الشبيبة الشيوعية ترفض "الخدمة المدنية" بالقول وبالفعل!

*حشد كبير في الندوة التي دعت لها الشبيبة الشيوعية في الناصرة حول مخطط الخدمة المدنية الخطير* قبول واسع في الناصرة لملصق رفض الخدمة المدنية*المتحدثون في الندوة يؤكدون على رفض مشاريع ضرب وحدة الصف الوطنية*

الناصرة- من خليل حداد- بدعوة من الشبيبة الشيوعية في الناصرة جرت مساء أمس الأول السبت، ندوة حول موضوع الخدمة المدنية حضرها العشرات من ابناء مدينة الناصرة، من الشبان والشابات، حيث تحدث في الندوة كل من المحامي وليد فاهوم ورفيق الشبيبة وحيد عساقلة من قرية المغار ورفيق الشبيبة أوري فيلطمان من كفار سابا، الذي أتى ليحل مكان الرفيق عومري عفرون الذي كان متواجدًا في مظاهرة قبالة سجن رقم 4، حيث تظاهر عدد من رافضي الخدمة العسكرية، اللذين طالبوا بتحرير ايال برمي رافض الخدمة العسكريّة الذي سجن يومها في هذا السجن.
ادار الندوة رفيق فرع الناصرة للشبيبة الشيوعية لؤي زياد، حيث بدأها بمقدمة قصيرة حول الخدمة المدنية وطلب من الرفيق وحيد عساقلة أن يطرح امام الحضور تجربته الشخصية مع المؤسسة العسكرية، حيث تكلم عساقلة عن فرض الخدمة العسكرية على العرب ابناء الطائفة الدرزية، حيث فرضت عليهم الخدمة تحديدًا سنة 1956. وشدد عساقلة أن فرض التجنيد على العرب الدروز هو ليس الا محاولة سلخ هذه الطائفة عن قوميتها العربية، وأن هذه المحاولات لم تكن فقط عن طريق فرض التجنيد، بل أيضًا عن طريق منهاج التعليم المختلف في القرى العربية الدرزية عن سائر القرى والمدن العربية في البلاد.
وتحدث عساقلة عن كيفية تغيير الجيش للقيم الانسانية لدى الشاب العربي الدرزي، حيث يلغي الجيش كل المبادىء والقيم التي نما عليها هؤلاء الشباب، والامر يلاحظ عندما تقارن الشابة بالشاب، فالعربية الدرزية التي لا تخدم، نلاحظ أنها ما زالت تحافظ على القيم التي نمت عليها، ونراها مبالية للوضع العام ولديها نظرة انسانية حول المجريات اليومية، على عكس الشاب العربي الدرزي الذي من خلال خدمته في الجيش نرى أنّ المؤسسة العسكرية تسيطر عليه وتغسل عقله. ومن هنا دعا الجميع الى عدم ترك الشباب العرب الدروز، والمحاولة دومًا في توعيتهم قبالة سياسة الدولة تجاههم.
وتحدث عساقلة عن احداث المغار المؤسفة، وربطها أنّ العرب الدروز مجندون في الجيش، وقسم كبير من شباب القرية يخدمون طوعًا في الجيش، وذلك على اساس أنّ "الجيش يحميهم"، وتساءل: ما هي النتيجة؟ الواقع هو أنّ الجيش يشرذم ويقسّم ابناء الشعب الواحد، ويبعدهم عن بعض، وهذا بالضبط ما يهدفون به اليوم من مخطط الخدمة المدنيّة، هم لا يريدون التحسين، بل التخريب والتفريق ليبقى شعبنا منقسمًا، وهم يسرحون ويمرحون به.  
بعد ذلك وجّه زيّاد سؤالاً للمحامي وليد فاهوم، حول ماهيّة الخدمة المدنيّة، ولماذا البلبلة في الاسماء، فأجاب فاهوم أنّ البلبلة مقصودة، حيث نسمع أحيانًا بالخدمة المدنيّة، وأحيانًا اخرى بالخدمة القوميّة والخدمة الوطنية والامنية، والشرطة الجماهيرية والحرس المدني، وصولا الى الشرطة العسكرية فالخدمة العسكرية فالتجنيد الاجباري. وأوضح أنّ الجندي أو الشرطي العربي مقموع في هذه الاجهزة والهيئات، وهو القامع تجاه ابناء شعبه، أي هو المقموع والقامع، والهدف هو التفتيت من الداخل، اي تطبيق لسياسة فرّق تسد، وأنّ كلّ المصطلحات هدفها واحد وهو "من ذهنه قليلو"، أي تفتيت الشعب الواحد وتغذية الشرذمة فيه.
وشرح فاهوم حول كيفية استغلال المؤسسة لحالات داخل مجتمعنا من اجل تفكيكه اكثر فاكثر، فالمؤسسة تركز على الفارغين ذهنيًا وسياسيًا من ابناء شعبنا، وتتشبث بالحلقات الضيقة اي بالعائلة والحمولة والطائفة وتوهم كلّ فئة أنها تحميها، والخدمة المدنية هي واحدة من السبل الكثيرة لتفتيت الشعب الواحد. وأعطى فاهوم مثالا عن أنه قبل هبّة اكتوبر كان هنالك 5 مراكز فقط للشرطة الجماهيريّة في القرى والمدن العربيّة، وبعد الهبّة ارتفع العدد ليصل الى 43 مركزًا، ومن هنا تتضح نوايا هذه الدولة في سحبنا فردًا فردًا والغائنا كقوم. وركّز فاهوم على الدور الهام الذي يقع على عاتق الشباب في مدارسهم في مواجهة هذا المخطّط، وحثهم على المواجهة والنقاش مع معلمي المدنيات تحديدًا، والذين كما يبدو أنّ قسمًا كبيرًا منهم قد مدح هذه الخطّة وروّج لها، هذه الخطّة التي لا يوجد بها أيّ أمرٍ إيجابي، بل على العكس، هي خطّة تهدف الى تدمير الشعب الواحد ونسفه وتحويله الى مجموعة افراد وقبائل وطوائف.
وحلّل فاهوم الخطّة من وجهة نظر طبقيّة، وقال أنّ كل خطة تهدف الى الخصخصة، كخطّة عبري ودوفرات وويسكونسن، هي خطّة مرفوضة، هدفها المتاجرة باليد العاملة، فمثلا خطة عبري حول الخدمة المدنيّة التي يصرحون انها طوعيّة، هدفها في نهاية المطاف الربح المادي، فبدل أن يدفعوا لعاملٍ ثمن عمله وجهده، يأتون بالشباب الذين لا يخدمون بالجيش، ويجعلونهم يتطوعون مكان عمّال كانوا يتلقون اجرهم مقابل العمل، وبالتالي بهذا الاجر تغتني الجمعيات المسؤولة عن المخطط، وتحوّل أرباحها للدولة التي تستخدمها في زيادة التسلّح والمستوطنات.
وشدّد فاهوم على اهميّة دور الحزب الشيوعي والجبهة والشبيبة في مواجهة كلّ هذه المخططات وليس مواجهة واحدة وترك الاخرى.
بعد ذلك كان السؤال للرفيق اوري فيلطمان الذي تحدّث عن تجربته الشخصيّة مع المؤسسة العسكريّة، وتحدّث عن حركة رافضي الخدمة العسكريّة، وأوضح أن عدد الرافضين في  نمو مستمر، حيث أنّه حسب الاحصائيات الرسميّة كانت نسبة المجندين لصفوف جيش الاحتلال هذا العام فقط 77% من الذين عليهم فرض التجنيد، والمتوقّع أنه في العام القادم ستهبط هذه النسبة الى 66% فقط، بما يعني أنّ ثلث الشباب في الدولة سيرفضون الخدمة، وأوضح فيلطمان على أنّ الجيش في هذه الدولة هو اداة للقمع، وانّ الخدمة المدنيّة التي يحاولون فرضها هي تمهيد الطريق للخدمة الالزاميّة للاقلية العربيّة، وبالتالي سلخهم عن حضارتهم وتفتيتهم.
وتحدّث فيلطمان عن أنّ كبار الحكم في الدولة، وحتّى عبري الذي سميت هذه التوصية باسمه (الخدمة المدنيّة – توصية لجنة عبري)، هم رجال جيش، ويفرضون الحياة العسكرية لتسيطر مكان الحياة الاجتماعية التي من المفترض أن تسود، ويحولون الميزانيات بدلا من التعليم والصحة الى المستوطنات والجدار العنصري والاحتلال، فمثلا قبل فترة اشترت حكومة اسرائيل 15 طائرة (أف 15) من الولايات المتحدة، ويتساءل فيلطمان ما حاجة اسرائيل الى تلك الطائرات؟ ألم يكن حريّ بها أن تصرف هذه الموال في التعليم؟ وفي العمل على المساواة؟
وأكمل فيلطمان كما عساقلة عن موضوع رفع جيل التعليم في الجامعات من 18 الى 20 سنة، موضحًا أنّ الامر كي يخلقوا فراغًا في حياة الشاب العربي، فاليهودي في هذه السنوات يخدم في الجيش، وبالتالي يهدفون بذلك الى جرّ الشاب العربي الى الجيش بطريقة غير مباشرة، وبداية الطريق هي الخدمة المدنيّة.
وفي نهاية الندوة فتح باب النقاش، حيث كانت هنالك الكثير من الاستفسارات من الحضور للمحاضرين الثلاثة، ممّا دلّ على استجابة الحضور لاهميّة مواجهة الموضوع.
واختتم زيّاد الندوة داعيًا الحضور الالتفاف حول الشبيبة الشيوعية والحزب الشيوعي من اجل التصدي أمام هذه الخطة تحديدًا وأمام كلّ مخططات الدولة الهادفة لتفكيكنا كقوم، والهادفة الى اغناء رؤوس الاموال وافقار المحتاجين.
وكان رفاق الشبيبة الشيوعية في الناصرة، قد نشطوا صباح السبت في توزيع المناشير والملصقات الرافضة للخدمة المدنية، على المارة وعلى سائقي السيارات، ولوحظ تجاوب واسع من قبل هؤلاء مع الملصقات، ومع مضمون المناشير. وقد استفز وجود الشبيبة في الشارع لتوزيع المناشير قوات الشرطة الجماهيرية والحرس المدني، مما جعلهم يحاولون منع رفاق الشبيبة من توزيع المنشور والملصق، إلا أن هؤلاء تصدوا لهم بشجاعة، وانضم اليهم عدد من المواطنين، فتفرق الشرطيون فورا.

الأثنين 4/4/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع