عندما تتغلّب المصالح على المبادئ!

أنهى رئيس الوزراء التركي والوفد المرافق له زيارته الى اسرائيل، امس الاول الاحد، ومحادثاته مع رئيس الحكومة الاسرائيلية، ارئيل شارون وغيره من المسؤولين الاسرائيليين.
ويستدل من سير وطابع المحادثات وما تمخض عنها من اتفاقات سياسية واقتصادية وعسكرية بين البلدين، ان النظام التركي برئاسة رجب طيب اردوغان يعود الى طاولة دفع عجلة التحالف الاستراتيجي الاسرائيلي – التركي تحت مظلة الرعاية الامريكية. ونقول "يعود" لانه في سنوات الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وتحت ضغط الشارع الجماهيري التركي المندد بجرائم الاحتلال الاسرائيلي والمتضامن مع الكفاح الفلسطيني العادل للتحرر والاستقلال الوطني، في تلك الفترة فترت العلاقات التركية – الاسرائيلية مؤقتا والى درجة شبه فيها اردوغان جرائم حكومة الاحتلال الشارونية ضد شعب الانتفاضة الفلسطينية بـ "ارهاب الدولة". وقد استغل نظام اردوغان هذا "الموقف المبدئي" ضد الاحتلال الاسرائيلي وجرائمه لتحسين علاقاته مع سوريا وغيرها من البلدان العربية. ولكن حدثت متغيرات في المنطقة جعلت النظام التركي يغلّب مصالحه الانانية على المواقف المبدئية. فاحتلال قوات العدوان الانجلوامريكي للعراق والتهديدات الامريكية البلطجية لسوريا ولبنان واتضاح معالم الاستراتيجية العدوانية الامريكية للهيمنة على منطقة الشرق الاوسط وتدجين انظمتها في حظيرة خدمة المصالح الامبريالية الامريكية، كل هذه التطورات وغيرها جعلت النظام التركي يعود الى قواعده السابقة، الى احضان التحالف الاستراتيجي الامريكي – الاسرائيلي على امل ان يجد له مكانا ويقوم بدور في اطار استراتيجية الهيمنة الامبريالية وفي مخطط املاء وفرض "سلام امريكي" في المنطقة مقابل تحقيق بعض المصالح التركية الانانية، مثل دعم دخول تركيا الى الاتحاد الاوروبي ومنع اي شكل للاستقلال الذاتي الكردي في العراق وتحجيم دور ايران في المنطقة. وانطلاقا من قاعدة المصالح هذه جرى ابرام عدة اتفاقات تركية – اسرائيلية في اثناء زيارة اردوغان لاسرائيل. فسياسيا اتفق على اقامة وفتح خط هاتفي مباشر بين مكتبي اردوغان وشارون "لتبادل المعلومات" المخابراتية. وعسكريا جرى ابرام اتفاقية تحديث طائرات حربية تركية بمقدار اربعمائة مليون الى خمسمائة مليون دولار، واقتصاديا زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين. ففي العام الفين واربعة بلغ حجم الميزان التجاري ما قيمته مليارا دولار.
بعد انهيار وتفكك الاتحاد السوفييتي انتهجت الامبريالية الامريكية استراتيجية اقامة نظام عالمي جديد بزعامتها. وفي هذا الاطار اقامت التحالف الاستراتيجي العسكري التركي – الاسرائيلي والعمل لجر الاردن الى حظيرته. وزيارة اردوغان لاسرائيل تندرج في اطار تشغيل رئات هذا التحالف.
الثلاثاء 3/5/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع