رسالة إلى الشباب
الجبهة . . الآن بالذات
/ بقلم: المحامي أيمن عودة /
ينشر موقع الجبهة كتاب "الجبهة الآن بالذات - رسالة إلى الشباب" لكاتبه المحامي أيمن عودة عضو مكتب الجبهة، والذي كان قد أصدره سنة 2001 بهدف مشاركة الصبايا والشبان بالتعريف على التاريخ المجيد للحزب الشيوعي ولإبراز قوّة وصدق مواقف الجبهة واختلافها عن باقي الأحزاب الفاعلة بين الجماهير العربيّة
إدارة الموقع
مقدمة
بأسلوب ممتع، يجعل المحامي أيمن عوده من تأريخ الحركة الوطنية الديموقرطية في بلادنا، سرداً جذابًا، بإمكان الجميع قراءته وسبر أغواره، وهذا هو المطلوب اليوم، عندما نعرض هذا التاريخ المجيد أمام أجيالنا الصاعدة.
كيف استطاع الأوائل وضع خط ثوري كفاحي من خلال منهج عقلاني واقعي، في ظروف بالغة التعقيد، وبهذا حافظوا على بقاء وتطور الجماهير العربية في اسرائيل؟ الجواب على هذا السؤال جدير بابحاث واسعة، ولكن أساس ذلك هو قدرة قيادة حزبنا الشيوعي أن تمتلك، في أحلك الظروف، بوصلة الشجاعة والواقعية السياسية والافق الانساني وتفاؤلاً منقطع النظير أن المستتقبل للشعوب وليس لاعدائها، ونعتز أن نكون، نحن وشبابنا في الحزب والجبهة، المواصلين لهذا الطريق المجيد.
هذا الكتاب الذي أمامكم يحمل قصة أكثر مما يحمل تاريخـًا، وهي قصة كفاح مجيدة، ويحمل هذا الكتاب توضيحًا بالغ الأهمية للمواقف الشيوعية والجبهوية الشجاعة في محطات بالغة الصعوبة، والان بقي منها ذكرى عطرة ودرس علينا جميعًا الاطلاع عليه وسبر اغواره.
حق الشباب علينا أن نفتح أمامهم كنوز هذا التاريخ، بكل خباياه؛ بالتفاصيل الصغيرة، بحيثيات اتخاذ هذا الموقف او ذاك، فوراء هذا التاريخ رجال ونساء من دم ولحم، لهم عواطفهم وانسانيتهم وحماسهم، وكان من الممكن أن يكون الدرب مغايرًا، لولا هذه البوصلة – الفكر الوطني التقدمي الديمقراطي والالتزام بقضية المظلومين في هذا العالم.
الكتاب هو أسهام هام لايصال هذا التاريخ لشبابنا، وهنالك الحاجة لمزيد من الجهد لهذا الفرق ... من أجل أجيالنا الصاعدة، فتحية لايمن عودة ولكلّ من ساهم في اصدار هذا الكتاب.
عوده بشارات
سكرتير عام الجبهة الديموقراطية
للسلام والمساواة
الدور الريادي للحزب الشيوعي في نضال الجماهير العربية
عاش شعبنا العربي الفلسطيني آلاف السنين على أرض وطنه فلسطين حتى حيكت المؤامرة الإجرامية بحقه من قبل الحركة الصهيونية والإمبريالية البريطانية وبتساوق من الرجعية العربية فكانت النتيجة تشرد 780,000 فلسطيني من وطنهم إلى الدول العربية والشتات القسري ومنع شعبنا من حقه في تقرير مصيره كأي شعب في العالم.ولم ينفذ الشق الثاني من قرار التقسيم القاضي بإقامة الدولة الفلسطينية.
وبعد هذه النكبة بقيت أقلية من شعبنا تعدادها 156,000 (بحسب الإحصاءات الحكومية الرسمية) أقلية مهزومة منكوبة وفي الوقت ذاته أصيلة في وطن لم تعرف سواه، تعاني من التمييز والتهميش والضياع، أصلا أعتبر بقاؤها خطأ حسب المشروع الصهيوني بالامكان تقبلها بشرط عدم الازعاج والتجرؤ على رفع الهامه بكرامه وطنيه والمطالبه بالمساواه وعدم دق الخزان المعدّ لها باعتبارها "مواطنه" درجه دنيا وفرض عليها حكماً عسكرياً يخرق أبسط جقوق الانسان : حرّيّة التنقّل والتملّك , والعمل والتعليم والزواج والمحاكمه العادله وغيرها...
في هذه الظروف القاسيه والبالغة التعقيد نشط الحزب الشيوعي بين صفوف الجماهير العربية، شارحًا وموضحًا وموعيًا لها ظروف وخطورة المرحلة وأهمية البقاء والصمود وقهر نفسية النكبة1 وغرس نفسية المواجهة والتحدي والتجذر. كما ناضل الحزب الشيوعي منذ اليوم الأول لإقامة دولة إسرائيل من أجل الاعتراف بالعرب كأقلية قومية ومساواتها قوميًا ومدنيًا في جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية2 ومن أجل تجسيد حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة.
ومن أجل توضيح دور الحزب الشيوعي رأيت أن أستعرض – بشكل موجز – معارك شعبنا الحاسمة – بعضها لا كلها – في تلك الظروف العصيبة. علني أنجح في عرض صورة_ وإن كانت غير وافية_ للجيل الشاب عن دور الحزب الشيوعي الكفاحي والمميز في نضال الجماهير العربية في تلك الحقبة التي كان فيها الموقف يكلّف صاحبه الملاحقة والتعذيب والإهانة والتضييق بلقمة العيش، صورة عن نضال وبطولات شعبنا وقائده، الحزب الشيوعي.
الحكم العسكري
مع قيام الدولة ومؤسساتها، فرضت السلطة الحاكمة نظام الحكم العسكري على المساحتين المزدحمتين (نسبيًا) بالسكان العرب الذين صمدوا في وطنهم في الجليل والمثلث3.
واستخدمت في سبيل ذلك أنظمة الدفاع (الطوارئ) لعام 1945 التي أصدرتها حكومة الانتداب البريطاني لقمع الكفاح الشعبي من أجل الاستقلال.
ونستطيع تلخيص الحكم العسكري بالاستشهاد بما قاله أهارون كوهين، أحد زعماء "مبام" الذي أبعد عن القيادة بسبب مواقفه الإيجابية من الجماهير العربية في إسرائيل وتأييده لحقوق الشعب العربي الفلسطيني:
"في نهاية العقد الأول كان 85% من العرب يعيشون في مناطق الحكم العسكري، وفي حدود هذا الحكم (الإقليمية) لم تسر قوانين الدولة، ومكانها، سرى حكم الحاكم العسكري وزبانيته، وكان يحاكم العرب في محاكم عسكرية لمخالفات كان يحاكم اليهود بسببها في محاكم مدنية، وكان من صلاحيات الحاكم العسكري منع أي مواطن من دخول بعض المناطق وأن يضع أشخاصًا تحت مراقبة الشرطة وأن ينفيهم من أماكن سكناهم وأن يعتقلهم اعتقالاً إداريًا وأن يفرض نظام منع التجول على مدن وقرى بأسرها، وإذا أراد شخص أن يترك مكان سكناه كان عليه أن يحصل على تصريح من الحاكم العسكري الذي يقرر كم من الزمن يستطيع أن يغيب عن بلده وطريق وصوله إلى هدفه ومخالفة هذه الأنظمة كانت تعرض مرتكبيها للغرامة أو السجن أو الأمرين معاً"4.
وبلغت مساوئ الحكم العسكري أن قارن المحامي يعقوب شمشموم شبيرا – وهو بدوره تسلم وزارة القضاء في الستينيات - بين ما يجري في البلاد وبين ما جرى في النرويج وهو في قبضة الحكم النازي، حيث قال: "حتى في ألمانيا النازية لا توجد قوانين كهذه". وأضاف: " علينا أن نعلن أمام العالم أجمع أن قوانين الدفاع التي سنتها حكومة الانتداب البريطاني هي هدم لأسس القضاء في البلاد".
وفي الحقيقة أن الحكم العسكري قد فرض على الجماهير العربية بهدف التضييق والسيطرة عليهم، إن لم يكن بهدف ترحيلهم.
وبهذا الحكم العسكري فإن حكام إسرائيل خرقوا عدة بنود ومواد حقوق الإنسان: حرية التنقل والتملك، والعمل والتعليم والزواج... والمحاكمة العادلة في إدارة البلاد وغيرها.
وفي 4/12/1955 ونتيجة كفاح الجماهير العربية بقيادة الحزب الشيوعي لإلغاء الحكم العسكري وأنظمة الطوارئ وبتأييد من القوى الدمقراطية اليهودية ألفت الحكومة لجنة ثلاثية لتبحث إمكانيات تقليص الحكم العسكري من مساحة ومجال عمله لمقتضيات الأمن، وتكونت اللجنة من محاضر التخنيون يوحنان رتنر ونائب رئيس بلدية القدس أيام الإنتداب دانيال إسكر ومحامي الهجناه الحيفاوي يعقوب سالمون.
ومنذ اللحظة الأولى من تأليف اللجنة بدأ الحزب الشيوعي نشاطاً مكثفًا لإلغاء الحكم العسكري.
آنذاك، في شباط العام 1956 قدم وفد الحزب الشيوعي الإسرائيلي الذي تألف من نواب الكنيست، ماير فلنر وتوفيق طوبي وإميل حبيبي، مذكرة (صدرت فيما بعد بعنوان الكتاب الأسود) أوضحت فيها تعسف الحكم العسكري وتضييقاته ومآسيه.. كما أوضحت دوافعه العنصرية.
لكن لجنة رتنر التي تألفت من متعصبي الصهيونية أصدرت تقريرها في آذار 1956 لتسوغ بقاء الحكم العسكري وأنظمة تصاريح السفر وقيود أنظمة الطوارئ بذرائع ممجوجة ومعروفة.
واستمر الشيوعيون في مقاومة الحكم العسكري وتوعية الناس وتأليبهم ضده. وقرر الحزب في وثائقه وفي نشاط اعضائه في الكنيست أن الحكم العسكري تحول إلى أداة في أيدي حزب الحكومة – مباي – لتزوير إرادة الجماهير العربية في الانتخابات البرلمانية فالحكام العسكريون كانوا يتحولون إلى هيئة أركان انتخابية ويستخدمون صلاحياتهم الدكتاتورية لإجبار الناخبين العرب بالتهديد والترغيب للإقتراع في مصلحة ذلك الحزب.
ومن الأمثلة على استخدام أنظمة الطوارئ إعلان الحكم العسكري في قرية كفرقاسم (قرية ضحايا المجزرة في 29/10/56) منطقة مغلقة لا يدخلها غير أهلها في (29/10/66) لمنع احياء الذكرى العاشره للمجزرة5.
ولعلّ أفضل مثال على تشويهات الحكم العسكري تصويت أعضاء الكنيست حول الحكم العسكري وممارساته في شباط 1963 حين فرض كفاح الجماهير العربية بتأييد القوي الدمقراطية اليهودية حسم الموضوع في الهيئة التشريعية العليا.
آنذاك، نجح رئيس الحكومة بن غوريون في إحباط القرار بإلغاء الحكم العسكري بصوت واحد.. فقد صوت من أجل بقاء الحكم العسكري 57 عضوًا مقابل 56 أيدوا إلغاؤه...
والمهم أن عضوي الكنيست العرب جبر داهش وذياب عبيد صوتا إلى جانب استمرار الحكم العسكري، وبذلك سوغا بقاء أداة الإضطهاد القومي والتمييز العنصري ودوس الدمقراطية.
وجدير بالذكر أن أعضاء الكنيست الشيوعيين قدموا في أكثر من مناسبة اقتراحات في الكنيست لإلغاء هذا المظهر الفظ من خرق الدمقراطية6.
وفي 12 كانون الأول العام 1966 أعلن رئيس الوزراء ليفي إشكول إلغاء نظام الحكم العسكري ولكنه لم يلغ أنظمة الطوارئ والتي ما زالت سارية المفعول حتى أيامنا ونحن نعاهد بدورنا على مواصلة النضال حتى إلغائها.
معركة الهويات الحمراء
في الفترة الأولى التي أعقبت قيام دولة إسرائيل واجهت الجماهير العربية أخطار التشريد الملموسه. آنذاك كانت السلطات العسكرية تطوف القرى والأحياء العربية في المدن المختلطة بحثًا عما أسمتهم "المتسللين"، وهم المواطنون العرب الذين عادوا إلى مساقط رؤوسهم في وطنهم.. وخلال عملية البحث أو "التمشيط" كما كانت تسمى – كانت السلطات تعتقل النساء والأطفال والرجال والشيوخ العرب وتزجهم بالشاحنات لنقلهم إلى الحدود وقذفهم وراءها. وكان نضال الشيوعيين مميزًا ضد التهجير، حتى أنهم ألقو بأجسامهم أحيانًا أمام الشاحنات كي يمنعوا التشريد، ومن أبرز معاركهم كان المعركة المسماة ب" الهويات الحمراء".
لم يكن ممكنًا ضم الجليل (الذي كان من المفترض أن يكون تابعًا للدولة الفلسطينية، حسب قرار التقسيم) إلى إسرائيل من ناحية وعدم الاعتراف بمواطنة سكانه العرب، وكان لا بد من إعطاء هوية، سيما أن الانتخابات البرلمانية الثانية كانت ستجري في صيف العام 1951. وكان ضم الجليل للدولة قد أصبح مفروغًا منه.. ولا بد أن نقاشًا ثار في الأوساط الحاكمة بين المتطرفين الداعين إلى استغلال ظروف الحرب لطرد البقية الباقية من العرب وبين "المعتدلين" الذين لم يقصروا في عمليات الطرد ولكنهم أخذوا في الاعتبار الأوضاع الدولية وأمورًا أخرى. وأخيرًا بدا أنه تم الاتفاق على تقسيم السكان الباقين إلى فئتين. فئة تعطى هويات مدنية عادية وتكون عادة من العناصر التي يوصي بها الحكام العسكريون, وأخرى, وهي الأغلبية الساحقة تعطى تصاريح بالإقامة المؤقتة. وبذلك يكون وجودها وبقاؤها في الوطن رهنًا بمشيئة الحاكم العسكري وتمديد فترة "الإقامة". وكان هذا يعني بالطبع الحرمان من جميع الحقوق ابتداء من الملكية وانتهاء بحق الناخبين. ولما كانت تلك التصاريح العسكرية ذات لون أحمر فسميت "الهويات الحمراء" مجازًا مقابل "الهويات الزرقاء" المدنية المعروفة7.
ودق الحزب الشيوعي ناقوس الخطر وتداول الأمر وأخذ بتوعية الناس حول خطورة الهويات المؤقتة (الحمراء) وعقدت الاجتماعات الشعبية التي برز فيه محامي الأرض المناضل حنا نقارة، الذي كان يهاجم بشجاعة سياسة الحكومة، وقال للناس: ان المعركة الحقيقية هنا فإن صمدتم فالنجاح مضمون مئة بالمئة. فقد علمت أن الحاكم العسكري يضغط بشتى الوسائل على أفراد على تسلم الهويات الحمراء. هؤلاء الناس إن ضعفوا واستسلموا يخونون أنفسهم قبل غيرهم. القضية تتطلب صمودًا وشجاعة، فهل أنتم مستعدون لتحدي الحكم العسكري بشجاعة؟ وضج الجمهور بالهتاف وارتفع صوت ينشد:
لو هبطت سابع سما عن حقنا ما ممنزل"8
وفي إطار هذا الكفاح لجأ المحامي الشيوعي حنا نقارة إلى المحكمة العليا دفاعًا عن أولئك الذين يتهددهم خطر الطرد من وطنهم بسبب حيازتهم الهويات المؤقتة (الحمراء). ونجح بنقاشه القانوني الإنساني الواضح الخلاق والمستند بالأساس على إصرار الجماهير في البقاء في إقناع المحكمة بصدق دفاعه، فأصدرت قرارها الذي أنقذ حملة تلك الهويات من خطر الطرد وبهذا النضال الشعبي والمهني المسؤول تم انقاذ الاف العرب من خطر التشريد. ورفض الحزب الشيوعي ومحاميه حنا نقارة أخذ أي مقابل عن أي شخص مقابل هذا النضال وهذه المرافعة الناجحين، ولكن الشعب دفع لحزبه ومحاميه واجب الإحترام والحب مديحًا صادرًا من القلب، فأنشد الناس في المناسبات وفي حلقات الدبكة:
صبايا البلد ردوا عليّ الله ينصركوا يا شيوعيه9
وحنّا نقّاره جاب الهويّه غصبن عن رقبة ابن غريونا
مجزرة كفرقاسم 29/10/56
إن المميز الأساسي للعقد الأول لقيام إسرائيل بالنسبة للجماهير العربية والحزب الشيوعي كان مقاومة سياسة التشريد والاقتلاع والنضال من أجل البقاء في الوطن.
إن جماهير شعبنا في قرى الجليل والناصرة وقضائها التي مرت عليها زوبعة الاحتلال وسنواته الأولى القاسية تذكر باحترام دور الشيوعيين والحزب الشيوعي في الصمود والبقاء وإفشال مخططات ونوايا الترحيل والتشريد حتى بعد الاحتلال ومنها ما فشل ومنها ما نجحت السلطات في تنفيذه تحت وطأة العمليات العسكرية وإجراءات مصادرة الهويات والترحيل القسري.
إن أول ما استهدفته مجزرة كفرقاسم (29/10/56) والتي كان ضحيتها 49 مواطنًا عربيًا, كان تشريد وترحيل المواطنين العرب من وطنهم. ومن جملة ما قيل عن ذلك كان شهادة المتهم الضابط دهان في أثناء محاكمته حيث قال "إن الهدف كان أن يهرب عرب إسرائيل في اليوم التالي إلى الأردن.."10 وقال الضابط كول "شعوري كان أن الهدف هو أن يهرب أبناء الأقليات هربًا جماعيًا إلى ما وراء الحدود. وهنا أمرت المحكمة بإقفال أبوابها"11. وبالرغم من التعتيم حول المجزرة ومحاصرة القرية ومنع أي شخص من الدخول إليها استطاع عضواالكنيست الشيوعيان ماير فلنر وتوفيق طوبي من التسلل سرًا إلى القرية. وبعد أن هدّأا من روع الناس وشجعاهم على الحديث بعد ترددهم من هول المجزرة والسياسة الرسمية والخوف من تبعاتها وبعد استماعهما لشهادة الأهالي في كفرقاسم. بعث توفيق طوبي مذكرته الشهيرة إلى مئات الشخصيات العالمية والمحلية فاضحًا المجزرة بتفاصيلها الدقيقة (يُنظر الى الملحق رقم 1، في نهاية الكتاب). واضطرت الحكومة إلى الاعتراف بالجريمة وانعقاد محكمة لبحث القضية ومعاقبة المجرمين، وبالرغم من "العقوبات" المهينة والمستخفة جدًا بالجريمة، إلا أنه من موقف الحكومة هذا ظهر الموقف القضائي المشهور في إسرائيل بأن هناك أوامر غير معقولة وغير إنسانية وهي غير قانونية يحرم تنفيذها على الجندي حتى في أيام الحرب لانعدام شرعيتها وفقدان إنسانيتها ويتحمل منفذوها مسؤولية يحاسبون عليها ولكنّ المحكمه امتنعت عن المساس بالسياسة الرسمية التي أنبتت هذه الجريمة، وبالأوساط العليا صاحبة العقلية التي أصدرت هذه الأوامر الإجرامية.
أيار 58 – إفشال عملية تزوير أرادة الجماهير العربية
أرادت حكومة إسرائيل "تبييض وجهها" أمام العالم لا سيما بعد فضح جريمتها في كفرقاسم واشتراكها في العدوان الثلاثي (بريطانيا، فرنسا، إسرائيل) على مصر (29/2/56) فأرادت إقامة احتفال مركزي كبير للجماهير العربية في مدينة الناصرة!!! بهدف إبراز رضى الجماهير العربية عن دولة إسرائيل "الدمقراطية" وعيشها في بحبوحة فيها بخلاف وضع أخوتهم الفلسطينيين في الدولة العربية.
وجرى التحضير على قدم وساق للاحتفال الكبير، واهتمت الحكومة باستدعاء معظم وسائل الإعلام العالمية والمحلية، وزينوا الناصرة تمهيدًا للحدث الكبير.
أما موقف الحزب الشيوعي وكتلته في بلدية الناصرة فقد عبر عنه طيب الذكر، فؤاد خوري، بقوله :"إن الجماهير العربية تذكر في هذه المناسبة المآسي الدموية التي احاقت بالشعب العربي الفلسطيني سنة 1948"، ثم أضاف "إن المواطنين العرب في إسرائيل يعانون، فوق هضم حقوقهم القومية، هضم حقوقهم المدنية". وأضاف "إن سوق هذه الجماهير العربية للاحتفال والابتهاج ليس إلا سوقها إلى الرياء والكذب، فكيف تستطيع تجريد نفسها من الواقع المر والرقص على قبور ضحاياها وأنقاض حقوقها المهضومة"12.
وفي يوم الاحتفال خرج كادر الحزب الشيوعي في مظاهرة ارتفعت فيها الأصوات للمطالبة بإطلاق سراح صليبا خميس، سكرتير لجنة منطقة الناصرة الذي اعتقل عشية الاحتفال. وبدأ عدد من سكان الناصرة ينضمون للمظاهرة التي حاولت الشرطة تفريقها دون جدوى ووصلت المظاهرة إلى مكان احتفال الاستقلال، ودخل المتظاهرون، في حين هرب كل من كان فيها من الأعوان وممن ضلل بهم، وتحطمت كل الزينات الكهربائية.
في تلك الليلة هاجمت الشرطة وقوات من الجيش الإسرائيلي بيوت قادة الحزب الشيوعي واعتقلتهم إداريًا لمدة ثلاثة أشهر في سجن الرملة وبيسان والدامون13.
وفي اليوم الثاني تجنّد أعوان وعملاء السلطة (بناء على قرار مسبق) ليتظاهروا يوم أول أيار، رافعين الشعارات التي تشيد بحكام إسرائيل، وبالمقابل بدأ المئات من سكان قرى الجليل يدخلون الناصرة رغم الطوق الذي كان مفروضًا عليها.
وما إن بدأت مظاهرة أعوان السلطة، ومن استطاعت تضليلهم بالسير في الشارع العام تحرسها الشرطة، حتى اجتاحت المظاهرة المئات من عمال الناصرة ومنطقتها ومناضليها الشيوعيين، (الذين لم يسجنوا بعد) محطمين الشعارات التي يزّور فيها الحاكم العسكري وأعوانه إرادة الجماهير العربية.
وتفرقت مظاهرة الذل والعدمية القومية ولم يبق في شوارع الناصرة سوى المئات من أعضاء الحزب ومؤيديه، ويكتب طيب الذكر سهيل نصار في مذكراته: "استمرت المعارك بين المتظاهرين، أبطال مظاهرة أول أيار، الذين منعتهم سلطات الإضطهاد القومي والتمييز العنصري من التظاهر، وبين المئات من أفراد الشرطة وقوات الحدود، والشرطة العسكرية، بالحجارة، والشرطة بالهراوات وبالغاز المسيل للدموع والرصاص وحرضت الصحف العبرية ضد الحزب الشيوعي"14 وذلك بهدف التحريض عليها وإخفاء عدالة وحقيقة مطالبها في المساواة الحقيقية والدمقراطية وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
وكانت نتيجة المواجهات أن جرح العشرات من المتظاهرين واعتقل من الناصرة ومنطقتها ما يزيد على 800 مناضل قدم قسم منهم للمحاكم العسكرية، ووقفوا أمام هذه المحاكم برؤوس شامخة معلنين عدم قانونيتها.
ووصلت أحكام السجن في هذه المحاكم العسكرية التي مثل أمامها العشرات من أعضاء الحزب والشبيبة الشيوعية، من الناصرة ومنطقتها ومن المثلث بما في ذلك أم الفحم، إلى أربع سنوات.
عشرات مراسلي الصحف المحلية والأجنبية والإذاعة والتلفزيون، الذين جندهم حكام إسرائيل ليظهروا للعالم البحبحوحة والدمقراطية التي يعيش في ظلها العرب في إسرائيل، هؤلاء الصحفيون اضطروا للإشادة ببطولة الجماهير العربية والمأساة التي تعيشها هذه الجماهير، في ظل الأحكام العسكرية وسياسة الاضطهاد القومي والتشريد ونهب الأرض.
وأصبح اسم الناصرة على لسان كل مناضل في العالم. الذين كانوا يخرجون من الناصرة إلى مختلف بلدان العالم كانوا يعودون ليقولوا للشيوعيين (رفعتم راسنا بنضالكم في كل العالم)15.
أما في منطقة المثلث الشمالي وعاصمتها أم الفحم فقد جرت محاولات مماثله من السلطه للاحتفال بعيد الاستقلال العاشر ,المدارس انهمك المدراء فيها بالاستعداد للاحتفالات والحكم العسكري يدعم ويشجع من اجل اظهار حب الجماهير له ... وهو الجلاد الفعلي ...ومن أجل اعطاء رد للعالم بأن العرب يحبون ويقدرون حكومة اسرائيل ... وعن ذلك يقول محمد شريدي سكرتير فرع الحزب الشيوعي في أم الفحم يومها: لقد وزعنا منشوراً على الأهالي ,فاضحين اللعبه اللعينه ,وحقيقة التوجه الصهيوني وحرضنا الأهل على المقاطعه –مقاطعة الحفلات- وقد اعتدت الشرطه على مظاهرة الشيوعيين الذين كانوا يصرخون "شعبنا شعب حي دمو ما بصير مي" و"ضحايا كفر قاسم لن يذهب دمهم هباء" وكانت النتيجه جرح العديد من المتظاهرين واعتقال العديد منهم.
ويلخص سهيل نصار هذه المعركه-الانتفاضه الأولى- بقوله:
بهذه التضحيات أفشلت عملية تزوير إرادة الجماهير العربية.
يوم الأرض 30 آذار 1976
يوم الأرض هو يوم الانتفاضه الوطنيّه العارمه التي تفجّرت في 30/3/1976 على شكل اضراب شامل ومظاهرات شعبيّه في جميع القرى والمدن والتجمّعات العربيّه في اسرائيل احتجاجاً على سياسة مصادرة الأرض والتمييز العنصري التي تمارسها الحكومه الاسرائيليّه ضد الجماهير العربيّه الفلسطينيّه.
السبب المباشر لأحداث يوم الأرض كان اقدام السلطات الاسرائيليّه يوم 29/2/1976 على مصادرة نحو 21 ألف دونم من أراضي عرّابه وسخنين ودير حنّا وعرب السواعد وغيرها لتخصيصها للمزيد من التجمّعات اليهوديّه في نطاق مخطّط تهويد الجليل وكانت حكومات اسرائيل قد صادرت بين 1948-1972 أكثر من مليون دونم من أراضي القرى العربيّه في الجليل والمثلّث بالاضافه الى ملايين الدونمات الأخرى من الأراضي العربيّه التي أضطر أصحابها للهجره عام 1948 وقد جاءت أحداث يوم الأرض تتويجاً لتحرّكات ونضالات جماهيريّه طويله تكثّفت بشكل خاص في الشهور التسعه التي سبقت ذلك اليوم. وللتفصيل أقول:
* يوم الأرض صنعته جماهير شعبنا بقياد الحزب الشيوعي.
* فكرة إعلان يوم الأرض ومعه الإضراب العام، اختمرت عبر نشاطات جماهيرية متعددة منذ أن أعلنت الحكومة مشاريع المصادرة الكبرى في الجليل في مطلع 1975.
* في 15/8/1975 عقد إجتماع جماهيري كبير في الناصرة، ضم المئات من الشخصيات العربية واليهودية ورؤساء السلطات المحلية العربية وعمالاً وفلاحين وطلاباً وخريجين وأعضاء كنيست. وفي هذا الإجتماع تأسست لجنة الدفاع عن الأراضي العربية (بغالبيتها الساحقة شيوعيون واصدقاؤهم – الجبهويون فيما بعد ورأسها القسيس شحادة شحادة، عضو الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة حتى اليوم). وانتخبت لجنة تحضيرية تعد لمؤتمر شعبي كبير، وقد انعقد فعلا في 18/10/75 في سينما "الناصرة" في الناصرة، حضره عدد كبير من الشخصيات وأعضاء الكنيست والرؤساء، وبرز فيه مشاركة دمقراطية يهودية عديدة.
* في 14/2/1976 عقد مؤتمر شعبي في مدرسة سخنين الثانوية حضره حوالي خمسة آلاف شخص وأعضاء الكنيست توفيق طوبي وتوفيق زيّاد وحمّاد أبو ربيعة. وفي هذا الجو المشحون بالاستنكار الشعبي لخطوات المصادرة التعسفية واتساع حلقة احتجاج الجماهير اليهودية، قرر المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمل من أجل إعلان وتنظيم إضراب عام احتجاجي تقوم به الجماهير العربية لدعم المطالبة بإلغاء قرار المصادرة الظالم، وطلب من أعضاء الحزب العاملين في مختلف الهيئات الشعبية، العمل من أجل إعلان الإضراب وإنجاحه.
* وفي 6/3/1976 عقدت لجنة الدفاع عن الأراضي، إجتماعًا موسعًا في الناصرة، دعت فيه إلى إعلان الإضراب العام في يوم الثلاثاء 30/3/1976 احتجاجًا على سياسة مصادرة الأراضي.
* وفي 8/3/1976 نُشرت في "هآرتس" عريضة موجهة إلى حكومة إسرائيل وقع عليها عشرات من الشخصيات اليهودية مطالبة الحكومة إلغاء المصادرة، وتؤكد على حق الجماهير العربية بالإضراب في وجه التحريض العنصري ضدها.
* وفي 20/3/1976 عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي دورتها الـ 24 وفي قرار خاص، دعت القوى الدمقراطية والجماهير العربية إلى إنجاح إضراب يوم الأرض.
* ومع انتشار قرار الإضراب والتجاوب الجماهيري معه وبدء التنظيم الواسع له، اشتدت مقاومة السلطة للإضراب، بالتحريض والتهديد من جهة، وبتجنيد الأعوان للدعوة لإلغاء الإضراب. وفي ظل هذا النشاط السلطوي، عُقد اجتماع رؤساء السلطات المحلية العربية في شفاعمرو يوم الخميس 25/3/1976، وقدم عدد من الرؤساء الموالين للسلطة اقتراحًا بإلغاء الإضراب وجوبهوا بمعارضة عدد من الرؤساء (الشيوعيون وأصدقاؤهم – الجبهويون لاحقًا). وألقى توفيق زيّاد صرخته الشجاعة والحاسمة "الشعب قد قرر الإضراب".
* ومع الاعتقالات والإرهاب والتحريض السلطوي وتهديد وسائل الإعلام تردد البعض بالنسبة للإضراب. وكان هناك من دعا إلى التريث، وعُقد إجتماع داخلي مستعجل يوم الجمعة 26/3/76 في بيت الرسام عبد عابدي، القريب من مكاتب "الاتحاد" في حيفا، وحضره ماير فلنر، توفيق طوبي، إميل حبيبي، إميل توما، صليبا خميس، سليم القاسم، جمال موسى، رمزي خوري وحنا نقارة. وكانت مداولة مقتصرة، استبعدت كل دعوة لإلغاء أو تأجيل الإضراب.
* في يوم الثلاثاء 30/3/1976 ومنذ الصباح الباكر، كان مكتب جريدة "الاتحاد" في حيفا (المكاتب الحالية في شارع الحريري) مركزًا لاستقبال معلومات حول سير الإضراب الشامل في المدن والقرى العربية والمدن المختلطة وحاولت السلطات الاسرائيلية كسر الاضراب بالقوة فأدى ذلك الى صدام بين المواطنين العرب والشرطة، وكانت أعنف المواجهات في قرى سخنين وعرابة ودير حنا وبلغت حصيلة "يوم الأرض" ستة من الشهداء العرب الأبرار* الذين رووا بدمائهم الطاهرة الأرض التي استشهدواا من أجلها، بالاضافة الى حوالي (49) جريحًا ونحو (300) معتقل.
* على خلفية أحداث يوم الأرض التاريخية واستشهاد ستة مواطنين عرب تقدمت كتلة الحزب الشيوعي في الكنيست بطلب نزع الثقة عن الحكومة، وكانت تلك الجلسة إحدى الجلسات التاريخية الصاخبة في حياة الكنيست. وجاء في المؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي، بُعَيْد يوم الأرض: "وفي "يوم الأرض" بدأت مظاهر بطولة، في مسيرة دفاع الجماهير العربية ضد الهجمة الدموية الوحشية التي شنها الجيش و"حرس الحدود" والشرطة ونظمتها الحكومة عن سبق إصرار، وقد كان هدفها أن تكسر بيد حديدية، مقاومة الجماهير العربية لمشاريع نهب الأرض الجديدة وأن تسلب بقوة الجماهير العربية حقها الدمقراطي في النضال والإضراب للدفاع عن حقوقها الحيوية. لقد قتل ستة مواطنين. وكثيرون أصيبوا بجراح واعتقلوا وعُذّبوا وطوردوا ومثلوا أمام المحاكم. مئات العمال طردوا من أماكن عملهم. كان ذلك مجزرة، فعلية، بالجماهير العربية في إسرائيل. إن المطالبة بإقامة لجنة تحقيق يجب أن تستمر وتتصاعد. فرفض حكومة رابين إقامتها يبرهن فقط على ضمير الحكومة غير النقي وعلى أن آذانها صماء عن مطالب الجماهير العربية وفئات أخرى، واسعة جدًا، في الجمهور اليهودي"16. ثم جاء في المؤتمر "والأوساط الحاكمة في إسرائيل إنما تخطئ خطأ فادحًا، إذا ظنت أنها تستطيع بالمجازر والتحريض حل قضية الجماهير العربية. إن الجماهير العربية في إسرائيل لن تستسلم لسياسة التمييز والاضطهاد القومي وستناضل بكل قوتها لأجل المساواة الكاملة. وعلى الحكومة أن تعترف بالجماهير العربية كأقلية قومية وبمنحها المساواة الكاملة، المدنية والقومية. الجماهير العربية في دولة إسرائيل هي أقلية قومية وهي جزء من الشعب العربي الفلسطيني، وهي تناضل في سبيل المساواة في الحقوق المدنية والقومية في دولة إسرائيل، لمنح الشعب العربي الفلسطيني وحقوقه القومية العادلة، ولأجل السلام العادل بين إسرائيل والدول العربية والتقدم الإجتماعي"17.
وكان لهذا الموقف المشرّف الذي كان إيذانًا لبدء مرحلة جديدة في حياة الأقلية القومية العربية في البلاد، وفي وعيها لذاتها وموقعها، وطريقها المتميز.مرحلة انعطاف، هجرت فيها نفسية النكبة واستبدلتها بنفسية التصدي الصدامي دفاعًا عن نفسها. وعن تجذرها وحقوقها.
محاربة سياسة التجهيل
لقد فقدت الجماهير العربية بعد النكبة الغالبية العظمى من مثقفيها ومن متعلميها ومما زاد الوضع سوءًا السياسة الرسمية للحكومات الإسرائيلية والتي عبّر عنها مستشار رئيس الوزراء في الشؤون العربية أ. لوبراني "لو لم يكن هناك طلابًا عربًا فربما كان أفضل: ولو بقوا حطابين وسقاة ماء فالمحتمل أن يكون حكمهم أسهل"18. وهكذا فإن سياسة التمييز القومي في مجالات التعليم لم تولد من الفراغ ، بل كانت تهدف بالأساس الى ضمان السيطرة على الجماهير العربية وتطويعها. وحيال هذه السياسة الرسمية فإن رد الحزب الشيوعي كان يتجسد في مسارين: الأول- النضال المثابر والدؤوب على جميع الأصعدة لأجل إلغاء التمييز والإضطهاد القومي عمومًا، وفي مجال التعليم, الثاني- إيجاد حل للطلبة العرب، خاصة وأن الجامعات الإسرائيلية كانت تضع عراقيل أمام قبولهم، وكذلك فإن قسط التعليم كان غالبًا ما يؤدي إلى عدم تمكن الكثير من العائلات من تعليم أولادهم، نظرًا لأوضاعهم الاقتصادية الصعبة. وإزاء هذه العراقيل، عمل الحزب، منذ بداية الخمسينات على إرسال الطلاب لتلقي التعليم الأكاديمي المجاني في مختلف الأقطار الإشتراكية وفي مختلف المجالات: الطب، المحاماة، الهندسة، الفلسفة، الآداب، الفن، الموسيقى والرياضة.. ألخ. وهكذا وبفضل هذه البعثات الدراسية تم تعليم آلاف الطلاب العرب. وبهذا تم إجهاض السياسة السلطوية التجهيلية. ومن جهة أخرى فقد شكلت القاعدة الأساسية والكبيرة لفئة الأكاديميين العرب.
شعر المقاومة
بعد الهزيمة النكراء والقاسية التي منيت بها الدول العربية من قبل إسرائيل، في الخامس من حزيران 1967، وبعد فترة من الانتصارات وتحقيق الأماني القومية بقيادة البطل الخالد جمال عبد الناصر، كان وقع الهزيمة قاسيًا على الشعب العربي من محيطه، مرورًا بالأقلية العربية داخل إسرائيل إلى خليجه. وجراء الهزيمة انهارت قيم سياسية وأخلاقية كثيرة. وأدرك الحزب الشيوعي أبعاد نفسية الهزيمة و"الحوقلة لا غير" فأخذ يعمل وينفض الغبار ويصعد من بين الرماد كالعنقاء. الكل يذكر أن جمال عبد الناصر، أعطى مثلاً في سنة 1968 لمظاهرة قادها الشيوعيون في الناصرة لتكون نموذجًا ومثلاً يحتذى به للتخلص من آثار الهزيمة والبناء من جديد.
وانطلق شعراء المقاومة بثقافتهم الإنسانية وأدبهم الثوري الّلذان أثارا إعجاب الشعوب العربية وقوى التحرر والتقدم في العالم أجمع. وأدرك الحزب أهمية دور الكلمة وهيأ لهم الظروف للعمل كـ"محترفي حزب" وفتح لهم أبواب "الاتحاد" و "الجديد" و"الغد"، ونهلوا من مبادئه الإنسانية والوطنية. وجاء في الموسوعة الفلسطينية، أن حركة شعر المقاومة ألّفت برهة تاريخية في حركة الشعر العربي المعاصر، وقد جاءت على أثر هزيمة 1967 لا لتعبّر عن الظرف العربي الجديد برمته، بل لتحدث تطورًا في حركة التعبير الشعرية العربية مثلما جاءت الثورة الفلسطينية المسلحة لتحدث وخزة عنيفة في الضمير العربي وتدفعه المقاومة إثر هزيمة الجيوش لتلقّي الصدمة العنيفة التي أحدثها الغزو في النفوس. وجاء في قصيدة سميح القاسم "ريبورتاج.. عن حزيران عابر!":
"المارد يطلع من مارد
وملايين تنبض في الساحات
تفيض في الساحات. تموج. تغني. تبكي.
قلبًا واحد
وفمًا واحد:
لسنا شعب الخامس من شهر حزيران
نحن ككل شعوب الأرض
نملك أيام السنة الشمسية
والسنة القمرية
نعرف كل فصول الحب ونعرف كل فصول البغض
نعرف حزن الجزر
ونعرف عنف المد"19
وجاء في قصيدة الشاعر سالم جبران:
"أنا لست أبكي
ولن تجدوا في نشيدي
ولو ظل لحن حزين
عرفت المنافي
عرفت السجون
عرفت الضياع الذي صار
أسطورة لعذاب
عرفت الخيام،
عرفت حياة إذا عرفتها
ستعرف منها المنون
أنا لست أبكي
فأبشع من كل ما كان –
ليس يكون!"20
وهكذا أصبحت الطريق ممهدة لظهور صوت جديد معبر عن المأساة وما لبث هذا الصوت البكر أن جسده شعراء المقاومة حاملين نغمة حزن شفافة توائم جو النكسة وتعبر عن الروح الثورية المقاومة.
وكانت أشعار توفيق زيّاد ومحمود درويش وسميح القاسم وسالم جبران وغيرهم يتلقفها المثقفون في العالم العربي ومذياعات الدول العربية لتبث في النفوس روح الأمل والمقاومة وهزيمة الهزيمة. وأذاع "صوت العرب" قصيدة توفيق زيّاد "القريب الآتي" والتي جاء فيها:
"آتٍ ذاك اليوم
قريبًا.. آت
وسأحمل قيثاري وأغني
فوق الطرقات
في مدني وقراي المملوءة
بالخيرات
وجبالي الشمّاء، وفي الغابات
سأغني
للإنسان المتحرر
من كل المغتصبين
من كل المحتلين الغازين
للشعب المتحرر من خوف
الحاضر والمستقبل
وهموم الدنيا والدين
سأغني..
في كل مكان، ومكان:
في القدس العربية
في غزة والجولان!
"وطني محتلاً كان
وطني – أصبح حرًا
والمحتل الغاصب – كان
واليوم،
تحوّل
ذكرى...!!"
وصوت محمود درويش:
"طلعت من الوادي،
وفي الوادي تموت..
ونحن نكبر في السلاسل
طلعت من الوادي مفاجأة
وفي الوادي تموت على مراحل.
... ونمر عليها الآن جيلاً بعد جيل!
ونبيع زيتون الجليل بلا مقابل
ونبيع أحجار الجليل
ونبيعها
كي نشتري في صدرها شكلاً لمقتول يقاتل..."21
فذاع صيت هذه الأقلية الصامدة والمناضلة وشعرائها الشيوعيين الذين كتب عنهم نزار قباني:
"محمود الدرويش.. سلاما
توفيق الزيّاد.. سلاما
يا فدوى طوقان.. سلاما
يا من تبرون على الأضلاع الأقلاما
نتعلم منكمْ..
كيف نفجّر في الكلمات الألغاما
شعراء الأرض المحتلة
ما زال دراويش الكلمة
في الشرق، يكشّون حماما
يحسون الشاي الأخضرا.. يجترون الأحلاما..
لو أن الشعراء لدينا، يقفون أمام قصائدكم
لبدوا أقزامًا.. أقزاما"22
وتجاوزت أخبار ومواقف الأقلية العربية وشعرائها العالم العربي لتصل أحرار العالم كافة، فكتبت جريدة "أنباء موسكو" في شتاء 1970:
"منذ تجاوزت أصوات شعراء المقاومة في إسرائيل أسوار السجن الكبير.. سرى في عروق الشعر العربي دم جديد وأنصت الجميع إلى هذا النبض الخافق العنيف، والذي يحمل في كل كلمة رائحة الجذور المتشبثة بالأرض..
وأصبح الشعر تكفيرًا وميلادًا وتمردًا وثورة"23.
وإزاء مواقف شعراء المقاومة الوطنية والإنسانية الرائعة والتي اختارت الكفاح – غير المساوم – الدمقراطي، أصاب السلطة الجنون وأخذت بالتحريض عليهم واتهمتهم بأنهم ليسوا شيوعيين وامميين وإنما قومجيون وجدوا في الحزب الشيوعي مأوى لهم فانضموا إليه غير مقتنعين بمبادئه الإنسانية. والغريب في الأمر أن هنالك قوى في الوسط العربي ادعت الإدعاء ذاته، فنترك الإجابة على هذه الإدعاءات لمحمود درويش وتوفيق زيّاد. فكتب الأول " ... ازداد اقترابنا من الأوساط اليسارية، وصرنا نقرأ مبادئ الماركسية التي اشعلتنا حماسًا وأملاً. وقوت شعورنا بضرورة الانتماء إلى الحزب الشيوعي الذي كان يخوض المعارك دفاعًا عن الحقوق القومية ودفاعًا عن حقوق العمال الاجتماعية. وحين شعرت أني أملك القدرة على أن أكون عضوًا في الحزب دخلت إليه عام 1961 فتحددت معالم طريقي وازدادت رؤيتي وضوحًا وصرت أنظر إلى المستقبل بثقة وإيمان. وترك هذا الانتماء آثارًا حاسمة على سلوكي وعلى شعري"24 ويقول توفيق زيّاد في المؤتمر السابع عشر للحزب الشيوعي: "في الصحف الرجعية في البلاد تظهر مختلف كتابات الافتراء والاتهام ضدنا. ولكن أكثر التهم سوءًا، التي يوجهونها ضدنا هي أن الشعراء والكتاب التقدميين والثوريين العرب ليسوا شيوعيين حقيقيين، وإنما هم قوميون متخفون في صفوف الحزب الشيوعي. إن السبب لهذا الرأي الكاذب يكمن في أن الرجعية وحلفاءها لا يتصورون أن العقلية العربية تستطيع أن تفهم ما هي الطبقة، وما هي الماركسية – اللينينية، وكأنما هذا فوق قدرة العقلية العربية. ولكنهم مخطئون ويغالطون عن عمد. نحن لسنا شوفينيين، ولم نكتب أبدًا ولو سطراً واحداً يمكن تفسيره بالشوفينينة. نحن شيوعيون"25.
وإلى جانب شعر المقاومة كان هناك أدب المقاومة، فمثلاً العمل الأدبي الذي قدمه القائد الشيوعي والكاتب المبدع إميل حبيبي – سداسية الأيام الستة – لقي انتشارًا واسعًا في العالم العربي.. كما قرظه كبار النقاد العرب واعتبروه أفضل عمل نثري فني تناول نفسية الإنسان الفلسطيني وأوضاعه في ظروف نكسة الخامس من حزيران 1967.
ومن الجدير ذكره أن الشعر الفلسطيني المحلي كان له أدواراً هامه في مختلف النضالات ومنها معركة الصمود والبقاء والتحدي.
"كأننا عشرون مستحيل
في اللد والرملة والجليل
هنا على صدوركم باقون كالجدار
وفي حلوقكم
كقطعة زجاج كالصبّار
وفي عيونكم
زوبعة من نار"
(توفيق زيّاد – "هنا باقون")
وفي التشبث بالإنتماء القومي والعزة القومية مقابل سياسة العدمية والإستعلاء القومي.
"سجّل! أنا عربي
ولون الشعر.. فحميّ
ولون العين.. بنيّ
وميزاتي:
على رأسي عقال فوق كوفية
وكفي صلبة كالصخر...
تخمش من يلامسها"
(محمود درويش – "بطاقة هوية")
وفي التمسك في البعد الكفاحي الإنساني التقدمي.
"يا أصدقاء كفاحنا!
غالٍ دمي المسفوك غالِ
أنا عامل.. إنسان
إنسانيتي هي رأسمالي
أنا أعرف التاريخ..
عشت خضم أعصره الحوالي
أنا عامل..في طبقتي
سرٌ أعز من المحالِ:
"عبدٌ أنا.. إن كنت أصمتُ
"لو أصاب الذلّ غيري"
"وإذا رضيتُ بحفرِ قبركَ
كنت كالحفار قبري"
من أجل هذا رحتُ أحمل
كلّ ظلمٍ.. لا أبالي
(توفيق زيّاد – "المناشير المحروقة". كتبت هذه القصيدة العام 1961
إلى الأصدقاء اليهود الذين وزّعوا المناشير عن الشهداء العرب الخمسة في قلب تل – أبيب – ساحة ديزنكوف – فاعتدى عليهم أجراء البوليس ومزّقوا ثيابهم وحرقوا لهم المناشير وكتبهم التي كانوا يحملونها).
ملاحظة: هذا عرض قصير عن دور شعراء وأدباء الحزب الشيوعي في مقاومة الظلم وفي الصمود والتحدي وفي التشبث بالفكر الإنساني التقدمي وفي توعية جماهيرنا على أهمية الكفاح التقدمي ورفض الظلم وبالطبع فهذه ليست دراسة حول شعر المقاومة بابعادها الهامة والمختلفة.
الحفاظ على الهوية العربية الفلسطينية
(لم ننكر ولا يمكن أن ننكر حتى لو جوبهنا بالموت نفسه، أصلنا العريق، إننا جزءٌ حيّ وواعٍ ونشيط من الشعب العربي الفلسطيني)
وثيقة السادس من حزيران 1980 والتي عُرفت بوثيقة الجماهير العربية
بما أن بقاء العرب في إسرائيل كان خطأ حسب المشروع الصهيوني الذي أراد البلاد "نظيفة" من العرب، بالإمكان استيعابهم كـ"مواطنين" مشوهين قوميًا ومدنيًا لا أصل لهم ولا تاريخ ولا تراث ولا حضارة (مقطوعين من شجرة) جماهير مهزومة ومعدومة العزة القومية من جهة ولا تستطيع وتأبى التأسرل بمفهوم الإنصهار في بوتقة بن غوريون26 من جهة أخرى . أي جماهير مشوهة الانتماء القومي ومنقوصة الانتماء المواطني. ومقابل هذا التوجه المؤسساتي العنصري كان موقف الحزب الشيوعي الذي أكده منذ العام 48 أن الجماهير العربية في إسرائيل هي أقلية قومية27 وجزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني وسيناضل من أجل انتزاع حقوقها في المواطنة الكاملة في وطنها الذي لم تعرف سواه. لهذا فان شعبنا لا ينسى دور الرعيل الأول في محاربة العدمية القومية والحفاظ على الهوية من خلال حزبهم وصحفهم "الاتحاد"، "الجديد، "الغد"، "الدرب"، "السلم والاشتراكية"، منذ العام 48، لا ينسى أدب ومؤلفات وخطابات توفيق طوبي، إميل حبيبي، إميل توما، صليبا خميس، حنا نقارة، توفيق زيّاد، محمود درويش، سميح القاسم،حنا أبو حنا,محمد علي طه, عصام العباسي، سالم جبران ومحمد نفّاع وغيرهم الكثيرون. كما حارب الحزب الشيوعي توجّه حكام إسرائيل لنشر العدمية القومية من خلال جهاز التعليم فطالب بإلغاء التمييز في جهاز التعليم العربي واحترام اللغة العربية كلغة رسمية فعلاً، والثقافة العربية وتعهد التراث القومي التقدمي في الثقافة والتاريخ العربي. وإلغاء التمييز في قبول الطلاب العرب في مؤسسات التعليم العالي وتطوير شبكة التعليم والثقافة للمواطنين العرب28.
وفي الكنيست كان يطرح النواب الشيوعيون وفيما بعد نواب الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة سنة بعد سنة قضايا التعليم العربي. وهكذا نجد النائب الشيوعي توفيق طوبي يكشف عمق التمييز في هذا الميدان، فيذكر أنه في سنوات الستين مثلاً كان عدد العرب الذين يتلقون التعليم المهني حوالي 200 من مجموع 11 ألف (أي 1.8%) وصاغت اللجنة القطرية للطلاب الثانويين العرب (والتي أساسها الحزب الشيوعي) في مؤتمر الطلاب الثانويين التأسيسي (العام 1974)، أهدافها، وكان أولها: العمل على تغيير مناهج التعليم جذريًا وخصوصًا تغيير وتوسيع برنامج آداب اللغة العريية والتاريخ العربي، بحيث يتلاءم مع متطلبات الإنسان العربي المعاصرة، وزيادة مواد تاريخ الحضارة الإنسانية عامة29.
كما ورأى الحزب الشيوعي الأهمية البالغة في المحافظة على اللغة العربية وممارستها بالشكل الصحيح لما لها من أهمية في الحفاظ على الهوية القومية فجنّد بذلك أدبياته وصحفه ومجلاته وطالب بالإعتراف باللغة العربية كلغة رسمية، فعلاً، فاللغة مركّب أساسي في الهوية القومية والثقافية واستعمالها وكيفية استعمالها يدل على نفسية ومكانة الأقلية في دولة اثنية. فقد كتب نج وبراداك (Ng.& Bradak) أنه في حالات احتلال وظروف صعبة وقاسية فإن المجموعة المحتلة قد تفقد لغتها تمامًا يحدث، أيضَا، أن تكتسب اللغة الأجنبية ولكن على حساب لغتك، ومع الوقت تتلاشى لغتك الأولى وتضيع. ولمثل هذه الظاهرة ثمنها العاطفي لأن اللغة مرتبطة بالهوية. ومن يضيع لغته يضيع الشعور بالإستقلالية والأصالة عندما يتحدث اللغة الأجنبية. وفي حالات متطرفة يمكن رؤية الظاهرة آنفًا شكلاً من أشكال التماهي مع القاهر، أي أن اعتماد اللغة الأجنبية لا يأتي من الرغبة في استعمالها كأداةـ أو لإعطاء الرد البراغماتي على الحاجة إلى الفوز باعتراف اجتماعي أو امتياز اقتصادي بواسطة اللغة، وإنما هو استعمال ينطلق من قابلية إندماجية ذوبانية في القاهر ومن الرغبة في أن يكون جزءًا من المجموعة المسيطرة. وهذه قابلية مرتبطة مع المجموعة المسيطرة ومع ثقافتها، وفي الحقيقة اعتراف من المجموعة الأضعف بأفضلية ثقافة المجموعة المسيطرة وتفوقها30.
ويقول الشاعر الكبير محمود درويش، ردًا على سؤال المفكر محمد دكروب31: "في تلك الفترة تعرفنا على عملية غسل الدماغ الثقافي الذي نتعرض له. إكتشفنا أنه، في المدرسة، يعلموننا عن ثيودور هرتسل أكثر مما نتعلمه عن محمد، والنماذج التي ندرسها من شعر حاييم نحمان بيالك أكبر بكثير من نماذج شعر المتنبي. ودراسة التوراة إجبارية، أما القرآن فلا وجود له، فأحسسنا أن غزوًا ثقافيًا بنشر العدمية يزحف إلينا ناعمًا كالأفعى، فكان لا بد لنا من أن نمنح أنفسنا الوقاية. وازداد اقترابنا من الأوساط اليسارية، وصرنا نقرأ مبادئ الماركسية التي أشعلتنا حماسًا وأملاً وتعمق شعورنا بضرورة الإنتماء للحزب الشيوعي وانضممت إليه عام 1961 فتحددت معالم طريقي وازدادت رؤيتي وضوحًا وصرت أنظر إلى المستقبل بثقة وإيمان".
كذلك ساهم الحزب الشيوعي بكل ما أوتي من قوة مساهمة حاسمة في توحيد الجماهير العربية حول قضاياها وضد أنواع التمييز كافة وضد مصادرة الأراضي الذي بلغ مداه في يوم الأرض عام 1976 وهذا اليوم شكّل مثالاً كلاسيكيًا للنضال الجماهيري، حيث التحم مركّب الهوية، المادي – الإقتصادي والرمزي – والأخلاقي معًا32.
كما ناضل الحزب الشيوعي من أجل الاعتراف بالعرب كأقلية قومية... وضد اعتبارهم مجرد طوائف وملل33. وكان الحزب الشيوعي أول من عارض مخططات السلطة لسلخ ابناء الطائفة العربية الدرزية عن شعبها، عندما فرضت السلطات التجنيد الإلزامي عليهم عام 1957 وجرى الاعتراف بهم كطائفة مستقلة رسميًاـ وفرض على العربي الدرزي أن يسجّل كلمة "درزي" في خانة القومية في الهوية وأقيمت محاكم درزية وعين قضاة دروز لها سنة 1962 وتمّ العبث في أعيادهم ومناسباتهم الدينية كالغاء عيد الفطر وبمساهمة حاسمة من الحزب الشيوعي تأسست لجنة المبادرة الدرزية (مركب أساسي في الجبهة الدمقراطية فيما بعد) والتي ناضلت ضد محاولات سلخ الطائفة العربية الدرزية عن شعبها، وضد قانون التجنيد الإلزامي، وضد تزوير إرادة العرب الدروز. وكانت المظاهرة الكبرى في حطين بتاريخ 25 نيسان 1974 بمبادرة وتنظيم لجنة المبادرة مما اضطر يتسحاق رابين إلى الفرار الذليل من حطين أمام غضب الناس وموقفهم الصادق، وهكذا ألغي المهرجان السلطوي في حطين حتى يومنا هذا.
وأكد الحزب في مواقفه كلها وفي مظاهراته واجتماعاته أهمية الوحدة الوطنية ومحاربة زج الطائفية وضرورة الاعتراف بالعرب كأقلية قومية.
كما وكان للحزب الشيوعي المساهمة الحاسمة في بناء أطر وهيئات الجماهير العربية، كاتحاد الطلاب الجامعيين العرب، واللجنة القطرية للطلاب الثانويين العرب، واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، ولجنة المتابعة العليا لشؤون المواطنين العرب في إسرائيل، واللجنة القطرية للدفاع عن الأراضي، ولجنة المبادرة الدرزية، والجبهة الشعبية وهيئات تعمل من أجل تحرير الأوقاف الإسلامية وتسليمها للمسلمين.. وغيرها.
ومن الجدير ذكره أنه إلى جانب دور الحزب الشيوعي الهام والرئيسي في تعزيز وتأكيد الهوية الفلسطينية، كان هناك دور لعوامل هامة اخرى كتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1965 واللقاء مع الأهل الفلسطينيين في المناطق المحتلة عام 67 وغيرها. ومن أجل توضيح موقف وشعور المواطنين العرب ازاء انتمائهم القومي بالأمكان الاستعانه باستطلاع الرأي الذي أجراه الباحث سامي سموحة، (Smoha, 1980)، بُعَيد يوم الأرض 1976 لعيّنة كبيرة من العرب البالغين في إسرائيل، حيث وجد أن حوالي 59% من المشتركين قد أجابوا أن أكثر التعابير ملائمة لتحديد إنتمائهم، هو تعبير "فلسطينيين". نتائج أكثر وضوحًا حققها تسلر (tessler, 1977) سنة 1975، حيث وجد أن 85% من المشاركين في استطلاعه قد أجابوا بأن التعبير "فلسطيني" يصفهم بصورة جيدة أو كافية34.
وفي 6 حزيران 1980 وقّع آلاف المواطنين العرب في إسرائيل على عريضة أعدها الحزب الشيوعي جاء فيها "لم ننكر حتى لو جوبهنا بالموت نفسه، أصلنا العريق: إننا جزء حي وواع ونشيط من الشعب الفلسطيني. لم نتنازل ولا يمكن أن نتنازل عن حق هذا الشعب في تقرير مصيره وفي الحرية والاستقلال على ترابه الوطني35.
مخيمات العمل التطوعي في الناصره 1976 - 1990
في مخيمات العمل التطوعي تتجلّى وحدة شعبنا النضاليه بأروع وأعمق مظاهرها وفيها ينجلي المعدن الأصيل لهذا الشعب المعطاء, وفيها نبني ونحمي حاضرنا ومستقبلنا فوق تراب هذا الوطن الذي لا وطن لنا سواه.(1) بهذه الكلمات يقييم المهندس وليد الحاج سكرتير جبهة الناصره الديموقراطيه أعظم اتاج حققته الناصرة ببلديتها الشعبية الوطنية بقيادة الجبهة ورئيسها القائد توفيق زيّاد.
المخيمات التطوعية هي أيام عمل تطوعي بادرتاليها جبهة الناصرة الديموقراطية من أجل تطوير الناصرة التي كانت تعاني أشد أنواع التمييز والاهمال والتحريض من قبل السلطه على قيادتها الجبهوية المنتخبة وبفضل هذه المخيمات التي اشترك فيها عشرات الألوف من أهالي الناصرة وأبناء شعبنا داخل اسرائيل والقوى الديموقراطية اليهودية وأبناء شعبنا الفلسطيني في المناطق المحتلة وضيوف أجاتب في احراز انجازات هائلة لمدينة الناصرة. ونستطيع تقسيم وضع الناصرة على مستوى التطوير الى قسمين ما قبل وما بعد مخيمات العمل التطوعي بقيادة جبهة الناصرة الديموقراطية. كما أن هذه المخيمات تحولت الى مظاهرة جبارة يشترك فيها الألوف ترفع الصوت المجلجل بحنجرة رئيس بلدية الناصرة النائب توفيق زيّاد يقول:اننا جزء من الشعب الفلسطيني جزء حي ومكافح هذه حقيقة ساطعة كالشمس تعمي عيونهم وتيبس حلوقهم ..ولكنها حقيقة..كل طفل من أطفالنا يولد وهو يغنّي "عليك منّي سلام يا أرض أجدادي" وينمو ويترعرع على حب هذا الوطن ولذا فنحن لسنا حياديين في المعركة من أجل السلام العادل. نقف في وجه الاحتلال ووجه سياسة العدوان والقوانين الفاشية ونرى في القدس العربية عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة ونرى في القوى الديموقراطية اليهودية حليفاً طبيعياً في كفاحنا.(2)ويؤكد في مخيم آخر " لسنا عود هش يكسر من أي "نش" بل اننا أقوياء وسنواصل المعركة بصمود فلدينا من الأعصاب والصحة والشباب ما يجعلنا قادرين على تحدّي الصعاب. وسنخرج من هذا المخيم أكثر وحدة وتصميماً.(3)
هذه المخيمات المظاهرات الكفاحية لم تسلم من التحريض الحكومي العنصري الذي عمل جاهداً لأسقاط القيادة الوطنية للبلدية فلقد سبق قرار اقامة مخيم العمل التطوعي الأول معركة ممضة مع السلطات الحكومية التي رفضت الاعتراف بحق أهل الناصرة في انتخاب بلديتهم وقيادتهم. كان انتخاب جبهة النلصرة الديموقراطية في انتخابات البلدية ما زال طازجاً 9.12.1975 وكان أعداء الناصرة قد تنبأوا بسقوط الجبهة واستسلامها بعد ثلاثة شهور على الأكثر. ولم تكتف الهيئات الحكومية بالتنبؤ ففرضت حصاراً مالياً شنيعاً على البلدية أرفقته بأشرس هجمة على ادارتها في جميع مجالات عملها (سوء ادارة, تعيينات سياسية, تضخيم الجهاز..الخ..) مستخدمة الأكاذيب والتزوير ضدها ولم يتورع حاكم اللواء الشمالي في حينه يسرائيل كينغ من استخدام أية وسيلة لضرب البلدية والعمل على افشالها (4) هذا التحريض رافق كل مخيمات العنل التطوعي الذي بلغ الى اعتقال المشاركين في المخيمات والى أن تداهم أرض المخيم قوة مدججة بالسلاح من الشرطة وحرس الحدود(5) بيد أن ادارة البلدية الجبهوية معتمدة على الدعم الشعبي الجارف, لم تطأطئ رأساً ولم ترتعد خوفاً ولم تتردد في اختيار طريقها : مزيداً من الصمود بل والرد بمعركة شعبية هادرة على الحرب السلطوية وارتفع الشعار الخالد "بلدية كرامة وخدمات" وانطلقت فكرة مخيمات العمل التطوعي الى العديد من القرى العربية التي حذت حذو الناصرة وصاغت الموقف المكافح : من حقنا أن نحصل على خدمات. وحقنا هذا نحصله بالكرامة بالنضال الشعبي موحدي الصفوف مرفوعي الرؤوس منتصبي الهامات.
مؤتمر الجماهير العربية (المحظور) ووثيقة 6 حزيران 1980
لنشأت فكرة عقد المؤتمر في ظروف تشديد اجراءات الاضطهاد القومي والتمييز العنصري ازاء الجماهير العربية في اسرائيل وتصعيد الهجوم على الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة وجنوب لبنان من ناحية أخرى.
والهدف من وراء هذا المؤتمر : وضع ثقل الجماهير العربية بأوسع قطاعاتها في المعركة على الساحة السياسية في البلاد من أجل مقاومة الاضهاد القومي وفي سبيل تحقيق المساواة... ومن أجل الدفاع عن الديموقراطية من أخطار زحف الفاشية..ومن أجل السلام الاسرائيلي الفلسطيني شرط التسوية الشاملة في منطقة الصراع العربي-الاسرائيلي.
واعتمد المبادرون لاعداد وثيقة السادس من حزيران 1980 التي وقع عليها ألوف المواطنين العرب وجاء فيها : "نحن أهل هذا البلاد, ولا وطن لنا غير هذا الوطن" "لم ننكر ولا يمكننا أن ننكر حتّى لو جوبهنا بالموت نفسه, أصلنا العريق : نحن جزء حي وواع ونشيط من الشعب العربي الفلسطيني.
لم نتنازل ولا يمكن أن نتنازل عن حق هذا الشعب في تقرير مصيره وفي الحرية والاستقلال على ترابه الوطني."
"لهذا كله واعتماداً, مرة أخرى ودائماً,على النضال الديموقراطي, اليهودي العربي, نرى لزاماً علينا - في هذه الساعات المصيرية- أن ندعو ممثلي الجماهير العربية كافة في اسرائيل, هذه القوى التي يجب ألا يستهان بها في المعركة من أجل الديموقراطية والسلام العادل,الى عقد مؤتمر يشارك فيه ممثلي قوى السلام والديموقراطية اليهود, تحت الشعارات النالية :
*لا للاحتلال والاستيطان الكولينيالي! * لا للقمع والعقوبات الجماعية! * لا للعنصرية والفاشية * نعم للسلام العادل الاسرائيلي-الفلسطيني * نعم لاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة الى جانب دولة اسرائيل! * نعم للمساواه الحقيقية وللتعايش السلمي المتكافئ بين الشعبين * نعم للديموقراطية !!!"(1)
ومنذ صدور وثيقة السادس من حزيران 1980 صعدت السلطات الاضطهاد القومي والتفرقة العنصرية ازاء الجماهير العربية في اسرائيل..وبلاضافه الى معالم هذا الاضهاد الخطيرة واصلت هذه السلطات هجمتها على المواطنين العرب بل عمقتها بعنف.
وهكذا صرح وزير الخارجية اسحق شامير في منطرة جيلون في الجليل في 6 تشريت الثاني 1980 : " لن يكون الجليل "للاغيار" بل سيكون جليلاً يهودياً" وبذلك أكد أن سياسة السلطات الرسمية تقوم على تهويد الجليل على حساب المواطنين العرب(2)
وتزامن مع أمر منع المؤتمر تصريحان لوزيرين جسما سياسة السلطات ازاء الجماهير العربية :
الاول تصريح جدعون بات وزير الصناعة والتجارة والسياحة وجاء فيه : "والآن تنهض أقلية قليلة وتريد مواجهتنا وتدميرنا وقتلنا وعلينا خنق هذه المحاولة , وكل من لا تعجبه الحياة بيننا بامكانه استئجار تكسي وبعد نصف ساعة سيكون في المكان الذي يريد...أن يحقق أمانيه القومية...وبامكانه اجتياز النهر ونحن على استعداد حتى للتلويح له مع السلامة"(5.12.1980).
الثاني تصريح أريئيل شارون وزير الزراعه ( والشائع أنه وزير المستعمرات لأنه المسؤول عن الاستيطان الكولنيالي في المناطق المحتلة) وجاء فيه : أنصح المواطنين العرببعدم التطرف في مواقفهم كيلا يجلبوا على أنفسهم كارثة جديدة كتلك التي ألمت بشعبهم الفلسطيني عام 1948 والتي ستعود ثانية حتى لو لم نشأ ذلك !!
وفي الأول من كانون أول 1980 أصدر رئيس الوزراء مناحيم بيغن بوصفه رئيساً للحربيّة, واعتماداً على أنظمة الدفاع (حالة الطوارئ) 1945, الانتدابية أمراً يمنع به عقد مؤتمر الجماهير العربية في اسرائيل بمشاركة قوى السلام والديموقراطية اليهودية الذي تقرر عقده في 6 كانون الأول 1980 في الناصرة.(*)("انطلاقاً من صلاحيتي وفق البند 84 (أ)(ب)لاوامر الدفاع(حالة الطوارئ) 1945, أعلن ما يلي : كل عضو أو مجموعة تعمل لتنظيم اجتماع, مؤتمر , أو كونفرنس أو أي تنظيم آخر على أثر الوثيقة المسماة بوثيقة السادس من حزيران والتقارير التي نشرت ووزعت في الاجتماع الذي عقد في شفاعمرو في يوم 6 - 9 - 1980 والاقوال التي قيلت في الاجتماعات التحضيرية لهذا المؤتمر , ووفقاً لما قيل في هذه الثائق والخطابات المذكورة التي تحوي اعلان التأييد والتعاطف مع المنظمة السماه منظمة التحرير الفلسطينية والتي أعلن عنها تنظيماً ارهابياً وفق أوامر منع الارهاب لعام 1948 - وهو تجمع غير قانوني. توقيع: مناحم بيغن وزير الأمن:1980-11-27 . نشر في 1980-12-1 رقم 2676".)
وعلى الاثر في يوم الثلاثاء 2 كانون الاول اجتمع عدد كبير من ممثلي الجماهير العربية في حيفا واحتجوا على الامر ورأوا فيه اعتداء على الحريات الديموقراطية وأكدوا أن أمر حظر المؤتمر العسكري هو بمثابة قضية سياسية.. فالأمر يتجاهل دوافع الدعوة الى المؤتمر وأهدافه ويرتكز على مسألة واحدة هي مسألة التعاطف مع منظمة التحرير الفلسطينبة على اعتبار أنها " منظمة ارهابية"!!وكتب صليبا خميس "الحقيقه أن الذي تخشاه السلطة والأحزاب الصهيونية الأخرى هو بالأساس, وحدة الصف, التي تجلت في التأييد الواسع للبيان ولفكرة عقد المؤتمر وأهدافه.
فهذا التأييد المعبر عن أعلى درجات الوعي قد أذهل المسؤولين والمستشارين والمرشدين الذين اعتادوا على التعامل مع العرب في اسرائيل بلغة الحكم العسكري والمخاتير. ولذلك فهم يحاولون بأساليب التضليل والارهاب اعادة المارد الى القمقم.
كما أن الآفاق التي يتيحها المؤتمر العتيد وأهدافه هي التي تقض مضاجع حكام اسرائيل وبعض الرجعيين الموتورين من العرب, الذين لا هم في العير ولا في النفير.(3) (عن نشرة "نداء المؤتمر"25 - 11 - 1980) (المؤتمر المحظور 93)
ومن على صفحات جريدة "هآرتس" الصادرة يوم الأحد 30 - 11 - 1980 وجهت 23 شخصية اجتماعية وسياسية وثقافية مرموقة نداء الى الحكومة طالبتها فيه بألا تقدم على حظر عقد مؤتمر الجماهير العربية العتيد في الناصرة " فأن قيام السلطات بمنع عقد هذا المؤتمر هو ضرر خطير يصيب اسرائيل ويسيئ الى أسس الديموقراطية وحرية التعبير والاجتماع". (*)(وقع على هذا النداء : الكاتب أ.ب يهوشواع * عضو الكنيست شولاميت ألوني * أرييه (لوبا) ألياب * عوزي بورشطاين * ميرون بنبنشتي * د. بنيامين بيت هلحمي * د. مناحيم برينكر * حاييم برعام * ويلي جفني * البشاعر أرييه ديكر * الشاعر مئير فيزلتر * الشاعر يتسحاق لؤور * الكاتبة روت ليفين * د. غبريئيل موكيد * د. ميخائيل سولطمن * الكاتب س. يزهار (مؤلف قصة "خربة خزعة") * د. شموئيل عمير * د. متتياهو بيلد (جنرال احتياط) * بروفيسور شاؤول فريدلندر * سمحا فلابن * د. مناحيم بيري * دافيد شاحم * المثال والرسام يغآل توماركين.) وأجمع الكتاب الياهو أغريس ( "دافار 5 - 12 - 1980 ) ومئير تلمي("عل همشمار" 1 - 12 - 1980 ) وسمحا فلابن ("عل همشمار" 2 - 12 - 1980 ) على أن منع المؤتمر خطوة أخرى في تعميق الفجوة بين اسرائيل ومواطنيها العرب, أولاً لأنه خطوة معادية للديموقراطية. فهذا الامر هو مس بحقوق المواطن في دولة ديموقراطية - حرية التنظيم - بدون تبرير قانوني أكد الكتاب "أن حظر المؤتمر لن يساهم في تهدئة الخواطر وانما سيزيد من التحرك والمرارة بين العرب في اسرائيل...".
هذا وانعكست أصداء القرار العسكري التعسفي بحظر مؤتمر الجماهير العربية بمشاركة قوى السلام والديموقراطية اليهودية على موقف الكتل المختلفة في الكنيست . وبرز في هذا الصدد وقوف كتلة الجبهة الديموقراطية ونوابها في طليعة القوى المعارضة للقرار الفاضحة لنواياه العنصرية وأخطاره على الديموقراطية والسلام العادل وتغذية لمظاهر فشستة الحياة السيلسية في البلاد . وحال صدور القرار طالب النائب توفيق طوبي , باسم الكتلة , ببحث الموضوع في الكنيست.(4)
وتعود أهمية التحضيرات لمؤتمر الجماهير العربية المحظور الى الالتفاف الوحدوي الكفاحي التقدمية للجماهير العربية وقوى السلام والديموقراطية اليهودية وحدة وشراكة حقيقيين مبنيين على أسس كفاحيه تقدمية من أجل السلام والمساواة واديموقراطية.
حرب لبنان 1982
مع تزايد قرع طبول الحرب في لبنان بحجة القضاء على "الارهاب" الفلسطيني هناك قدم النائب الشيوعي توفيق طوبي اقتراحاً مستعجلاً غلى رئيس الحكومه طالبه فيها ببحث التهديدات الحربجية التي وجهها رئيس أركان الجيش الاسرائيلي رفائيل ايتان للمقاومة الفلسطينية في لبنان. (الاتحاد 1 - حزيران - 1982 )
وفي 5 حزيران احتل الجيش الاسرائيلي الاراضي اللبنانية.
وبدأت النشاطات الكفاحية ضد الحرب وكان من الطبيعي أن يكون الشيوعيون والجبهويون أول من يتصدى لهذا العدوان وبكل الاصرار والجرأة والتحدي وبالرغم من التحريض الهستيري على الجماهير العربية والاجماع الكامل في الخارطة السيلسية الاسرائيلية - ما عدا الجبهة - تأييداً للحرب العدوانية.
وقاد المظاهرة الاولى ضد العدوان لجنة التضامن مع بير زيت التي كان يرأسها الشاب محمد بركة رئيس الاتحاد القطري للطلاب الجامعيين العرب (رئيس قائمة الجبهة في الكنيست اليوم) واشترك في هذه المظاهرة التي جرت يوم السبت 5 - 6 - 1982 في تل أبيب 2000 شخص منددين بالعدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني والاراضي اللبنانية ومطلبين حكومة اسرائيل بوقف القتل والانسحاب الفوري من الاراضي اللبنانية.وفي هذه المظاهرة وقع العشرات من قوى السلام اليهودية على عريضة مطالبة بالانسحاب الفوري ومنهم الكاتب المسرحي يهوشع سوبول والكاتب العبري الدكتور آفي معوز والبروفيسور دانيئيل عميت وخطب في المظاهرة تمار كوجانسكي (عضوة كنيست من الجبهة اليوم) ومحمد بركة الذان أكدا أن على الشعبين رفع صوتهما عالياً ضد الاحتلال ولا يمكن اسكات الشعب الفلسطيني الا بتحقيق مطلبه العادل بتقرير مصيره (الاتحاد 8 - 6 82 ) وفي اليوم التالي الاثنين 6 - 6 82 الساعة العاشرة صباحاً اشترك عشرات الطلاب العرب واليهود والمحاضرون الديموقراطيون أمام مقر رئيس الحكومة مناحيم بيغن في القدس في المظاهرة الاحتجاجية التي نظمتها حركة كامبوس اليهودية العربية (وفي مركزها الحزب الشيوعي والجبهة) ضد الغزو الاسرائيلي للبنان ( الاتحاد 8 - 6 - 1982) وأصدر المكتب السياسي للحزب الشيوعي بياناً عممه على مختلف وسائل الاعلام ووزعه أعضاء الشبيبة الشيوعية في مختلف القرى والمدن العربية والمختلطة جاء فيه : تحت الشعارات "لتسقط الحرب!" "لينسحب الجيش الاسرائيلي فوراً من لبنان!" "أن الحرب التي شنتها حكومة بيغن - شارون على لبنان, هي حرب عدوانية ومن شأنها أن تؤدي الى كارثه, والى سقوط ضحايا عديدة والى حريق شامل في المنطقة , لا مجال لتقدير نهايته" وجاء في البيان " لقد شنت حكومة بيغن-شارون هذه الحرب بعد حصولها على الضوء الاخضر من الادارة الامريكية..." واختتم البيان بالشعارات" لنصرخ بقوة لا نريد حرب !! كفى تقتيلاً !! لينسحب الجيش الاسرائيلي فوراً من لبنان!"(الاتحاد 8 - 6 - 82) وفي اليوم ذاته مساء عبر الطلاب الثانويون في مهرجانهم في سينما الناصرة عن مشاعر الغضب والاستنكار وطالبوا بالانسحاب الفوري نحو السلام (الاتحاد 8 - 6 - 1982) وفي يوم الاثنين ( اليوم الاول للكنيست بعد العدوان) جلجل صوت نواب الجبهة لدى افتتاح جلسة الكنيست العادية, مطالبة بوقف الحرب العدوانية وبوقف المجازر الوحشية التي يرتكبها حكام اسرائيل ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني وأكدوا في اليوم الثاني الثلاثاء 11 - 6 - 82 أكد نواب الجبهة انها حرب عدوانية اجرامية تضر بالسلام وبالشعبين الفلسطيني واللبناني وبالشعب الاسرائيلي وسائر شعوب المنطقة يجب وقفها فوراً ويجب أن ينسحب الجيش الاسرائيلي فوراً من لبنان. وصوت العقل هذا الصادر من نواب الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة الذي جلجل في أروقة الكنيست ولكنه , ويا للعار الشين , لم يجد بين جميع الكتل السياسية في الهيئة التشريعية الاعلى في البلاد من يجرؤ على تأييده؟( الجلسة الخامسة والتسعين للكنيست العاشرة 8 - 6 - 1982) أما النواب العرب فمنهم من صمت تأييداً للعدوان ! ومنهم من هرب من الجلسة ولم يشارك في العدوان ( الاتحاد 11 - 6 1982) ووسط هذا الجو العنصري الهستيري وقف رئيس كتلة الجبهة ماير فلنر (الذي تعرض لطعنة غدر بسكين نتيجة لموقفه المعادي لعدوان اسرائيل في 1976) وصرخ بكل جرأة : فقط آكلة لحوم البشر يفكرون بأنه كلما زاد عدد القتلى الفلسطينيين زاد أمن اسرلئيل وصرخ النائب توفيق طوبي في جلسة الكنيست : أيها المنتشون بالنصر المحتفلون على النقاض والخرائب والدم والدموع النازفة من الشعوب الفلسطينية واللبنانية والاسرائيلية عليكم أن تعرفوا أن ليس بوسع أي تفوق عسكري أن يقضي على م.ت.ف والشعب الفلسطيني (الاتحاد 11 - 6 - 82 ).
وبدأت الجبهة الديموقراطية بتكثيف فعاليلتها المختلفة من مظاهرات وتوزيع مناشير وندوات وامتلأت صحيفة "الاتحاد" بالعناوين المنددة بالعدوان والممجدة بالمقاومة الفلسطينية والبنانية واحباطات الجيش الاسرائيلي أفردت "الاتحاد" مساحات من صفحاتها للاعلانات الناوئة للعدوان وذلك بشكل يومي ومجاني.
هذا الصوت الصارخ في البرية بدأ يزرع الثقة والشعور بضرورة عمل شيئاً في الشارعين اليهودي والعربي وبدأت التحضيرات بسرعة هائلة لانجاح مظاهرة كبرى في تل_أبيب دعت اليها حركة "السلام الآن" واشترك فيها مئة ألف متظاهر في ساحة الملوك في تل أبيب في 3 - 7 - 1982 يطالبون باستقالة شارون ورفعوا الشعارات : "بيغن-شارون-ايتان قتلتم ابني فكفى" , "على شارون أن يدفع الثمن " , " لبنان للبنانيين".
واستمرت النشاطات الجبهوية الكفاحية بمختلف المجالات وبشكل يومي فمن مظاهرة حيفا اليهودية العربية الى الاجتماع القطري التمثيلي للجماهير العربية والذي عُرف بأضخم مظاهرات الالتحام مع المقاتلين الفلسطينيين ضد العدوان ومن أجل السلام وذلك في قاعة بيت الصداقة التي تفجرت بألوف الوطنيين مؤكدين أن الجماهير العربية والقوى الديموقراطية اليهودية ستلقي بكل وزنها في المعركة الكفاحية لترجمة هذه النداءات الى واقع عملي ملموس الى مظاهرات رفع الشعارات التي كثير ما أدت الى اعتداء سلطوي على المشاركين فيها كما حدث في الناصرة حيث اعتدت الشرطة بشكل وحشي على رافعي شعارات منددة بالعدوان واعتقلت القائم بأعمال رئيس بلدية الناصرة رامز جرايسي وعضو ادارة البلدية الجبهوي منعم جرجورة(الاتحاد 9 - 7 1982 )
وفي الكنيست وضعت كتلة الجبهة الموقف المبدئي الجريئ على لسان توفيق زيّاد : " أن شعباً تحت الاحتلال ونصفه لاجئون لا يمكن الا أن يكون شعباً من المقاتلين."(الاتحاد 9 - 7 - 82) وكثيراً ما أدت هذه المواقف الى اخراج نواب الجبهة من جلسة الكنيست وفي بعض الأحيان أخرجوهم بالقوة (الاتحاد 9 - 7 - 82 )
ومع اشتداد المقاومة الفلسطينية واللبنانية قررت الاوساط الحاكمة في اسرائيل التواطؤ مع قوات الكتائب الفاشية فسهلت دخولها مخيمي اللاجئين صبرا وشاتيلا والتكبت هناك أبشع المجازر وذبحت مئات اللاجئين واهتز العالم وفي بلادنا قاد الجبهويون والشيوعيون النضالات الكفاحية المجلجلة ضد المجزرة وتجندت صحيفة الاتحاد بكل قوة للمعركة وللاضراب الشامل احتجاجاً وتحدياً وغضباً على المجزرة مما جعل ارهاب البوليس يعتدي على الاتحاد ففي يوم الاضراب 12 - 9 - 82 اعتقلت الشرطة رئيس تحرير الاتحاد عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي اميل حبيبي ويوسف صباغ رئيس ادارة الاتحاد ومحرري الصحيفة نظير مجلي وسامي الحاج وفي عرابة قامت الشرطة باعتقال مصور الاتحاد علي نصار (الاتحاد 24 أيلول) الا أن هذا العنف لم يزد الجبهة والحزب الشيوعي والاتحاد الا عنفواناً وتصميماً وتمسكاً بخطها الوطني المكافح والتقدمي وفي العدد التالي ليوم الاضراب كُتب بالبنط العريض وعلى رأس الصفحة الاولى :
نجاح الاضرلب أضاع الصواب ( صواب الشرطة وقبضاياتها ورشاشاتها ) وأثبت أن هذا الشعب قادر. (الاتحاد 24 9 82)
وأفردت صفحاتها لنشاطات يوم الاضراب التي قامت بمبادرة وقيادة الجبهة وفي مختلف أنحاء البلاد.
هذا الموقف الذي انبرت فيه الجبهة التي حذرت من مغبة العدوان وناضلت من اجل انتهائه لم يجد حكام اسرائيل بد من قبوله ولكن بعد مرور 20 عاماً من سفك الدماء الفلسطينية والبنانية والاسرائيلية فهل يستنتج الشعب الاسرائيلي العبر من ذلك؟ وهل سيقتنعوا بأن لا حل سياسي في النطقة غير الذي تطرحه الجبهة والذي يضمن أقصى حد من الواقعية والعدالة لانهاء الصراع العربي - الاسرائيلي؟.
يوم المساواة 24 - 6 - 1987
يوم المساواة هو الاضراب الشامل في 24 - 6 - 1987 ضد مجمل السياسة العنصرية الرسمية ومن أجل المطالبة بايجاد حل لمجمل القضايا التي تعاني منها الجماهير العربية سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً والمميز لهذا اليوم هو أنه لاول مرة منذ العام 48 يحدث مثل هذا الاجماع الشامل على اعلان اضراب عام , اجماع كل الهيئات التمثيلية , الرسمية والشعبية للجماهير العربية وبأعرض تمثيل سياسي اجماع أعضاء الكنيست العرب واجماع اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العرية واجماع لجنة الدفاع عن الاراضي واجماع الاعضاء العرب في قيادة الهستدروت واجماع لجنة المبادرة الدرزية واجماع لجان المتابعة لمؤتمرات التعليم والصحة والاوضاع والخدمات الاجتماعية واجماع الاعضاء العرب في نقابة المعلمين العامة واجماع الممثلين العرب في الادارة القطرية لأولياء أمور الطلاب.
والمميز الآخر لهذا اليوم أنه لم يحدث أو يقر نتيجة لحدث عنصري أو تمييزي طارئ أو جريمة حدثت مثل الاضراب الاول في الذكرى الاولى لمجزرة كفر قاسم أو مثل يوم الارض الذي حدث نتيجة السبب المباشر وهو مصادرة الاراضي وانما أقر هذا الاضراب نتيجة موقف سياسي واع يطالب بالمساواة الكاملة قومياً ومدنياً ولا أقل منهما.
هذا الموقف لم يعد موقف الطليعة فقط انما أصبح موقف الجماهير بعد مضي 11 عاماً فقط على اجتماع رؤساء السلطات المحلية قبيل يوم الارض حيث استطاعت السلطة الضغط على رؤساء السلطات المحلية لثنيهم عن غعلان الاضراب وجاء يوم المساواة تتويجاً لنضوج فكري وتنظيمي للجماهير العربية التي بنت وبدوراً حاسماً من الحزب الشيوعي والجبهة هيئاتها التمثيلية التي وصلت ذروة أخرى بعقدها الموتمرات العلمية الوطنية أذكر منها مؤتمر التعليم العربي الاول 3 - 5 - 1984 وموتمر الصحة الاول 12 - 4 1986 ومؤتمر الاوضاع والخدمات الاجتماعية 11 - 4 - 1987 بالاضافة الى مؤتمرات الاراضي والمسكن والسلطات المحلية العربية وغيرها...
بهذا النضوج الفكري والتنظيمي الذي صاغاه الحزب الشيوعي والجبهة الديموقراطية وصلت الجماهير العربية الى انجاح اضراب "يوم المساواة" الشامل لتعلن هذه الجماهير بأن الذي ألغى مؤتمر الجماهبر العربية (المحظور) تلقى إجماعاً بين الجماهير العربية أنجح الاضراب الشامل بشكل لم يسبق له مثيل مؤكدة هذه الجماهير مواقفها المثابرة من أجل السلام العادل والمساواة التامة وليس أقل منهما.
توضيح
إن المحطات التي ذكرتها تصف بشكل موجز تاريخ نضال جماهيرنا العربية بقيادة الحزب الشيوعي وتعطي بعض الدلالات على دور هذا الحزب في تعميق الانتماء القومي وتأكيد الوعي الوطني، وترسيخ اللغة والثقافة الوطنية والإنسانية التقدمية الدمقراطية. وتخريج أبرز الشعراء والكتّاب والمثقفين الوطنيين. والسهر على تنشئة نفسية الرأس الشامخ والمرفوع. والتصدي للظلم. والتثقيف على قوة الغضب العادل وقدرة الكف على ملاطمة مخرز القهر والإضطهاد القومي، وفاعلية وحدة الصف الكفاحية، واكتشاف البعد الوطني الحقيقي والعميق في البقاء في الوطن والتشبث بالأرض، والتوعية على رفض الإعتذار عن هذا البقاء المجبول بالصمود، وبالدفاع عن هذه الجماهير وكرامتها القومية والإنسانية وممارسة دورها المتميز على ساحة المجتمع الإسرائيلي والإسهام في تغييرموازينه ووجهته. وبناء الأطر الكفاحية كلجنة الطلاب الثانويين ولجان الطلاب العرب في الجامعات واتحادهم القطري. وتنظيمات الأكاديميين، والحرفيين والتجار ولجنة الدفاع عن الأراضي ولجنة المبادرة الدرزية وجبهة الناصرة الدمقراطية، ومن الواضح أن احد أهم انجازات الحزب الشيوعي في تجميع القوي الشعبية العربية والقوى الدمقراطية اليهودية مساهمته الحاسمة في إقامة الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة36 والتي أسست في 5/3/1977 وصاغت برنامجًا مكونًا من ست نقاط من أجل تحقيق السلام والمساواة والدفاع عن الدمقراطية ومقاومة التمييز الطائفي والفوز بحقوق المرأة37.
وفي النهاية أقول لا يمكن لأي دراسة أو بحث أو تقرير بهذا الحجم الصغير أن يفي الشيوعيين حقهم ولا أن يصوّر النضال اليومي في مواجهة السلطة وتوعية الناس والاجتماعات وتوزيع الجريدة... في كل بلد وبلد حيث أن لكل بلد حكايته ونضاله ولكل رفيق نضاله ومساهمته العظيمة ولم يسعى إلا القاء الضوء على بعض هذه المحطات – لا كلها – وعلى ذكر بعض قياديي الحزب – لا كلهم – وإن كنت معتقدَا اعتقادَا راسخَا بأن البطل العظيم هو الجماهير وكوادر الحزب الشيوعي الذين انبتوا قياديي هذا الشعب وهذا الحزب.
كما أن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة مستمرة في دورها المميز في المجتمع الاسرائيلي. ففي الحصار الأخير على الشعب الفلسطيني وقيادته، انبرت الجبهة في التصدي للعدوان في غالبية المدن والقرى العربية والمختلطة، واستطاعت خلال 24 ساعة التحضير لمظاهرة الناصرة الجبارة والمكافحة ضد الاحتلال ومن أجل إزالة الحصار عن الشعب الفلسطيني وقيادته وعلى رأسها القائد الرمز ياسر عرفات. ومن جهة أخرى فان كتلة الجبهة البرلمانية حصلت على اعتراف الكنيست بأنها الكتلة الأنشط والأنجح في المجال الاجتماعي، وهذا يعتبر وسام شرف للجماهير العربية وقوى السلام والدمقراطية والتقدم الاجتماعي اليهودية، كما أن ممثلي الجبهة في الهستدروت والجامعات يعتبرون وبحق أنشط ممثلي الجمهور وأكثرهم تمسكًا والتصاقًا بهموم الجماهير والعمل على...
مواقف الجبهة الدمقراطية للسلام المساواة
(والتعرّض لمواقف أحزاب أخرى فاعلة في الوسط العربي)
الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
لقد عمل الحزب الشيوعي دون كلل وبذل جهودًا جبارة من أجل إقامة جبهة سلام واسعة38 حتى تسنى له ذلك في مطلع العام 1977 بإقامة الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة، وجاء في المؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي: "إنطلاقًا من مسؤولية عليا عن مصير شعبنا، لأجل صد هجوم قوى اليمين والوصول إلى تغيير سياسة الحكومة، ولأجل النضال بقوى موحدة في سبيل منع حرب جديدة ولتحقيق السلام. وللدفاع عن الحريات الدمقراطية وحقوق العاملين وللمساواة في الحقوق للجماهير العربية، ولإلغاء التمييز الطائفي – يتوجه حزبنا الشيوعي الإسرائيلي بنداء إلى جميع قوى السلام والدمقراطية – اليهودية والعربية، لإنشاء قائمة جبهة سلام ودمقراطية لإنتخابات الكنيست التاسعة في العام 1977".
كما وأكد الحزب الشيوعي على "أن الفوارق الفكرية يجب ألا تمنع حشد كل القوى في النضال الحيوي من اجل السلام والدمقراطية وحقوق الشغيلة. كذلك فإن النضال من أجل وحدة العمل يجب ألا يمنع النقاش والصراع الأيديولوجي"39.
وحافظت الجبهة حتى يومنا هذا على برنامجها السياسي، الإجتماعي – وإن حدثت فيه تغييرات طفيفة – أما برنامج الجبهة اليوم فهو مؤلف من ثماني النقاط التالية:
* سلام إسرائيلي – فلسطيني، إسرائيلي – عربي عادل وشامل وثابت.
* الدفاع عن قضايا وحقوق العاملين.
* المساواة للجماهير العربية.
* إلغاء التمييز الطائفي في جميع المجالات، والدفاع عن مصالح سكان أحياء الفقر وبلدات التطوير.
* الدفاع عن الحريات الدمقراطية وتصفية العنصرية. والنضال ضد خطر الفاشية ولإلغاء كل أشكال الإكراه الديني وضمان حرية التعبير.
* ضمان مساواة حقوق المرأة في كل المجالات.
* العمل من أجل الحفاظ على البيئة.
* حظر أسلحة الدمار الشامل.
وجاء في برنامج الجبهة أنه "من أجل تحقيق الأهداف الواردة أعلاه، تعمل الجبهة وبدون كلل وبالتعاون الكامل أو الجزئي الدائم أو المؤقت مع أحزاب وتنظيمات وأوساط وشخصيات مختلفة على أساس برنامج متفق عليه وباحترام متبادل"40.
جدلية برنامج الجبهة الكفاحي
أكد الحزب الشيوعي أن الجماهير العربية في إسرائيل جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني ومن مواطني دولة إسرائيل في الوقت ذاته، وهذا الواقع يلزم النضال في أكثر من مجال دون خلق تناقضات مصطنعة بين مجال وآخر وإنما العكس صحيح، فبالنضال من أجل تحقيق هدف في مجال ما هو نضال من أجل تحقيق الهدف في المجالات الأخرى أيضًا. فمثلا النضال من أجل السلام العادل هو نضال من أجل الدمقراطية ومساواة الجماهير العربية، وحقوق العاملين ومساواة المرأة وجودة البيئة وضد أسلحة الدمار الشامل. فثمة علاقة جدلية بين وضع الجماهير العربية في إسرائيل وحالة الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني. فبتصاعد الاحتراب بين الدولة التي ننتمي إليها مدنيًا والشعب الذي ننتمي إليه قوميًا تتلبد غيوم العنصرية والشوفينية. مما يصعب النضال من أجل مساواة الجماهير العربية ويجعل امكانية انتزاع انجازات فيه مهمة غير واقعية. إذًا فالمعركة من أجل السلام هي أيضًا معركة من أجل الدمقراطية ومساواة الجماهير العربية والتعايش الندّي المبني على الاحترام المتبادل. كذلك فالمعركة على الدمقراطية هي أيضًا معركة على مساواة الجماهير العربية والعدالة الإجتماعية ومساواة المرأة والعكس هو بالتأكيد صحيح أيضًا فلا يمكن أن تكون دولة إسرائيل دولة دمقراطية حقًا وتميز ضد العرب و/أو العامل و/أو المرأة في آن معًا. لذلك فنضال الجبهويين والشيوعيين من أجل تحقيق أحد اهداف الجبهة هو نضال من أجل تحقيق بقية الأهداف. كذلك الأمر بالنسبة لما يسمّى "أزمة الهوية والانتماء" عند العرب داخل اسرائيل أو الادعاء بوجود تناقض بينهما فنحن -الجبهويين والشيوعيين- لا نجد تناقضًا بين كوننا فلسطينيين ومواطنين في إسرائيل في آن معًا، بل نعتقد أن كوننا أقلية قومية وجزءاً من الشعب الفلسطيني ومن مواطني دولة اسرائيل في آن معاً، يجعلنا ملتزمين وحساسين أكثر لقضايا السلام والدمقراطية والعدالة الاجتماعية وهذا ما يجعل الجماهير العربية قوة السلام والدمقراطية الأساسية في دولة إسرائيل ويجعل الحزب الشيوعي والجبهة قوة اليسار الحقيقي والمثابر الأساسي بين العرب واليهود سياسيًا واجتماعيًا واقتصادياً.
موقف الجبهة من قضية السلام
اعتبرت الجبهة الدمقراطية قضية السلام القضية المركزية41 – استمرارًا لموقف الحزب الشيوعي(العمود الفقري في الجبهه) – وكانت أول من طالب من اليهود والعرب داخل إسرائيل بالحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني42 وانسحاب إسرائيل من جميع المناطق التي احتلتها العام 6743 واعتبار حرب حزيران حربًا عدوانية44 ودعت وناضلت من أجل قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس العربيه إلى جانب دولة إسرائيل45 وكان الحزب الشيوعي – وفيما بعد الجبهة أيضًا – اول من طالب وناضل بشكل مبدئي ومنذ العام 48 إلى يومنا هذا من أجل حق اللاجئين بالعودة وأيد قرار الأمم المتحدة 194 وطالب بتنفيذه46 ومن جهة أخرى، رفض الحزب الشيوعي – وفيما بعد الجبهة أيضًا – الدعوة لإزالة دولة إسرائيل واعتبرها برنامجًا غير واقعي ولا يخدم مصلحة النضال، وفي الوقت ذاته أيّد الحزب الشيوعي – وفيما بعد الجبهة أيضًا – حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الإحتلال. وجاء في المؤتمر السادس عشر 1969 (الأول بعد الإحتلال 67) تحت عنوان مقاومة الإحتلال "الحق الطبيعي لكل شعب، إحتلت أراضيه، أن يقاوم الإحتلال"47 وأكد المؤتمر السابع عشر أن "الشعب الفلسطيني لم يسلّم للإحتلال بسلب حقوقه، بل يناضل بجميع الإمكانيات المتوفرة لديه لأجل تحرره من الاحتلال، ونيل حقوقه القومية العادلة. وجميع الشعوب العربية، وجميع الشعوب المحبة للسلام في العالم، متضامنة مع نضال الشعب العربي الفلسطيني.48 وقد أبدع توفيق زيّاد في التعبير عن موقف الحزب الشيوعي في قضية شرعية مقاومة الاحتلال في قصيدة "العبور" التي مجّد فيها إنتصار المقاومة المصرية على الإحتلال الإسرائيلي ونجاحها في عبور قناة السويس.
كما ورفض الحزب الشيوعي كما يرفض وترفض الجبهة اليوم العمليات التي تستهدف مدنيين49 من منطلق إنساني أخلاقي يرفض المس بالمدنيين ومنطلق سياسي يرفض تزوير عدالة نضال الشعب الفلسطيني ويحول دون ترجمة التضحيات الجسام التي قدّمها إلى مشروع دولة، ويفتح باب الفرج لحكّام إسرائيل لتوحيد المجتمع الإسرائيلي وتأليب المجتمع العالمي ضد المقاومة الفلسطينية ووصمها بالارهاب. وإن كان الحزب الشيوعي والجبهة الدمقراطية يريان أن هذه العمليات تنمو في مستنقع الاحتلال والذي يشكّل السبب الرئيسي لهذه العمليات والمآسي كلها. كما وتفرّق الجبهة والحزب الشيوعي بين إرهاب الدولة المؤسساتي والذي يجسّد الجاني والمعتدي أيضًا والذي يملك عتادًا متغطرسًا قادرًا على فرض حلول (إلى حد ما) وإرهاب الأفراد الذي يجسّد الضحية ويأتي كرد فعل، ومع ذلك ترفض الجبهة والحزب الشيوعي النوعين من الإرهاب للأسباب المذكورة آنفًا.
والحقيقة أنه ليس من الضروري أن يكون برنامج الجبهه السلامي برنامجاً نهائيًا. فإن الحزب الشيوعي الذي لا يبحث اليوم في مستقبل التطور في المنطقة، بل يركز جهوده من أجل إحقاق الحقوق القومية للشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، لا ينفي الحزب في الوقت ذاته احتمال اتحاد مستقبلي بين الدولتين، فقد جاء في المؤتمر السابع عشر للحزب الشيوعي "لا يستبعد في المستقبل البعيد إمكان حدوث تطورات في اتجاهات مختلفة ومنها إقامة اتحاد فدرالي بين الدول في منطقتنا. ولكن مهما تكن التطورات، فإنّ ارتباط الدول مع بعضها البعض على هذا الشكل أو ذاك لا يمكن أن يتم إلا نتيجة رغبة الشعوب الحرة. ولقد أكد الحزب الشيوعي دائمًا على الطريق التي يجب اتباعها حتى تبلغ دولة إسرائيل السلام والتعاون مع الشعوب العربية وبضمنها الشعب العربي الفلسطيني، وتتلخص هذه الطريق بالشعار "مع الشعوب العربية ضد الإمبريالية وليس مع الإمبريالية ضد الشعوب العربية""50. وهذا هو موقف الحزب الشيوعي الفلسطيني قبل صدور قرار التقسيم51.
السلام هو القضية المركزية
تعتبر الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة أن قضية السلام هي القضية المركزية، فبتحقيقه تنتج ظروف أفضل لمساواة الجماهير العربية52 فوضع احتراب بين الشعب الذي ننتمي إليه قوميًا والدولة التي ننتمي إليها مدنيًا يصعّب نضال الجماهير العربية من أجل مساواتها، فقد شهدنا كيف أنه في العام 67 شطفت البلاد الأجواء العنصرية الهستيرية53 كما أن تحقيق السلام – بحسب برنامج الجبهة – يهيئ الظروف للنضال ضد التبعية الخطرة للإمبريالية الأمريكية، ويفتح الطريق التي تقود إلى الاستقلال الاقتصادي والسياسي الحقيقي ويمكّن السلام من تقليص النفقات العسكرية والاستيطان بشكل جذري ويساعد على حل القضايا الاقتصادية والاجتماعية وعلى تحقيق النمو الاقتصادي وإيجاد عمل للعاطلين عن العمل، ويمكّن من رصد مبالغ أكثر بكثير لخدمات الصحة والتعليم والإسكان والمساعدة الإجتماعية والثقافية والرياضية ويمكّن السلام الشامل والعادل والدائم من حل القضايا الصعبة التي يعاني منها سكان الأحياء الفقيرة وبلدات الفقر وليس أدل على ذلك من هذه الظروف الحالية التي نمر فيها. ويخلق السلام ظروفًا أفضل للنضال من أجل إشفاء المجتمع الإسرائيلي الذي يتهدده خطر الفاشية والذي يمر في عملية من الوحشية والأزمة الأخلاقية إلى جانب الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، كما ويخلق السلام الظروف الأفضل من أجل النضال لرفع مكانة المرأة ومساواتها التامة، فالوضعية الاحتلالية تعطي مكانة أرقى للرجل بصفته محاربًا ومدافعًا عن "أمن" الدولة وتصعّب الوضع الاجتماعي الاقتصادي، تكون المرأة إحدى ضحاياه المباشرة، كما أن الوضعية الاحتلالية تساهم في خلق مجتمع عنيف تكون المرأة من ضحاياه المباشره أيضًا. إذًا فالنضال من أجل السلام هو القضية المركزية، وهو نضال من أجل المساواة والدمقراطية والتقدم الاجتماعي معًا، هذا لا يعني أن النضال من أجل السلام يمنعنا من النضال في الجبهات الأخرى، بالعكس تمامًا، فالجبهويون والشيوعيون هم السباقون للنضال من أجل المساواة والدمقراطية والتقدم الإجتماعي وبإحراز إنجازات في هذه المجالات تهيّأ ظروف أفضل في المعركة من أجل السلام أيضَا.
ربط العربة أمام الحصان
بخلاف موقف الجبهه الواضح والمثابر والجدلي في قضيّة السلام فان الاحزاب الفاعله بين الجماهير العربيّه تتلعثم في هذا الموقف فترى "التجمع الوطني الدمقراطي" لا يتعامل مع السلام كقضيه مركزية، ويبرز ذلك من خلال برنامجه واهدافه وممارساته، فقد قام "التجمع" على أساس ثلاث نقاط مركزية وهي: تحويل إسرائيل إلى "دولة لجميع مواطنيها" والإعتراف بالعرب كأقلية قومية والحكم الذاتي الثقافي للجماهير العربية في إسرائيل54. وجاء هدف "التجمع" في تحقيق السلام وإقامة الدولة الفلسطينية في المرتبة الثالثة عشره من بنود اهدافه55 وليس البند الأول كما هو الاحال عند "الجبهة"، وإذا أمعنّا في أسلوب كتابة الأهداف نلحظ أن "التجمع" يستعمل كلمة "يسعى" الحزب لتحقيق حل سلمي..." بينما يستعمل كلمة "يناضل" الحزب من أجل دولة إسرائيل دولة دمقراطية..."56.
ان التعامل مع قضية العرب داخل اسرائيل بمعزل عن باقي القضايا السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه يبقى سطحياً فالمعركة من أجل السلام وإحقاق حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة يهيئ الظروف الأفضل لنضال الجماهير العربية من أجل حقوقها القومية والمدنية، إلا إذا قررنا الانفصال عن الشعب الفلسطيني واعتبار أنفسنا إسرائيليين فقط?! لذلك فالتجمّع يخطئ قطعًا بعدم تعامله مع قضية السلام كقضية مركزية والنضال أيضاً بلا هوادة من أجل مساواة الجماهير العربية في آن معًا كما تعتقد وتناضل "الجبهة".
أما موقف "الحركة الإسلامية" من قضية السلام فهو موقف متلعثم، تارة يؤيد إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس إلى جانب دولة إسرائيل، وطورًا نسمع مواقف وتصريحات أخرى تطالب بـ"فلسطين عربية إسلامية من رأس الناقورة إلى إيلات". موقف كهذا نعارضه لكونه يضر بالشعب الفلسطيني وبالجماهير العربية وبالنضال من أجل السلام والديموقراطيّه والمساواة. والحقيقه أنّ موقف الحركات "الاسلاميّه السياسيّه" لن يقتنع _في النهايه _الا بدولة اسلاميّه مهما حاولت المواربه أو التجمّل.
كما أننا نختلف مع "التجمع" في قضية اتفاق "أوسلو"، والذي يعارضه "التجمع" بشدة بخلاف موقفنا المؤيد له إلى جانب ابدائنا تحفظات من بعض بنوده،ورفضنا القاطع لممارسات حكومة اسرائيل التي تعمل جاهده لافراغه من مضامينه فموقفنا المبدئي والمثابر هو إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين بحسب قرارات الأمم المتحدة، وأدركنا أن الطريق لهذا الحل لن يكون مفروشًا , فمع تهجير شعبنا الفلسطيني وقيام منظمة التحرير الفلسطينيه بعد ذلك في العام 65 ونضالها من أجل إحقاق الحقوق القومية للشعب الفلسطيني، كانت تصطدم بأنظمة عربية رجعية قامت بمجازر دموية إجرامية ضد شعبنا، كالنظام الأردني (أيلول 1970) والنظام السوري (مجزرة تل الزعتر 1976 ومجازر مخيمات البارد والبداوي 1982) حتى أضطرت المقاومة الفلسطينية إلى الانتقال إلى تونس. وساءت الأوضاع أكثر على الشعب الفلسطيني وقيادته بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وحرب الخليج التي أبرزت مدى تفكك ووهن العالم العربي. وفي ظل موازين القوى والوضع الصعب والمعقد الذي وصلت إليه منظمة التحرير الفلسطينية رأى شعبنا الفلسطيني، ورأت قيادته المجربة والحكيمة، منظمة التحرير الفلسطينية ورئيسها ياسر عرفات، الأهمية بالموافقة والسير عبر طريق اتفاق "اوسلو" والحصول على غزة أريحا أولاً، ثم باقي المدن الفلسطينيّه (جنين ونابلس وطولكرم وقلقيلية والخليل وبيت لحم ورام الله...)لتقف القيادة الفلسطينية على أعتاب القدس، مؤكدة موقفها المبدئي الثابت: دولة فلسطينية عاصمتها القدس وحل عادل لقضية اللاجئين. فهل أراد "التجمع" أن تبقى المنظمة في تونس وتطلق شعارات" وطنية جدًا ونظيفة جدًا" ولكن بدون نتائج ؟ كما يؤخذ على "التجمع" عدم تأييده لاتفاق "واي بلانتيشن" القاضي بتحرير الخليل وتسليمها للسلطة الفلسطينية وتصويت مندوبهم د. عزمي بشارة في الكنيست بالامتناع عن تأييد هذا الاتفاق57، مما أدى إلى سخط وغضب شديدين عليه من قبل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الذين استهجنوا منه هذا الموقف المنساق مع مواقف اليمين الإسرائيلي والقيادة السورية المناهضة لاتفاق "أوسلو" والمعادية للقيادة الشرعية للشعب الفلسطيني، ومنظمة التحرير الفلسطينية.
"الجبهة" وقضية مساواة الجماهير العربية
تطالب الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة، بالإعتراف بالجماهير العربية كأقلية قومية ومساواتها قوميًا ومدنيًا في جميع مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والإقتصادية، وهذا الموقف هو استمرار لموقف الحزب الشيوعي الذي أكد على هذه المواقف جميعها وبدون استثناء، منذ العام 4858 ومنذ المؤتمر الحادي عشر (الاول بعد النكبة عام 48) وقد جاء في المؤتمر السابع عشر أن العرب في دولة إسرائيل أقلية قومية وجزء من الشعب العربي الفلسطيني. وهم يناضلون من أجل المساواة في الحقوق المدنية والقومية59. كما ورفض الحزب الشيوعي "رفضًا باتًا تصريح رئيس الحكومة، يتسحاق رابين، والذي أكد فيه أن دولة إسرائيل هي دولة يهودية صرفة وصهيونية، ولهذا يجب عدم الاعتراف بالحقوق القومية للجماهير العربية في إسرائيل وعدم الإعتراف بها كأقلية قومية"60. وللحزب الشيوعي – والجبهة فيما بعد – الدور الريادي والحاسم في نضال الجماهير العربية من أجل المساواة التامة، فالنضال ضد الحكم العسكري وسياسة الهويات الحمراء وفضح مجزرة كفرقاسم والانتصار في معركة البقاء وأيار 58 ويوم الأرض 76 ومؤتمر الجماهير العربية 1980 وإقامة الأطر الكفاحية، كلها محطات في تاريخ نضال الحزب الشيوعي من أجل بقاء وتطور ومساواة الجماهير العربية. كما أفرد الحزب الشيوعي في سنة 1976 برنامجًا تفصيليًا لمساواة الجماهير العربية تبنّته "الجبهة" فيما بعد، وعُرف البرنامج باسم "برنامج المساواة المدنية والقومية للجماهير العربية في إسرائيل" وبنوده هي:
1) الإعتراف، بموجب قانون، بالجماهير العربية في إسرائيل، كأقلية قومية.
2) إلغاء كل القوانين ومواد القوانين والأنظمة التي تميز تمييزًا سيئًا ضد الجماهير العربية في إسرائيل. ووقف كل إجراءات الحكومة والمؤسات الأخرى القائمة على هذه القوانين.
3) يمنع، بموجب قانون في الدولة، كل إجراء وكل نظام في مؤسسة حكومية أو أهلية يتضمن تمييزًا قوميًا في أي مجال كان:- السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي.
4) إلغاء كل دعاية كتابية أو شفهية، كل نشر مهما يكن، يدعو إلى التمييز القومي ويشكل تحريضًا أو مسًا أو إهانة على أساس قومي.
5) إحترام اللغة العربية كلغة رسمية، فعلاً.
6) أن تؤمَن، بموجب قانون للدولة، حقوق الجماهير العربية في إسرائيل بأرضها، وإلغاء كل مشاريع نهب الأراضي العربية وسلب الفلاحين والمواطنين العرب الآخرين أراضيهم. إعادة الأراضي لـ"لاجئين" العرب الذين يعيشون في إسرائيل، الأراضي التي نهبت منهم، ومنحهم العودة إلى قراهم، وإعادة الأراضي التي نهبت من الفلاحين العرب أو إعطاء أراض أخرى لهم قريبة ومساوية في القيمة. إعادة أملاك الوقف الإسلامي التي صودرت . إلغاء التمييز القومي وكل أشكال التحريض أو المس أو الإهانة على أساس قومي.في قوانين الدولة، وأنظمة المنظمات والمؤسسات الصهيونية، التي تمنع بيع الأرض أو تضمينها للمواطنين العرب في إسرائيل، وإلغاء كل تمييز لاحق بالمزارعين العرب عند تعيين الأسعار والتسويق، وتخصيص حصص المياه والتموين.
7) إلغاء كل البنود في قانون الجنسية التي تميز ضد المواطنين العرب في إسرائيل في مجال الحصول على الجنسية، تمييزًا سيئًا.
8) ضمان حرية التنقل والسكن للمواطنين العرب. واعتبار التمييز القومي في السكن، بموجب القانون، جريمة جنائية.
9) إشراك المواطنين العرب على قدم المساواة في جهاز الدولة المركزي والمحلي وإدارة الخدمات العامة.
10) إلغاء التمييز اللاحق بالعاملين العرب. ووضع قانون يمنع إغلاق المصانع والمؤسسات في وجه العاملين العرب على أساس قومي. مساواة العامل العربي في الأجور وظروف العمل بالعامل اليهودي. إقامة مجالس عمال منتخبة في كل مراكز السكان العرب. ضمان الشغل للشباب العرب خريجي الثانويات والمعاهد العليا طبقًا لثقافاتهم وكفاءاتهم.
11) إلغاء التمييز في جهاز التعليم واللغة العربية والثقافة العربية وتعهد التراث القومي التقدمي في الثقافة والتاريخ العربي. وإلغاء التمييز في قبول الطلاب العرب في مؤسسات التعليم العالي وتطوير شبكة التعليم والثقافة للمواطنين العرب.
12) إلغاء التمييز عن السلطات المحلية العربية والأحياء العربية في المدن المختلطة وتوسيع صلاحيات السلطات المحلية وإقامة سلطات محلية منتخبة في كل المراكز العربية وتوسيع مسطح البناء في المدن والقرى العربية. وإلغاء التمييز في الخدمات العامة (التعليم، الصحة، الإسكان، الشؤون الاجتماعية) في المراكز العربية. وإلغاء التمييز عند تخصيص المخصصات الرسمية (من الدولة) للسلطات المحلية العربية. وضمان وصل القرى العربية بشبكة الكهرباء ، وشبكة المياه ، وطرق المواصلات على حساب ميزانيّة الدوله.
13) إقامة مشاريع صناعية في القرى العربية وتقديم مساعدة حكومية لتطوير الاقتصاد في المدن، وفي الأحياء، وفي القرى العربية، بدون تمييز61.
في محدوديّة الطرح الليبرالي "دولة كل المواطنين"
ينكر "التجمع" على الحزب الشيوعي والجبهة، تناول موضوع المساواة للعرب في إسرائيل!!!62 وكتب د. عزمي بشارة أنه "لم يكن موضوع المساواة مطروحاً في الماضي بشكل جدّي على غير مستوى الشعار"63 كما ويروّج "التجمع" أنه أول من رفع المطلب بتحويل إسرائيل إلى "دولة لكل مواطنيها"، والحقيقة والواقع والتاريخ والأدلة يؤكدون شيئًا آخر تمامًا، يؤكدون أن الحزب الشيوعي , وفيما بعد الجبهة والحزب , قد طالبا وناضلا من أجل مساواة الجماهير العربية القومية والمدنية، كما ذكرنا آنفًا, وأشرنا إلى بعض المراجع التي تثبت ذلك كما أن الحزب الشيوعي هو أول من عارض الطابع والجوهر الصهيوني للدولة واعترض على اعتبارها دولة يهودية فقط64. وكان الحزب الشيوعي أول من طالب في تحويل إسرائيل دولة لكل مواطنيها في المفهوم الأشمل (وليس في الطرح الليبرالي الضيّق) ، فقد جاء في المؤتمر الثاني والعشرين للحزب الشيوعي والمنعقد في 28-30 كانون الثاني 1993 (أي قبل 3 سنوات من تأسيس التجمع) "ناضلنا وسنواصل النضال بإخلاص من أجل الحقوق القومية الكاملة للجماهير العربية في إسرائيل، حتى تكون إسرائيل دولة لكل مواطنيها"65. ثم جاء في المؤتمر ذاته "إن دولة لكل مواطنيها تلزم توجهًا آخر في مسألة دمج الجماهير العربية في كل مجالات الحياة في الدولة بسبب التمييز القومي انتهجت السلطة سياسة وممارسة دمج كولونيالي في جوهره – دمج بدون تطوير...66 ". ثم يضيف "النضال من أجل الاعتراف بالجماهير العربية في إسرائيل كأقلية قومية واحترام حقوقها القومية والمدنية وإشراكها في إقرار شؤون البلاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية وكمواطنين متساوين في وطنهم. وتعميق التعاون بين شعبي البلاد يتطلب أيضًا أن تعبر رموز الدولة عن كافة مواطني إسرائيل67. (أي العلم والنشيد الوطني وشعار الدولة... أ.ع).
ثم إن موقف ونضال الحزب الشيوعي لم يكن فقط من أجل تغيير طابع الدولة وإنما جوهرها، وهوالحزب الأوحد وعلى مدى عشرات السنين الذي اعتبر – وبحق وبفخر- معادياً للصهيونية، كما واعتبرها الحزب حركة عنصرية رجعية وتشكل عكازة للاستعمار في المنطقة...68، ثم انّ في صلب مواقف الحزب الشيوعي بناء الاشتراكية، وهو موقف أعمق بكثير من الطرح الليبرالي "دولة كل مواطنيها"، فدولة كل المواطنين الحقيقية هي ليست "دولة اليهود والعرب" فقط. فبإمكان "دولة اليهود والعرب" أن تميز ضد العامل وسائر الفئات الشعبية، وعندها تكون "دولة برجوازية" وليست "دولة لكل مواطنيها" حقيقية. وبالامكان أن تكون "دولة اليهود والعرب" ولكنها تميز ضد المرأة، فعندها تكون "دولة ذكوريه" وليست لكل مواطنيها...ثم انّ "دولة كل المواطنين" لا تكفل الحقوق الجماعيّه أبداً وتتناقض مع مطلب الاعتراف بالعرب كأقليه قوميّه. الدولة الاشتراكية هي دولة لكل مواطنيها بشكل حقيقي بكل مناحي الحياة قوميًا واجتماعيًا واقتصاديًا وثقافيًا، ويجدر السؤال هنا هل الأنظمة الليبراليّه كأمريكا والدول الغربيّه التي تتبع مبدأ "دولة كل المواطنين" تشكّل مثلاً أعلى ؟ وهل حلّت هذه الأنظمه مشاكل شعوبها؟ ان موقف الحزب حول مسألة الاشتراكيّه لا يعني بالطبع انتظار تحقيقها لتحصل الجماهير العربيّه على مساواتها بل يناضل بمثابرة من أجل المساواة التامّه للجماهير العربية في كافة مناحي الحياة كما ذكر سابقًأ.
الجبهة والدفاع عن الحريات الدمقراطية ومحاربة الفاشية
انتشرت العنصرية في إسرائيل انتشارًا واسعًا جدًا في السنتين الأخيرتين، ولبست شكل القمع الدموي(مثلاً: أحداث أكتوبر). وفي الوقت ذاته تعاظم خطر الفاشية. ويقلد بعض غلاة العنصرية في بلادنا الأيديولوجيا النازية ويستخدمون مثلهم الإرهاب العنصري وشعارات عنصرية متطرفة مثل "عربي جيد.. عربي ميت"، "لا يوجد عرب.. لا توجد عمليات انتحارية"," الترانسفير=السلام والأمن". كما وتغذي حكومة "الوحدة القومية" برئاسة مجرم الحرب أريئيل شارون بسياستها وأعمالها تعاظم القوى العنصرية والفاشية.
تعتقد الجبهه أنّ احتلال المناطق المحتلة منذ العام 67 وسياسة القمع الوحشي ودوس أبسط حقوق الانسان الأساسيه في المناطق المحتلّه والممارسه الكولونياليه العنصريه والتي مضمونها إباحة دماء الفلسطينيين مما أدى إلى مقتل أكثر من ألف فلسطيني خلال سنة واحدة – يشكّلون المصدر الرئيسي لانتشار العنصرية ومعاداة العرب وتعاظم خطر الفاشية
وتؤكّد الجبهه أن قيادة حزب العمل اتخذت في الماضي، وما زالت تتّخذ في إطار حكومة الوحدة القومية، موقف اللامبالاة والتسامح وحتى التفهّم الخطر الحقيقي على ما تبقى من دمقراطية كانضمام إيفي ايتام الفاشي إلى حكومة العمل – الليكود – ليبرمان والاقتراحات الترانسفيرية من شخصيات رسمية ومنتمية لحزب العمل أيضا69. تؤكد الجبهه دائماً أن الاحتلال هو المصدر الأساسي لنهش الدمقراطية ومصنع كراهية ومعاداة العرب،وقد رأينا ذلك في مطلع الانتفاضة الثانية ومقتل 13 مواطنًا عربيًا في مظاهرات الاحتجاج.
وتؤكّد أن التحريض ضد الجماهير العربية لن يقف عندها، بل سيطال شخصيات ونشيطين يساريين أوحتى المختلفين في الرأي مع اليمين المتطرف، حدث هذا لرئيس الوزراء السابق، يتسحاق رابين، والنشيط السلامي إميل غرينتسفايغ.
وترى الجبهه أنّ التمييز والتحريض يزدادان يوميًا ضد الجماهيرالعربية وقياداتها كإجراء تحقيقات ومحاكمات سياسية استفزازية ضدها واطلاق مشاريع عنصريّه كمشروع ضم منطقة المثلث إلى الضفة الغربية إلى مؤتمر هرتسيليا العنصري إلى عودة سلسلة اعتقالات حتى على أسباب لم تكن تؤدّي الى اعتقال من قبل، كرفع العلم الفلسطيني إلى تقديم إقتراحات عنصرية ومعادية للعرب وللقيم الدمقراطية وغيرها.
الخطر واقعي وتتجند اليوم قوى كثيرة إلى جانب الجماهير العربية في النضال ضد الاحتلال وضد العنصرية ومن أجل الديموقراطية، ومن بين هذه الأطر:- الائتلاف العربي اليهودي لإنهاء الاحتلال * غوش شالوم * حوار * اللجنة ضد هدم البيوت * منتدى اليسار * الحرم الجامعي لا يسكت * يش غفول * كفسه شحوراه * واحة السلام * تعايش * الائتلاف النسائي من أجل السلام: بات شالوم، الأم الخامسة، حاجز Watch، نساء بالسواد، نوجا، ن.ل.و* يوجد حد* صوت آخر في الجليل* بروفيل حداش * حركة النساء الدمقراطيات وآخرون.
وتتزايد أسبوعيًا هذه الأطر والآن يفهم الكثيرون أن استمرار الاحتلال والقمع والاستيطان هو كارثة ليس فقط على الشعب الفلسطيني، بل على الشعب اليهودي أيضا (بدرجات متفاوتة)، ومن الممكن أن يقود إلى سيطرة دكتاتورية "الرجل القوي" بواسطة القوى العنصرية والفاشية، أعداء الشعبين، ويثبت الآن في إسرائيل وأكثر من أية مرة صدق قول إنجلس "إن شعبًا يستعبد شعبًا آخر لا يمكن أن يكون حرًا".
لذلك فقد دعت الجبهة، ودعا الحزب الشيوعي في مؤتمراته المختلفة إلى أوسع وحدة صف يهودية عربية للتصدي لخطر العنصرية ومن أجل الدمقراطية، ورأت أن إقرار دستور للدولة يضمن ويحمي حقوق المواطن الأساسية هو أمر هام وأساسي وإن كانت لا تؤيد إقراره في الأوضاع الحالية(تنكر حكام اسرائيل للسلام والمساواه والديموقراطيه) لأنه سيكون مجحفًا ومميزًا ضد الجماهير العربية ومنافيًا لأبسط القيم الدمقراطية. كما وتناضل الجبهة ضد العنصرية وضد أخطار الفاشية من أجل ضمان حرية التعبير والصحافة والتنظيم والعمل السياسي والعقيدة الدينية وتناضل من أجل إلغاء أنظمة الطوارئ وإلغاء قوانين الإكراه الديني ومحاربة كل أنواع التعصب الطائفي أيًا كان وضد تغيير طريقة الانتخابات النسبية الدمقراطية للكنيست وضد طريقة الإنتخاب المباشر لرئاسة الحكومة، كما وتطالب الجبهة بالاعتراف بالحق الدمقراطي لرفض الخدمة العسكرية في المناطق المحتلة لأسباب ضميرية.
لا تواجه العنصريه بالتقوقع
يؤخذ على "الحركة الإسلامية" تقوقعها الطائفي الذي لا يساهم في المعركة ضد العنصرية ومن أجل الدمقراطية. فهنالك الكثير من اليهود معنيون ومستعدون للعمل من أجل أن تكون إسرائيل دولة دمقراطية، فعزل أنفسنا في صدفة طائفيّه أو قوميّة لا يساهم في هذه المعركة كما لا تساهم الشعارات مثل "خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود"، أو "إنتقام إنتقام يا كتائب القسّام" وغيرها من الشعارات التي تضر بمصالح الجماهير العربية وتساهم في عزلها وتبعدها من المعركة من أجل الدمقراطية.
كما ويؤخذ على "التجمع" أيضًا انعزاله القومي وعدم رؤيته الأمور في شموليتها، فتصنيف قضية السلام وإقامة دولة فلسطينية في البند 13 من أهدافه وغض الطرف وعدم التطرق للقضايا الاجتماعية الاقتصادية، والتعالي عن هذه القضية يؤدي إلى عدم فهم جدلي حقيقي لمنابت العنصرية. ان "التجمع" يريد أن تكون دولة إسرائيل دولة دمقراطية كما يبرز في برنامجه70 ولكن بدون فهم الأسباب الرئيسية للنهش في القيم الدمقراطية في إسرائيل والنضال ضدها لا يمكن النجاح في المعركة على دمقرطة المجتمع الإسرائيلي ودولة إسرائيل.
كما أن العلاقة الحميمة جدًا والمتماهية ل"التجمّع" مع النظام السوري أحد أكثر الأنظمة معاداة للدمقراطية71 في الشرق الأوسط على الأقٌل يضع علامات تساؤل جدّيّه في الوسطين اليهودي والعربي حول نزاهة ومبدئية التجمع في قضية الدمقراطية.
الجبهة والدفاع عن قضايا وحقوق العاملين
لقد وضعت "الجبهة" في مركز برنامجها قضية حقوق العاملين، وهذا أمر طبيعي، كون المركب الأساسي للجبهة هو الحزب الشيوعي، حزب الطبقة العاملة، وبالرغم من أن الحزب الشيوعي اشتراكي إلا أنه لا يشترط على أعضاء الجبهة أن يكونوا إشتراكيين، وإنما تناضل الجبهة من أجل وضع سلم أولويات جديد لتثبيت واقع من العدالة الاجتماعية من خلال توزيع عادل للدخل القومي، فإن الجبهة تضع برنامجًا سياسيًا اجتماعيًا اقتصاديًا في مواجهة الهجوم الذي تشنه الحكومة والمشغلين على أجور الحد الأدنى، رسوم البطالة، تأمين الدخل، مخصصات الدخل، حقوق العاملين في شركات القوى العاملة وغير ذلك. وفي مواجهة تنكر الحكومة لمسؤولياتها لتوفير العمل لـ270 ألف عامل عاطلين عن العمل. فإن الجبهة هي القوة العربية اليهودية الأساسيّه المثابرة التي تناضل ضد فصل العمال وإغلاق المصانع ضد سياسة الخصخصة ومن أجل الدفاع عن حقوق العاملين وضد الاحتلال الذي يؤدي إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية ويقلل من فرص العمل وإمكانيات العيش الكريم، لذلك تطالب الجبهة في هذه الأيام إسقاط حكومة "الوحدة القومية" حكومة الكوارث الإقتصادية والسياسية، ومن أجل تحويل أسبوع العمل لـ35 ساعة عمل أسبوعيًا – من أجل ظروف أفضل للعامل وتوفير فرص عمل جديدة ومن أجل توفير العمل للعاطلين عن العمل – وذلك بانتهاج سياسة سلام وبمبادرات حكومية لتوفير أماكن عمل ورفع مدخول العاملين، ومن أجل رفع سياسة الخصخصة التي تهدف إلى إغناء الأغنياء وإفقار الفقراء وبالمقابل تقلص أماكن العمل وحقوق العاملين ومن أجل التوقيع على اتفاقات الإطار في القطاعين الخاص والعام بحيث تشمل زيادة في الأجور ومن أجل زيادة أجور النساء وضمان تقدمهن في أماكن العمل وفي التأهيل المهني ومن أجل المساواة التامة للعامل العربي في الأجرة وفي ظروف العمل وبدمجه الكامل في الهستدروت ومن أجل إقامة "الحلف الاجتماعي" بمشاركة العمال المنظمين في الهستدروت، مواطني القرى والمدن العربية ومواطني بلدات التطوير، بحيث يكون البند الأول في برنامج هذا الحلف هو محاربة البطالة ومن أجل وضع الميزانيات لصالح القضايا الاجتماعيّه وليس في المستوطنات، ومن أجل وقف الصراع الدموي – من خلال انتهاج سياسة السلام العادل الذي هو ضمان للحياة الكريمة وهو الضمان للنمو الاقتصادي ولتوفير أماكن العمل للعاطلين عن العمل.
كما أن الجبهه والحزب الشيوعي هما القوّة الوحيدة الفاعلة في الوسطين العربي واليهودي الّتي تضع في صلب برنامجها قضايا الفئات الشعبية والّتي تحيي يوم الأوّل من أيّار وتجعله رافعة في كل سنة لنضال متجدد من أجل حقوق العمال.
لا لوطنيّه تترفّع عن حقوق العاملين
من المؤسف أنه بالرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة وخاصة عند المواطنين العرب فان "التجمع" والحركة الإسلامية لا يوليان القضايا الاجتماعية والاقتصادية اهتماماً كافياً ولا يهمهما أبدًا موضوع النقابات العمالية ولا يشتركان في أية انتخابات فيها، ولا يحييان عيد العمال العالمي في الأول من أيار وكأننا لسنا بشراً ولا ننقسم إلى أغنياء وفقراء ومتوسطي الحال كأننا فقط عرب وفقط مسلمون!!! كما أن من المؤسف أنّ "التجمّع" أيّد سياسة الخصخصه على رؤوس الأشهاد في افتتاحية جريدة "فصل المقال" والخصخصة كما هو معروف تساهم في إغناء الأغنياء وإفقار الفقراء، فمثلاً إذا سلّمت الحكومة مستشفى إلى شركة خاصة فإن مستحقات الإقامة في المستشفى ستغلو وكذلك سيغلو الدواء وكذلك ستقلص الخدمات فيها لأن هدف الشركة الخاصة هو الربح بالأساس. كذلك الأمر، فإذا استلمت شركة خاصة مصنعًا من الحكومة فستعمل على تقليص العمال(واذا عمل في المصنع عرباً فسيكون وضعهم مهدّداّ أكثر نتيجه للأجواء العنصريّه السائده) وامتصاص ما تستطيع من طاقتهم ومن وقتهم من أجل الربح المالي.
الجبهة ومساواة المرأة
وضعت الجبهة منذ تأسيسها قضية مساواة المرأة في صلب برنامجها، ويعتز الحزب الشيوعي أنه قد طالب وناضل من أجل مساواة المرأة منذ اليوم الأول لتأسيسه.
فمنذ بداية العام 48 عملت النساء في الحزب على تأسيس جمعية نسائية واستطعن في حينه تأسيس جمعية "النهضة النسائية" في تشرين أول 194872 وبالرغم من التضييق عليهن جراء العادات والتقاليد البالية إلا أنهن استمررن في العمل ووضعت الهيئة الإدارية لجمعية "النهضة" برنامجًا لتوعية النساء بدءًا بفتح صفوف للأميات ولتعليم المهن اليدوية، كالخياطة وحياكة الصوف، والتدبير المنزلي، وذلك لدفع النساء للعمل والمطالبة بفتح مشاغل تمكن هؤلاء النساء من العمل وكسب لقمة عيشهن والمساعدة في إعالة عائلاتهن فتحقيق الاستقلال الاقتصادي الفردي, هو أحد الشروط الأساسيه لكسر تهميش دور المرأه وابقائها بمثابة تابعه للرجل. كما وشاركت هذه الجمعية بالمعارك السياسية كالإضرابات، والمظاهرات الاحتجاجية ضد سياسة الاضطهاد القومي والحكم العسكري... ألخ. وفي سنة 1951 عقد مؤتمر لوحدة النساء العربيّات واليهوديات في جمعية "النهضة النسائية" ومنظمة "النساء التقدميات" وسميت "حركة النساء الدمقراطيات في إسرائيل"، قادت هذه الحركة النساء العربيات واليهوديات في نضالات مشتركة عديدة.
ومنذ سنة 49 يحيي الحزب الشيوعي يوم الثامن من آذار73 عبر مظاهرات ومهرجانات ويطالب بمساواة المرأة في كافة مناحي الحياة خاصة في العمل والمجتمع والعائلة كما وتناضل كتلة الجبهة في الكنيست من أجل إلغاء كل القوانين المجحفة بحق المرأة ومن أجل سن قانون أساسي لمساواة المرأة في الحقوق على أساس الوثيقة الدولية بشأن إلغاء كل أشكال التمييز ضد النساء وتنفيذ عملي لقانون المساواة في فرص العمل وقانون عمل النساء وقانون أجر متساو لقاء عمل متساو ومن أجل تطبيق القانون ضد العنف في العائلة ومن أجل رفع جدي للميزانيات المخصصة لمساعدة النساء اللواتي وقعن ضحية العنف وتشجيع القيام بحملات إرشاد في هذا الموضوع ومن أجل زيادة تمثيل النساء وتعزيز مكانتهن في كل المؤسسات الرسمية والشعبية والجبهوية.
كما أن النساء في الجبهة لا يناضلن من أجل قضية المرأة بمعزل عن النضال من أجل السلام والمساواة والدمقراطية والتقدم الإجتماعي، فكلها جبهات بتحقيق تقدّم فيها تهيأ الظروف المناسبة أكثر لمساواة المرأة وتقدمها.
ففي وضع الحرب أو الاحتلال تزداد الأزمات الاقتصادية، الأمر الذي يضرب مكانة المرأة، كما أن وضعية الاحتلال تساهم في زيادة العنف في المجتمع، وتكون المرأة في حالات من أبرز ضحاياه وتزداد فيها مكانة الرجل كونه محارباً, الكل يذكر المقوله الرجعيّه "الجيّدون للطيران والجيّدات للطيّارين" وغيرها... لذلك فالنضال من أجل السلام ومن أجل المساواة والدمقراطية والتقدم الاجتماعي هو نضال من أجل إحقاق حقوق المرأة ومساواتها أيضًا.
التقدم الاجتماعي موقف وممارسة
موقف "الجبهة" يتناقض بشكل تناحري مع موقف "الحركة الإسلامية"، حيث أن موقف الجبهة هو المساواة التامة للمرأة والرجل، وتفهم الجبهة مسألة المساواة على أنها مبنية على أسس ندية متكافئة واحترام متبادل. أما "الحركة الإسلامية" فما زالت أسيرة لعادات وتقاليد بالية تحرم المرأة من حقوقها الكاملة.
الجبهه تختلف مع "التجمع" في بحث قضية المرأة بشكل مبدئي، حيث أن "التجمّع" لا يعالج قضية المرأة ومكانتها بمفاهيم جدلية شمولية تبحث في القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي جرائها يميّز ضد المرأة ويجعلها مستغلّة. ففي وضعية احتلالية تزيد مكانة الرجل وتنتقص مكانة المرأة كما أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة والبطالة تضر أول ما تضر بالمرأة وكذلك فازدياد العنف يؤثّر بشكل أساسيّ على النساء. لهذا فعدم ايلاء "التجمع" القضايا الاجتماعية اهتماماً وعدم إعطائه المركزية لقضية السلام وعدم تعرضه للقضايا الاجتماعية والاقتصادية يبقى تعامله سطحياً مع قضية المرأة. كما أنه يؤخذ على "التجمع" عدم إحيائه مناسبة الثامن من آذار (يوم المرأة العالمي)، كذلك عدم تصويت مندوب "التجمع" في الكنيست د. عزمي بشارة على تعديل قانون الأحوال الشخصية74 بحيث يسمح للمرأة الاختيار بين المحاكم الشرعية والمدنية، خلافًا لما كان من قبل، حيث كانت المرأة تجبر على المثول أمام المحكمة الشرعية التي تميز ضدها (ولم يعط حتى اليوم أي جواب مقنع لهذا التغيب بالرغم من وجود د. عزمي بشارة في القدس في ذلك اليوم، وذلك بخلاف موقف كتلة "الجبهة" التي أصرت على دعم اقتراح القانون وكانت الكتله الوحيده التي صوت جميع أعضاؤها إلى جانبه).
الكفاح العربي اليهودي المشترك
إن أرقى دائرة انتماء للانسان هي الانسانية وليست القومية، أو الدينية، أو اللونية، أو الجنسية.
فإن التقييم الانساني الراقي للانسان هو تقيمه والتعامل معه كانسان وبحسب مبادئه وممارساته، وليس بحسب انتماءات ضيقة وُلد معها ولم يخترها (عربي، يهودي ، أبيض، أسود، إمرأة، رجل ...). ونحن أبناء الاقلية القومية العربية داخل اسرائيل عانينا وما زلنا نعاني من سياسة الاضطهاد القومي لا لشيء إلا لكوننا عرباً وهذا الامر يجعلنا أكثر الناس ادراكاً لمدى أهمية تقييم الانسان كانسان ولمدى الاجحاف لمعاقبته ورفضه لأنه ينتمي لفئة معينة.
هنالك في اسرائيل احزاب وأطر "تمثل" مختلف الانتماءات فهنالك الحركات الشبابية مثلا (دور شلوم) والشرقية مثلا (شاس) والدينية مثلا (اجودات يسرائيل والحركة الاسلامية) واحزاب قومية مثلا (الليكود، هئيحود هلئومي، التجمع الوطني، والحزب القومي العربي)، وحزب للروس مثلا (يسرائيل بعاليا، يسرائيل بيتينو) وحزب يدعى تمثيل العمال مثلا (حزب عمير بيرتس) وحزب يهتم بجودة البيئة مثلا (هيروكيم) ولكن هنالك اطار واحد ووحيد يقيّم الانسان كانسان ويضم عربًا ويهودًا شبابًا وكهولاً، رجالاً ونساءً، عمالاً، وفلاحين ومثقفين هو الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة التي تضم كل هؤلاء بناءاً على برنامج كفاحي متفق عليه من أجل السلام والمساواة والديمقراطية وحقوق العاملين والتقدم الاجتماعي ومساواة المرأة والحفاظ على جودة البيئة وضد اسلحة الدمار الشامل.
الاحزاب الفئوية تكتفي بنيل حصتها من "الكعكة" وهذه هي المهمة الاسهل أما الجبهة في تركيبتها الشاملة وبرنامجها الشمولي فتصر على الشراكة الكاملة في اعداد "الكعكة" والشراكة باتخاذ القرار حول مضمونها وشكلها – هذه هي المهمة الاصعب.
إنه من الاسهل أن تناضل وتقنع الجماهير العربية بعدالة قضيتها وتطالبها بالتحرك والنضال من أجل تحقيق اهدافها ولكن النضال الاصعب هو اقناع أكبر عدد من الجماهير اليهودية بعدالة وأهمية قضايا السلام والمساواة والديموقراطية والتقدم الاجتماعي وهذا ما تفعله الجبهة وعندما كان من الصعب العمل والنضال بين الجماهير العربية في سنوات الخمسينات والستينات كان الحزب الشيوعي هو الوحيد الذي ناضل بالرغم من التضييقات المختلفة من قبل السلطة واعوانها.
كلنا ندرك (والسلطة تدرك) أن 18% من مواطني الدولة لا يستطيعون وحدهم اجراء التغيير المنشود باتجاه السلام والديموقراطية والمساواة... ومن هنا جاء التحريض السلطوي التاريخي ضد الحزب الشيوعي والجبهة اللذان اصرا على قرع جدران الخزان واختراقه والعمل على اقناع الجمهور اليهودي بعدالة وأهمية هذه القضايا للشعبين.
كما أن السلطة تعمل جاهدة على اخراج الجماهير العربية من دائرة الشرعية والتأثير فالشعار "اغلبية يهودية" ورفع نسبة الحسم في استطلاع الرأي حول الجولان إلى 60% والذي يهدف إلى الغاء وزن الجماهير العربية النوعي لصالح السلام كما أن قتل رئيس الوزراء السابق اسحاق رابين جاء بالأساس لأنه اعتمد على الأصوات العربية "الكتلة المانعة" فهل نعزل انفسنا طوعًا ونكون بذلك قوميين جدًا كما تريد السلطة ويريد اليمين؟! هل نخرج أنفسنا وبمحض ارادتنا من دائرة الشرعية والتأثير ؟! هل نحرم قوى السلام والقوى الديمقراطية اليهودية من أقوى حليف لها وهو الجماهير العربية ؟!
هنالك بعض القوى في الوسط العربي تنتقد العرب أعضاء الجبهه على نضالهم المشترك مع الديموقراطيين اليهود , هدا الموقف يتناغم مع انتقاد السلطه الذي يصل حد اطلاق تهم التخوين من قبل االسلطه على اليهود الديموقراطيين الذين يناضلون الى جانب زملائهم العرب داخل الجبهه.
لقد عرف الحزب الشيوعي والجبهة كيف يمسكا الثور الصعب من قرنيه: التأكيد على الانتماء الى الشعب العربي الفلسطيني والحفاظ على الهوية الفلسطينية من جهة والعمل العربي اليهودي المشترك والنضال من أجل المواطنة الكاملة من جهة أخرى فالحزب الشيوعي هو الذي أسس التنظيمات القومية كلجان الطلاب الثانويين، لجان الطلاب الجامعيين واتحادهم القطري، اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، اللجنة للدفاع عن الاراضي. هذه الاطر الوحدوية الديموقراطية التقدمية التى اقامها الحزب الشيوعي والذي يناضل من أجل وحدة الجماهير العربية على أسس وطنية ديموقراطية ويعادي "وحدة الجماهير العربية" التي اعطت الاحزاب الصهيونية 80% من أصواتها. فالعروبة هي انتماء قومي حضاري تاريخي وليست برنامجًا سياسًا اجتماعيًا بحد ذاتها.
والحزب الشيوعي هو الذي حافظ على الهوية القومية والثقافية للعرب الفلسطينين داخل اسرائيل وهو الذي كتب " وثيقة الجماهير العربية": "لم ننكر ولا يمكننا أن ننكر حتى لو جوبهنا بالموت نفسه أصلنا العريق نحن جزء حي وواع ونشيط من الشعب العربي الفلسطيني". (راجع الحفاظ على الهوية القومية العربية الفلسطينية). والحزب الشيوعي هو الذي أنشأ ورعرع كوكبة الشعراء والأدباء والمثقفين الذين تغنوا معتزين بانتمائهم القومي ازاء الاستعلاء القومي وأكدوا فكرهم الانساني التقدمي وذلك على صفحات "الاتحاد" و "الجديد" و"الغد" و"الدرب" و "السلم والاشتراكية" (راجع: شعر المقاومة).
إذا فالحزب الشيوعي وفيما بعد الجبهة يصران ويؤكدان على ضرورة المحافظة على الهوية القومية العربية الفلسطينية الخاصة بالعرب داخل اسرائيل وهما اللذان أسسا وحافظا على الأطر العربية المذكورة انفا وناضلا من أجل الاعتراف والتعامل مع العرب كاقلية قومية (وذلك منذ عام 48 حتى اليوم). وضرورة مساواة الجماهير العربية في الحقوق القومية، (وذلك منذ عام 48 حتى اليوم) في جميع مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية (وذلك منذ عام 48 حتى اليوم) وفي الوقت ذاته يعمل الحزب دون كلل أو ملل من أجل تجنيد أكبر عدد من اليهود الديموقراطيين إلى جانبه ويعتز الحزب الشيوعي والجبهة أن برنامجهما السياسي التاريخي في قضية السلام والذي رفضه البناؤون أصبح اليوم رأس الزاوية فاللاءات "الكونسنزوسية" والسلطوية والتاريخية "لا لاقامة الدولة الفلسطينية" "لا للتراجع عن ضم القدس" "لا مفاوضات مع المنظمة التحرير الفلسطينية" قد تحطمت الواحدة تلو الاخرى فتفاوضت اسرائيل مع منظمة التحرير الفلسطينية التي اعتبرتها قبل ذلك منظمة سفاحين ومخربين في الوقت ذاته الذي أكدت به الجبهة والحزب الشيوعي "لا تنفع مفاوضات إلا مع ياسر عرفات" ووافقت دولة اسرائيل مبدئيًا على اقامة دولة فلسطينية إلى جانب اسرائيل وعلى الانسحاب من الاراضي المحتلة بحسب قرارات الامم المتحدة ووافق رئيس حكومة اسرائيل السابق براك على ارجاع قسم كبير من القدس العربية المحتلة.
لذلك فملقى على الجماهيرالعربية كجزء من الشعب الفلسطيني وجزء من مواطني الدولة، واجب وضع وزنها الكمي والنوعي في العمل مع القوة الديموقراطية اليهودية واقناع أكبر عدد من الشعب اليهودي بعدالة القضية الفلسطينية وبكونها مفتاح السلام والامن للشعبين والعمل على تجنيدهم من أجل السلام وهذه هي المهمة الوطنية والقومية والانسانية الكبرى التي تقوم بها الجماهير العربية بقيادة الجبهة أما الانعزال والتقوقع القومي باسم المصلحة القومية لا يفيد بل يضر شعبنا الفلسطيني والجماهير العربية وقضايا السلام والمساواة اللذان نحن احوج اليهما من أي مجموعة أخرى.
نداء إلى الشباب
انضموا إلى جبهة التاريخ المشرف
والمستقبل الباهر.
الجبهة هي المكان الطبيعي للشباب
الوطنيين الصادقين
تعالوا نتحمّل معًا عبء المهام النضالية، بل تعالوا نتشارك معًا في شرف النضال، شرف العطاء للشعب..
أيّتها الشابّة أيّها الشاب
يمرّ شعبنا الفلسطيني في ظروف بالغة التعقيد والخطوره نتيجة سياسة حكّام اسرائيل المعاديه للشعبين ,الفلسطيني والاسرائيلي,الأوّل لأنّها تحتلّ أرضه وتجرم بحقّه والثاني لأنّها لا تجلب له السلام ولا الأمن وتضرّ بقضاياه الاقتصاديّه والاجتماعيّه والحياتيّه.
كما تستمر ماكينة التحريض بالعمل بشكل هستيري منفلت على الجماهير العربيّه وقيادتها ومن أبرز مظاهرها الاعتداء الدموي على الجماهير العربيّه أثناء ممارستها حقّها وواجبها في الاحتجاج على جرائم الاحتلال والاضطهاد القومي والضربات الاقتصاديّه ضدّها وذلك في أحداث أكتوبر 2000 كما تحوّلت أفكار الترانسفير الى مواضيع تناقش في أوساط تعد في مركز الخارطه السياسيّه والأكّاديميّه الاسرائيليّه كما في مؤتمر هرتسيليّا وتحوّلت شعارات الترانسفير والكره للعرب لمنظر مألوف وطبيعي على جدران الشوارع في الطرق الرئيسه وفي المدن المختلطه,وأصبح كل اقتراح قانون معاد للعرب ولأبسط القيم الديموقراطيّه يحصل على غالبيّه مطلقه في الكنيست ومن جهه أخرى فانّ الأوضاع السياسيّه أدّت الى أوضاع اقتصاديّه متردّيه والجماهير العربيّه الّتي "تتبوّأ" الصداره في سلّم البطاله والفقرهي من أكثر ضحاياها.
هذا الوضع المعقّّد والخطير يستدعي منا -نحن الشباب-وقفة تفكير وتأمّل لتنتصب الأسئله الساخنه , ما العمل؟ وماذا يخبئ المستقبل لنا؟ماذا نستطيع أن نقدّم لشعبنا,لأنفسنا؟لا نستطيع أن نغيّر الماضي ولكن هل نستطيع أن نغيّر الآتي؟ وما هي أفضل الطرق لذلك؟
هنالك عدة مجالات بالامكان العمل بها ولكن يبقى مجال العمل السياسي الاجتماعي هو المؤثّر الأكبر على مختلف أوضاعنا السياسيّه والاجتماعيّه والاقتصاديّه والثقافيّه لذلك فكلّ "تغيير" اجتماعي اقتصادي ثقافي ... يبقى سطحيّا (يسمّى اصلاحيّا)ان كان بمعزل عن التغيير السياسي.فالحديث عن تحسين الاقتصاد وارساء القيم الديموقراطيّه والانسانيّه في اسرائيل يبقى حديثاً فارغاً اذا لم ينته الاحتلال الاسرائيلي ضدّ الشعب الفلسطيني...
هذا الأمر صحيح أيضاً بالنسبه للجمعيّات الّتي بامكانها أن تؤدّي دوراً معيًنا في مجال عيني (وبلامكان أن يكون ايجابيّاً)كالاعلام أو حقوق الانسان أو مكافحة العنصريّه...ولكن يبقى دورها هامشيّاً طالما لم تحل القضيّه الأساسيّه وهي انهاء الاحتلال المغذّي الرئيس للعنصريّه ودوس حقوق الانسان والسياسيه الموجّهه للاعلام. وعلى هذه المهمه لا تقوى الجمعيّات ولم تقم من أجلها أصلا.
الحزب هو التنظيم السياسي والاجتماعي الوحيد الذي يتعامل مع الأمور بشموليّتها وترابطها(بالطبع لا أقصد هنا الأحزاب اليهوديّه والعربيّه التي هي أقرب للجمعيّات من الأحزاب)والحزب هو وحده الذي يخوض الانتخابات ويمثّل في المؤسسات التي يصنع فيها القرار.
من أجل ترتيب أفكارنا نقول أنّنا نرفض أخلاقياً وسياسياً الانتماء الى الأحزاب الصهيونيّه الّتي هي المسبّب الرئيس لمأساة شعبنا.لن ننضم الى جلادينا نقطه.
كما أنّنا لن ننتمي لأحزاب هي أقرب الى الجمعيّات منها للأحزاب لا ترى أو تتعامل مع الأمور بعمقها أو شموليّتها أحزاب تضع اللسلن فوق الانسان وما هو تحصيل حاصل أفقاً أحزاب تدّعي أنّ النضال بدا يوم تأسيسها وتزوّر تاريخ نضال الجماهير العربيّه كما أنّنا لن ننتمي لأحزاب تتعامل مع شعبنا كطوائف كما تريد السلطه ولا تتورّع في اشعال نار الطائفيّه من أجل الحصول على أهداف ضيّقه.
ستنتمي للاطار المجرّب والمجرب الذي أثبت نفسه وتفولذ في أقسى الظروف للاطار الريادي الذي وضع المعادله الأكثر واقعيّه وعداله في حل القضيّه الفلسطينيّه للاطار الذي قاد معارك الجماهير العربيّه من أجل البقاء والتجذّر ومن أجل الدفاع عن الأرض والمسكن للاطار الذي حافظ على الهويّه العربيّه الفلسطينيّه وحارب العدميّه القوميّه والطائفيّه بلا هواده لاطار الأحرار الوطنيّين المخلصين الذين ما أنحنوا يوماً في أعتى العواصف وأثبتوا تفانيهم لمبادئ الأحرار وكفاحهم من أجل الحياه الحرّه الكريمه لأبناء شعبنا للاطار الذي خرّج أبرز المفكّرين والسياسيّين والأدباء والشعراء الذين احتلّوا المواقع الهامّه في خارطة الأدب والشعر العربي والعالمي لاطار يطرح خطاباً وطنياً واعياً يحمي الجماهير فتحميه بكامل وعيها وايمانهاللاطار الأوحد الذي يضمّ عرباً ويهود ديموقراطيّين على قدم المساواه يناضلون من أجل سميى القيم في العدل والمساواه التامّه والديموقراطيّه الحقيقيّه والتعايش الندّي والمبني على الاحترام المتبادل للاطار الوحيد الذي يربط بين المعركه من أجل انهاء الاحتلال والمعركه من أجل الديموقراطيّه والمساواه والتقدّم الاجتماعي وفي صلبه حقّ العامل والمرأه في المساواه التامّه سننتمي للجبهه الديموقراطيّه للسلام والمساواه جبهة التاريخ المشرّف والمستقبل الباهر فتعالوا نتحمّل معاً عبء المهام النضاليّه بل تعالو نتشارك معاً في شرف العطاء للشعب...شرف الانتماء للجبهه.
مذكرة توفيق طوبي
توفيق طوبي
عضو الكنيست
ص.ب.1843
تل-أبيب
23/11/1956
لحضرة................................................................
بتاريخ 29/10/1956 قام رجال "حرس الحدود" الاسرائيلي بقتل 51 مواطناً من قرية كفر قاسم قرب بتاح تكفا , ومن قرى أخرى في المثلث وجرح 13 مواطناً آخراً بجراح خطيره.
ونبأ هذه المجزره الجماعيه البشعه التي أرتكبت ضد مواطنين أبرياء والذي تسرب من السلطات بشكل متقطع وغامض – قد أثار القلق الشديد لدى كل من سمع بهذه الجريمه النكراء.
وحيال خطورة هذه الجريمه نشر مكتب رئيس الحكومه بياناً بتاريخ 11/11/1956 (أي بعد أسبوعين من ارتكاب الجريمه) محاولاً طمسها والتستر على المسؤولين الأساسيين. وقد جاء في هذا البيان أنه في يوم 29/10/1956 اثر توسع أعمال الفدائيين ( والحقيقه انه حين ابتداء الهجوم على مصر ). أعلن نظام منع التجول في عدد من القرى الواقعه على الحدود الشرقيه وذلك للمحافظه على حياة سكان هذه القرى (؟) وأنيط بكتيبه من حرس الحدود تنفيذ هذا المنع, وقد حافظ سكان القرى على نظام منع التجول الذي فرض عليهم بين الساعه الخامسه مساءً حتى السادسه صباحاً. وفي بعض القرى عاد بعض السكان الى بيوتهم بعد ساعات المنع وأصيبوا من قبل حرس الحدود. وعندما علم رئيس الحكومه بالأمر عين لجنة تحقيق بتاريخ 1/11/56 برئاسة قاضي المحكمه المركزيه زوهر وعضوية السيد أبا حوشي رئيس بلدية حيفا والمحامي حوتير يشاي وكلفوا بالتحقيق في :
أ - أسباب الحوادث في القرى بتاريخ 29/10/1956.
ب – مدى مسؤولية رجال حرس الحدود (ضباط وصف الضباط والأنفار) وتقديمهم للمحاكمه اذا اقتضى الأمر.
ج – قيمة التعوضات التي على الحكومه دفعها للعائلات المنكوبه من جراء سلوك حرس الحدود.
وقد استمعت اللجنه الى شهادات ممثلي القرى ورجال حرس الحدود ورجال الجيش .. ووفقاً لنتيجة أبحاث اللجنه قدم قائد كتيبة حرس الحدود الى المحكمه ومعه نفر من مأموريه الذين قاموا بتنفيذ أمر غير قانوني.
وقد قررت الحكومه أن تدفع حالاً مبلغ ألف ليره كمقدمه, الى كل عائله منكوبه وألقت على عاتق لجنة زوهر مسؤولية تعيين المبلغ الذي يجب دفعه كتعويض للعائلات المنكوبه. وسيدفع مبلغ اضافي وفقاً لقرارات اللجنه.".
ان هذه العبارات الغامضه التي وردت في بيان مكتب رئيس الحكومه يقصد منها طمس هذا الحادث المفجع البشع الذي تقع مسؤوليته على عاتق السلطات العليا.
وتجاه قيام الحكومه بمنع نشر تفاصيل الحادث الذي يشير اليه البيان, وتجاه استخدام المراقبه بصوره شديده بقصد اخفاء هذا القتل البربري عن الرأي العام, فأني أرى من واجبي أن أقدم لك في هذه الرساله الحقائق كما هي وكما اطلعت عليها اثناء زيارتي الى قرية كفر قاسم بتاريخ 20/11/1956 برفقة عضو الكنيست ماير فلنر. وهأنذا أقدم الحقائق الدقيقه كما ذكرها سكان القريه ومن بينهم من شهد المجزره وكان من ضحاياها (جرحى).
في يوم 29 أكتوبر يوم ابتداء الحرب ضد مصر جاءت فرقه من حرس الحدود بعد الساعه الرابعه مساءً الى قرى المثلث وأبلغت وجهاء القرى والمخاتير ورؤساء المجالس المحليه بفرض نظام منع التجول في قراهم ابتداء من الساعه الخامسه مساءً وبأن على السكان البقاء في بيوتهم . وفي قرية كفر قاسم أخبر مختار القريه الضابط الذي أخبره أمر المنع-في الساعه الخامسه الا ربعاً, أبلغه بأن هنالك عمالاً كثيرين من القريه يشتغلون خارجها ويعودون بعد الساعه الخامسه من عملهم. وقد أجاب الضابط على هذا بقوله للمختار : " ان حرس الحدود "سيهتم"بهؤلاء العمال.".
وعلى مداخل القريه وقفت فلاقه من حرس الحدود في انتظار العمال العائدين من عملهم في سيارات الشحن ووسائل النقل الأخرى. وكان أول من وصل أربعة عمال يركبون دراجاتهم وقد حدث العامل سمير بدير من سكان كفر قاسم بما يلي:
"وصلت الى مدخل القريه بجوار المدرسه مع ثلاثة عمال آخرين على دراجاتنا في السلعه الخامسه الا خمس دقائق (أي قبل ابتداء منع التجول) فأوقفتنا فرقه من شرطه حرس الحدود يركبون سياراتهم ويبلغ عددهم الاثني عشر شرطياً برفقة ضابط. لقد قال العمال-"شالوم للضابط" الذي سألهم: هل أنتم "مبسوطين"؟ فأجابه العمال:"نعم".وفي الحال نزلت الشرطه من السيالاه وأمروا العمال بالوقوف, وأعطى الضابط أمره اليهم أن "أحصدهم" وحال قيام الشرطه باطلاق الرصاص ارتميت على الأرض (أنا سمير بدير) وتدحرجت الى حفره مجاوره قرب الشارع وأنا أصرخ ولكنني لم أصب. وتوقفت عن الصراخ موهماً الشرطه بأني قتلت. واستمرت الشرطه باطلاق الرصاص على العمال الذين سقطوا وعندها قال ضابط الشرطه "يكفي لقد قتلوا فخساره فيهم الرصاص" لقد بقيت دون حراك. وبعدها وصلت الى المكان علربه وعليها ثلاثة عمال. لقد أوقفت الشرطه هذه العربه وأطلقت الرصاص على العمال فقتلتهم فوراً ثم ابتعدت الشرطه عن المكان عشرات الأمتار تاركين وراءهم جثث قتلى من العمال على الشارع. وتمركزت الشرطه في موقع آخر من الشارع المؤدي الى القريه. وقد وصل عمال آخرون على دراجاتهم كما ووصلت سيارة شحن مليئه بالعمال. وانتهزت فرصة ابتعاد الشرطه عني فوقفت وأخذت أعدو نحو القريه. وعندها أطلقت الشرطه رصاصها علي ولكنني لم أصب واختبأت في البيوت الأولى من مدخل القريه الى أن انتهى نظام منع التجول".
ومن بين سيارات الشحن التي أوقفتها الشرطه على مدخل القريه, كانت سياره تقل النساء والفتيات اللواتي يعملن في قطف الزيتون ويبلغ عددهن ثلاث عشرة امرأه, ومعهن عاملان من القريه وسائق السياره المدعو محمود حبيب من قرية الطيبه.
وقد ذكرت الفتاه هنا سليمان عامر البالغه من العمر بين 15-16 سنه والتي كانت بين المسافرات في سيارة الشحن وهي الوحيده التي بقيت على قيد الحياه من جميع ركاب السياره وهي الان جريحه في مستشفى بلنسون. وقد ذكرت هذه الفتاه الى نعض زائريها في المستشفى ما يلي:
"لقد أوقفت شرطة حرس الحدود السياره التي كانت تقلني عند مدخل القريه وأمرت سائق السياره وعاملين آخرين بالترجل منها وأبلغتهم بأنها تنوي قتلهم, فبدأت النسوه بالصراخ أمام هذا التهديد الشنيع وتوسلن الى الشرطه أن تترك العمال وشأنهم. ولكن الشرطه أجابت النساء : "وسنقتلكن أنتن أيضاً" وبعد أن أطلقوا الرصاص على العاملين والسائق وأردوهم قتلى تردد أفراد الشرطه فيما سيقومون به اتجاه هؤلاء النسوه. وقد ذكرت هذه الفتاة كيف أنها سمعت الضابط يتكلم باللاسلكي مع المسؤولين عنه في مركز بوليس راس العين يستشيرهم فيما يجب اجراؤه ضد النساء. وحالاً بدأت الشرطه باطلاق الرصاص على النسوة وقتلوهن جميعاً. وعددهن 12. وكان بين القتلى عدد من الحبالى احداهن في شهرها الثامن واسمها فاطمه داود صرصور وعدد من العجائز تتراوح أعمارهن بين 50-60 سنة. وكان بين القتلى أيضاً الطفلتان لطفيه عيسى ورشيقه بدير وعمر كل منهما 13 سنه. وقد جرحت الفتاة هنا عامر التي تحدثت عن هذه الوحشيه وسقطت بين كومة جثث القتلى واعتقدت الشرطى بأنها قتيله.
وكان مجموع ما أوقفته الشرطه ثلاث سيارات شحن وأنزلت من فيها من العمال والعاملات وقتلوهم على قارعة الطريق برصاص البنادق والستنات ورشاشات أخرى.
وبالاضافه الى هؤلاء القتلى كان من ضحايا هذه المجزره الجماهيريه البشعه راكبوا السيارات وآخرون ممن عادوا الى قريتهم مشياً على الأقدام أو على عربات, وعدد من الرعاه وأولاد ذهبوا ليدعوا آباءهم للعوده من الحقول قبل حلول موعد منع التجول.
وعندما وصلت سيارة شحن رابعه الى مدخا القريه تقل أربعة عمال, أمرها رجال الشرطه بالوقوف وعندما شاهد أحد هؤلاء العمال الاربعه جثث القتلى من بعيد صرخ بالسائق بأن يستمر في السير وبعدم الوقوف. وفعلاً فقد اجتازت هذه السياره موقع الشرطه بسرعه بالغه متجهه نحو القريه ولكن الشرطه أطلقت عليها الرصاص فقتلت أحد ركابها ونجا الآخرون.
وأثناء عملية القتل قامت الشرطه بالتفتيش, فيما اذا كان بين المصابين من بقي حياً للقضاء على حياته باطلاق الرصاص عليه ثانيه. وفي بعض الحالات داس رجال الشرطه بنعالهم على جماجم القتلى وطعنوا بعض النساء الجرحى بحرابهم.
وقد نجا بعض العمال الذين بقوا على قيد الحياه وسط أكوام جثث القتلى نتيجة اختبائهم تحت جثث أصدقائهم واخوانهم الاموات. وهكذا لم يشعر رجال الشرطه بأنهم بقوا على قيد الحياة. وقد ذكر هؤلاء الذين نجوا من الموت التفاصيل المؤلمه التي ورد ذكرها.
وقام ضباط وشرطة حرس الحدود "حراس القانون والنظام" بالاضافه الى أعمال القتل هذه بأخذ الساعات من أيدي ضحاياهم وفتشوا جيوبهم وسرقوا دراهمهم.
واستمر هذا "العمل" مدة ساعه ونصف الساعه الى أن مرت فرقه من الجيش ورأت المنظر المؤلم فدعت سيارة اسعاف ونقلت الجرحى الى مستشفى بلنسون وغيره.
وقد اختبأ بعض الجرحى بين جثث القتلى وكان بينهم من بقي طوال الليل الى أن جاءت سيارة الاسعاف في اليوم التالي ونقلتهم الى المستشفى.
وقد بقي الشاب عثمان سليم بدير وعمره 17 سنه بين جثث القتلى طوال الليل وحتى اليوم التالي وتحمل برد الليل وألم جراحه الخطيره دون أن ينبس ببنت شفه خوفاً من أن يقتلوه.
والجريح أسعد سليم عيسى وعمره 25 سنة وهو من بين راكبي الدراجات الذين أطلق عليهم الرصاص. وقد أصيب بجراح خطيره في أقسام مختلفه من جسمه وقد اختبأ تحت جثة أحد القتلى حيث مكث طوال الليل وعثر عليه فقط في الساعه 3,30 بعد ظهر اليوم التالي, ونقل الى مستشفى تل هشومير, وحتى الآن لا يزال طريح الفراش في القريه بعد أن لف بالجبص من صدره حتى أطرافأصابع رجليه. أما أخوه عبد فهو من بين القتلى.
وأحد الشباب الذين جرحوا وبقوا بين جثث القتلى الى أن أنقذوا في اليوم التالي الشاب عبد الرحمن صرصور وعمره 16 سنه وهو أصم وأبكم.
واسماعيل عقاب بدير عمره 18 سنه نجح في الهروب الى كروم الزيتون المجاوره على الرغم من اصابته وجرحه في رجله. وبسرعه تسلق على شجرة زيتون وبقي في مخبأههذا حتى يوم الاربعاء بعد الظهر أي مدة يومتن الى أن مر تحت الشجره أحد الرعاه, فدعاه الى مساعدته ونقل الى المستشفى. ولكن رجله المصابه تضررت بحيث أصبح من الضروري قطعها. وهو لا يزال حتى الآن في مستشفى تل هشومير.
وقد جرت احدى الحوادث المؤلمه داخل القريه. فعندما خرج الولد طلال شاكر عيسى الذي يبلغ الثامنه منعمره لادخال الماعز أطلقت شرطه حرس الحدود النار عليه فقتلته فوراً.ولما خرج شاكر عبد الله عيسى لاستطلاع ما حدث أطلقت الشرطه عليه الرصاص فجرح.وخرجت زوجته رسميه فأطلق عليها الرصاص فجرحت. وهكذا أيضاً كان مصير ابنته نوره التي تبلغ من العمر 18 عاماً. وكان كهل العائله, جد الولد الوحيد الذي سلم من العائله ولكنه توفي في اليوم التاليمن عظم الكارثه اثر نوبه قلبيه.
وفرض نظام منع التجول على سكان قرية كفر قاسم طوال يوم الثلاثاء 30/10/56 حتى بعد يوم الاربعاء 31/10/56. وخلال هذه المده قامت الشرطه بتجنيد عدد من سكان قرية جلجوليه لدفن ضحايا المجزره.
وذهب ضحية المجزرة الدموية في كفر قاسم 49 قتيلاً و 13 جريحاً. وبين القتلى 12 امرأه وفتاة و 10 شباب تتراوح أعمارهم بين 14-17 سنة و 7 أولاد تتراوح أعمارهم بين 8-13 سنة.
ومن ضحايا المجزرة الدمويه كان الاباء والامهات مع أولادهم وبناتهم. فقد قتلت صفاعبد الله صرصور وعمرها 45 سنة مع ولديها جمعة وعمره 16 سنة وعبد الله وعمره 14 سنة.
وقد قتل الراعي عثمان عبد عيسى وعمره 30 سنة مع ابنه فتحي وعمره 12 سنة وهما عائدان الى القرية مع الماشية. كذلك فقد قتلت زينب عبد اللاحمن طه وعمرها 45 سنة مع ابنتها بكريه محمود طه وعمرها 17 سنة.
1- اسماء القتلى:
1) صفا عبد الله صرصور – عمرها 45 سنة.
2) جمعه محمد زياد صرصور – عمره 16 سنة.ابن صفا صرصور.
3) عبد الله زياد صرصور – عمره 14 سنة.الابن الثاني لصفا.
4) يوسف محمود اسماعيل صرصور – عمره 45 سنة.اب لخمسة أولاد.
5) فاطمة داود صرصور – عمرها 30 سنة.حبلى في شهرها الثامن وام لستة اولاد.
6) محمد علي صرصور – عمره 35 سنة .اب لستة اولاد.
7) عطا يعقوب صرصور – عمره 26 سنة.اب لولدين.
8) محمود خضر صرصور – عمره 27 سنة.اب لستة اولاد.
9) محمود سليم صرصور – عمره 17 سنة.
10) محمود عبد الرازق صرصور – عمره 16 سنة.
11) فاطمة صالح صرصور – عمرها 14 سنة.
12) زغلولة احمد عيسى – عمرها 45 سنة.
13) عثمان عبد عيسى – عمره 30 سنة.
14) فتحي عثمان عيسى – عمره 12 سنة. ابن عثمان عيسى الراعي الذي قتل بينما كان عائداً الى القرية .
15) ابراهيم عبد الهادي عيسى – عمره 27 سنة. ترك وراءه امرأه وولدين.
16) عبد سليم عيسى – عمره 20 سنة.ترك وراءه امرأه وولداً.
17) غازي محمود درويش عيسى – عمره 20 سنة.
18) صالح مصطفى عيسى – عمره 17 سنة.
19) فاطمة مصطفى عيسى – عمرها 18 سنة. اخت صالح عيسى.
20) جمعه توفيق عيسى – عمره 16 سنة.
21) عبد أحمد عيسى – عمره 15 سنة.
22) لطيفة داود عيسى – عمرها 13 سنة.
23) عبد محمود عيسى – عمره 12 سنة.
24) طلال شاكر عيسى – عمره 8 سنوات.
25) عبد الله سلمان عيسى – كهل, جد الولد طلال شهكر عيسى. توفي في اليوم التالي من عطم الكارثة بعد أن قتل حفيده وأصيب ابنه شاكر وزوجة ابنه رسمية وحفيدته نوره بجراح خطيره.
26) سليم احمد بدير – عمره 50 سنة. ترك وراءه امرأه و 6 أولاد. وأصيب ابنه عثمان عمره 17 سنة بجراح خطيرة .
27) حلوة محمد بدير – عمرها 60 سنة. جدة عجوز.
28) فاطمة محمود بدير – عمرها 40 سنة.
29) عبد الرحيم سليم بدير – عمره 25 سنة. ترك وراءه امرأه واربعة اولاد.
30) عبد الله عبد جابر بدير – عمره 17 سنة.
31) رشيقة فايق بدير – عمرها 13 سنة.
32) آمنة قاسم طه – عمرها 50 سنة. ام لاربعة اولاد.
33) زينب عبد اللاحمن طه – عمرها 45 سنة.
34) بكرية محمود طه – عمرها 17 سنة. ابنة زينب طه.
35) علي عثمان طه – عمره 30 سنة. ترك وراءه امرأه وثمانية أولاد.
36) جمال سليم طه – عمره 12 سنة.
37) احمد محمد فريج – عمره 35 سنة. ترك وراءه امرأه وأربعة أولاد.
38) موسى ديب فريج – عمره 18 سنة.
39) علي نمر فريج – عمره 18 سنة.
40) عبد سليم فريج – عمره 18 سنة.
41) خميسة احمد عامر – عمرها 50 سنة. ام لسبعة أولاد.
42) صلاح محمود عامر – عمره 40 سنة.أب لثلاثة أولاد.
43) صلاح سلامة عامر- عمره 18 سنة.
44) احمد جودة عامر – عمره 18 سنة.
45) محمود عبد جفر – عمره 35 سنة. ترك وراءه امرأه وسبعة أولاد.
46) رياض رجا حمدان – عمره 8 سنوات.
47) محمود حبيب – سائق سيارة الشحن التي نقلت العاملات من الطيبة.
48) امرأه من جلجولية
49) عامل يدعى محمد – من قرية برة المجاورة لقرية كفر قاسم.
وثيقة السادس من حزيران 1980
نداء الى الرأي العام
نحن الموقعين أدناه، ممثلي أوسع أوساط الرأي العام العربي في إسرائيل، نرى لزامًا علينا أن نعلن –بهذا البيان- عن القلق الشديد الذي يسود المجتمع العربي في اسرائيل في هذه الأيام، جراء التدهور الخطير في الوضع في المناطق المحتلة وانعكاساته على الوضع داخل إسرائيل.
إن الدوائر الحاكمة في إسرائيل، في سعيها المحموم لفرض الادارة الذاتية ولتخليد الاحتلال ولتوسيع الاستيطان ولدوس حقوق الشعب العربي الفلسطيني العادلة- تلجأ الى تشديد وطأة "اليد الحديدية" في المناطق المحتلة، حتى ارتكاب جرائم العقوبات الجماعية المحظورة دوليًا وإنسانيًا. وهذا بدوره يقود الى المزيد من المقاومة المشروعة للاحتلال والى تعميق وتوسيع حلقة الدم المفرغة حتى لا تبقى ولا تذر.
فطرد الشخصيات الفلسطينية الوطنية من المناطق المحتلة وجرائم الاعتداء على حياة رؤساء البلديات –بسام الشكعة وكريم خلف وابراهيم الطويل- والاعتداء على المؤسسات التعليمية والهيئات المنتخبة والارهاب الدموي الأسود ضد أهالي الخليل وغيرهم، كل ذلك يثير أشد القلق وأشد السخط والاستنكار.
ونلاحظ، بأشد القلق، أن الدوائر الحالية الحاكمة في إسرائيل ماضية في هذه السياسة الجنونية، وهي تشجع على ممارستها أوساطًا غير مسؤولة أيضًا من أمثال "غوش أيمونيم" ومنظمة الرابي كهانا ومجموعات يهودية عنصرية في معاهد البلاد العليا. وفي الوقت الذي نشيد فيه بمواقف العديد من المنظمات والشخصيات اليهودية الدمقراطية -مواقف التصدي لهذه السياسة الهستيرية المميتة- فإن ما يزيد من قلقنا المشروع هو تراجع بعض الأوساط المتعقلة من شخصيات وقادة أحزاب عمالية وديمقراطية أمام عواء غلاة العنصريين والمستوطنين.
ويؤثر استمرار هذا التدهور، تأثيرًا مباشرًا، على حياة ومستقبل المواطنين العرب في إسرائيل، ضحية الاضطهاد القومي والقهر العنصري. ففي ظل الحكومة الحالية، وخصوصًأ في الأشهر الأخيرة، أصبح التحريض العنصري الدموي على العرب امرًا علنيًا مباحًا في إسرائيل- بدءًا بتصريحات رئيس الحكومة ووزير الزراعة وانتهاءً بوسائل الاعلام وعدد من القائمقاميين ورؤساء سلطات محلية ونشرات العنصريين في الجامعات الاسرائيلية. ونلاحظ، أيضًا، أن هذا الجو العنصري الدموي يطغى على أذرع السلطة التنفيذية، خصوصًا على الشرطة والجيش وحرس الحدود.
إننا نحمّل الدوائر الحاكمة والرأي العام الاسرائيلي المسؤولية عن الاخطار المتوقعة وغير المتوقعة، الناجمة عن استمرار هذا التدهور العنصري الدموي. إن تلك الأوساط الماضية، خصوصًا منذ حزيران 1967، في تجاهل وجود الشعب الآخر –الشعب العربي الفلسطيني- لن تجد، ولا تجد، وسيلة لتحقيق هذا التجاهل سوى العمل على تصفية كيان هذا الشعب أو طرده من بلاده!
نحن أهل هذه البلاد. ولا وطن لنا غير هذا الوطن. ويكفي أن نذكر حكام إسرائيل أنهم، حين وافقوا على إقامة الدولة اليهودية في فلسطين بموجب قرارات الأمم المتحدة في 1947، كانوا يعلمون أن عدد العرب في إطار هذه الدولة مساوٍ، تقريبًا، لعدد اليهود. وحتى حين نجحت المؤامرة الامبريالية والصهيونية، بتواطؤ الرجعية العربية، في تشريد الأكثرية الساحقة من العرب الفلسطينيين فان ما بقي من العرب في حدود الدولة الجديدة (حوالي 160 ألفًا) بلغت نسبتهم 20 في المائة من مجموع سكان الدولة، آنذاك.
لقد بقينا في وطننا، على الرغم من جميع الممارسات الاضطهادية والاقتلاعية ضدنا، معتمدين على النضال الديمقراطي المشترك في إسرائيل اليهودي والعربي، والذي لم يتوقف للحظة واحدة.
بقينا في وطننا معتمدين، أيضًا، على النضال المشترك من أجل تحقيق السلام العادل الاسرائيلي- الفلسطيني.
لم ننكر، ولا يمكن أن ننكر حتى لو جوبهنا بالموت نفسه، اصلنا العريق: أننا جزء حي وواع ونشيط من الشعب العربي الفلسطيني.
لم نتنازل ولا يمكن أن نتنازل عن حق هذا الشعب في تقرير مصيره وفي الحرية والاستقلال على ترابه الوطني.
لقد شجبنا الاحتلال الاسرائيلي منذ عدوان 1967 ولن نتوقف، مهما يكن من أمر، عن النضال جنبًا الى جنب مع جميع قوى السلام الاسرائيلية والعالمية لانحسار الاحتلال الاسرائيلي، بكل ذيوله ومستوطناته الكولونيالية، من جميع الأراضي التي احتلت منذ العام 1967.
إننا لا نكتفي بالاعتراف، فقط، بكيان الشعب العربي الفلسطيني القومي –فهذا أمر يجب أن يكون مفهومًا بذاته- بل نطالب إسرائيل بأن تعترف عمليًا بهذا الأمر على إعتبار أنه الأساس والطريق الوحيد لتحقيق السلام الشامل والثابت.
ويعني هذا الأمر، عمليًا، انسحاب إسرائيل الكامل من جميع المناطق المحتلة منذ حزيران 1967 والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة، بقيادة ممثله الشرعي المعترف به –منظمة التحرير الفلسطينية- الى جانب دولة إسرائيل.
هذا هو الخيار العادل المطروح دوليًا. الخيار الذي تبدي منظمة التحرير الفلسطينية الرغبة المخلصة في الموافقة عليه فيما لو وافقت اسرائيل عليه.
إن استمرار حكام إسرائيل، خصوصًا من فم رئيس الحكومة الحالي، في رفض هذا الحل وفي تسمية القيادة القومية المعترف بها فلسطينيًا وعالميًا للشعب العربي الفلسطيني "منظمة سفاحين ومخربين" الخ... إن الاستمرار في الحديث عن "سحقهم" –أي سحق شعب بأسره- يخلق داخل إسرائيل نفسها جوًا خانقًا من العنصرية والفاشية.
لذلك كله واعتمادًا، مرة أخرى ودائمًا، على النضال الديمقراطي المشترك في إسرائيل، اليهودي والعربي، نرى لزامًا علينا –في هذه الساعات المصيرية- أن ندعو ممثلي الجماهير العربية كافةً في إسرائيل. هذه القوى التي يجب ألا يُستهان بها في المعركة من أجل الدمقراطية والسلام العادل، الى عقد مؤتمر يشارك فيه ممثلو قوى السلام والدمقراطية اليهود، تحت الشعارات التالية:
* لا للاحتلال وللاستيطان الكولونيالي! * لا للقمع والعقوبات الجماعية! * لا للعنصرية والفاشية * نعم للسلام العادل الاسرائيلي- الفلسطيني * نعم لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة الى جانب دولة إسرائيل! * نعم للمساواة الحقيقية وللتعايش السلمي المتكافئ بين الشعبين * نعم للدمقراطية!!!
* ويعلن الموقعون أدناه أنهم سيعملون، بمشاركة غيرهم ممن سيضيفون تواقيعهم الى هذا النداء، على عقد اجتماع تحضيري يقرر موعد ومكان المؤتمر القطري العتيد- مؤتمر يعبر عن إرادة شعبنا في التصدي الحازم، جنبًا الى جنب مع كل القوى الديمقراطية اليهودية، لتصاعد خطر العنصريين والفاشيين في إسرائيل. ويعبر عن تصميم شعبنا على الوقوف، صفًا واحدًا مع قوى السلام العادل في إسرائيل والعالم أجمع، ضد إستمرار الاحتلال وأعماله القمعية والكولونيالية من أجل تحقيق السلام العادل والشامل والثابت، سلام يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة فوق التراب الفلسطيني وإلى جانب دولة غسرائيل ويضمن التعايش السلمي بينهما.
حيفا 6 حزيران- 1980
(وقع هذه الوثيقة- النداء آلاف المواطنين العرب في إسرائيل)
هوامش - ملاحظات
1 نفسية النكبة: بعد بقاء 156،000 نسمة من العرب في وطنهم اضيع من الايتام على مآدب اللئام كان السواد الاعظم منهم "يرضى" على مضض ازاء ممارسات حكومة شردت معظم ابناء شعبه وانتصرت على الدول العربية مجتمعة، وبرزت تجليات النفسية والمنطق النكبوي في امثالنا الشعبية مثل "الايد اللي بتقدرش تكسرها بوسها وادعي عليها بالكسر"، "امشي الحيط الحيط وقول يا رب الستره" ، "بوس الكلب من ثمه تتقضي حاجتك منه"، "الكف بتلاطمش مخرز" وغيرها .. هذا "المنطق" هو الذي جعل قسم من أهالي كفر قاسم يدعون قاتلي اهلهم وابناء عائلتهم إلى "عشاء صلحوي"، قبل مرور سنة على وقوع المجزرة. ومثال آخر على نفسية النكبة حدثني اياه القائد الشيوعي توفيق طوبي أنه بعد تسرب الأنباء حول نية الحكومة طرد أهالي المجدل (قضاء غزة) ذهب إلى المجدل وقابل أهلها وحذرهم من المخطط الترانسفيري، حاثا إياهم على الصمود والتشبث بالوطن مهما كلفهم الأمر، كما وحاول جاهدًا طرح القضية على مختلف المستويات وفضح المؤامرة. وعندما شاهد أهالي المجدل شاحنات بن غوريون التي ينوي تهجيرهم بواسطتها رفعوا شعارات مندده بالحزب الشيوعي ومشيده بحكومة اسرائيل وراحوا يهتفون "يعيش بن غوريون – يسقط توفيق طوبي"، ظنا منهم بأنه بالتذيل للسلطة بالامكان الشفاعة لهم، والنتيجة كانت أن شرّدوا من وطنهم. جهد الشيوعيون بحزبهم وصحفهم وأدبياتهم، غرس نفسية المواجهة بدلا من نفسية النكبة ويحضرني هنا الاسلوب الذكي المحنك للقائد توفيق زياد الذي ألقى خطاباً في منتصف السبعينات في قرية الفريديس موضحا سياسة السلطة وضرورة التصدي لها. وعندما حضرت الشرطة أخذ الناس بالابتعاد أو الهاء أنفسهم بأمر آخر وكأنهم لا يسمعون كلمات توفيق زياد فأدرك زيّاد الموقف وصرخ بصوت عال وجرأة وثقة "يا اخوان، البوليس زي الكلب الجعيري، اذا لحقته بهرب وإذا بتهرب بلحقك.. محاورا بهذا الاسلوب القارص والساخر أن يكسر عنجهية السلطة أمام الشعب.
2 الاتحاد 2/11/1942.
3 طريق الجماهير العربية الكفاحي في اسرائيل، د. اميل توما، ص. 69.
4 اسرائيل والعالم العربي، بالانجليزية، اصدار فونك ووغنالس نيويورك، 1970. ص493.
5 طريق الجماهير العربية الكفاحي في اسرائيل، د. اميل توما، ص. 84.
6 طريق الجماهير العربية الكفاحي في اسرائيل، د. اميل توما، ص. 86.
7 حنا نقاره محامي الارض والشعب، الطبعة الاولى، ص. 271.
8 ن.م. ص272.
9 حنا نقاره محامي الارض والشعب، الطبعة الاولى، ص. 269.
10 الاتحاد، 23/7/1957.
11 الاتحاد، 12/7/1957.
12 الاتحاد، 28/2/1958.
13 ذكريات سهيل نصار، جذور من الشجرة دائمة الخضرة، ص. 163- 164.
14 ن.م
15 ذكريات سهيل نصار، جذور من الشجرة دائمة الخضرة، ص164.
16 المؤتمر 18 للحزب الشيوعي الاسرائيلي، الطبعة العربية، ص. 186-187. والطبعة العبرية، ص. 129.سنة 1976 .
17 المؤتمر 18 للحزب الشيوعي الاسرائيلي، الطبعة العربية، ص. 187. والطبعة العبرية، ص. 129.سنة 1976.
18 هارتس، 4/4/1961.
19 سميح القاسم، الجديد، 1970.
20 سالم جبران، قصائد ليست محددة الاقامة، الجديد، كانون أول 1969.
21 محمود درويش، قصائد "ميتة بلا كفن" الجديد، آب، 1970.
22 نزار قباني، قصيدة شعراء الارض المحتلة، الاعمال الشعرية الكاملة، الطبعة 15، 1970، ص.720.
23 الجديد، تموز 1970.
24 الطريق، خريف 1969، ص.63.
25 مؤتمر الحزب الشيوعي السابع عشر، الطبعة العربية، ص.409,سنة 1972
26 يرى دافيد بن غوريون (رئيس الوزراء الأول) أن الاسرلة تعتمد على نفي المنفى فبما أن البلاد هي أرض اليهود فهم عاشوا في المنفى 2000 سنة. والمطلوب منهم نفي هذا المنفى من أجل اسرلتهم وهذه العملية تسمى "بوتقة الصهر".
27 الاتحاد، 2/11/1948.
28 المؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي، ص.193.سنة 1976.
29 د. اميل توما، تاريخ الجماهير العربية الكفاحي في اسرائيل، ص.213.
30 رباح حلبي: حوار الهويات، معهد الدراسات، مدرسة السلام، الطبعة العربية، ص. 168
31 مجلة "الطريق" اللبنانية خريف 1960، ص. 63.
32 د. رمزي سليمان، حول تصنيف الذات لدى الاقليات، حالة الفلسطينين في اسرائيل، مركز الجليل للابحاث الاجتماعية، ص.5.
33 جاء في المؤتمر 20 للحزب الشيوعي، "يناضل حزبنا الشيوعي بكل قوته ضد سياسة محو الهوية القومية للسكان العرب أبناء الشعب العربي الفلسطيني، وضد فصلهم عن تراثهم وثقافتهم وتاريخهم القومي، لقد قام حزبنا الشيوعي بدور حاسم لصيانة التراث الثقافي العربي وايصاله للأجيال التي نشأت في ظروف الانقطاع عن المحيط الشرق اوسطي، وذلك من خلال عمل الحزب بين المثقفين العرب وبواسطة شبكة النشر الواسعة للصحف والمجلات، رفض الحزب وناضل ضد المحاولة الدنيئة للاوساط الحاكمة في اسرائيل والمستمر حتى اليوم، بتعريف السكان العرب في اسرائيل على أنهم سكان من أقليات من طوائف من أقليات دينية مختلفة مسلمين، نصارى، دروز وغيرها. أن نضالنا من أجل الاعتراف بالعرب كأقلية قومية عربية، مواطني دولة اسرائيل وكجزء من الشعب الفلسطيني هو في الوقت نفسه نضالات من أجل الحقوق المدنية والقومية المتساوية.
34 خالد خليفة، فلسطنيون1948-1988، (تحرير)، ص84.
35 الكتاب الاسود (2) المؤتمر المحظور، 1981، ص.13. وقع على هذه الوثيقة الاف من مواطنين العرب. ...هذا المؤتمر حظر بامر من رئيس الوزراء مناحم بيغن بوصفه وزيرا للحربية، واعتمادا على انظمة الدفاع (الطوارىء) 1945، الانتدابية.
36 المؤتمر 18 للحزب الشيوعي، ص42,سنة 1976.
37 المؤتمر 18 للحزب الشيوعي، ص42,سنة 1976.
38 المؤتمر 18 للحزب الشيوعي، ص 42,سنة 1976.
39 المؤتمر 18 للحزب الشيوعي، ص 42,سنة1976.
40 برنامج الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة ونظامها الداخلي الذي اقر في المؤتمر الرابع للجبهة، الناصرة، 25-26/5/1993. وفي اجتماع مجلس الجبهة، حيفا – 10/7/1993.
41 لقاء مع مايير فلنر، مجلية عرخيم، ايار 1988.
42 المؤتمر 14 للحزب الشيوعي، ص. 58 سنة 1961 . والمؤتمر 15، ص46سنة 1965.
43 المؤتمر 16 للحزب الشيوعي، ص 471سنة 1969. والمؤتمر 17ص. 146سنة 1972
44 المؤتمر 16 للحزب الشيوعي، ص.471. سنة 1969والمؤتمر 17، ص. 576.سنة 1972وقد سبب هذا الموقف المبدئي للشيوعيين معاناة واطهادا كبيرين وصل حد الاعتداء على مايير فلنير (الامين العام للحزب الشيوعي ورئيس كتلة الجبهة البرلمانية فيما بعد) وطعنه بسكين حاد كاد أن يقضي عليه. (ملحق الاتحاد 22/4/2002).
45 المؤتمر 18 للحزب الشيوعي، ص.58.سنة 1976.
46 المؤتمر 14 للحزب الشيوعي، ص. 59 سنة 1961.
47 المؤتمر 16 للحزب الشيوعي، ص. 456-457 سنة 1969.
48 المؤتمر 17 للحزب الشيوعي، ص. 164. سنة 1972.
49 المؤتمر 16 للحزب الشيوعي، ص. 476.سنة 1969.
50 المؤتمر 17 للحزب الشيوعي، ص. 168-169.سنة 1972
51 المؤتمر 9 للحزب الشيوعي الفلسطيني، ص. 40.سنة 1945
52 المؤتمؤ 18 للحزب الشيوعي، ص، 79.سنة 1976.
53 ملحق الاتحاد 22/4/2002، مذكرات اسعد يوسف كنانه.
54 التجمع الوطني الديموقراطي البرنامج، المبادئ، الاهداف، ص.4. وكراس النشاطات البرلمانية ايلول 1997. وكتاب الجماهير العربية في الانتخابات للكنيست ال 14 زاهي كركبي، ص.12.
55 التجمع الوطني الديموقراطي البرنامج، المبادئ، الاهداف، ص.7-11.
56 التجمع الوطني الديموقراطي البرنمج، المبادئ، الاهداف، ص.7.
57 فصل المقال، 2/11/1998، ص.7.
58 الاتحاد، 2/11/1948.
59 المؤتمر 11 للحزب الشيوعي، (الاول بعد عام 1948)، ص.4 سنة 1949. والمؤتمر 17 للحزب الشيوعي، ص.226 ,سنة 1972
60 المؤتمر 18 للحزب الشوعي، ص.64,سنة 1976.
61 المؤتمر 18 للحزب الشيوعي، ص. 192-193 سنة 1976
62 د. عزمي بشاره، الخطاب السياسي المبتور، ص. 88.
63 د. عزمي بشاره، الخطاب السياسي المبتور، ص. 89.
64 المؤتمر 18 للحزب الشيوعي، ص.189.
65 المؤتمر 22 للحزب الشيوعي، ص. 58.سنة 1993
66 المؤتمر 22 للحزب الشيوعي، ص. 59 سنة 1993
67 المؤتمر 22 للحزب الشيوعي، ص. 65.سنة 1993
68 المؤتمر 16 للحزب الشيوعي، ص. .سنة 1969.
69 اقترح مؤخرا الوزير افرييم سنيه أن يضم سكان منطقة المثلث إلى الضفة الغربية.
70 التجمع الوطني الديموقراطي، البرنامج، المبادئ، الاهداف، ص. 2.
71 من المفارقات أن النظام السوري الذي يهاجم اسرائيل على محاكمة النائب عزمي بشاره (والتي استنكرتها الجبهة وترفضها من منطلق مبدئي) أنه هو النظام السوري ذاته الذي يهين برلمانييه وقد اعتقل هذا النظام مؤخرا عضو "البرلمان السوري" مؤمون الحمصي اداريا !!! بسبب أنه قد عقد اجتماعا تشاوريا في بيته لمناقشة قضية الديموقراطية في سوريا !! وعندما عين له اقاربه محاميا قام النظام السوري باعتقال المحامي !! اداريا أيضا !!
72 مذكرات سميره خوري، جذور من الشجرة الدائمة الخضرة، ص. 113.
73 مذكرات سميره خوري، جذور من الشجرة الدائمة الخضرة، ص. 118.
74 بروت