقاطعة بعض القوى السياسية غير المشمولة في تحالفات التكتلات الاقطاعية السياسية والطائفية. وبالرغم من ذلك فان نسبة المشاركة المرتفعة نسبيا مقارنة مع باقي المناطق اللبنانية دافعها الاساسي الطابع المميز الذي رافق سير المعركة الانتخابية في الجنوب اللبناني، الذي اتخذ شكل الاستفتاء العام من حيث مدلوله السياسي وكأن المنافسة تجري حول تحديد الموقف، هل انتم يا أهل الجنوب الذين عانيتم من جرائم وموبقات الاحتلال الاسرائيلي مع الاملاءات الامريكية – الاسرائيلية التي يتضمنها قرار 1559 بتجريد المقاومة اللبنانية، وخاصة حزب الله، من سلاحها، ام أنتم مع التحدي والصمود ورفض هذه الاملاءات من خلال التصويت لقوى المقاومة. وعمليا هذه كانت الميزة الثانية التي اسفرت عنها نتائج الانتخابات. فتحالف حزب الله الشيعي مع حركة "أمل" الشيعية برئاسة نبيه بري رئيس البرلمان اللبناني، الذي اتخذ اسم كتلة "المقاومة والتحرير والتنمية"، نجح في تحويل المعركة الانتخابية كأنها تجري حول تحديد الموقف من قرار مجلس الامن 1559، حول الموقف من تحديات الاملاءات الامريكية – الاسرائيلية التي تضغط لتجريد المقاومة من اسلحتها، وان التصويت لتحالف حزب الله – أمل هو تصويت لحماية المقاومة وتجنيد الرأي العام العالمي لتخفيف وافشال الضغوط الامريكية الهادفة الى نزع سلاح المقاومة وتدجين لبنان امريكيا. ولهذا في ظل مثل هذا الطابع الذي رافق المعركة الانتخابية في هذه المناطق لم يبرز الصراع السياسي – الانتخابي على ساحة المنافسة بين القوى السياسية المختلفة ايديولوجيا وسياسيا – اجتماعيا. فاكثر من تسعين في المئة من المشاركين في التصويت صوتوا عمليا لقائمة "المقاومة والتحرير والتنمية" التي نجحت في حصد جميع المقاعد البرلمانية المخصصة في هذه المناطق للبرلمان. فمن حيث المدلول السياسي كان التصويت بمثابة تحدّ عظيم للاملاءات والضغوطات الامريكية – الاسرائيلية وادانة لها ورفضها، كان بمثابة استفتاء شعبي اعلن من خلاله اهالي الجنوب اللبناني تأييدهم للمقاومة ورفض الخنوع والاستسلام لمخطط الهيمنة الاسرائيلية – الامريكية في المنطقة. ورغم ذلك يبقى السؤال الى اين يتجه لبنان بعد الانتخابات؟

الثلاثاء 7/6/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع