نظام يُنتج المساطيل

في هذا العالم العجيب الغريب، عالم الرأسمالية المليء بالتناقضات التي يفرزها طابع هويته الاستغلالية الطبقية، تبرز الى جانب ايام الكفاح العالمية – يوم العمال العالمي في الاول من ايار، يوم المرأة العالمي في الثامن من آذار وغيرهما – العديد من "الايام العالمية" التي يعكس مضمونها عفونة وجرائم النظام الرأسمالي اجتماعيا. ومن ايام العفونة الرأسمالية العالمية تجدر الاشارة الى "يوم الماريحوانا العالمي" الذي يصادف يوم السبت القادم! ويستعد آلاف الاسرائيليين من ضحايا السموم الهارية لاحياء هذه المناسبة "باحتفالات" تسطيلية في تل ابيب والقدس!
وما يثير اشد القلق انه في ظل سياسة العدوان والاحتلال والبطالة والافقار السلطوية المنتهجة فان المجتمع الاسرائيلي يشهد عملية اعادة انتاج موسع للمساطيل ضحايا تعاطي الاجناس المختلفة من المخدرات.
فحالات الفقر المتزايدة والضائقة الاجتماعية وتلوث الحالة النفسية لقوات الاحتلال من جراء الجرائم التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني، حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، يقود جميعها الى سقوط اوساط واسعة من الشبيبة الاسرائيلية في مهاوي اليأس والجريمة والانتحار الذاتي في مستنقع المخدرات. ومعطيات العام الفين واربعة تعكس صورة قاتمة السواد عن التدهور في اوحال السموم القاتلة، خاصة بين الطلاب والشبيبة. فوفق هذه المعطيات فان اكثر من ثلاثمائة الف انسان في اسرائيل حتى جيل الاربعين سنة يتعاطون المخدرات. وان خمسة وعشرين في المئة من الشبيبة الاسرائيلية في جيل 12-24 سنة يتعاطون المخدرات، أي ان كل شاب رابع يغرق في بحر التسطيل. والوضع اسخم واكثر مأساوية بين الطلاب.
فوفقا لهذا التقرير فان واحدا وثلاثين في المئة من الطلاب في العام الفين واربعة قد تعاطوا المخدرات خاصة الماريحوانا والحشيشة! أي ان كل طالب ثالث يرتع في صف المسطولين، وان اتساع دائرة تعاطي المخدرات بين الطلاب تزداد باطراد سنويا، فمن سنة 1996 الى سنة 2003 زاد عدد متعاطي المخدرات بين الطلبة بنسبة 8,3% وفي المنظور الاستراتيجي فان النظام في اسرائيل ينتج ثلث رجال المستقبل من المساطيل!
لا نعرف اذا كان هذا التقرير يشمل مآسي المخدرات بين الشبيبة العربية، فهذه الآفة المدمرة تنتشر كالسرطان في مدننا وقرانا العربية. ولا مفر من مواجهتها. ونحن نحمّل سياسة السلطة المسؤولية الكبيرة عن تدهور الشبيبة في عالم المخدرات. فحكومة تبني سياستها على تقليص ميزانيات التعليم والمراكز الجماهيرية وتغلق مراكز الفطام ولا تجهز الكوادر المطلوبة لمحاربة المخدرات ولمحاربة المجرمين من تجار المخدرات، فان سياسة كهذه لا تقود الا الى زيادة انتشار آفة المخدرات. ومسؤولية كل من يعز عليه بناء رجال مستقبل اصحاء ان يساهم في المعركة لانقاذ الشبيبة من سرطان المخدرات.
الأربعاء 4/5/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع