كلمة الاتحاد
موقف واضح!

صدق الرئيس السوري بشار الأسد حين توقع متهكمًا، أمس، وهو يلقي خطابه الهام امام البرلمان في دمشق، أن الردود الأولى على حديثه ستكون ان "هذا غير كاف". فبالفعل، سارع البيت الأبيض الى استعمال نفس الوصف، ومثله بالضبط الناطقون الاسرائيليون الرسميون، على شاكلة سيلفان شالوم!.
لقد أوضح الاسد أمس ما لا يصعب على "المعنيين بذلك" أن يروه، وهو نية سوريا تنفيذ انسحاب منظم من شقيقتها لبنان. وهو ما من شأنه أن يفكك الألغام السياسية والأخرى التي يحواصل زرعها محور الشر، الذي يلعب عليه جورج بوش واريئيل شارون، ومعهم بعض "قصيري النظر" الذين يجب التامّل أن تكون مشكلتهم في البصر وليس في البصيرة!
ومما يبدو من الاعلان السوري الذي ترافق بتفصيل خطوات عملية، أولها اجتماع قمة سوري – لبناني الاسبوع القادم لجدولة الانسحاب، يتوجب الآن حصر النقاش والجدل والنقد على محور بيروت – دمشق، وعدم السماح لأطراف خارجية مشبوهة، بل مُدانة بأفعالها، بالتصيّد في مياه هي أكثر من لديه مصلحة بتعكيرها. وهي عناوين ليست مبنية للمجهول، بل تحمل اسماءً وعواصم وتكشف بنفسها نواياها صراحة، يوميًا. وما تبغيه هذه الجهات ليس في صالح لبنان واللبنانيين، لأنه بالذات في غير صالح سوريا والسوريين.
يقال هذا مع احترام شرعية مطالب اطراف لبنانية بانسحاب عسكري سوري. ولكن يبقى السؤال/الامتحان: أهو مطلب لتنظيم علاقة الاشقاء والجيران، أم غير ذلك؟!
في الاسابيع الاخيرة يكثر الخبراء والمراقبون الاستراتيجيون من الاشارة الى وثيقة وضعها سيء الصيت نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني. هذه الوثيقة التي جاءت تحت عنوان "الاختراق النظيف" وُضعت عام 1996 بمشاركة اسرائيلية، غير مباشرة على الاقل. وقد تحدثت صراحة عن برمجة الهيمنة الامريكية، بحيث تبدأ في العراق ولكن لا تتوقف فيها. بل تمتد الى سوريا، فإيران عبر ضرب المقاومة اللبنانية، كبداية.
ولذلك، فإن كل من لا يريد تغطية الشمس بعباءة، وكل من لم يُصَب بـ "العمى السياسي الاختياري" لدى كل القوى الوطنية في لبنان وغير لبنان، يتوجب عليه الآن الارتقاء الى مستوى المسؤولية، وليس الانزلاق الى حضيض المشروع الامريكي البغيض، المناقض لمصالح الشعوب العربية وكل شعوب المنطقة.

(الاتحاد)

الأحد 6/3/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع