كلمة الاتحاد
سيناريوهات خطيرة!

لم يكن وزير "الأمن" شاؤول موفاز في أي مرة ذا قامة تحظى بالتقدير. ليس منّا بالطبع، فالموقف ساطع، ولكن حتى من أكثر المعلقين العسكريين تشدّدًا. فهم يتحدثون عن شخصيته التابعة لكل ما يضعه اريئيل شارون، وعن انشغاله بالسياسة "المنخفضة" وافتقاره الى ما يميز القادة. ويقولون ان رمي رئيس اركان الجيش موشيه يعلون من منصبه بدافع الانتقام الشخصي هو مجرد مثال على ذلك.
أمس اراد موفاز الظهور كسياسي ذي قامة، فاختار التوصية والمطالبة بوقف الانسحابات من قلب المدن الفلسطينية.. لماذا؟ كالعادة، اسطوانة الارهاب المشروخة عادت للعمل ساعات اضافية.
فالمؤسسة العسكرية المجرمة التي يقف موفاز على رأسها وزيرًا، تريد من الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) أن يورّط الشعب الفلسطيني باحتراب داخلي دموي. يريدون منه ما يسمونه "محاربة الارهاب". أما ابو مازن فقد كان وما زال واضحا. وردّ، أمس، بوضوح: هذا خط أحمر!
من الواضح ان السلطة الفلسطينية برئاسته تقوم بخطوات حازمة ولكن مسؤولة لوقف فوضى الاسلحة. والرأي العام الفلسطيني يوفر بمعظمه الدعم لهذا التوجه. سواء في مختلف الاستطلاعات، وقبلها في الانتخابات. أما المطالب الاسرائيلية الجديدة على نمط "متعوّده!" فإنها تسعى لشيء آخر تمامًا. وهو نفس "الخط الأحمر" الذي يرفض الفلسطينيون مجرد الاقتراب من التفكير به، أي الاقتتال الداخلي.
لقد أكدنا مرارًا انه مع تواصل الخطوات (المتعثرة) لفك الارتباط في غزة، يجب ان تتصاعد اليقظة، الحيطة والجاهزية السياسية لكل القوى التي تسعى لتسوية عادلة. فلا يمكن النظر الى خطة شارون، الهامة بحد ذاتها، كخطوة تبشّر بالضرورة بخير آتٍ.
ويزداد تأكيدنا على هذا، حين نرى ما تفعله الايدي الاسرائيلية الرسمية وهي تصرّح به بكل صلافة، أي التخطيط لتعميق زرع الغام الاستيطان على درب التفاوض.
يجب التحذير مما يلي: ربما ان حكومة شارون تعدّ لسيناريوهات مخبّأة في الادراج. مثل تطبيق فك الارتباط والخروج من غزة و.. "ستوب"! أي دون تنفيذ أي تقدّم آخر. ونقول هذا مذكّرين بتقارير صحفية، مسرّبة لكتّابها عسكريًا، وتتوالى منذ اشهر، ومفادها ان الجيش "يتوقع" انفجارا سيكون بمثابة "انتفاضة ثالثة" في الخريف القادم!
وبما اننا نعرف بالتجربة ان جهاز الاحتلال الاسرائيلي لا يتوقّع، بل يعدّ البنى التحتية لمسلسلات العدوان التي تأتي خدمة للابقاء على اكثر ما يمكن من ارض فلسطينية واقل ما يمكن من سكّان، فسيصبح بامكاننا قراءة هذا التصعيد الاسرائيلي الأخير المتمثل بوقف احترام تفاهمات شرم الشيخ.
إن المؤسسة الاسرائيلية تعلم جيدًا أن السلوك السياسي الفلسطيني المسؤول الحذر يضعها في الزاوية أمام مستحقات قادمة، مهما كانت قتامة الأفق الدولي بالنسبة للحق الفلسطيني. وربما بدأ التخطيط لافتعال ازمة يريدون لها ان تنتهي بإلباس ابو مازن "كوفية الارهابي"، حسب عُرفهم المقيت.
وعليه، يجب التأكيد على ما يلي:
* وجوب الحفاظ على مناعة ووحدة البيت الفلسطيني.
* رفض كافة الضغوط الاسرائيلية الساعية الى اشعال النار مجددًا.
* الاحتكام الى الحكمة السياسية والى سقف التفاهم والتنسيق الوطني، والابتعاد عن الانفرادية في القرار وفي الممارسة من قبل جميع تيارات هذا الشعب المكافح.
فكما تكسرت كل مشاريع شارون على صخرة الوحدة الفلسطينية، يجب العمل بحيث تظلّ صخرة الصمود هذه المتّكأ الأصلب لطموحات هذا الشعب بالتحرر والاستقلال والسيادة واحقاق حقوق اللاجئين.

(الاتحاد)

الخميس 5/5/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع