أريحا النموذج

بعد جرجرة ومرمطة اعصاب الفلسطينيين خلال اسبوعين من "المفاوضات الامنية" الاسرائيلية الفلسطينية اعلن امس الاربعاء الاتفاق على تسليم مدينة اريحا الى ايدي السلطة الفلسطينية، على ان يتم تسليم طولكرم وقلقيلية في الاسبوع القادم!


ولم يكن من وليد الصدفة ان الفرحة لم تعم بين اهالي اريحا والشارع الفلسطيني من جراء ما تم الاتفاق عليه "امنيا". فما انتظره الاهالي والشعب الفلسطيني ان يلتزم المحتل الاسرائيلي ويجسد على الارض ما تم التفاهم عليه والاتفاق حوله في قمة شرم الشيخ الرباعية الاخيرة، بسحب قوات الاحتلال من المدن الفلسطينية وضواحيها التي احتلتها من جديد منذ مجزرة القدس والاقصى وانطلاقة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وازالة حواجز المعاناة والاذلال الاحتلالية – من حول رقبة المدن والقرى الفلسطينية. وما تم من اتفاق حول اريحا لم يحرر المدينة من جميع قيود الاحتلال وحواجزه. لقد صدق رئيس بلدية اريحا في تعليقه عندما اكد ان الاحتلال لم يغير من وضعية المدينة المحتلة بشكل جدي وجذري، بل قام بزحزحة بعض الحواجز وازالة حواجز هامشية مع ابقائه على الحواجز المركزية وعلى قوات احتلاله حول محيط المدينة. فالاحتلال ابقى على الحواجز التي تفصل بين المدينة واهلها وبين الاراضي الزراعية التابعة لاهالي اريحا والقرى المحيطة بها.
والانكى من ذلك ان المحتل ابقى على الحاجز المركزي على شارع اريحا- القدس الذي يعكس البعد الاستراتيجي لمخطط المحتل التآمري بفصل القدس الشرقية عن محيطها الفلسطيني بهدف تهويدها وضمها تحت السيادة الاقليمية السياسية الاسرائيلية: فأريحا النموذج ليس النموذج الذي يتوخاه الفلسطينيون.
لقد اراد واستهدف المحتل الاسرائيلي من وراء الاتفاق الامني بتسليم اول مدينة فلسطينية الى السيادة الامنية الفلسطينية ان يكون النموذج للانسحابات المقبلة من باقي المدن الفلسطينية حيث تبقى بايدي المحتل، رغم الانسحاب الجزئي، العصمة في المجال الامني، والعمل لاستغلال ذلك كوسيلة ضغط في المجال السياسي لابتزاز تنازلات سياسية من السلطة الشرعية الفلسطينية. ما تم الاتفاق حوله من انسحاب في اريحا يعكس حقيقة ان حكومة الاحتلال والاستيطان الشارونية لا تجنح في سياستها الممارسة لدفع عجلة التسوية السياسية العادلة.
كما يعكس طابع الاتفاق حول اريحا ان شارون لم يتخل عن برنامجه الكارثي في الضفة الغربية والمجسد في خطة الفصل مع قطاع غزة. ومثل هذه الاتفاقات الامنية لا تدفع عجلة التسوية الى امام.

الخميس 17/3/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع