رسالة بوتين الى المنطقة!

وصل الى البلاد امس قادما من مصر رئيس جمهوريات روسيا الاتحادية الفدرالية، فلاديمير بوتين، في اول زيارة يقوم بها رئيس روسي (وحتى سوفييتي) الى اسرائيل. وتندرج هذه الزيارة الى المنطقة في اطار المساعي التي يبذلها النظام الروسي لاخذ دور ناشط في العملية السياسية لاخراج المنطقة من دائرة الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني- العربي ومن بؤرة التوتر المخضبة بالدماء. وسيقوم بوتين بالاضافة الى مصر واسرائيل بزيارة مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية والتباحث مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) وغيره من المسؤولين الفلسطينيين. فنظام الرئيس بوتين يحاول تجسيد دور روسيا كدولة عظمى في المشاركة بصياغة القرار السياسي المتعلق بمصير التطور السياسي في منطقة الشرق الاوسط، هذا الدور الذي تزعزع بانهيار وتفكك الاتحاد والسوفييتي. فلروسيا مصالحها وعلاقاتها التاريخية والسياسية والاقتصادية والتجارية مع العديد من بلدان المنطقة، مع العراق وسوريا وايران ومصر قبل السادات وغيرها، هذه المصالح التي ضربت في عهد استراتيجية الهيمنة الامريكية على المنطقة ابتداء باحتلال العراق ومواصلة بتهديد سوريا ولبنان وايران. والنظام الروسي لا يوافق ان تبقى قضية العملية السياسية وقيادة العملية التفاوضية حكرا على امريكا ونظامها الحليف الاستراتيجي لاسرائيل والمنحاز بشكل صارخ الى جانب مواقفها العدوانية، خاصة وان روسيا مهمشة بالرغم من انها احد المركبات الاربعة في اللجنة الرباعية (الكوارتيت) التي تقف وراء خطة "خارطة الطريق" الى جانب الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة ولهذا فان رسالة بوتين الاساسية التي يحملها معه في جولته الحالية في المنطقة مضمونها الاسهام في دفع العملية السياسية واشغال روسيا لدور ناشط في اطارها. ولعل ما اشار اليه بوتين من خلال محادثاته في القاهرة عن الاعداد لمؤتمر دولي بمشاركة مختلف اطراف الصراع في الخريف القادم يندرج في اطار المساعي السلمية التي تبذلها روسيا لاخراج المنطقة من دوامة الصراع.
وبصراحة فاننا غير متفائلين من احتمال ان يقطف بوتين الدبس من قفا النمس الاسرائيلي وان يغير من موقف شارون الاستراتيجي المعادي للتسوية العادلة والرافض لمشاركة نشيطة لاي طرف آخر غير الطرف الامريكي على ساحة العملية السياسية والتفاوضية في المنطقة؟ اللهم سوى تكرار الطلب التقليدي من أي طرف آخر الضغط على الفلسطينيين والسوريين وغيرهم للقبول بالاملاءات الاستسلامية الاسرائيلية المدعومة امريكيا.
فحكومة شارون ترفض أي دور فعال للاتحاد الاوروبي في العملية السياسية، فهل هناك ذرة من احتمال ان تقبل بما رفضت الموافقة عليه للاتحاد الاوروبي و"تسمح" بدور فعال وناشط لروسيا في العملية التفاوضية؟
فحتى قبل ان تطأ اقدام بوتين الارض الاسرائيلية بدأت وسائل الاعلام وما يتسرب من اروقة حكومة شارون- بيرس بنشر حملة تشكيكية حول موقف روسيا من قضايا الصراع في المنطقة، قضية صفقة الصواريخ مع سوريا ومساعدة روسيا لايران في بناء طاقتها النووية للاغراض السلمية. حملة المقصود من ورائها التغطية على المدلول الاساسي لرسالة بوتين الى المنطقة التي ترفض حكومة شارون مضمونها، جملة وتفصيلا.   
الخميس 28/4/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع