ألانتخابات المحسومة نتائجها سلفًا!

إنطلقت امس الجولة الاولى من الانتخابات النيابية اللبنانية في منطقة بيروت.
وقد جاءت هذه الانتخابات بطابعها الحالي لتخيّب آمال كل من اعتقد بانه بعد ما مرّ على لبنان من ازمة خانقة بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وبعد انسحاب القوات السورية من لبنان، سيؤدي ذلك الى بلورة نظام سياسي – اجتماعي جديد لا تتحكم في ادارته المحاصصة التحالفية السياسية الطائفية – الطبقية، والى بلورة نمط من الدمقراطية يكون مثلا يحتذى لجميع بلدان وشعوب المنطقة. ولكن للاسف الشديد فان الانتخابات الحالية، من حيث طابعها ونتائجها المرتقبة والمحسومة حتى قبل اجرائها، تعتبر بمثابة اعادة انتاج التحالف السياسي – الطائفي – الطبقي الذي حكم لبنان طيلة الوقت.
فهذه الانتخابات تجري على قاعدة قانون الالفين الذي ينسجم مع املاءات الادارة الامريكية التي تضمنها قرار مجلس الامن 1559. فبموجب هذا القانون الجائر المعادي للدمقراطية تجري الانتخابات على الطريقة المنطقية، حيث يقسم لبنان الى مناطق وولايات، بحيث تجري المحافظة على موازنة طائفية بين المسلمين (سنة وشيعة) والدروز والمسيحيين في البرلمان، ووفقا للموازنة الطائفية يخصص لكل منطقة وولاية عدد محدد من النواب الذين يتوجب ايصالهم من كل طائفة دينية الى البرلمان. ففي منطقة بيروت على سبيل المثال، اذا خصص مثلا مقعد للارمن، ومرشح الارمن حصل على مائة صوت فقط ومرشح سني مثلا حصل على الفي صوت، يدخل الارمني البرلمان ولا يصل عتبة البرلمان المسلم السنّي، وهكذا دواليك.
وهذه الطريقة الانتخابية المنطقية وفرت لممثلي الاقطاع السياسي الطائفي – الطبقي من مختلف الطوائف والعائلات الاقطاعية الغنية المناخ المناسب لمواصلة هيمنتها على البرلمان المقبل وعلى الحكم ايضا. ولضمان هيمنتها في الظروف التي يوفرها قانون الانتخابات الفين عقدت صفقات تحالفية غريبة – عجيبة بين مختلف الطغم والفئات السياسية والطائفية – الطبقية رغم البون الشاسع في الموقف السياسي لكل منها. هذا وتجري عملية استغلال دم الحريري لحصد الاصوات والتمثيل للتحالف الذي انشأه نجل الحريري في بيروت. فاكثر من نصف المقاعد المخصصة لبيروت حصدتها قائمة الحريري بالتزكية قبل الانتخابات، وينتظر ان تحصد هذه القائمة بقية مقاعد بيروت في انتخابات الامس. فقد نجحت عائلة الحريري في تحويل المعركة من معركة سياسية حول مستقبل تطور لبنان الى معركة تعاطف مع الرئيس المغدور.
ان اعادة انتاج التحالف السياسي الطائفي – الطبقي لتسلم مفاتيح الحكم في لبنان وفقا لمخطط الهيمنة الامريكية في المنطقة، وفي لبنان ايضا، ادى ان تقاطع بعض القوى والشخصيات والاحزاب، وفي مقدمتها الحزب الشيوعي اللبناني، هذه الانتخابات اللادمقراطية والمعادية لمصالح تطور لبنان الدمقراطي والحر والمستقل.
والحزب الشيوعي اللبناني الذي يقاطع هذه الانتخابات يدعو مجددا كل القوى الدمقراطية الى التوحد حول برنامج سياسي يؤسس للتغيير الدمقراطي الذي في مركزه الغاء الطائفية بكل اشكالها واصلاح اقتصادي اجتماعي يؤسس لعدالة اجتماعية حقيقية مترافقة مع التصدي لكل جوانب الفساد، وقانون دمقراطي للانتخابات قائم على اساس الدائرة الواحدة.

الأثنين 30/5/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع