تدجين مرفوض!

من غير المعروف متى "سيفرج" رئيس الحكومة اريئيل شارون عن "تقرير عبري"، الذي تسلمه من لجنة خاصة تعجّ بالجنرالات والمسؤولين الأمنيين، وفيه توصيات لفرض اشتقاقات الخدمة العسكرية على الشباب العرب.
المقصود بالطبع هو التسميات المخففة لتلك الخدمة المسماة وطنية تارة، ومدنية تارة، بين أقواس مزدوجة طبعًا. وما يجب تأكيده هنا، هو أنه يتوجب على رئيس الحكومة بموازاة قراءته للتقرير، أن يقرأ الشارع والنشاط الشعبي المتراكم المتصاعد ضد هذه البدائل التي لا يملك الشباب العربي سببًا واحدًا حتى يتلقفها.
فالفكرة الأولى، سواء تلك الناتجة عن التعمق والتحليل أو تلك التي تأتي بعفوية خاطفة، تجعل الشاب العربي يرى في هذا المخطط نذير شر. فليس فقط أن السلطة توجه اليه بلاغًا مفاده، أن مواطنته ليست في موضع تشكيك فحسب، بل انها مواطنة مشروطة مع وقف التنفيذ وغير مفهومة ضمنًا. فما معنى رسم مخطط من قبل ذوي الباع العسكري وتجميله بمفردات مدنية وغيرها؟ ما معنى ربط اكتمال المواطنة الكاملة باشتراطات شبه أمنية؟! ومن يجب أن يثبت ولاءه واحترامه هو المؤسسة وليس العكس.
إن القضية الأساس التي لا تزال تجهض الثقة بين الجماهير العربية وبين حكومات هذه الدولة، هي منطق الإملاء وفرض المشاريع عنوة، وبهندسة أمنية بغيضة في الأساس.
ومما يبدو، فإن المؤسسة لم تتعلم، وترفض الاعتراف بخصوصية هذه الجماهير في موقعها المتميز. وبدلا من اعتماد المضامين والقيم التي يفترض أن تحكم العلاقات بين مؤسسات الدول الديمقراطية وبين الأقليات فيها، يتواصل اعتماد نهج التدجين والتلقين الفظ لأقلية وطن، تعاني شتى أشكال التمييز والتعاطي المؤسساتي العنصري بحقها، مع كل ما ينتج من ذلك من رواسب ثقيلة.
في الآونة الأخيرة تتصاعد يوميًا النشاطات الشعبية الرافضة لمشروع التدجين الجديد هذا، والتي بادرت اليها الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحزب الشيوعي، وتتسع دائرتها لتشمل مختلف القوى والأطر التمثيلية.
ان الرسالة واضحة، وهي أن هذه الجماهير ترفض أن يتم تحويلها الى هدف للتدجين بمنطق أمني استعلائي. ونكاد نجزم أن ما سنقرأه في تقرير عبري المذكور، لن يتجاوز المعهود، والمرفوض بالتالي، مما ينسلّ من الرؤوس المؤسساتية.
وحتى ذلك الحين، يجب أن تتصاعد الحملة الشعبية الرافضة لهذا المخطط التدجيني الجديد. ونذكّر من يجب تذكيره، أن هذه الجماهير ليست بحاجة للإثبات أنها عصيّة على التدجين، فليراجع المعنيون بالأمر حساباتهم، إذن!

(الاتحاد)

الجمعة 11/3/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع